10-31-2011 | #181 |
|
{26} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا "فَكُلِي" مِنْ الرُّطَب "وَاشْرَبِي" مِنْ السَّرِيّ "وَقَرِّي عَيْنًا" بِالْوَلَدِ تَمْيِيز مُحَوَّل مِنْ الْفَاعِل أَيْ : لِتَقَرّ عَيْنك بِهِ أَيْ : تَسْكُن فَلَا تَطْمَح إلَى غَيْره "فَإِمَّا" فِيهِ إدْغَام نُون إنْ الشَّرْطِيَّة فِي مَا الزَّائِدَة " تَرَيِنَّ" حُذِفَتْ مِنْهُ لَام الْفِعْل وَعَيْنه وَأُلْقِيَتْ حَرَكَتهَا عَلَى الرَّاء وَكُسِرَتْ يَاء الضَّمِير لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ "مِنْ الْبَشَر أَحَدًا" فَيَسْأَلك عَنْ وَلَدك "فَقُولِي إنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا" أَيْ إمْسَاكًا عَنْ الْكَلَام فِي شَأْنه وَغَيْره مِنْ الْأَنَاسِيّ بِدَلِيلِ "فَلَنْ أُكَلِّم الْيَوْم إنْسِيًّا" أَيْ : بَعْد ذَلِكَ
{27} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا "فَأَتَتْ بِهِ قَوْمهَا تَحْمِلهُ" حَال فَرَأَوْهُ "قَالُوا يَا مَرْيَم لَقَدْ جِئْت شَيْئًا فَرِيًّا" عَظِيمًا حَيْثُ أَتَيْت بِوَلَدٍ مِنْ غَيْر أَب {28} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا "يَا أُخْت هَارُون" هُوَ رَجُل صَالِح أَيْ : يَا شَبِيهَته فِي الْعِفَّة "مَا كَانَ أَبُوك امْرَأَ سَوْء" أَيْ : زَانِيًا "وَمَا كَانَتْ أُمّك بَغِيًّا" أَيْ : زَانِيَة فَمِنْ أَيْنَ لَك هَذَا الْوَلَد {29} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا "فَأَشَارَتْ" لَهُمْ "إلَيْهِ" أَنْ كَلِّمُوهُ "قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّم مَنْ كَانَ" أَيْ وُجِدَ {30} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا "قَالَ إنِّي عَبْد اللَّه آتَانِي الْكِتَاب" أَيْ : الْإِنْجِيل {31} وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا "وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْت" أَيْ : نَفَّاعًا لِلنَّاسِ إخْبَار بِمَا كُتِبَ لَهُ "وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة" أَمَرَنِي بِهِمَا {32} وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا "وَبَرًّا بِوَالِدَتِي" مَنْصُوب بِجَعَلَنِي مُقَدَّر "وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا" مُتَعَاظِمًا "شَقِيًّا" عَاصِيًا لِرَبِّهِ {33} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا "وَالسَّلَام" مِنْ اللَّه "عَلَيَّ يَوْم وُلِدْت وَيَوْم أَمُوت وَيَوْم أُبْعَث حَيًّا" يُقَال فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّيِّد يَحْيَى {34} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ "ذَلِكَ عِيسَى ابْن مَرْيَم قَوْل الْحَقّ" بِالرَّفْعِ خَبَر مُبْتَدَأ مُقَدَّر أَيْ : قَوْل ابْن مَرْيَم وَبِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ قُلْت وَالْمَعْنَى الْقَوْل الْحَقّ "الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ" مِنْ الْمِرْيَة أَيْ : يَشُكُّونَ وَهُمْ النَّصَارَى : قَالُوا إنَّ عِيسَى ابْن اللَّه كَذَبُوا {35} مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذ مِنْ وَلَد سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ "إذَا قَضَى أَمْرًا" أَيْ : أَرَادَ أَنْ يُحْدِثهُ "فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون" بِالرَّفْعِ بِتَقْدِيرِ هُوَ وَبِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ أَنْ وَمِنْ ذَلِكَ خَلْق عِيسَى مِنْ غَيْر أَب {36} وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ "وَإِنَّ اللَّه رَبِّي وَرَبّكُمْ فَاعْبُدُوهُ" بِفَتْحِ أَنَّ بِتَقْدِيرِ اُذْكُرْ وَبِكَسْرِهَا بِتَقْدِيرِ قُلْ بِدَلِيلِ "مَا قُلْت لَهُمْ إلَّا مَا أَمَرْتنِي بِهِ أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه رَبِّي وَرَبّكُمْ" "هَذَا" الْمَذْكُور "صِرَاط" طَرِيق "مُسْتَقِيم" مُؤَدٍّ إلَى الْجَنَّة {37} فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ "فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَاب مِنْ بَيْنهمْ" أَيْ النَّصَارَى فِي عِيسَى أَهُوَ ابْن اللَّه أَوْ إلَه مَعَهُ أَوْ ثَالِث ثَلَاثَة "فَوَيْل" فَشِدَّة عَذَاب "لِلَّذِينَ كَفَرُوا" بِمَا ذُكِرَ وَغَيْره "مِنْ مَشْهَد يَوْم عَظِيم" أَيْ : حُضُور يَوْم الْقِيَامَة وَأَهْوَاله {38} أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ" بِهِمْ صِيغَتَا تَعَجُّب بِمَعْنَى مَا أَسْمَعهمْ وَمَا أَبْصَرهمْ "يَوْم يَأْتُونَنَا" فِي الْآخِرَة "لَكِنْ الظَّالِمُونَ" مِنْ إقَامَة الظَّاهِر مَقَام الْمُضْمَر "الْيَوْم" أَيْ : فِي الدُّنْيَا "فِي ضَلَال مُبِين" أَيْ بَيِّن بِهِ صُمُّوا عَنْ سَمَاع الْحَقّ وَعَمُوا عَنْ إبْصَاره أَيْ : اعْجَبْ مِنْهُمْ يَا مُخَاطَب فِي سَمْعهمْ وَإِبْصَارهمْ فِي الْآخِرَة بَعْد أَنْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا صُمًّا عُمْيًا |
|
10-31-2011 | #182 |
|
{39} وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ "وَأَنْذِرْهُمْ" خَوِّفْ يَا مُحَمَّد كُفَّار مَكَّة "يَوْم الْحَسْرَة" هُوَ يَوْم الْقِيَامَة يَتَحَسَّر فِيهِ الْمُسِيء عَلَى تَرْك الْإِحْسَان فِي الدُّنْيَا "إذْ قُضِيَ الْأَمْر" لَهُمْ فِيهِ بِالْعَذَابِ "وَهُمْ" فِي الدُّنْيَا "فِي غَفْلَة" عَنْهُ "وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ" بِهِ
{40} إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ "إنَّا نَحْنُ" تَأْكِيد "نَرِث الْأَرْض وَمَنْ عَلَيْهَا" مِنْ الْعُقَلَاء وَغَيْرهمْ بِإِهْلَاكِهِمْ "وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ" فِيهِ لِلْجَزَاءِ {41} وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا "وَاذْكُرْ" لَهُمْ "فِي الْكِتَاب إبْرَاهِيم" أَيْ : خَبَره "إنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا" مُبَالِغًا فِي الصِّدْق "نَبِيًّا" وَيُبْدَل مِنْ خَبَره {42} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا "إذْ قَالَ لِأَبِيهِ" آزَر "يَا أَبَتِ" التَّاء عِوَض عَنْ يَاء الْإِضَافَة وَلَا يُجْمَع بَيْنهمَا وَكَانَ يُعْبَد الْأَصْنَام "لِمَ تَعْبُد مَا لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِر وَلَا يُغْنِي عَنْك" لَا يَكْفِيك "شَيْئًا" مِنْ نَفْع أَوْ ضُرّ {43} يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا "يَا أَبَتِ إنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْم مَا لَمْ يَأْتِك فَاتَّبِعْنِي أَهْدِك صِرَاطًا" طَرِيقًا "سَوِيًّا" مُسْتَقِيمًا {44} يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا "يَا أَبَتِ لَا تَعْبُد الشَّيْطَان" بِطَاعَتِك إيَّاهُ فِي عِبَادَة الْأَصْنَام "إنَّ الشَّيْطَان كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا" كَثِير الْعِصْيَان {45} يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا "يَا أَبَتِ إنِّي أَخَاف أَنْ يَمَسّك عَذَاب مِنْ الرَّحْمَن" إنْ لَمْ تَتُبْ "فَتَكُون لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا" نَاصِرًا وَقَرِينًا فِي النَّار {46} قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا "قَالَ أَرَاغِب أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إبْرَاهِيم" فَتَعِيبهَا "لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ" عَنْ التَّعَرُّض لَهَا "لَأَرْجُمَنك" بِالْحِجَارَةِ أَوْ بِالْكَلَامِ الْقَبِيح فَاحْذَرْنِي "وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا" دَهْرًا طَوِيلًا {47} قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا "قَالَ سَلَام عَلَيْك" مِنِّي أَيْ لَا أُصِيبك بِمَكْرُوهٍ "سَأَسْتَغْفِرُ لَك رَبِّي إنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا" مِنْ حَفِيَ أَيْ بَارًّا فَيُجِيب دُعَائِي وَقَدْ أَوْفَى بِوَعْدِهِ الْمَذْكُور فِي الشُّعَرَاء "وَاغْفِرْ لِأَبِي" وَهَذَا قَبْل أَنْ يَتَبَيَّن لَهُ أَنَّهُ عَدُوّ اللَّه كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَرَاءَة {48} وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا "وَأَعْتَزِلكُمْ وَمَا تَدْعُونَ" تَعْبُدُونَ "مِنْ دُون اللَّه وَأَدْعُو" أَعْبُد "رَبِّي عَسَى أَلَّا" أَنْ لَا "أَكُون بِدُعَاءِ رَبِّي" بِعِبَادَتِهِ "شَقِيًّا" كَمَا شَقِيتُمْ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَام {49} فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا "فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه" بِأَنْ ذَهَبَ إلَى الْأَرْض الْمُقَدَّسَة "وَهَبْنَا لَهُ" ابْنَيْنِ يَأْنَس بِهِمَا "إسْحَاق وَيَعْقُوب وَكُلًّا" مِنْهُمَا {50} وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا "وَوَهَبْنَا لَهُمْ" لِلثَّلَاثَةِ "مِنْ رَحْمَتنَا" الْمَال وَالْوَلَد "وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَان صِدْق عَلِيًّا" رَفِيعًا هُوَ الثَّنَاء الْحَسَن فِي جَمِيع أَهْل الْأَدْيَان {51} وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب مُوسَى إنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا" بِكَسْرِ اللَّام وَفَتْحهَا مِنْ أَخْلَصَ فِي عِبَادَته وَخَلَّصَهُ اللَّه مِنْ الدَّنَس |
|
10-31-2011 | #183 |
|
{52} وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا "وَنَادَيْنَاهُ" بِقَوْلِ "يَا مُوسَى إنِّي أَنَا اللَّه" "مِنْ جَانِب الطُّور" اسْم جَبَل "الْأَيْمَن" أَيْ الَّذِي يَلِي يَمِين مُوسَى حِين أَقْبَلَ مِنْ مَدْيَنَ "وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا" مُنَاجِيًا بِأَنْ أَسْمَعَهُ اللَّه تَعَالَى كَلَامه
{53} وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا "وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتنَا" نِعْمَتنَا "أَخَاهُ هَارُون" بَدَل أَوْ عَطْف بَيَان "نَبِيًّا" حَال هِيَ الْمَقْصُودَة بِالْهِبَةِ إجَابَة لِسُؤَالِهِ أَنْ يُرْسِل أَخَاهُ مَعَهُ وَكَانَ أَسَنّ مِنْهُ {54} وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب إسْمَاعِيل إنَّهُ كَانَ صَادِق الْوَعْد" لَمْ يَعِد شَيْئًا إلَّا وَفَّى بِهِ وَانْتَظَرَ مَنْ وَعَدَهُ ثَلَاثَة أَيَّام أَوْ حَوْلًا حَتَّى رَجَعَ إلَيْهِ فِي مَكَانه "وَكَانَ رَسُولًا" إلَى جُرْهُم {55} وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا "وَكَانَ يَأْمُر أَهْله" أَيْ قَوْمه "بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَكَانَ عِنْد رَبّه مَرْضِيًّا" أَصْله مَرْضُوّ وَقُلِبَتْ الْوَاوَانِ يَاءَيْنِ وَالضَّمَّة كَسْرَة . {56} وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَاب إدْرِيس" هُوَ جَدّ أَبِي نُوح {57} وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا "وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا" هُوَ حَيّ فِي السَّمَاء الرَّابِعَة أَوْ السَّادِسَة أَوْ السَّابِعَة أَوْ فِي الْجَنَّة أُدْخِلَهَا بَعْد أَنْ أُذِيقَ الْمَوْت وَأُحْيِيَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا {58} أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا "أُولَئِكَ" مُبْتَدَأ "الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ" صِفَة لَهُ "مِنْ النَّبِيِّينَ" بَيَان لَهُ وَهُوَ فِي مَعْنَى الصِّفَة وَمَا بَعْده إلَى جُمْلَة الشَّرْط صِفَة لِلنَّبِيِّينَ فَقَوْله "مِنْ ذُرِّيَّة آدَم" أَيْ إدْرِيس "وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح" فِي السَّفِينَة أَيْ إبْرَاهِيم ابْن ابْنه سَام "وَمِنْ ذُرِّيَّة إبْرَاهِيم" أَيْ إسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب "و" مِنْ ذُرِّيَّة "إسْرَائِيل" هُوَ يَعْقُوب أَيْ مُوسَى وَهَارُون وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى "وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا" أَيْ مِنْ جُمْلَتهمْ وَخَيْر أُولَئِكَ "إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَات الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا" جَمْع سَاجِد وَبَاكٍ أَيْ فَكُونُوا مِثْلهمْ وَأَصْل بَكِيّ بُكُوي قُلِبَتْ الْوَاو يَاء وَالضَّمَّة كَسْرَة {59} فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدهمْ خَلْف أَضَاعُوا الصَّلَاة" بِتَرْكِهَا كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى "وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَات" مِنْ الْمَعَاصِي "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّم أَيْ يَقَعُونَ فِيهِ {60} إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا "إلَّا" لَكِنْ "مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة وَلَا يُظْلَمُونَ" يَنْقُصُونَ "شَيْئًا" مِنْ ثَوَابهمْ {61} جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا "جَنَّات عَدْن" إقَامَة بَدَل مِنْ الْجَنَّة "الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَن عِبَاده بِالْغَيْبِ" أَيْ غَائِبِينَ عَنْهَا "إنَّهُ كَانَ وَعْده" أَيْ مَوْعُوده "مَأْتِيًّا" بِمَعْنَى آتِيًا وَأَصْله مَأْتُوي أَوْ مَوْعُوده هُنَا الْجَنَّة يَأْتِيه أَهْله {62} لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا "لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا" مِنْ الْكَلَام "إلَّا" لَكِنْ يَسْمَعُونَ "سَلَامًا" مِنْ الْمَلَائِكَة عَلَيْهِمْ أَوْ مِنْ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض "وَلَهُمْ رِزْقهمْ فِيهَا بُكْرَة وَعَشِيًّا" أَيْ عَلَى قَدْرهمَا فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ فِي الْجَنَّة نَهَار وَلَا لَيْل بَلْ ضَوْء وَنُور أَبَدًا {63} تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا "تِلْكَ الْجَنَّة الَّتِي نُورِث" نُعْطِي وَنُنْزِل "مِنْ عِبَادنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا" بِطَاعَتِهِ وَنَزَلَ لَمَّا تَأَخَّرَ الْوَحْي أَيَّامًا وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيل : مَا يَمْنَعك أَنْ تَزُورنَا أَكْثَر مِمَّا تَزُورنَا؟ {64} وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا "وَمَا نَتَنَزَّل إلَّا بِأَمْرِ رَبّك لَهُ مَا بَيْن أَيْدِينَا" أَيْ أَمَامنَا مِنْ أُمُور الْآخِرَة "وَمَا خَلْفنَا" مِنْ أُمُور الدُّنْيَا "وَمَا بَيْن ذَلِكَ" أَيْ : مَا يَكُون فِي هَذَا الْوَقْت إلَى قِيَام السَّاعَة أَيْ لَهُ عِلْم ذَلِكَ جَمِيعه "وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا" بِمَعْنَى نَاسِيًا أَيْ : تَارِكًا لَك بِتَأْخِيرِ الْوَحْي عَنْك |
|
10-31-2011 | #184 |
|
{65} رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا هُوَ "رَبّ" مَالِك "السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ" أَيْ : اصْبِرْ عَلَيْهَا "هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا" مُسَمًّى بِذَلِكَ ؟ لَا
{66} وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا "وَيَقُول الْإِنْسَان" الْمُنْكِر لِلْبَعْثِ أُبَيّ ابْن خَلَف أَوْ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة النَّازِل فِيهِ الْآيَة " أَئِذَا" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَة الثَّانِيَة وَتَسْهِيلهَا وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهَا بِوَجْهَيْهَا وَبَيْن الْأُخْرَى "مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَج حَيًّا" مِنْ الْقَبْر كَمَا يَقُول مُحَمَّد فَالِاسْتِفْهَام بِمَعْنَى النَّفْي أَيْ : لَا أَحْيَا بَعْد الْمَوْت وَمَا زَائِدَة لِلتَّأْكِيدِ وَكَذَا اللَّام وَرَدَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {67} أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا "أَوَلَا يَذْكُر الْإِنْسَان" أَصْله يَتَذَكَّر أُبْدِلَتْ التَّاء ذَالًا وَأُدْغِمَتْ فِي الذَّال وَفِي قِرَاءَة تَرْكهَا وَسُكُون الذَّال وَضَمّ الْكَاف "أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْل وَلَمْ يَكُ شَيْئًا" فَيُسْتَدَلّ بِالِابْتِدَاءِ عَلَى الْإِعَادَة {68} فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا "فَوَرَبِّك لَنَحْشُرَنَّهُمْ" أَيْ الْمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ "وَالشَّيَاطِين" أَيْ نَجْمَع كُلًّا مِنْهُمْ وَشَيْطَانه فِي سِلْسِلَة "ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْل جَهَنَّم" مِنْ خَارِجهَا "جِثِيًّا" عَلَى الرَّكْب جَمْع جَاثٍ وَأَصْله جُثُوو أَوْ جُثُوي مِنْ جَثَا يَجْثُو أَوْ يَجْثِي لُغَتَانِ {69} ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا "ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلّ شِيعَة" فِرْقَة مِنْهُمْ "أَيّهمْ أَشَدّ عَلَى الرَّحْمَن عِتِيًّا" جَرَاءَة {70} ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا "ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَم بِاَلَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا" أَحَقّ بِجَهَنَّم الْأَشَدّ وَغَيْره مِنْهُمْ "صِلِيًّا" دُخُولًا وَاحْتِرَاقًا فَنَبْدَأ بِهِمْ وَأَصْله صُلُوي مِنْ صَلِيَ بِكَسْرِ اللَّام وَفَتْحهَا {71} وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا "وَإِنْ" أَيْ مَا "مِنْكُمْ" أَحَد "إلَّا وَارِدهَا" أَيْ دَاخِل جَهَنَّم "كَانَ عَلَى رَبّك حَتْمًا مَقْضِيًّا" حَتَمَهُ وَقَضَى بِهِ لَا يَتْرُكهُ {72} ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا "ثُمَّ نُنَجِّي" مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا "الَّذِينَ اتَّقَوْا" الشِّرْك وَالْكُفْر مِنْهَا "وَنَذَر الظَّالِمِينَ" بِالشِّرْكِ وَالْكُفْر "فِيهَا جِثِيًّا" عَلَى الرُّكَب {73} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا "وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ "آيَاتنَا" مِنْ الْقُرْآن "بَيِّنَات" وَاضِحَات حَال "قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيّ الْفَرِيقَيْنِ" نَحْنُ وَأَنْتُمْ "خَيْر مَقَامًا" مَنْزِلًا وَمَسْكَنًا بِالْفَتْحِ مِنْ قَامَ وَبِالضَّمِّ مِنْ أَقَامَ "وَأَحْسَن نَدِيًّا" بِمَعْنَى النَّادِي وَهُوَ مُجْتَمَع الْقَوْم يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ يَعْنُونَ نَحْنُ فَنَكُون خَيْرًا مِنْكُمْ {74} وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا "وَكَمْ" أَيْ كَثِيرًا "أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ قَرْن" أَيْ أُمَّة مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة "هُمْ أَحْسَن أَثَاثًا" مَالًا وَمَتَاعًا "وَرِئْيًا" مَنْظَرًا مِنْ الرُّؤْيَة فَكَمَا أَهْلَكْنَاهُمْ لِكُفْرِهِمْ نُهْلِك هَؤُلَاءِ {75} قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا "قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَة" شَرْط جَوَابه "فَلْيَمْدُدْ" بِمَعْنَى الْخَبَر أَيْ يَمُدّ "لَهُ الرَّحْمَن مَدًّا" فِي الدُّنْيَا يَسْتَدْرِجهُ "حَتَّى إذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إمَّا الْعَذَاب" كَالْقَتْلِ وَالْأَسْر "وَإِمَّا السَّاعَة" الْمُشْتَمِلَة عَلَى جَهَنَّم فَيَدْخُلُونَهَا "فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرّ مَكَانًا وَأَضْعَف جُنْدًا" أَعْوَانًا أَهُمْ أَمْ الْمُؤْمِنُونَ وَجُنْدهمْ الشَّيَاطِين وَجُنْد الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَة {76} وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا "وَيَزِيد اللَّه الَّذِينَ اهْتَدَوْا" بِالْإِيمَانِ "هُدًى" بِمَا يَنْزِل عَلَيْهِمْ مِنْ الْآيَات "وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات" هِيَ الطَّاعَة تَبْقَى لِصَاحِبِهَا "خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا وَخَيْر مَرَدًّا" أَيْ مَا يُرَدّ إلَيْهِ وَيَرْجِع بِخِلَافِ أَعْمَال الْكُفَّار وَالْخَيْرِيَّة هُنَا فِي مُقَابَلَة قَوْلهمْ أَيّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْر مَقَامًا |
|
11-01-2011 | #185 |
|
مريم
{77} أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا "أَفَرَأَيْت الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا" الْعَاصِي بْن وَائِل "وَقَالَ" لِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتّ الْقَائِل لَهُ تُبْعَث بَعْد الْمَوْت وَالْمُطَالِب لَهُ بِمَالٍ . "لَأُوتَيَنَّ" عَلَى تَقْدِير الْبَعْث "مَالًا وَوَلَدًا" فَأَقْضِيك {78} أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا "أَطَّلَعَ الْغَيْب" أَيْ أَعَلِمَهُ وَأَنْ يُؤْتَى مَا قَالَهُ وَاسْتُغْنِيَ بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَام عَنْ هَمْزَة الْوَصْل فَحُذِفَتْ "أَمْ اتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا" بِأَنْ يُؤْتَى مَا قَالَهُ {79} كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا "كَلَّا" أَيْ لَا يُؤْتَى ذَلِكَ "سَنَكْتُبُ" نَأْمُر بِكَتْبِ "مَا يَقُول وَنَمُدّ لَهُ مِنْ الْعَذَاب مَدًّا" نَزِيدهُ بِذَلِكَ عَذَابًا فَوْق عَذَاب كُفْره {80} وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا "وَنَرِثهُ مَا يَقُول" مِنْ الْمَال وَالْوَلَد "وَيَأْتِينَا" يَوْم الْقِيَامَة "فَرْدًا" لَا مَال لَهُ وَلَا وَلَد {81} وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا "وَاِتَّخَذُوا" أَيْ كُفَّار مَكَّة "مِنْ دُون اللَّه" أَيْ : الْأَوْثَان "آلِهَة" يَعْبُدُونَهُمْ "لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا" شُفَعَاء عِنْد اللَّه بِأَنْ لَا يُعَذَّبُوا {82} كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا "كَلَّا" أَيْ لَا مَانِع مِنْ عَذَابهمْ "سَيَكْفُرُونَ" أَيْ الْآلِهَة "بِعِبَادَتِهِمْ" أَيْ يَنْفُونَهَا كَمَا فِي آيَة أُخْرَى "مَا كَانُوا إيَّانَا يَعْبُدُونَ" "وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا" أَعْوَانًا وَأَعْدَاء {83} أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا "أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِين" أَيْ سَلَّطْنَاهُمْ "عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزّهُمْ" تُهِيجهُمْ إلَى الْمَعَاصِي {84} فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا "فَلَا تَعْجَل عَلَيْهِمْ" بِطَلَبِ الْعَذَاب "إنَّمَا نَعُدّ لَهُمْ" الْأَيَّام وَاللَّيَالِي أَوْ الْأَنْفَاس "عَدًّا" إلَى وَقْت عَذَابهمْ {85} يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا اذْكُر "يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ" اُذْكُرْ يَوْم نَحْشُر الْمُتَّقِينَ بِإِيمَانِهِمْ "إلَى الرَّحْمَن وَفْدًا" جَمْع وَافِد بِمَعْنَى : رَاكِب {86} وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا "وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ" بِكُفْرِهِمْ "إلَى جَهَنَّم وِرْدًا" جَمْع وَارِد بِمَعْنَى مَاشٍ عَطْشَان {87} لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا "لَا يَمْلِكُونَ" أَيْ النَّاس "الشَّفَاعَة إلَّا مَنْ اتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَن عَهْدًا" أَيْ شَهَادَة أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّه وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إلَّا بِاَللَّهِ {88} وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا "وَقَالُوا" أَيْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه {89} لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا "لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا" أَيْ مُنْكَرًا عَظِيمًا {90} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا "تَكَاد" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "السَّمَوَات يَتَفَطَّرْنَ" بِالتَّاءِ وَتَشْدِيد الطَّاء بِالِانْشِقَاقِ وَفِي قِرَاءَة بِالنُّونِ "مِنْهُ وَتَنْشَقّ الْأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا" أَيْ تَنْطَبِق عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْل "أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا" {92} وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا "وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذ وَلَدًا" أَيْ مَا يَلِيق بِهِ ذَلِكَ {93} إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا "إنْ" أَيْ مَا "كُلّ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إلَّا آتِي الرَّحْمَن عَبْدًا" ذَلِيلًا خَاضِعًا يَوْم الْقِيَامَة مِنْهُمْ عُزَيْر وَعِيسَى {94} لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا "لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا" فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَبْلَغُ جَمِيعِهِمْ وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ {95} وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا "وَكُلّهمْ آتِيه يَوْم الْقِيَامَة فَرْدًا" بِلَا مَال وَلَا نَصِير لَهُ {96} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَن وُدًّا" فِيمَا بَيْنهمْ يَتَوَادُّونَ وَيَتَحَابُّونَ وَيُحِبّهُمْ اللَّه تَعَالَى {97} فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا "فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ" أَيْ الْقُرْآن "بِلِسَانِك" الْعَرَبِيّ "لِتُبَشِّر بِهِ الْمُتَّقِينَ" الْفَائِزِينَ بِالْإِيمَانِ "وَتُنْذِر" تُخَوِّف "بِهِ قَوْمًا لُدًّا" جَمْع أَلَدّ أَيْ جَدِل بِالْبَاطِلِ وَهُمْ كُفَّار مَكَّة {98} وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا "وَكَمْ" أَيْ كَثِيرًا "أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ قَرْن" أَيْ أُمَّة مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة بِتَكْذِيبِهِمْ الرُّسُل "هَلْ تُحِسّ" تَجِد "مِنْهُمْ مِنْ أَحَد أَوْ تَسْمَع لَهُمْ رِكْزًا" صَوْتًا خَفِيًّا ؟ لَا فَكَمَا أَهْلَكْنَا أُولَئِكَ نُهْلِك هَؤُلَاءِ |
|
11-01-2011 | #186 |
|
عددآياتها 135 {1} طه : "طَه" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِذَلِكَ {2} مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى "مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن" يَا مُحَمَّد "لِتَشْقَى" لِتَتْعَب بِمَا فَعَلْت بَعْد نُزُوله مِنْ طُول قِيَامك بِصَلَاةِ اللَّيْل أَيْ خَفِّفْ عَنْ نَفْسك {3} إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى "إلَّا" لَكِنْ أَنْزَلْنَاهُ "تَذْكِرَة" بِهِ "لِمَنْ يَخْشَى" يَخَاف اللَّه {4} تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا "تَنْزِيلًا" بَدَل مِنْ اللَّفْظ بِفِعْلِهِ النَّاصِب لَهُ "مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْض وَالسَّمَوَات الْعُلَى" جَمْع عُلْيَا كَكُبْرَى وَكُبَر {5} الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى هُوَ "الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْش" وَهُوَ فِي اللُّغَة سَرِير الْمُلْك "اسْتَوَى" اسْتِوَاء يَلِيق بِهِ {6} لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى "لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا" مِنْ الْمَخْلُوقَات "وَمَا تَحْت الثَّرَى" هُوَ التُّرَاب النَّدِيّ وَالْمُرَاد الْأَرَضُونَ السَّبْع لِأَنَّهَا تَحْته {7} وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى "وَإِنْ تَجْهَر بِالْقَوْلِ" فِي ذِكْر أَوْ دُعَاء فَاَللَّه غَنِيّ عَنْ الْجَهْر بِهِ "فَإِنَّهُ يَعْلَم السِّرّ وَأَخْفَى" مِنْهُ : أَيْ مَا حَدَّثْت بِهِ النَّفْس وَمَا خَطَرَ وَلَمْ تُحَدِّث بِهِ فَلَا تُجْهِد نَفْسك بِالْجَهْرِ {8} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى "اللَّه لَا إلَه إلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى" التِّسْعَة وَالتِّسْعُونَ الْوَارِد بِهَا الْحَدِيث وَالْحُسْنَى مُؤَنَّث الْأَحْسَن {9} وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى "وَهَلْ" قَدْ {10} إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى "إذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ" لِامْرَأَتِهِ "اُمْكُثُوا" هُنَا وَذَلِكَ فِي مَسِيره مِنْ مَدَيْنَ طَالِبًا مِصْر "إنِّي آنَسْت" أَبْصَرْت "نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ" بِشُعْلَةٍ فِي رَأْس فَتِيلَة أَوْ عُود وَقَالَ لَعَلَّ لِعَدَمِ الْجَزْم بِوَفَاءِ الْوَعْد. "أَوْ أَجِد عَلَى النَّار هُدًى" أَيْ هَادِيًا يَدُلّنِي عَلَى الطَّرِيق وَكَانَ أَخْطَأَهَا لِظُلْمَةِ اللَّيْل. {11} فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى "فَلَمَّا أَتَاهَا" وَهِيَ شَجَرَة عَوْسَج {12} إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى "إنِّي" بِكَسْرِ الْهَمْزَة بِتَأْوِيلِ نُودِيَ بِقِيلَ وَبِفَتْحِهَا بِتَقْدِيرِ الْبَاء "أَنَا" تَأْكِيد لِيَاءِ الْمُتَكَلِّم "رَبّك فَاخْلَعْ نَعْلَيْك إنَّك بِالْوَادِي الْمُقَدَّس" الْمُطَهَّر أَوْ الْمُبَارَك "طُوًى" بَدَل أَوْ عَطْف بَيَان بِالتَّنْوِينِ وَتَرْكه مَصْرُوف بِاعْتِبَارِ الْمَكَان وَغَيْر مَصْرُوف لِلتَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَة مَعَ الْعِلْمِيَّة0 {13} وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى "وَأَنَا اخْتَرْتُك" مِنْ قَوْمك "فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى" إلَيْك مِنِّي {14} إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي "إنَّنِي أَنَا اللَّه لَا إلَه إلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلَاة لِذِكْرِي" لِذِكْرِي فِيهَا {15} إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى "إنَّ السَّاعَة آتِيَة أَكَاد أُخْفِيهَا" عَنْ النَّاس وَيَظْهَر لَهُمْ قُرْبهَا بِعَلَامَاتِهَا "لِتُجْزَى" فِيهَا "كُلّ نَفْس بِمَا تَسْعَى" بِهِ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ {16} فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى "فَلَا يَصُدَّنَّك" يَصْرِفَنَّك "عَنْهَا" أَيْ عَنْ الْإِيمَان بِهَا "مَنْ لَا يُؤْمِن بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ" فِي إنْكَارهَا "فَتَرْدَى" أَيْ فَتَهْلِك إنْ صَدَدْت عَنْهَا {17} وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى "وَمَا تِلْكَ" كَائِنَة الِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ لِيُرَتِّب عَلَيْهِ الْمُعْجِزَة فِيهَا {18} قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى "قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأ" أَعْتَمِد "عَلَيْهَا" عِنْد الْوُثُوب وَالْمَشْي "وَأَهُشّ" أَخْبِط وَرَق الشَّجَر "بِهَا" لِيَسْقُط "عَلَى غَنَمِي" فَتَأْكُلهُ "وَلِيَ فِيهَا مَآرِب" جَمْع مَأْرُبَة مُثَلَّث الرَّاء أَيْ حَوَائِج "أُخْرَى" كَحَمْلِ الزَّاد وَالسِّقَاء وَطَرْد الْهَوَامّ زَادَ فِي الْجَوَاب بَيَان حَاجَاته بِهَا {20} فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى "فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّة" ثُعْبَان عَظِيم "تَسْعَى" تَمْشِي عَلَى بَطْنهَا سَرِيعًا كَسُرْعَةِ الثُّعْبَان الصَّغِير الْمُسَمَّى بِالْجَانِّ الْمُعَبَّر بِهِ فِيهَا فِي آيَة أُخْرَى {21} قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى "قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ" مِنْهَا "سَنُعِيدُهَا سِيرَتهَا" مَنْصُوب بِنَزْعِ الْخَافِض أَيْ إلَى حَالَتهَا "الْأُولَى" فَأَدْخَلَ يَده فِي فَمهَا فَعَادَتْ عَصًا فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَوْضِع الْإِدْخَال مَوْضِع مَسْكهَا بَيْن شُعْبَتَيْهَا وَأُرِيَ ذَلِكَ السَّيِّد مُوسَى لِئَلَّا يَجْزَع إذَا انْقَلَبَتْ حَيَّة لَدَى فِرْعَوْن {22} وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى "وَاضْمُمْ يَدك" الْيُمْنَى بِمَعْنَى الْكَفّ "إلَى جَنَاحك" أَيْ جَنْبك الْأَيْسَر تَحْت الْعَضُد إلَى الْإِبِط وَأَخْرِجْهَا "تَخْرُج" خِلَاف مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَدَمَة "بَيْضَاء مِنْ غَيْر سُوء" أَيْ بَرَص تُضِيء كَشُعَاعِ الشَّمْس تَغْشَى الْبَصَر "آيَة أُخْرَى" وَهِيَ بَيْضَاء حَالَانِ مِنْ ضَمِير تَخْرُج {23} لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى "لِنُرِيَك" بِهَا إذَا فَعَلْت ذَلِكَ لِإِظْهَارِهَا "مِنْ آيَاتنَا" الْآيَة "الْكُبْرَى" أَيْ الْعُظْمَى عَلَى رِسَالَتك وَإِذَا أَرَادَ عَوْدهَا إلَى حَالَتهَا الْأُولَى ضَمَّهَا إلَى جَنَاحه كَمَا تَقَدَّمَ وَأَخْرَجَهَا {24} اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى "اذْهَبْ" رَسُولًا "إلَى فِرْعَوْن" وَمَنْ مَعَهُ "إنَّهُ طَغَى" جَاوَزَ الْحَدّ فِي كُفْره إلَى ادِّعَاء الْإِلَهِيَّة {25} قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي "قَالَ رَبّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي" وَسِّعْهُ لِتَحَمُّلِ الرِّسَالَة {26} وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي "وَيَسِّرْ" سَهِّلْ "لِي أَمْرِي" لِأُبَلِّغهَا {27} وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي "وَاحْلُلْ عُقْدَة مِنْ لِسَانِي" حَدَثَتْ مِنْ احْتِرَاقه بِجَمْرَةٍ وَضَعَهَا بِفِيهِ وَهُوَ صَغِير {28} يَفْقَهُوا قَوْلِي "يَفْقَهُوا" يَفْهَمُوا "قَوْلِي" عِنْد تَبْلِيغ الرِّسَالَة {29} وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي "وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا" مُعِينًا عَلَيْهَا {30} هَارُونَ أَخِي "هَارُون" مَفْعُول ثَانٍ "أَخِي" عَطْف بَيَان {31} اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي "اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي" وَالْفِعْلَانِ بِصِيغَتِي الْأَمْر وَالْمُضَارِع الْمَجْزُوم وَهُوَ جَوَاب الطَّلَب {32} وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي "وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي" أَيْ الرِّسَالَة وَالْفِعْلَانِ بِصِيغَتِي الْأَمْر وَالْمُضَارِع الْمَجْزُوم وَهُوَ جَوَاب الطَّلَب {33} كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا "كَيْ نُسَبِّحك" تَسْبِيحًا {34} وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا "وَنَذْكُرك" ذِكْرًا {35} إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا "إنَّك كُنْت بِنَا بَصِيرًا" عَالِمًا فَأَنْعَمْت بِالرِّسَالَةِ {36} قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ قَدْ أُوتيت سُؤْلك يَا مُوسَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : قَالَ اللَّه لمُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ : قَدْ أُعْطيت مَا سَأَلْت يَا مُوسَى رَبّك منْ شَرْحه صَدْرك وَتَيْسيره لَك أَمْرك , وَحَلّ عُقْدَة لسَانك , وَتَصْيير أَخيك هَارُون وَزيرًا لَك , وَشَدّ أَزْرك به , وَإشْرَاكه في الرّسَالَة مَعَك . {37} وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْك مَرَّة أُخْرَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَلَقَدْ تَطَوَّلْنَا عَلَيْك يَا مُوسَى قَبْل هَذه الْمَرَّة مَرَّة أُخْرَى , وَذَلكَ حين أَوْحَيْنَا إلَى أُمّك , إذْ وَلَدَتْك في الْعَام الَّذي كَانَ فرْعَوْن يَقْتُل كُلّ مَوْلُود ذَكَر منْ قَوْمك مَا أَوْحَيْنَا إلَيْهَا ; ثُمَّ فَسَّرَ تَعَالَى ذكْرُهُ مَا أَوْحَى إلَى أُمّه , فَقَالَ : هُوَ أَنْ اقْذفيه في التَّابُوت ; فَأَنْ في مَوْضع نَصْب رَدًّا عَلَى " مَا " الَّتي في قَوْله : { مَا يُوحَى } , وَتَرْجَمَة عَنْهَا00 {38} إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى "إذْ" لِلتَّعْلِيلِ "أَوْحَيْنَا إلَى أُمّك" مَنَامًا أَوْ إلْهَامًا لَمَّا وَلَدَتْك وَخَافَتْ أَنْ يَقْتُلك فِرْعَوْن فِي جُمْلَة مَنْ يُولَد "مَا يُوحَى" فِي أَمْرك وَيُبْدَل مِنْهُ {39} أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي "أَنْ اقْذِفِيهِ" أَلْقِيهِ "فِي التَّابُوت فَاقْذِفِيهِ" بِالتَّابُوتِ "فِي الْيَمّ" بَحْر النِّيل "فَلْيُلْقِهِ الْيَمّ بِالسَّاحِلِ" أَيْ شَاطِئِهِ وَالْأَمْر بِمَعْنَى الْخَبَر "يَأْخُذهُ عَدُوّ لِي وَعَدُوّ لَهُ" وَهُوَ فِرْعَوْن "وَأَلْقَيْت" بَعْد أَنْ أَخَذَك "عَلَيْك مَحَبَّة مِنِّي" لِتُحَبّ فِي النَّاس فَأَحَبَّك فِرْعَوْن وَكُلّ مَنْ رَآك "وَلِتُصْنَع عَلَى عَيْنِي" تُرَبَّى عَلَى رِعَايَتِي وَحِفْظِي لَك {40} إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى "إذْ" لِلتَّعْلِيلِ "تَمْشِي أُخْتك" مَرْيَم لِتَتَعَرَّف مِنْ خَبَرك وَقَدْ أَحْضَرُوا مَرَاضِع وَأَنْتَ لَا تَقْبَل ثَدْي وَاحِدَة مِنْهُنَّ "فَتَقُول هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلهُ" فَأُجِيبَتْ فَجَاءَتْ بِأُمِّهِ فَقَبِلَ ثَدْيهَا "فَرَجَعْنَاك إلَى أُمّك كَيْ تَقَرّ عَيْنهَا" بِلِقَائِك "وَلَا تَحْزَن" حِينَئِذٍ "وَقَتَلْت نَفْسًا" هُوَ الْقِبْطِيّ بِمِصْرَ فَاغْتَمَمْت لِقَتْلِهِ مِنْ جِهَة فِرْعَوْن "فَنَجَّيْنَاك مِنْ الْغَمّ وَفَتَنَّاك فُتُونًا" اخْتَبَرْنَاك بِالْإِيقَاعِ فِي غَيْر ذَلِكَ وَخَلَّصْنَاك مِنْهُ "فَلَبِثْت سِنِينَ" عَشْرًا "فِي أَهْل مَدَيْنَ" بَعْد مَجِيئِك إلَيْهَا مِنْ مِصْر عِنْد شُعَيْب النَّبِيّ وَتَزَوُّجك بِابْنَتِهِ "ثُمَّ جِئْت عَلَى قَدَر" فِي عِلْمِي بِالرِّسَالَةِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ سَنَة مِنْ عُمُرك {41} وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي "وَاصْطَنَعْتُك" اخْتَرْتُك "لِنَفْسِي" بِالرِّسَالَةِ {42} اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي "اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوك" إلَى النَّاس "بِآيَاتِي" التِّسْع "وَلَا تَنِيَا" تَفْتُرَا "فِي ذِكْرِي" بِتَسْبِيحٍ وَغَيْره {43} اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى "اذْهَبَا إلَى فِرْعَوْن إنَّهُ طَغَى" بِادِّعَائِهِ الرُّبُوبِيَّة {44} فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى "فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا" فِي رُجُوعه عَنْ ذَلِكَ "لَعَلَّهُ يَتَذَكَّر" يَتَّعِظ وَالتَّرَجِّي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا لِعِلْمِهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يَرْجِع "أَوْ يَخْشَى" اللَّه فَيَرْجِع {45} قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى "قَالَا رَبّنَا إنَّنَا نَخَاف أَنْ يَفْرُط عَلَيْنَا" أَيْ يَعْجَل بِالْعُقُوبَةِ "أَوْ أَنْ يَطْغَى" عَلَيْنَا أَيْ يَتَكَبَّر {46} قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى "قَالَ لَا تَخَافَا إنَّنِي مَعَكُمَا" بِعَوْنِي "أَسْمَع" مَا يَقُول "وَأَرَى" مَا يَفْعَل {47} فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى "فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إنَّا رَسُولَا رَبّك فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إسْرَائِيل" إلَى الشَّام "وَلَا تُعَذِّبهُمْ" أَيْ خَلِّ عَنْهُمْ مِنْ اسْتِعْمَالك إيَّاهُمْ فِي . أَشْغَالك الشَّاقَّة كَالْحَفْرِ وَالْبِنَاء وَحَمْل الثَّقِيل "قَدْ جِئْنَاك بِآيَةٍ" بِحُجَّةٍ "مِنْ رَبّك" عَلَى صِدْقنَا بِالرِّسَالَةِ "وَالسَّلَام عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى" أَيْ السَّلَامَة لَهُ مِنْ الْعَذَاب {48} إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى "إنَّا قَدْ أُوحِيَ إلَيْنَا أَنَّ الْعَذَاب عَلَى مَنْ كَذَّبَ" مَا جِئْنَا بِهِ "وَتَوَلَّى" أَعْرَضَ عَنْهُ فَأَتَيَاهُ وَقَالَا جَمِيع مَا ذُكِرَ {49} قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى "قَالَ فَمَنْ رَبّكُمَا يَا مُوسَى" اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْأَصْل وَلِإِدْلَالِهِ عَلَيْهِ بِالتَّرْبِيَةِ {50} قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى "قَالَ رَبّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلّ شَيْء" مِنْ الْخَلْق "خَلْقه" الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مُتَمَيِّز بِهِ عَنْ غَيْره "ثُمَّ هَدَى" الْحَيَوَان مِنْهُ إلَى مَطْعَمه وَمَشْرَبه وَمَنْكَحِهِ وَغَيْر ذَلِكَ {51} قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى "قَالَ" فِرْعَوْن "فَمَا بَال" حَال "الْقُرُون" الْأُمَم "الْأُولَى" كَقَوْمِ نُوح وَهُود وَلُوط وَصَالِح فِي عِبَادَتهمْ الْأَوْثَان |
|
11-01-2011 | #187 |
مثلي قليل ≈
|
{52} قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى"قَالَ" مُوسَى "عِلْمهَا" أَيْ عِلْم حَالهمْ مَحْفُوظ "عِنْد رَبِّي فِي كِتَاب" هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ يُجَازِيهِمْ عَلَيْهَا يَوْم الْقِيَامَة "لَا يَضِلّ" يَغِيب "رَبِّي" عَنْ شَيْء "وَلَا يَنْسَى" رَبِّي شَيْئًا {53} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى"الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ" فِي جُمْلَة الْخَلْق "الْأَرْض مَهْدًا" فِرَاشًا "وَسَلَكَ" سَهَّلَ "لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا" طُرُقًا "وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء مَاء"مَطَرًا قَالَ تَعَالَى تَتْمِيمًا لِمَا وَصَفَهُ بِهِ مُوسَى وَخِطَابًا لِأَهْلِ مَكَّة "فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا" أَصْنَافًا "مِنْ نَبَات شَتَّى" صِفَة أَزْوَاجًا أَيْ مُخْتَلِفَة الْأَلْوَان وَالطُّعُوم وَغَيْرهمَا وَشَتَّى جَمْع شَتِيت كَمَرِيضٍ وَمَرْضَى مِنْ شَتَّ الْأَمْر تَفَرَّقَ {54} كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى"كُلُوا" مِنْهَا "وَارْعَوْا أَنْعَامكُمْ" فِيهَا جَمْع نَعَم وَهِيَ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم يُقَال رَعَتْ الْأَنْعَام وَرَعَيْتهَا وَالْأَمْر لِلْإِبَاحَةِ وَتَذْكِير النِّعْمَة وَالْجُمْلَة حَال مِنْ ضَمِير أَخْرَجْنَا أَيْ مُبِيحِينَ لَكُمْ الْأَكْل وَرَعْي الْأَنْعَام "إنَّ فِي ذَلِكَ" الْمَذْكُور هُنَا "لَآيَات" لَعِبَرًا"لِأُولِي النُّهَى" لِأَصْحَابِ الْعُقُول جَمْع نُهْيَة كَغُرْفَةٍ وَغُرَف سُمِّيَ بِهِ الْعَقْل لِأَنَّهُ يَنْهَى صَاحِبه عَنْ ارْتِكَاب الْقَبَائِح {55} مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى"مِنْهَا" أَيْ مِنْ الْأَرْض "خَلَقْنَاكُمْ" بِخَلْقِ أَبِيكُمْ آدَم مِنْهَا "وَفِيهَا نُعِيدكُمْ" مَقْبُورِينَ بَعْد الْمَوْت "وَمِنْهَا نُخْرِجكُمْ" عِنْد الْبَعْث"تَارَة" مَرَّة "أُخْرَى" كَمَا أَخْرَجْنَاكُمْ عِنْد ابْتِدَاء خَلْقكُمْ {56} وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى"وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ" أَيْ أَبْصَرْنَا فِرْعَوْن "آيَاتنَا كُلّهَا" التِّسْع "فَكَذَّبَ" بِهَا وَزَعَمَ أَنَّهَا سِحْر "وَأَبَى" أَنْ يُوَحِّد اللَّه تَعَالَى {57} قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى"قَالَ أَجِئْتنَا لِتُخْرِجنَا مِنْ أَرْضنَا" مِصْر وَيَكُون لَك الْمُلْك فِيهَا {58} فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى"فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ" يُعَارِضُهُ "فَاجْعَلْ بَيْننَا وَبَيْنك مَوْعِدًا" لِذَلِكَ "لَا نُخْلِفهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا" مَنْصُوب بِنَزْعِ الْخَافِض فِي"سُوًى" بِكَسْرِ أَوَّله وَضَمّه أَيْ وَسَطًا تَسْتَوِي إلَيْهِ مَسَافَة الْجَائِي مِنْ الطَّرَفَيْنِ {59} قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى"قَالَ" مُوسَى "مَوْعِدكُمْ يَوْم الزِّينَة" يَوْم عِيد لَهُمْ يَتَزَيَّنُونَ فِيهِ وَيَجْتَمِعُونَ "وَأَنْ يُحْشَر النَّاس" يُجْمَع أَهْل مِصْر "ضُحًى"وَقَّتَهُ لِلنَّظَرِ فِيمَا يَقَع {60} فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى"فَتَوَلَّى فِرْعَوْن" أَدْبَرَ "فَجَمَعَ كَيْده" أَيْ ذَوِي كَيْده مِنْ السَّحَرَة "ثُمَّ أَتَى" بِهِمْ الْمَوْعِد {61} قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى"قَالَ لَهُمْ مُوسَى" وَهُمْ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ مَعَ كُلّ وَاحِد حَبْل وَعَصًا "وَيْلكُمْ" أَيْ أَلْزَمَكُمْ اللَّه الْوَيْل "لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّه كَذِبًا"بِإِشْرَاكِ أَحَد مَعَهُ " فَيُسْحِتَكُمْ" بِضَمِّ الْيَاء وَكَسْر الْحَاء وَبِفَتْحِهِمَا أَيْ يُهْلِككُمْ "بِعَذَابٍ" مِنْ عِنْده "وَقَدْ خَابَ" خَسِرَ "مَنْ افْتَرَى" كَذَبَ عَلَى اللَّه {62} فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى"فَتَنَازَعُوا أَمْرهمْ بَيْنهمْ" فِي مُوسَى وَأَخِيهِ "وَأَسَرُّوا النَّجْوَى" أَيْ الْكَلَام بَيْنهمْ فِيهِمَا {63} قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى"قَالُوا" لِأَنْفُسِهِمْ "إنْ هَذَانِ" وَهُوَ مُوَافِق لِلُغَةِ مَنْ يَأْتِي فِي الْمُثَنَّى بِالْأَلِفِ فِي أَحْوَاله الثَّلَاث وَلِأَبِي عَمْرو : هَذَيْنِ"لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمْ الْمُثْلَى" مُؤَنَّث أَمْثَل بِمَعْنَى أَشْرَف أَيْ بِأَشْرَافِكُمْ بِمَيْلِهِمْ إلَيْهِمَا لِغَلَبَتِهِمَا {64} فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى"فَاجْمَعُوا كَيْدَكُمْ" مِنْ السِّحْر بِهَمْزَةِ وَصْل وَفَتْح الْمِيم مِنْ جَمَعَ أَيْ لَمَّ وَبِهَمْزَةِ قَطْع وَكَسْر الْمِيم مِنْ أَجْمَعَ أَحْكَمَ "ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا" حَال أَيْ مُصْطَفِّينَ "وَقَدْ أَفْلَحَ" فَازَ "الْيَوْم مَنْ اسْتَعْلَى" غَلَبَ {65} قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى"قَالُوا يَا مُوسَى" اخْتَرْ "إمَّا أَنْ تُلْقِيَ" عَصَاك أَوَّلًا "وَإِمَّا أَنْ نَكُون أَوَّل مَنْ أَلْقَى" عَصَاهُ {66} قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى"قَالَ بَلْ أَلْقُوا" فَأَلْقَوْا "فَإِذَا حِبَالهمْ وَعِصِيّهمْ" أَصْله عُصُوو قُلِبَتْ الْوَاوَانِ يَاءَيْنِ وَكُسِرَتْ الْعَيْن وَالصَّاد "يُخَيَّل إلَيْهِ مِنْ سِحْرهمْ أَنَّهَا" حَيَّات "تَسْعَى" عَلَى بُطُونهَا {67} فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى"فَأَوْجَسَ" أَحَسَّ "فِي نَفْسه خِيفَة مُوسَى" أَيْ خَافَ مِنْ جِهَة أَنَّ سِحْرهمْ مِنْ جِنْس مُعْجِزَته أَنْ يَلْتَبِس أَمْره عَلَى النَّاس فَلَا يُؤْمِنُوا بِهِ {68} قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى"قُلْنَا" لَهُ "لَا تَخَفْ إنَّك أَنْتَ الْأَعْلَى" عَلَيْهِمْ بِالْغَلَبَةِ {69} وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى"وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينك" وَهِيَ عَصَاهُ "تَلْقَف" تَبْتَلِع "مَا صَنَعُوا إنَّمَا صَنَعُوا كَيْد سَاحِرٍ" أَيْ جِنْسه "وَلَا يُفْلِح السَّاحِر حَيْثُ أَتَى"بِسِحْرِهِ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَتَلَقَّفَتْ كُلّ مَا صَنَعُوهُ {70} فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى"فَأُلْقِيَ السَّحَرَة سُجَّدًا" خَرُّوا سَاجِدِينَ لِلَّهِ تَعَالَى {71} قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى"قَالَ" فِرْعَوْن "آمَنْتُمْ" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة أَلِفًا "لَهُ قَبْل أَنْ آذَن" أَنَا "لَكُمْ إنَّهُ لَكَبِيركُمْ" مُعَلِّمكُمْ "الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْر فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلكُمْ مِنْ خِلَاف" حَال بِمَعْنَى مُخْتَلِفَة أَيْ الْأَيْدِي الْيُمْنَى وَالْأَرْجُل الْيُسْرَى "وَلَأُصَلِّبَنكُمْ فِي جُذُوع النَّخْل" أَيْ عَلَيْهَا "وَلَتَعْلَمُنَّ أَيّنَا" يَعْنِي نَفْسه وَرَبّ مُوسَى "أَشَدّ عَذَابًا وَأَبْقَى" أَدْوَم عَلَى مُخَالَفَته {72} قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا"قَالُوا لَنْ نُؤْثِرك" نَخْتَارك "عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَات" الدَّالَّة عَلَى صِدْق مُوسَى "وَاَلَّذِي فَطَرَنَا" خَلَقَنَا قَسَم أَوْ عَطْف عَلَى مَا "فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ" أَيْ اصْنَعْ مَا قُلْته "إنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاة الدُّنْيَا" النَّصْب عَلَى الِاتِّسَاع أَيْ فِيهَا وَتُجْزَى عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة {73} إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى"إنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِر لَنَا خَطَايَانَا" مِنْ الْإِشْرَاك وَغَيْره "وَمَا أَكْرَهْتنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْر" تَعَلُّمًا وَعَمَلًا لِمُعَارَضَةِ مُوسَى "وَاَللَّه خَيْر" مِنْك ثَوَابًا إذَا أُطِيعَ "وَأَبْقَى" مِنْك عَذَابًا إذَا عُصِيَ {74} إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا"إنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبّه مُجْرِمًا" كَافِرًا كَفِرْعَوْن "فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّم لَا يَمُوت فِيهَا" فَيَسْتَرِيح "وَلَا يَحْيَا" حَيَاة تَنْفَعهُ {75} وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا"وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَات" الْفَرَائِض وَالنَّوَافِل "فَأُولَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَات الْعُلَى" جَمْع عُلْيَا مُؤَنَّث أَعْلَى {76} جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى"جَنَّات عَدْن" أَيْ إقَامَة "تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَنْ تَزَكَّى" تَطَهَّرَ مِنْ الذُّنُوب |
|
11-01-2011 | #188 |
|
{77} وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى "وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي" بِهَمْزَةِ قَطْع مِنْ أَسْرَى وَبِهَمْزَةِ وَصْل وَكَسْر النُّون مِنْ سَرَى لُغَتَانِ أَيْ سِرْ بِهِمْ لَيْلًا مِنْ أَرْض مِصْر "فَاضْرِبْ لَهُمْ" اجْعَلْ لَهُمْ بِالضَّرْبِ بِعَصَاك "طَرِيقًا فِي الْبَحْر يَبَسًا" أَيْ يَابِسًا فَامْتَثَلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَأَيْبَسَ اللَّه الْأَرْض فَمَرُّوا فيها "لَا تَخَاف دَرَكًا" أَيْ أَنْ يُدْرِكك فِرْعَوْن "وَلَا تَخْشَى" غَرَقًا
{78} فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ "فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْن بِجُنُودِهِ" وَهُوَ مَعَهُمْ "فَغَشِيَهُمْ مِنْ الْيَمّ" أَيْ الْبَحْر "مَا غَشِيَهُمْ" فَأَغْرَقَهُمْ {79} وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى "وَأَضَلَّ فِرْعَوْن قَوْمه" بِدُعَائِهِمْ إلَى عِبَادَته "وَمَا هَدَى" بَلْ أَوْقَعَهُمْ فِي الْهَلَاك خِلَاف قَوْله "وَمَا أَهْدِيكُمْ إلَّا سَبِيل الرَّشَاد" {80} يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى "يَا بَنِي إسْرَائِيل قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوّكُمْ" فِرْعَوْن بِإِغْرَاقِهِ "وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِب الطُّور الْأَيْمَن" فَنُؤْتِي مُوسَى التَّوْرَاة لِلْعَمَلِ بِهَا "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى" هُمَا الترنجبين وَالطَّيْر السُّمَانَى بِتَخْفِيفِ الْمِيم وَالْقَصْر وَالْمُنَادَى مَنْ وُجِدَ مِنْ الْيَهُود زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُوطِبُوا بِمَا أَنْعَمَ اللَّه بِهِ عَلَى أَجْدَادهمْ زَمَن النَّبِيّ مُوسَى تَوْطِئَة لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَهُمْ : {81} كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى "كُلُوا مِنْ طَيِّبَات مَا رَزَقْنَاكُمْ" أَيْ الْمُنْعَم بِهِ عَلَيْكُمْ "وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ" بِأَنْ تَكْفُرُوا النِّعْمَة بِهِ "فَيَحِلّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي" بِكَسْرِ الْحَاء : أَيْ يَجِب وَبِضَمِّهَا أَيْ يَنْزِل "وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي" بِكَسْرِ اللَّام وَضَمّهَا "فَقَدْ هَوَى" سَقَطَ فِي النَّار {82} وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى "وَإِنِّي لَغَفَّار لِمَنْ تَابَ" مِنْ الشِّرْك "وَآمَنَ" وَحَّدَ اللَّه "وَعَمِلَ صَالِحًا" يَصْدُق بِالْفَرْضِ وَالنَّفْل "ثُمَّ اهْتَدَى" بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ إلَى مَوْته {83} وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى "وَمَا أَعْجَلَك عَنْ قَوْمك" لِمَجِيءِ مِيعَاد أَخْذ التَّوْرَاة {84} قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى "قَالَ هُمْ أُولَاءِ" أَيْ بِالْقُرْبِ مِنِّي يَأْتُونَ "عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْت إلَيْك رَبّ لِتَرْضَى" عَنِّي : أَيْ زِيَادَة فِي رِضَاك وَقَبْل الْجَوَاب أَتَى بِالِاعْتِذَارِ حَسَب ظَنّه وَتَخَلُّف الْمَظْنُون لَمَّا {85} قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ "قَالَ" تَعَالَى "فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمك مِنْ بَعْدك" أَيْ بَعْد فِرَاقك لَهُمْ "وَأَضَلَّهُمْ السَّامِرِيّ" فَعَبَدُوا الْعِجْل {86} فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي "فَرَجَعَ مُوسَى إلَى قَوْمه غَضْبَان" مِنْ جِهَتهمْ "أَسِفًا" شَدِيد الْحُزْن "قَالَ يَا قَوْم أَلَمْ يَعِدكُمْ رَبّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا" أَيْ صِدْقًا أَنَّهُ يُعْطِيكُمْ التَّوْرَاة "أَفَطَالَ عَلَيْكُمْ الْعَهْد" مُدَّة مُفَارَقَتِي إيَّاكُمْ "أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلّ" بِعِبَادَتِكُمْ الْعِجْل "فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي" وَتَرَكْتُمْ الْمَجِيء بَعْدِي {87} قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ "قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدك بِمَلْكِنَا" مُثَلَّث الْمِيم أَيْ بِقُدْرَتِنَا أَوْ أَمْرنَا "وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا" بِفَتْحِ الْحَاء مُخَفَّفًا وَبِضَمِّهَا وَكَسْر الْمِيم مُشَدَّدًا "أَوْزَارًا" أَثْقَالًا "مِنْ زِينَة الْقَوْم" أَيْ حُلِيّ قَوْم فِرْعَوْن اسْتَعَارَهَا مِنْهُمْ بَنُو إسْرَائِيل بِعِلَّةِ عُرْس فَبَقِيَتْ عِنْدهمْ "فَقَذَفْنَاهَا" طَرَحْنَاهَا فِي النَّار بِإِمْرِ السَّامِرِيّ "فَكَذَلِكَ" كَمَا أَلْقَيْنَا "أَلْقَى السَّامِرِيّ" مَا مَعَهُ مِنْ حُلِيّهمْ وَمِنْ التُّرَاب الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ أَثَر حَافِر فَرَس جِبْرِيل عَلَى الْوَجْه الْآتِي |
ربي يحفظك لي ياأمي ولايحرمني اياك |
11-01-2011 | #189 |
|
{88} فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ "فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا" صَاغَهُ مِنْ الْحُلِيّ "جَسَدًا" لَحْمًا وَدَمًا "لَهُ خُوَار" أَيْ صَوْت يُسْمَع أَيْ انْقَلَبَ كَذَلِكَ بِسَبَبِ التُّرَاب الَّذِي أَثَرُهُ الْحَيَاةُ فِيمَا يُوضَع فِيهِ وَوَضَعَهُ بَعْد صَوْغه فِي فَمه "فَقَالُوا" أَيْ السَّامِرِيّ وَأَتْبَاعه "هَذَا إلَهكُمْ وَإِلَه مُوسَى فَنَسِيَ" مُوسَى رَبّه هُنَا وَذَهَبَ يَطْلُبهُ
{89} أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا "أَفَلَا يَرَوْنَ أَ" أَنْ مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة وَاسْمهَا مَحْذُوف أَيْ أَنَّهُ "لَا يَرْجِع" الْعِجْل "إلَيْهِمْ قَوْلًا" أَيْ لَا يَرُدّ لَهُمْ جَوَابًا "وَلَا يَمْلِك لَهُمْ ضَرًّا" أَيْ دَفْعه "وَلَا نَفْعًا" أَيْ جَلْبه أَيْ فَكَيْفَ يَتَّخِذ إلَهًا ؟ {90} وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي "وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُون مِنْ قَبْل" أَيْ قَبْل أَنْ يَرْجِع مُوسَى "يَا قَوْم إنَّمَا فَتَنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبّكُمْ الرَّحْمَن فَاتَّبِعُونِي" فِي عِبَادَته "وَأَطِيعُوا أَمْرِي" فِيهَا {91} قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى "قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ" نَزَال "عَلَيْهِ عَاكِفِينَ" عَلَى عِبَادَته مُقِيمِينَ {92} قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا "قَالَ" مُوسَى بَعْد رُجُوعه "يَا هَارُون مَا مَنَعَك إذْ رَأَيْتهمْ ضَلُّوا" بِعِبَادَتِهِ {93} أَلَّا تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي "أَ" نْ "لَّا" لَا زَائِدَة "أَفَعَصَيْت أَمْرِي" بِإِقَامَتِك بَيْن مَنْ يَعْبُد غَيْر اللَّه تَعَالَى {94} قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي "قَالَ" هَارُون "يَبْنَؤُمَّ" بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْحهَا أَرَادَ أُمِّي وَذِكْرهَا أَعْطَف لِقَلْبِهِ "لَا تَأْخُذ بِلِحْيَتِي" وَكَانَ أَخَذَهَا بِشِمَالِهِ "وَلَا بِرَأْسِي" وَكَانَ أَخَذَ شَعَره بِيَمِينِهِ غَضَبًا "إنِّي خَشِيت" لَوْ اتَّبَعْتُك وَلَا بُدّ أَنْ يَتَّبِعَنِي جَمْع مِمَّنْ لَمْ يَعْبُدُوا الْعِجْل "أَنْ تَقُول فَرَّقْت بَيْن بَنِي إسْرَائِيل" وَتَغْضَب عَلَيَّ "وَلَمْ تَرْقُب" تَنْتَظِر "قَوْلِي" فِيمَا رَأَيْته فِي ذَلِكَ {95} قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ "قَالَ فَمَا خَطْبك" شَأْنك الدَّاعِي إلَى مَا صَنَعْت {96} قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي "قَالَ بَصُرْت بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ" بِالْيَاءِ وَالتَّاء أَيْ عَلِمْت مَا لَمْ يَعْلَمُوهُ "فَقَبَضْت قَبْضَة مِنْ" تُرَاب "أَثَر" حَافِر فَرَس "الرَّسُول" جِبْرِيل "فَنَبَذْتهَا" أَلْقَيْتهَا فِي صُورَة الْعِجْل الْمُصَاغ "وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ" زَيَّنَتْ "لِي نَفْسِي" وَأُلْقِيَ فِيهَا أَنَّ آخِذ قَبْضَة مِنْ تُرَاب مَا ذُكِرَ وَأُلْقِيهَا عَلَى مَا لَا رُوح لَهُ يَصِير لَهُ رُوح وَرَأَيْت قَوْمك طَلَبُوا مِنْك أَنْ تَجْعَل لَهُمْ إلَهًا فَحَدَّثَتْنِي نَفْسِي أَنْ يَكُون ذَلِكَ الْعِجْل إلَههمْ {97} قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا "قَالَ" لَهُ مُوسَى "فَاذْهَبْ" مِنْ بَيْننَا "فَإِنَّ لَك فِي الْحَيَاة" أَيْ مُدَّة حَيَاتك "أَنْ تَقُول" لِمَنْ رَأَيْته "لَا مِسَاس" أَيْ لَا تَقْرَبنِي فَكَانَ يَهِيم فِي الْبَرِيَّة وَإِذَا مَسَّ أَحَدًا أَوْ مَسَّهُ أَحَد حُمَّا جَمِيعًا "وَإِنَّ لَك مَوْعِدًا" لِعَذَابِك "لَنْ تُخْلِفهُ" بِكَسْرِ اللَّام : أَيْ لَنْ تَغِيب عَنْهُ وَبِفَتْحِهَا أَيْ بَلْ تُبْعَث إلَيْهِ "وَانْظُرْ إلَى إلَهك الَّذِي ظَلْتَ" أَصْله ظَلِلْت بِلَامَيْنِ أُولَاهُمَا مَكْسُورَة حُذِفَتْ تَخْفِيفًا أَيْ دُمْت "عَلَيْهِ عَاكِفًا" أَيْ مُقِيمًا تَعْبُدهُ "لَنُحَرِّقَنَّهُ" بِالنَّارِ "ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمّ نَسْفًا" نُذْرِيَنَّهُ فِي هَوَاء الْبَحْر وَفَعَلَ مُوسَى بَعْد ذَبْحه مَا ذَكَرَهُ {98} إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا "إنَّمَا إلَهكُمْ اللَّه الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ وَسِعَ كُلّ شَيْء عِلْمًا" تَمْيِيز مُحَوَّل عَنْ الْفَاعِل أَيْ وَسِعَ عِلْمه كُلّ شَيْء |
|
11-01-2011 | #190 |
|
99} كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا "كَذَلِكَ" أَيْ كَمَا قَصَصْنَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد هَذِهِ الْقِصَّة "نَقُصّ عَلَيْك مِنْ أَنْبَاء" أَخْبَار "مَا قَدْ سَبَقَ" مِنْ الْأُمَم "وَقَدْ آتَيْنَاك" أَعْطَيْنَاك "مِنْ لَدُنَّا" مِنْ عِنْدنَا "ذِكْرًا" قُرْآنًا
{100} مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا "مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ" فَلَمْ يُؤْمِن بِهِ "فَإِنَّهُ يَحْمِل يَوْم الْقِيَامَة وِزْرًا" حِمْلًا ثَقِيلًا مِنْ الْإِثْم {101} خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا "خَالِدِينَ فِيهِ" أَيْ فِي عَذَاب الْوِزْر "وَسَاءَ لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة حِمْلًا" تَمْيِيز مُفَسِّر لِلضَّمِيرِ فِي سَاءَ وَالْمَخْصُوص بِالذَّمِّ مَحْذُوف تَقْدِيره وِزْرهمْ وَاللَّام لِلْبَيَانِ وَيُبْدَل مِنْ يَوْم الْقِيَامَة {102} يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا "يَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور" الْقَرْن النَّفْخَة الثَّانِيَة "وَنَحْشُر الْمُجْرِمِينَ" الْكَافِرِينَ "يَوْمئِذٍ زُرْقًا" عُيُونهمْ مَعَ سَوَاد وُجُوههمْ {103} يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا "يَتَخَافَتُونَ بَيْنهمْ" يَتَسَارُّونَ "إنْ" مَا "لَبِثْتُمْ" فِي الدُّنْيَا "إلَّا عَشْرًا" مِنْ اللَّيَالِي بِأَيَّامِهَا {104} نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا "نَحْنُ أَعْلَم بِمَا يَقُولُونَ" فِي ذَلِكَ : أَيْ لَيْسَ كَمَا قَالُوا "إذْ يَقُول أَمْثَلهمْ" أَعْدَلهمْ "طَرِيقَة" فِيهِ "إنْ لَبِثْتُمْ إلَّا يَوْمًا" يَسْتَقِلُّونَ لُبْثهمْ فِي الدُّنْيَا جِدًّا لِمَا يُعَايِنُونَهُ فِي الْآخِرَة مِنْ أَهْوَالهَا {105} وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا "وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْجِبَال" كَيْفَ تَكُون يَوْم الْقِيَامَة "فَقُلْ" لَهُمْ "يَنْسِفهَا رَبِّي نَسْفًا" بِأَنْ يُفَتِّتهَا كَالرَّمْلِ السَّائِل ثُمَّ يُطِيرهَا بِالرِّيَاحِ {106} فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا "فَيَذَرهَا قَاعًا" مُنْبَسِطًا "صَفْصَفًا" مُسْتَوِيًا {107} لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا "لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا" انْخِفَاضًا "وَلَا أَمْتًا" ارْتِفَاعًا {108} يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا "يَوْمئِذٍ" أَيْ يَوْم إذْ نُسِفَتْ الْجِبَال "يَتَّبِعُونَ" أَيْ النَّاس بَعْد الْقِيَام مِنْ الْقُبُور "الدَّاعِي" إلَى الْمَحْشَر بِصَوْتِهِ وَهُوَ إسْرَافِيل يَقُول : هَلُمُّوا إلَى عَرْض الرَّحْمَن "لَا عِوَج لَهُ" أَيْ لِاتِّبَاعِهِمْ : أَيْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ لَا يَتَّبِعُوا "وَخَشَعَتْ" سَكَنَتْ "الْأَصْوَات لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَع إلَّا هَمْسًا" صَوْت وَطْء الْأَقْدَام فِي نَقْلهَا إلَى الْمَحْشَر كَصَوْتِ أَخْفَاف الْإِبِل فِي مَشْيهَا {109} يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا "يَوْمئِذٍ لَا تَنْفَع الشَّفَاعَة" لَا تَنْفَع الشَّفَاعَة أَحَدًا "إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَن" أَنْ يَشْفَع لَهُ "وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا" بِأَنْ يَقُول : لَا إلَه إلَّا اللَّه {110} يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا "يَعْلَم مَا بَيْن أَيْدِيهمْ" مِنْ أُمُور الْآخِرَة "وَمَا خَلْفهمْ" مِنْ أُمُور الدُّنْيَا "وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا" لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ {111} وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا "وَعَنَتْ الْوُجُوه" خَضَعَتْ "لِلْحَيِّ الْقَيُّوم" أَيْ اللَّه "وَقَدْ خَابَ" خَسِرَ "مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا" أَيْ شِرْكًا {112} وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا "وَمَنْ يَعْمَل مِنْ الصَّالِحَات" الطَّاعَات "وَهُوَ مُؤْمِن فَلَا يَخَاف ظُلْمًا" بِزِيَادَةٍ فِي سَيِّئَاته "وَلَا هَضْمًا" بِنَقْصٍ مِنْ حَسَنَاته {113} وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا "وَكَذَلِكَ" مَعْطُوف عَلَى كَذَلِكَ نَقُصّ : أَيْ مِثْل إنْزَال مَا ذُكِرَ "أَنْزَلْنَاهُ" أَيْ الْقُرْآن "قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا" كَرَّرْنَا "فِيهِ مِنْ الْوَعِيد لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" يَتَّقُونَ الشِّرْك "أَوْ يُحْدِث" يُحْدِث الْقُرْآن "لَهُمْ ذِكْرًا" بِهَلَاكِ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ الْأُمَم فَيَعْتَبِرُونَ |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الفاتحة, تفير, صورة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 0 والزوار 19) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
برامج القران الكريم للجولات | عـــودالليل | …»●[قصايدليل لعالم الجوالات بجميع انواعها]●«… | 6 | 02-10-2009 05:32 PM |
ااسماء الله الحسنى | ضحكة خجوله | …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… | 8 | 01-22-2009 08:13 PM |
هل أنت مؤدبٌ مع القرآن ؟؟ | احاسيس الغرام | …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… | 6 | 11-16-2008 07:17 AM |
تعريف القرآن الكريم ووصفه | a7med | …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… | 7 | 11-05-2008 07:57 AM |
عشرون معجزة من معجزات القرآن الكريم | بقايا الجرح | …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… | 9 | 11-02-2008 09:51 PM |