( البركة في ثلاث: الفرس و المرأة و الدار)
و في حديث آخر :
( الخيل معقود في نواصيها الخير)
و في حديث شريف آخر :
( كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو إلا مداعبة الرجل زوجته ، و تأديبه فرسه
كثيرة هي نظائر المرأة في مخيلة العربي اقتراناً و تشبيهاً وتصويراً ، و كلها رموز للعفة و الطهر و الجمال
و لقد وردت المرأة على أقلام الكتّاب المبدعين و ألسنة الشعراء السابقين
و كانت (فرساً ) أصيلة كريمة خفة و حُسناً حيناً آخر .
و تستوقفنا هنا شواهد كثيرة مثل:
- و ما هندُ إلا مهرةٌ عربية ٌ
سليلة ُ أفراسٍ تحلّلها نذلُ
فإنْ ولدَتْ مُهراً فللهِ دَرّها
و لو ولدتْ بغلاً لجاءَ به البغلُ
لقد قُرنت المرأة بالمُهرة و الفرس وصنف الخيل في أحايين كثيرة ، فهي الفرس الكريمة الأصيلة
أو الجواد المصلهم كمالاً وبأساً و حسنا .
ترى ، ما الصلة و الرابط بين المرأة و بين الخيول و الأفراس ؟
يجيب الأستاذ محمد صوفان في بحث له شيق:
· لعلّ لفظة / الخيل/ عند العرب جاءت من الخيلاء ، فهي – أي الفرس- تتبختر بفارسها و ينتابها عُجْبٌ
فتختال بنفسها ، و تنطلق مستعرضة بصدرها الذي كاد ينافس رأسها في البروز و الحركة.
و هاهي المرأة يصيبها العُجْب و الاختيال ، فقد يكون هذا سببا من أسباب الربط بينهما .... هذا واحد
· أما الثاني من هذه الروابط فقد يكون الحسن و البهاء و رونق الوجه و أسالة الخد و انفساح العين ،
فالمرأة الحسناء تلتقي في هذه مع الفرس النجلاء .
· وربما كان هناك سبب آخر يجمع بين المرأة والخيل ، فقد اقترنا في الآية الكريمة إذ عدّتهما من مظاهر
الزينة و الثراء في الحياة الدنيا
· أما الصلة الرابعة بينهما :
فقد تكون ( البركة) ، فهي سمَة ٌ تُوسم بها الخيل و المرأة معاً
و ما أكثر ما قرنت العربُ بين المرأة وبين الخيل في مأثور الكلام !
فقد قالوا:
( عليكم بإناث الخيل ، فإنّ ظهورها عزّ ٌ ، و بطونها عزّ ٌ ...)
كما قالوا :
( ثلاثة من نعم الله : زوجة صالحة ، و حصان أصيل ، و سيف بتار ،،،)
و عدّدوا ثلاثة لا تُعار :
( الزوجة و الفرس و السلاح ).
والخيل ترى فى المنام مثل الانسان كما أنها فى الرويا تدل على الزواج
· ثم لينظر إلى الفرس ، فهي لا تمكّن من متنها إلا صاحبها ،
و تنتفض متمرّدة على غيره ، و كم من فرسٍ أطاحتْ بفارسٍ غريبٍ ،
و خيلٍ أوقعتْ معتدينَ متجاوزينَ ؟!!!
و مثلها المرأة التي لا تنقاد إلاّ لحليلها ، لا لخليل ٍ يتودّد إليها و يبتغي قُربها
ولا ننس وداعة الخيل و رقّتها ، فلديها من العاطفة ما يفيض عَبرة في عينيها ، و رقّةً في شعورها ،
و ما أكثر النوادر التي تُبادلُ فيها الخيلُ فرسانها المشاعرَ
فقد تنقذهم من الأسر ، و تنعطف بنحورها و أعرافها لخيّاليها ،
و كم انطلقتْ تقربهم ، و تنأى بسرعتها ، و تنطلق بأعنّتها ،
و هي بهذا الوصف تلتقي مع رقّة المرأة و نبل عاطفتها و فيض أحاسيسها ،
و قد قالوا فيهما معاً :
( خير المتاع : المرأة المطيعة ، والدار الوسيعة ، و الفرس الوديعةّ).
· و لو عُدْنا إلى أسماء المرأة في العربية نجدها تفوق سبعين اسماً ،
و نجد منها (الحَصان)الذي يشبه اسم ( الحِصان) لفظاً و يطابقه معنى ،
فكلاهما يحصّن صاحبه من زوج أو فارس ، و كأنهما حصنان منيعان يصعب اقتحامهما و تجاوزهما .
· و كما ارتبطت المرأة و اقترن ذكرها و شبهها بالخيل ،
فقد اتسع لهذا الربط خيالُ الشعراء ، فكانوا يذكرون الحبيبة و الفرس في لجج المعارك ،
و كم أداروا الحوار مع الحصان أو الفرس ، و أكّدوا التجاوب و الانفعال
و التفاعل بينهم و بين خيلهم ،
و شكَوا إليها مواجدهم و بثّوها أشجانهم :
- هلا سألتِ الخيلَ يا بنة مالك
إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
يخبرْك من شهد الوقيعة أنني
أغشى الوغى و أعفّ عند المغنم
فكرم الخيل و نسبها و سلالاتها و عراقة صفاتها و علوّ همّتها شبيهة بالمرأة .
و هكذا نرى أن المرأة مقرونة بالخيل في كرم المحتد و الأصالة ، و نبل الصفات و كريم الفعال و نفيس الاقتناء ، و هي أثمن من المال و عظيم الرجال في كثير من الأحوال ، فهنيئاً لهما هذه العلاقة و تلك الرابطة
إنها مكرمة من المكرمات ،،،، و ميّزة متميّزة من الميّزات .
فإذا حدث أن شاهدت امراة تركب فرسا.. فذلك أجمل منظر في الدنيا..
عندما يكون الجمال مركبا.. فتعلو الفتنة فوق الفتنة!