|  08-15-2011 | #2 | 
    | 
  
 
 
            
   
    
     | 
                  
 
 
رسالة أحمد بن طولون إلى العباس 
 من أحمد بن طولون مولى أمير المؤمنين إلى الظالم لنفسه ، العاصي لربه ، الملم لذنبه ، المفسد لكسبه ، العادي لطوره ، الجاهل لقدره ، الناكص على عقبه ، المركوس في فتنته ، المبخوس من حظ دنياه وآخرته ، سلامٌ على كل منيب ومستجيب ، تائب من قريب ، قبل الآخذ بالكظم ، وحلول الفوت والندم .... أما بعد فإن مثلك مثل البقرة تثير تثير المدية بقرنها ، والنحلة يكون حتفها في جناحيها ، وستعلم هبلتك الهوابل – أيها الأحمق الجاهل ، الذي ثنى على الغي عِطفه ، واغتر بضجاج المواكب خلفه – أي مورد هلكه بإذن الله توردت إذ على الله عز وجل تمردت وشردت ، فإنه تبارك وتعالى قد ضرب لك في كتابه مثلاً ( قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) وإنا كنا نقربك إلينا ، وننسبك إلى بيوتنا ، طمعاً في إنابتك ، وتأميلاً لفيئتك ، فلما طال في الغي انهماكك ، وفي غمرة الجهل ارتباكك ، ولم نرى الموعظة تُلين كبدك ولا التذكير يقيم أودك ، ولم تكن لهذه النسبة أهلاً ، ولا لإضافتك إلينا موضعاً ومحلاً .... وأعلم أن البلاء – بإذن الله – قد أظلك ، والمكروه – إن شاء الله – قد أحاط بك ، والعساكر – بحمد الله – قد أتتك كالسيل في الليل ، تؤذنك بحرب وويل ، فإنا نقسم ، ونرجو ألا نجور ونظلم ، ألا نثني عنك عنانا ، ولا نؤثر على شأنك شاناً ، فلا تتوقل ذروة جبل ولا تلج بطن واد إلا تبعناك بحول الله وقوته فيهما ، وطلبناك حيث أممت منهما ، منفقين فيك كل مال خطير ، ومستصغرين بسببك كل خطب جليل ، حتى تستمر من طعم العيش ما استحليت ، وتستدفع من البلايا ما استدعيت ، حين لا دافع بحول الله عنك ، ولا مزحزح لنا عن ساحتك ، وتعرف من قدر الرخاء ما جهلت ، وتود أنك هُبلت ، ولم تكن بالمعصية عجلت ، ولا أرى من أضلك من غُاتك قبلت ، فحينئذ يتفرى لك الليل عن صبحه ، ويسفر لك الحق عن محضه ، فتنظر بعينين لا غشاوة عليهما ، وتسمع بأذنين لا وقر فيهما ، وتعلم أنك كنت متمسك بحبائل غرور ، متمادياً في مقابح أمور ، من عقوق لا ينام طالبه ، وبغى لا ينجو هاربه وغدر لا ينتعش صريعه ، وكفران لا يودي قتيله ، وتقف على سوء رويتك ، وعظم جريرتك ، في ترك قبول الأمان إذ هو لك مبذول ، وأنت عليه محمول ، وإن السيف عنك مغمود ، وباب التوبة إليك مفتوح ، وتتلهف والتلهف غير نافعك إلا أن تكون أجبت إليه مسرعاً ، وانقدت إليه منتصحاً .
 |  
    |  | 
 
 
 |  
        
                
	
	
	
	
	
		
	
	
	
	
	
	
	
		| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) |  
		|  |  
	| 
	|  تعليمات المشاركة |  
	| 
		
		لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة لا تستطيع الرد على المواضيع لا تستطيع إرفاق ملفات لا تستطيع تعديل مشاركاتك 
 كود HTML معطلة 
 |  |  |  
	
	
		
	
	
 |