( 15 )
أخذنا نتجول على جانب نهر القرية الصغير ... كانت السماء صافية والقمر يرسل خيوطه الفضية على النهر فتنعكس صورته بداخله
مرّت أكثر من ربع ساعة والصمت يخيّم علينا
جلست إلى صخرة كبيرة بجانب النهر وجمعت أحجاراً صغيرة وأخذت أرمي بها في وسطه وأراقب الهالات الكبيرة التي تحدث جرّاء ذلك
غصت في عوالمي الخاصة وسط هذا السكون الممتع لا نسمع أي شيء إلا نقنقة الضفادع ، وضحكات مخلوطة ببكاء تنبعث هناك من كوخ عائلة سون
كانت أفكاري مبعثرة وتركيزي مضطرب
أثار هذا المنظر لواعجي القلبية وعواطفي المكبوتة فرفرت أجنحة خواطري هناك حيث عائلتي حيث أمي حيث أبي
كم أنا في شوق إليهم !!
لقد تقاذفتني الخطوب وأبدتْ لي الأيام نواجذها لكني ما زلت أقف شامخاً لم أخنع لأحد – مع اعترافي بسقطتي تلك –
لكني جلوتُ ما صدأ بقلبي من عوالق الدنيا القذرة ولن أعود لمثلها أبداً
هنا انتبهت من سرحاني ونظرت إلى جونكل كان يجلس على صخرة ليست بعيدة عني وهو يفعل كما كنت أفعل !!
- أظننا بحاجة لوقفات هادئة في بعض الأحيان تنسينا مشاغل هذه الحياة المتسارعة ؟! قلتها لجونكل وأنا أنظر إليه
- نظر إليّ للحظات ثم قام من مكانه وجلس بجانبي
صحيح يا صديقي فارس !!
كم نحن بحاجة لوقفات نصحح فيها مسيرة حياتنا ونزيل فيها بعض التوترات التي تعلق بأعصابنا بسبب مشاكلها الكثيرة !!
- هل تتوقع يا جونكل بأنّ حالتهم النفسية قد استقرت الآن ؟
- أعتقد ذلك ! فأنا لا أسمع إلا همسات تنبعث من كوخهم
- جونكل : هلاّ قصصت عليّ القصة بحذافيرها ؟!! فأنا بشوق لمعرفة هذه الحلقة المفقودة والتي لم أصلَ إليها حدّ اللحظة
- حسناً يا رفيقي : أكمل أسئلتك وسأجيبك عن كل ما تريد
- سوف أكمل من حيث المفاجأة السارة التي حدثت قبل قليل ، كيف وجدتم عائلة سون ؟ وأين ؟!
- لقد وجدناهما محتجزين في تلك القلعة وقت اقتحامنا !
- فتحت فمي وأنا في حالة اندهاش ... إذن لم يكن هناك أي حادث ؟!
- بل كان هناك حادث
- عزيزي جونكل أرجو أن تنقذني من هذه الحيرة والألغاز وتخبرني بالتفصيل الممل ؟
- لقد كان هناك حادث لرجل وامرأة آخران ليسا عائلة سون !
- هل من الممكن أن توضح ؟!!
- أظنك تعرف بأنّ جماعة عبّاد الشيطان يهتمون بالأبناء غير الشرعيين
- نعم أعرف ذلك ، فهم يتبنونهم حتى يقدمونهم قرابين في قداسهم الأحمر أو لأغراض أخرى مريبة
- صحيح ، فالرجل والمرأة اللذين وجدا في سيارة سون كانا من أولئك النوعية الذين يتكاثرون في القلعة
- لكن لماذا هم يركزون على هؤلاء الأطفال بالذات ؟!
- هذه حيلة من حيلهم الكثيرة وذلك لأنّ هؤلاء الأطفال الأبرياء غير مسجلين في دوائر الدولة الرسمية فعندما يقتلون أحدهم لا أحد يهتم به ولا يسأل عنه
أما لو قتلوا أبناء شرعيين مسجلين في دوائر ومؤسسات الدولة فهنا يقعون في مشكلة هم في غنى عنها فمما لا شكّ فيه سوف يبدأ أهلهم أو الشرطة بالبحث عنهم
- يا لهم من خبثاء لكنهم وقعوا في ما كانوا يهربون منه !!
- فعلاً فأنا لم أكلف بمتابعة وليم إلا بعدما شككنا بمقتل ابنه الأكبر وأنه مات بطريقة غير طبيعية
- لكن لم أفهم إلى الآن ؟! فأين كان سون وزوجته وقت الحادثة ولماذا استبدلا بآخرين مع أنهم قد قرروا إعدامهما ؟!
- هنا تأتي الأيادي الخفية لجورج ؟!
بعد أن تمّ إصدار حكم الإعدام بحق المهندس سون وزوجته واتفق على الآلية وهي كما حدث محاولة مضايقتهما حتى يحدث لهما انقلاب أو ارتطام ويكون كأنه حادث سير طبيعي ... وقد كلّف جورج بتولي هذه المهمة
لكن جورج لم يفعل ذلك فقد قام بإخفاء المهندس وزوجته وغرر برجل وامرأة ممن أشرت إليهم وجعلهما يركبان في سيارة سون وقام جورج بعد ذلك بمضايقتهم وحدث الحادث وماتا
- لكن لماذا اعتقد رجال الأمن بأنهما عائلة سون ؟
- هذه سهلة فقد وضعت بطاقتيهما الشخصية في السيارة فعندما جاء رجال الأمن وبحثا عن هويتهما وجدا اسميهما وكانت الدماء تغطي وجهيهما فانطلت الحيلة وتمّ تسجيل الحادثة باسم عائلة سون
- لكن ألم يشكّ أحد في أنهما ليسا بعائلة سون ؟!
- كانت الأمور مدروسة بعناية فهما ليس لهما أية أقارب سوى جيانا وجدتها ولم تكن حاضرتين حتى يتعرفا عليهما واكتفيتا بأقوال رجال الأمن
- لكن لماذا لم ينفذ جورج قرار الإعدام ؟ هل له مصلحة يريدها من وراء إخفاء عائلة سون ؟!!
- أحسنت يا فارس نعم كانت له مصلحة يريدها من ورائهما ؟
- وما هي ؟
- لقد كان بينه وبين كبير القلعة خلافات حادة فأراد أن يضغط عليه ويهدده بعائلة سون !!
- لكن لماذا عائلة سون بالذات ؟
- لأنّ سون قد هددهم من قبل بإخبار السلطات عن جرائم القتل التي تحدث داخل القلعة
- وهل عرف كبير القلعة بهذه الخيانة من جورج ؟!
- لا ، فهو كان يعتقد بأنّ سون قد مات واستراح من الخطر الذي كان يحدق به ببقائه حياً !
- لم تقل لي ما هي هذه الخلافات التي كانت بين جورج وسيده ؟
- يقولون بأنّ جورج كان يريد أن يصبح هو كبير القلعة يعني السيد الأول بدون منازع فحدثت بينه وبين رئيسها منازعات وخلافات بسبب ذلك
- أوه يا له من داهية !
- ألم أقل لك فعقليته جبارة ؟!
- لكن ألم تكن الرئاسة عن طريق الترشيح ؟
- بلى وهذا ما كان يقلق جورج
- ولماذا ؟!
- لأنّ فرصته ضعيفة في الترشح لمنصب الرئاسة لعد توفر الشروط الآنفة الذكر في شخصيته لذلك أراد أن يتحايل عليهم وهذا ما أغضب كبير القلعة.
- وكيف أراد التحايل ؟!
- هناك بند يستطيع أن يلجأ إليه وهو موافقة ثلثي المجلس حتى وإن لم تتوفر في الشخص المتقدم الشروط فبدأ جورج باستمالة بعض أعضاء المجلس لكن الخبر نما إلى الرئيس
- لقد استنتجت هنا استنتاجاً لا أدري هل هو صحيح أم لا يا سيد جونكل ؟!
- وما هو ؟
- أعتقد بأنّ كلاً من سيد القلعة وجورج كان يريد أن يتخلص من الآخر بشكل ما ؟!
- كيف ؟
- سيد القلعة أراد أن يورط جورج بحادث مقتل عائلة سون ، فقد أمّل بأن ينكشف تورط جورج إثر محاولته لمضايقتهما فيتم القبض عليه ، أما جورج فأراد التخلص من سيده كما ذكرت أنت عن طريق سون
- هذه نقطة رائعة الحقيقة لم أتفطن لها إلا الآن ، لكنّ جورج كان أذكى بكثير من سيده ومع ذلك ارتكب خطأ قاتلاً أودى بحياته كما رأيت ؟
- وما هو هذا الخطأ ؟!
- كما ذكرت لك بأنّ جورج كان من أعزّ أصدقاء وليم ، وقد طمع في كسب وليم في صفه فعرض عليه الأمر بعد أن أخبره بما خططه ! وقد قدّم له عرضاً مغرياً بأن يجعله نائبه في رئاسة القلعة !
- لكن لماذا لجأ جورج لهذه الخطوة الخرقاء ؟!
- بعد التفكير أعتقد بأنه كان بحاجة إلى وجاهة ومكانة وليم لأنّ جورج كان يقيم في لندن لسنوات طويلة بسبب ظروف عمله فهو غير معروف هنا في واشنطن لذلك أراد أن يكسب وليم في صفه حيث سيسهل عليه الكثير من العقبات وخاصة استمالة أعضاء مجلس الرئاسة
- وهل وافق وليم على هذا العرض ؟
- طبعاً لا ، فهذه خيانة ووليم أضعف من أن يقوم بذلك لكنه أوهم جورج بأنه معه في كل خطوة يقوم بها !
- أعتقد أنّ جورج قد تهور في هذه الخطوة !
- صحيح ، فوليم معطي الولاء المطلق لجماعته وهو وإن كانت له أطماع إلا أنه كان يتحرك بروية ويخبز أفكاره على نار هادئة بخلاف جورج المتهور
- سكت جونكل قليلاً ثم التفت إلى وراءه ، كانت أضواء الكوخ تتراءى لنا من بعيد فقال : ما رأيك يا فارس بالرجوع الآن فأعتقد بأنّ عائلة سون قد هدأوا وهم بلا شكّ في انتظارنا
- صحيح ، لكن يجب عليك أن تكمل
- حسناً ، أين وصلنا
- دعني أذكرك بسؤال !
- تفضل سيد فارس
- هل وليم تكتم على هذا الموضوع أم أنه أخبر كبير القلعة ؟
- بل بادر فوراً بإخبار كبير القلعة وقد زادت مكانة وليم عنده
- وماذا حدث بعد ذلك ؟
- اختفى جورج
- وأين ذهب ؟!
- لا أحد يدري حتى ظهر مجدداً في الطائرة التي كانت تقلك عند قدومك ، لكني أعتقد بأنه كان في لندن مقره التقليدي ؟! ألم تتوقف طائرتكم في مطار لندن ؟
- نعم ، وقد كان ضمن المسافرين الذين انضموا إلينا من لندن ، لكن أليس من الغباء أن يظهر جورج هكذا مجدداً ؟ ألم يخش بمراقبته والقبض عليه من جماعته المجرمة ؟!
- أعتقد بأنه لم يكن يعرف وقتها بأنّ وليم قد أفشى سره القاتل لأنّ الأخير أوهمه بكتمان سره وعدم قوله لأحد !
- هنا توقفت لحظة أسترجع الأحداث التي كانت في الطائرة
- مالك صمت يا سيد فارس ؟
- سوف أخبرك يا جونكل بأمور ربما لا تعرفها !
- وما هي ؟!
- هل كنت تعرف كيف تمّ القبض على جورج ؟!
- الحقيقة أنا أودّ أن أسمع منك ذلك فأتوقع بأنّ لديك بعض المعلومات الهامة ؟!
- حسناً يا جونكل ، أخبرني بما عندك أولاً عن كيفية وصول جورج إلى القلعة ؟!
- تقول التقارير التي لدينا بأنّ جورج قد أغمى عليه في الطائرة قبل وصولها بحوالي نصف ساعة لكن لم يتم التعرف على سبب ذلك وبعد أيام من مكوثه بالمستشفى استعاد وعيه وخرج على مسؤوليته الشخصية ويبدو بأنّ أحدهم قد وقف لإيصاله للمكان الذي يريده لكنه اتجه به إلى حيث القلعة
- هل تقصد بأنّ رجال القلعة كانوا يراقبونه ؟!
- من المؤكد ذلك ... لكن ماذا حدث في الطائرة أمام عينيك ؟!
- الحقيقة كان جورج غريب الأطوار منذ صعوده من مطار لندن فقد كان يجلس إلى المقعد الذي بجواري ثم أبدى ترحيبه بي وكأنه يعرفني منذ زمن وبعدها وأثناء تقديمه لكأس العصير قال لي : تفضل يا سيد فارس !! مما أثار تعجبي عن كيفية معرفته اسمي
- لا تستغرب يا صديقي فمما لا شكّ فيه بأنّ وليم قد أراه صورتك على أنك أحد الزبائن القادمين عن طريقه فهو قد فعل ذلك مع الكل حتى زوجته وأولاده وأيضاً جيانا لكنه كان يقول لنا هذا أحد أصدقائي الأعزاء سوف يزورنا قريباً وبسبب رؤيتي صورتك فقد تعرفت عليك في المطار وأظنني قد أريتك إياها
- نعم هذا صحيح ، لكن الحقيقة قد أرعبتني كثيراً عندما تعرفت عليّ حتى أني خشيت بأنك جورج
- ضحك السيد جونكل من موقفي ذاك وعلّق : لقد كان منظرك يثير الشفقة يا صديقي
- هل تسخر منّي يا بيل ؟!
- بيل !! إنه اسم لطيف
- بالمناسبة يا سيد جونكل !! هل كنت تعلم شيئاً عن مدلولات تلك الرموز والشعارات الشيطانية ؟!
- نعم وقد اخترت لك الطابق السادس جناح 66 حتى تلحظ ذلك
- كم أنت داهية أيها الرائد !
- الحق يقال بأنني لم أبلغ مستوى ذكائك
- لا تتواضع يا رجل ! على العموم نرجع لحديثنا لقد كان لتلك المضيفة شأن بارز في مجرى الأحداث في الطائرة
- هل تقصد لودي ؟!
- نعم هي بعينها
- وماذا فعلت تلك السوسة ؟!
- لقد كانت تراقب جورج بعناية ؟
- وهل تمّ بينهما أي نقاش ؟!
- نعم في البداية كان نقاشاً ودياً مفعماً بالرومانسية وبعدما أحضرت له فنجال قهوة رمت في أذنه بكلمات مما جعله ينقلب رأساً على عقب وأخذ يتصبب عرقاً وغدا وجهه مربداً
- حسناً يا فارس وهل تعلم بما قالته له لودي ؟!
- في الحقيقة لم أسمعها مع أنهما إلى جواري
- أعتقد بأنها أخبرته بأنّ عليه أن يسلم نفسه فقد فضح أمره فتلك الآنسة هي عشيقة وليم الأولى وتحبه بجنون
- وهل تعتقد بأنها قد كلفت حقاً بهذه المهمة ؟!
- نعم ، بحكم عملها تستطيع أن تفعل ذلك وأظنّ أنّ أحدهم قد راقب جورج حتى عرف مكانه وأي رحلة وطائرة سوف يطير من خلالها ثم أوكلت المهمة للودي بإخباره بالأمر وأنّ عليه تسليم نفسه ، لكن ماذا حدث لجورج بعد ذلك ؟
- لقد أخذ يلعن وليم ويسبه
- أرأيت ؟! لقد عرف بأنّ وليم قد غدر به
- صحيح لكنّ الأمر الذي أستغربه هل فعلاً جورج أراد الانتحار ؟
- ومن قال ذلك ؟
- أحد مضيفي الطائرة عندما سألته
- ربما حاول ذلك فعلاً فقد فكر بما سينتظره في القلعة المهجورة من صنوف العذاب فأراد أن يريح نفسه وينتحر بهدوء
- لكن هناك أمر هام نسيت أن أخبرك به أيضاً !
- وما هو يا فارس ؟!
- لقد كتب لي قصاصة صغيرة يحذرني من وليم
- وماذا كتب بالضبط ؟!
- كتب : احذر يا فارس من وليم 666
- إنه ماكر بحق ، عرف بأنّ وليم قد أوقع به فأراد أن يوقع هو به أيضاً
- لم أفهم يا جونكل ؟!
- لقد عرف بأنّ أمره قد كشف وبما أنّ وليم هو الذي فضحه فأراد منك وهو يعرف بأنك ستقابله أن تكتشف أمره أيضاً فأنت الورقة الأخيرة بيده ، وقد استطعت فعل ذلك يا فارس !
- صحيح لقد أوقع كلاهما بالآخر .. يا لهم من مجرمين محترفين
كنا قد اقتربنا كثيراً من كوخ آل سون فتذكرت شيئاً مهماً لم أسأل جونكل عنه
- لحظة يا جونكل ؟ لم تخبرني أين كان يقيم سون وزوجته في الشهرين الماضيين ؟!
- لقد كانا في كوخ مهجور على أطراف المدينة
- هل تقصد بأنهما قد مكثا طوال تلك المدة هناك
- نعم فقد خصص لهما جورج خادمة تعمل على خدمتهما وكان يزورهما بين الفترة والأخرى وقال لهما : إن حاولتما الهروب ستكون جيانا في خطر
- ألم يحاولا الهروب بالفعل ؟
- لا أعتقد فقد كانت الحراسة عليهما مشددة ! ولا تنسَ بأنّ حياة جيانا في خطر إن هربا
- لكن كيف وصلا إلى القلعة ؟
- بعد خروج جورج من المستشفى كما ذكرت لك أخذوه إلى القلعة وهددوه وعذبوه حتى دلهم على المكان الذي يخفيهما فيه ومن ثم أحضراهما إلى القلعة وقد وجدناهما في زنزانة أثناء التفتيش وأعتقد بأنهم كانوا ينوون إعدامهما بعدكما أنت وجيانا
- إنها لقصة غريبة حقاً
- هكذا هم المجرمون يخططون لسنوات عديدة لكن في لحظة واحدة يسقط كل ما بنوه
- صحيح ... فا الله يمهل ولا يهمل
- كلمة حق فالمظلوم ينتقم له ولو بعد حين
وصلنا إلى كوخ آل سون
**** كانت الساعتان اللتان قضيناهما في التجول كافيتان لإخراج كل مكنوناتهم العاطفية ... طرقنا الباب ...
أذن لنا المهندس سون بالدخول وعانقني وهو يقول : أهلاً بك أيها البطل فارس
احمرّ وجهي من الخجل وهو يمطرني بقبلاته الحارة ويزجي عبارات الشكر والعرفان
كان الأربعة يجلسون متحلقين .. انضممنا إليهم بعد اعتذارنا عن تأخرنا
سعل الرائد جونكل وقال : أظنّ أننا فعلنا ما كان يجب علينا فعله هكذا كنا نتخيل
انبرت السيدة هولاند وقالت : نحن الذين يجب علينا أن نعتذر فلم نتمالك أنفسنا ونسيناكم في غمرة اللقاء
لن يلومكم أحد أيتها السيدة الفاضلة .. قلتها وأنا أبتسم
قالت جيانا : بلا شكّ يا سيد جونكل فقد أخبرت السيد فارس عن كل شيء
- من المؤكد عزيزتي فساعتان كافيتان لسرد رواية من تأليفكِ
- ضحك الجميع وقالت الجدة :
- لقد أخبرنا سون بما جرى لهما .. يا لهم من أوغاد أولئك السفلة
- علّقت قائلاً : لقد لقوا جزاءهم واستراحت البشرية من مفاسدهم
- نظرت إلى الرائد جونكل وقلت له : يبدو بأنه يتوجب علينا الانصراف الآن يا صديقي فقد تأخر الوقت كثيراً
- صدقت يا فارس فلا بدّ بأنّ أعزاءنا متعبون للغاية فلنتركهم ليهنئوا بهذه الليلة السعيدة
- قال المهندس : نحن سعداء جداً بلقائكما فلو تمكثا هنا هذه الليلة وفي الغد صباحاً أنتما بالخيار
- اعتذرنا منه : عفواً يا سيدي فلا بدّ من انصرافنا ولنا لقاء آخر بإذن الله
- تمنينا لهم ليلة طيبة ثم ودعناهم ... وقبل أن نصل إلى الباب تذكرت أمراً مهماً وقلت لجونكل :
لحظة يا عزيزي فقد نسيت شيئاً هاماً في سيارتك
ذهبت سريعاً وأحضرت رواية جيانا ووسط ابتسامة منها ناولتها إياها وقلت : لا بدّ بأنكِ سوف تنشرينها في يوم ما وقد كتبت لكِ عدة ملاحظات
- أشكرك كثيراً وسوف أعيد صياغتها لأنها بحاجة لبعض التعديلات وربما أفكر في نشرها لاحقاً
- قالت الجدة : لكن لماذا لا تؤلفون أنتم الثلاثة رواية واحدة تحكي قصتنا جميعاً ؟!
- ضحكت وقلت : كم يبدو ذلك رائعاً !
- ابتسم جونكل وقال : لم أجرّب الكتابة من قبل وأخشى أن تكسد الرواية بسبب مشاركتي
- أبداً يا جونكل فأنت لديك طريقة رائعة في سرد الأحداث وأعتقد بأنك ستبدع كثيراً ! قلتها وأنا أغمز بعيني إليه
- إذاً ما رأيك يا فارس أن تعطيني الفصل الأخير وبشرط أن يكون صغيراً ! أليست فكرة جيدة ؟!
- ضحكنا جميعاً بينما قالت الجدة : وبما أني لا أعرف أن أكتب فسوف أشارككم باقتراح عنوان
لهذه الرواية طبعاً إذا وافقتم عليه
- قفزت جيانا ومسكت بيديها وقالت : بالتأكيد يا جدتي سوف نوافق عليه أليس كذلك يا سيد فارس ؟!
- قلت وأنا مبتسم : من المؤكد ذلك فهذا شرف لنا سيدتي
- أكملت الجدة : ما رأيكم بأن يكون عنوان روايتكم هو : ( أولاد الأفاعي )
- نظرنا إلى بعضنا متعجبين من هذا الاسم الغريب
قرأت الجدة علامات التعجب من نظراتنا وقالت : أليسوا هم أفاعي ولا يلدوا إلا أفاعي ؟!!
هزّ الجميع رؤوسهم موافقة لكلامها
قال المهندس سون : بحق إنهم أولاد أفاعي ! ولا يلدوا إلا أفاعي مثلهم
عندها انصرفنا من بيت آل سون وأنا أشعر بطعم سعادة فقدتها منذ زمن !
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,