( 12 )
عدت إلى شقتي سريعاً .. حملت مسدساً كنت قد اشتريته ومصباح صغير
وعند الساعة الحادية عشرة والنصف انطلقت صوب القلعة المهجورة وبرغم كوني لم أذهب إليها إلا مرة
واحدة إلا إنني بدأت أتعرف على المعالم التي مررت بها في المرة الأولى والتي كان يشرحها وليم
ولمدة نصف ساعة تهت عن معرفة الطريق الترابي المؤدي إلى البلدة الريفية التي تقع فيها القلعة وعند الثانية إلا عشر دقائق وبعد أن يئست من الاهتداء إليه استطعت التعرف على المدخل الترابي أخذت بالمشي من خلاله وقبل القلعة بحوالي الكيلو فضلت أن أوقف السيارة في أحد الحقول المجاورة وأكمل على قدمي ، حملت معي مسدسي ثم ترجلت ماشياً
لقد قررت أثناء طريقي ألا أسلمهم نفسي بكل سهولة فأنا أعرف أنه بمجرد وقوفي عند البوابة سيلقون القبض عليّ لذا فكرت بالخطة التالية
سأتسلل إلى القلعة وأقفز من فوق السور دون أن يراني ذلك الحارس المرعب الذي يقف على البوابة
فإن استطعت إنقاذ جيانا والهروب معها وإلا استسلمت
هكذا كنت أفكر حينها ولم أكن أعلم بأنّ أولئك الأوغاد قد أخذوا احتياطاتهم جيداً
بدأتْ تتراءى لي القلعة من بعيد وهاهو سورها الأبيض يلمع على ضوء القمر
عند الثانية والربع تقريباً كنت أقف عند سور القلعة حاولت تسلقه لكن لم يكن في السور أية ثقوب لأضع قدمي من خلال إحداها ثم أصعد إلى الأعلى
بحثت عن صخرة كبيرة ثم وضعتها لأصعد من خلالها لكن لم أستطع أيضاً وضعت عدة صخرات فوق بعضها البعض ثم صعدت واستطعت أن أرفع جسمي عالياً حتى أمسكت بالجدار العلوي للسور ثم أنزلت قدميّ إلى داخل السور
وقد كنت أحرص على عدم إحداث أية ضجة ... توقعت اقترابي من الأرض فألقيت بنفسي لكن المسافة كانت بعيدة بعض الشيء وقد سقطتُ على أوراق يابسة متساقطة من أشجار داخل القلعة فأحدثت جلبة وصوتاً عالياً
هنا سمعت وقع أقدام يتجه إلي جهتي فلم أشكّ أبداً بأنه ذلك الحارس الشرس
جهزت مسدسي لكني فضلت الاختباء خلف كومة رمل إلى جانب إحدى زوايا القلعة
كنت أقبض على مسدسي بكل قوة وأنا أرتجف
ثم خطرت برأسي فكرة تسليم نفسي وينتهي كل شيء ...!!
لقد خاطرت بحياتي من خلال تصرفي هذا فربما هم بحق يريدون مني العودة للانضمام إليهم
قطع أفكاري صوت ذلك الحارس وهو يقول : من هناك ؟!
كان يقف أمامي مباشرة بدأت نبضات قلبي تخفق بشدة فلو التفت وراءه لرآني
هنا انطلقت قطة سوداء من الجهة المقابلة وبدأت تحاول تسلق الجدار
صرخ الحارس وهو يلقي نحوها حجراً كبيراً ويقول : عليكِ اللعنة أيتها القطة المشاكسة ثم عاد راجعاً من حيث أتى ....!!
،،،،،،،،،،،،،،،
التقطت أنفاسي المبعثرة ثم تسللت عبر النفق المؤدي للأسفل
عند دخولي إلى القاعة الشيطانية لم أسمع أي تحركات ولا أصوات وفجأة فإذا بظل كبير يتحرك !
لا أدري من أي جهة هو آت
أخذت أستدير بهستيرية في كل الجهات وأنا شاهر مسدسي وأصبعي على الزناد
صرخت من هناك ؟!
لكن لم يجب أحد
أعدت سؤالي وأنا أقول : تكلم وإلا أطلقت النار
لا .. لا .. لا تطلق النار يا فارس
أوه جيانا ، هرولت نحوها لقد كانت بحالة مؤسفة يبدو عليها آثار التعذيب وهناك شخص يلبس قناعاً ولا أرى منه إلا عينيه قد وضع فوهة بندقيته برأس جيانا
قالت جيانا : أرجوك يا فارس لا تقترب .. ضع مسدسك على الأرض فنحن محاصران ولن تجدي المقاومة الآن
نظرت حولي فإذا بمجموعة كبيرة من الرجال المدججين بالسلاح
رميت مسدسي وقلت :
ها أنذا بين أيديكم فأطلقوا سراح الفتاة !
سمعت ضحكات قادمة من بعيد نظرت فإذا هو بالساحر المرعب الذي رأيته في تلك الليلة
أخذ يقهقه عالياً وهو يقول : لقد وقعت في الفخ يا فارس !
من المؤكد بأنك شجاع أن حاولت أن تنقذ رفيقتك
صرخت بوجهه : ولماذا لا تدعوها وشأنها الآن ؟!
ابتسم الخبيث وقال : إنّ لها حساب معنا أيضاً !
ونحن أردنا أن نقتنص عصفورين بحجر واحد
هل أفهم من كلامك بأنكم لن تدعوها ؟!
هذا صحيح ! فسوف نقتلكما معاً أيها الحقيران الخائنان !!
هنا انتفضت جيانا وركلت الرجل الذي بجانبها واختطفتُ مسدسي وصوبته تجاهه فأرديته قتيلاً ثم هربنا نحو بوابة القاعة بينما بدأ يطاردنا بقية الرجال وأنا أسمع صرخات الساحر : أريدهما أحياء ... أريدهما أحياء
صعدنا الدرجات سريعاً ونحن نعدو حتى وصلنا نهاية السرداب وفجأة صرخت جيانا : انتبه يا فارس !!
رفعتُ رأسي فإذا بقطعة معدنية تهوي على رأسي ثم لم أعد أذكر شيئاً
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
صحوت على صوت يناديني .. فارس .. فارس
فتحت عينيّ ولم أزل أشعر بألم فظيع في مؤخرة رأسي وبحركة ثقيلة استدرت إلى يساري إنها جيانا
كنّا مصلوبين على خشبات ثلاث أنا وجيانا وشخص ثالث إلى يميني مطأطأ رأسه لم أستبن وجه بعد
عرفت أنها النهاية ! لقد حضرت بمحض إرادتي لألقى حتفي هنا في هذه القلعة المهجورة ، كان شريط حياتي يفترّ أمامي وكأنه فلم سينمائي
أبي وأمي وأصدقائي ... سأودعهم بعد لحظات
هنا سأموت بلا ريب
كم هو شعور مرير يدعو للأسى والقهر في نفس اللحظة
كانت جيانا تنظر إليّ وتبكي وتعتذر : أنا آسفة يا فارس لقد كان ذلك رغماً عني
لقد أجبروني على الاتصال بك وأن أطلب منك الحضور لإنقاذي وقد وعدوني بأنهم لن يؤذوك أبداً لكنهم خدعوني .. نعم خدعوني
التفت إليها وقلت : لا عليكِ يا جيانا فأنا أستحق ما سيحدث لي ..
أرجوكِ لا تفكري بهذا الأمر !
قطع حديثنا صوت ذلك الساحر وهو يرمقني بنظرات تتقادح شرراً : لقد وقعتم في شر أعمالكم أيها الخونة !
ونحن هنا لنحتفل بقتلكم انتقاماً لشيطاننا الأعظم
إنه القداس الأسود يا خونة ... وكم سوف نستمتع بشرب دمائكم اللذيذة !
الموت للخائنين الأنذال
كانت جيانا ترتجف من هول ما تسمع
أما أنا فقد تبلدت مشاعري فلم يعد يهمني تهديده
أنا مرتاح لأني كفرت بمعتقداتهم الفاسدة والتي كادت تودي بي إلى التهلكة
كم كنت أتمنى هذه اللحظة الخالدة !!
بدأ الساحر بتلاوة قداسهم البغيض ثم قال : ( من أجلك يا حضرة الشيطان سوف نقتل هؤلاء الأشرار ! إنهم خانوك وفي بقائهم خطر على أتباعك ، أما هذه المدعوة جيانا فقد رفضت الانصياع لأوامرك وقد حاولت كشف أسرار أحبابك بكتاباتها القذرة وسوف يحلّ بها غضبك عمّا قليل ، أما هذا الشاب فارس فقد رفض الطاعة وأعلن التمرد بعد أن أكرمناه وأغدقنا عليه من خيراتك لكنه أبى إلا العصيان ، ثم التفت الساحر إلى الرجل المعلق عن يميني وأكمل قائلاً : أما جورج
صرخت : ماذا ؟ جورج ؟!!
رفع جورج رأسه ثم نظر إليّ وقال : يؤسفني يا فارس بأنك لم تسمع نصيحتي !!
تساءلت بتعجب : أما زلت على قيد الحياة يا جورج ؟!
ابتسم وقال : نعم ، لا زلت على قيد الحياة لكني سأموت الآن !
هنا استشاط الساحر غضباً وصرخ قائلاً : عليكما اللعنة لماذا قطعتما حديثي ؟!
لم أتمالك نفسي وقلت : بل أنت الملعون أيها العجوز الطاغية !
انتفض الساحر ونادى على رجاله الواقفين خلفه بكامل أسلحتهم
أطلقوا الرصاص عليهم ، هيّا نفذوا حكم الإعدام بسرعة
تراجع الرجال إلى الوراء وصوبوا بنادقهم إلى جهتنا ثم دوّت القاعة بأصوات الرصاص ..
لم أصب بشيء التفتُّ إلى يساري فإذا برأس جيانا ساقط على صدرها تجمدت الدماء في عروقي وأنا أحاول أتبين هل هي حية أم لا ؟؟
,,,,,,,,,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,
|