يا من يرى العبر بعينيه,ويسمع المواعظ بأذنيه,والنذير قد وصل إليه,وكلماته تلقى عليه

(ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ,كأنك بالموت قد اختطفك اختطاف البرق,
ولم تقدر على دفعه عنك بملك الغرب والشرق,وندمت على تفريطك بعد اتساع الخرق,
وتأسف على ترك الأولى والأخرى احق ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )
,ثم ترحلت عن القصور الى القبور,على رحائل العيدان والظهور,
وبقيت وحيدا على مر العصور, كالأسير المقهور,(ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد)
فحينئذ أعاد الأجسام من صنعها,وضم شتاتها بقدرته وجمعها,
(وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد)
فيهرب منك الأخ وتنسى أخاك, ويعرض عنك الصديق ويرفض ولاك,
ويتجافاك الحبيب المعاشر صبحك ومساك,وتلقى من الهول كل ما أزعجك وساءك,
فتنسى أولادك وتنسى نساءك (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)
وتجري دموع الأسف وابلا ورذاذا,وتنقطع الأكباد من الحسرات أفلاذا,ويهب...
لهيب النار على الكفار فيجعلهم جذاذا,ولا يجد العاصي ملجأ وملاذا,فيجازى العبد بفعله ولا يظلم,
(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) فتقدم الزبانية إلى الكفار فتتبادر,
وتسوقهم سوقا عنيفا وتثب النار وثوب الليث إذا غضب وشاجر,فيذل عند زفيرها كل من عز وفاخر
(الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد)
وينصب الصراط في أصعب الأماكن,وتنزعج لوضع الميزان القلوب السواكن,
ويقع الخصام بين البائع والمبتاع في أعجب المساكن
(قال قرينه ربنا ما أغويته ولكن كان في ضلال بعيد)
فيقول الله تعالى
( لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد )
فذاك يوم ثبور المنافقين,وسرور الموافقين,وسلامة الصادقين,
وفوز السابقين,والنار قد انطبقت على الفاسقين (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد)
فيا عثرة العاصين لقد صعب تلافيها,ويا خيرى المخلصين لقد تكامل صافيها,
إذا دخلوا الجنة أشرق ظاهرها وستنار خافيها (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد)
فنظروا عباد الله فرق ما بين الفريقين بحضور قلب ,
واستلبوا زمان الصحة بفعل الخير أيما سلب ,فاللذات تفنى ويبقى العار والثلب
(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
وفقنا الله واياكم لمراضيه,
وجعل مستقبل حالنا وحالكم خيرا من ماضيه,
وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
..