" الرِّثــاء عِندَ العَـرَبْ "
• والشِعرُ في المَراثِي إنَّمَا يقالُ عَلى الوَفاء، فيقضي الشاعرُ بقولهِ حُقوقاً سلفَت، أو عَلى السجية إذا كانَ الشَاعِر قد فُجعَ بِبعضِ أهلهِ، أما أن يُقال عَلىظ° الرغبةِ فَلا؛ لأنَّ العَـرَبَ التزموا في ذلكَ مَذهباً واحِداً، وهوَ ذِكرُ ما يدلُ عَلىظ° أنَ المَيِّتَ قَد ماتَ، فيجمعون في شعرهم بينَ التفجُّع والحسرَة والأسف والتلهف والإستعظَام، ثمَّ يذكرون صفاتَ المَدحِ مبللةً بالدُموع،
• وَمِن أخلاقِهِم أنَّهم لا يرثونَ قَتلى الحُروب، لأنَّهم مَا خرجوا إلاَّ لِيُقتلوا، فإذا بَكوهم كانَ ذلك هجاءً لهم، ولكنَّ الرِّثـاء لمن يموتُ حتف أنفهِ أو يُقتلُ في غَير الحروب،
• والنِّساءُ في الرِّثـاء أبلَغ، لأنَّهن أشجى قلوبَاً عندَ المُصيبَة وأشدُّ جزعَاً عَلىظ° الهالِك، لما ركبَ في طبعهنَّ من الخور، وفي قُلوبهنَّ من سُهولة الانخلاع،
أمَّـا الرِجال فلم يشتهر منهم الرِّثـاء إلاَّ أفراداً عضتهم المُصيبة بما لَم يبرأ مِنَ الألَم فصاحوا تلكَ الصَيحَة التي ينجذبُ معهَا القَلبُ إلى الشَفتين،
• ومِمَّا حَدثَ بعدَ الإسلام في طُرق الرِّثـاء الجَمع بينَ التَعزية والتهنئة، وهوَ مخصوصٌ بالخُلفاء، في تعزية مَن يلي عَهد أبيهِ مِنهُم.
قبس..
|