![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
…»●[دواويــن الشعــراء والشاعرات المقرؤهـ المسموعهــ]●«… { .. كل ماهو جديد للشعراء والشاعرات من مقروء و مسموع وتمنع الردود .. } |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#30 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() ![]()
|
![]()
رسمة ..
جَلَسَتْ على الأنقاض تنظر حائرةْ . يا للبراءةِ .. في العيون الناظرةْ . هم هكذا الأطفالُ ، نُؤسَرُ عادةً لمَّا نراهم ، فالطفولةُ آسرةْ . جلست وفي يدها الصغيرة رسمةٌ وأمامها الأدواتُ شبه مبعثرةْ . قلمٌ وممحاةٌ ومبراةٌ وفرجارٌ وألوانٌ ، هناك ومسطرةْ . كم عمرُها ؟ سبعٌ ؟ ثمانٍ ؟ قلتُ : لم تبلغْ ، لنفسي ، بعدُ سنَّ العاشرةْ . ـ " عمُّو " .! التفتُّ وقد سمعتُ نداءها وسألتُ : هل ناديتِني يا " شاطرةْ " ؟ قالت : نعمْ ، وإذا سمحتَ دقيقةً سأكون من أعماق قلبي شاكرةْ . وأتت إلىَّ بسرعةٍ ، فلمحتُ في العين الصغيرةِ دمعةً متحجرةْ . مدت برسمتها إليَّ وأردفت : " قلْ لي ، ولا تكذبْ ! ألستُ بماهرةْ " ؟ شاهدتُ ما صنعتْ ، فقلتُ : بلى ، وكم هي رسمةٌ ممتازةٌ ومعبِّرةْ !. ثم التفتُ لها ، وقلتُ وقد بدت من فرط إعجابي بها ، متأثرةْ : هل هذه دبَّابةٌ يا حلوتي ؟ قالت : نعم وهنا رسمتُ الطائرةْ . حمراءَ .. لوَّنْتُ السماءَ وتلكم الشمسُ اختفت خلف الغيوم العابرةْ . ورسمْتُ عمِّي ، وهو حيٌ في جِنانِ الخلد في تلك الحياة الآخرةْ . وعمارةً من طابقين لجارنا مهدودةً ، مجروفةً ، ومدمرةْ . لم أنس شيئاً ، كلُّ ما في رسمتي هو صورةٌ عمَّا جرى ومصغَّرة . جاء اليهود هنا ، وكنتُ أنا على الشبَّاكِ ، وقت وقوع تلك المجزرةْ . لِمَ يقصفونَ بيوتَنا وخيامنا ؟ وكأنهم حُمُرٌ غدت مُستنفِرةْ . لِمَ يزرعون الكره فينا عنوةً نحن الصغارَ ، ذوي القلوبِ الطاهرةْ .؟ هل يرغبون العيش مع أشباحنا ؟ تباً لهم ! متوحشون برابرةْ . أمخيمٌ ؟، هذا الذي نحيا به ؟ أُنظُرْ له ! فلقد غدا كالمقبرةْ . لكننا باقونَ ، رغم أنوفهم ماذا لدينا نحن حتى نخسرَه .؟ غير الحياةِ ، وهذه صارت بلا طعمٍ ولا لونٍ ، وصارت مسخرةْ ! حاولتُ جهدي أن أقاطعها فلم أسطِعْ ، وأعصابي غدت متوترة . هل غبتُ عن وعيي قليلاً ربما ؟ هل بُحَّ صوتي ؟ هل فقدتُ السيطرةْ ؟ أم أنها الكلماتُ من عجزٍ بها ترتدُّ للقصباتِ أو للحنجرة ؟. مرت ثوانٍ .. ثم دوَّى صوتُها المتهدِّج المجروحُ ، مثل الصافرةْ . ـ " عمُّو " .. أتسمعني ؟! فقلت لها : نَعَمْ ما مات شعبٌ ، فيه تحيا الذاكرة .! كلُّ الطيور تعودُ إنْ هيَ هاجرت وطيور شعبي ، لن تظلَّ مهاجرةْ .!
|
|
![]() ![]()
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
Loading...
|