فما يحدث لوالدتهم صبح شيء لا تدركه عقولهم الصغيرة الغضة البريئة .وتوالت الأيام
على تلك الحالة ومرت الأسابيع ،والأطفال إلى ضياع أكثر ،فقد مرضت جدتهم وما عادت
قادرة على خدمتهم ،أو القيام بأمورهم . بل وزاد هذا من معاناة سندس ،التي أصبحت
كخادمة تقوم بكل مسؤوليات البيت ،حتى جدها كأنها توارثت من أمها الاهتمام به
وبمرضه ومواعيد دوائه .وهي صغيرة على كل تلك المسؤولية ،التي ألقيت على كاهلها
فما أن يأتي الليل حتى تدخل الغرفة التي كانت لوالدتها، وتأخذ اخويها الصغيران بحضنها ،
تريد حمايتهم من شيء لا تعرفه ولا تقدر صعوبته ،حتى الطفلين لم يداوما بصورة جدية
بالمدرسة بل اللعب بالحواري مع اطفال الجيران هو شغلهم الشاغل وأكبر إهتماماتهم .
وتوالت الأشهر على سندس ،ومعاناة خدمتها بالبيت .وصبح في تلك الغرفة سجينة
لا يُسمح لها بالخروج منها ،الا من أجل الحمام او الاستحمام ،كانت الصغيرة سندس
تشفق على أمها ،وعندما كانت تسكب لها الاكل كانت تضع نصيبها مع نصيب أمها من
الاكل . فهي طفلة وتحب والدتها جدا .وتمر الشهور ،ولاحظت صبح إزدياد ملحوظ في
وزنها .ولقد عزت ذلك ،بسبب عدم قيامها بأي نشاط أو مجهود فلا عمل لها بتلك الغرفة
إلا الأكل والنوم .ومرت سنة ونصف على تلك الحالة ،وأصبحت سندس في الرابعة عشر
من عمرها تقريبا .وأصبحت عروسه كما ينظرون أهل فلسطين لفتاة بعمرها ،وكانت
بجمالها تفوق جمال أمها صبح .ولكن صبح كانت تعيش مدلـلة في بيت والديها ،عكسها
هي تعيش خادمة لجدها وجدتها ، بل ولكل افراد عائلة جدها وجدتها .وفي مساء أحد
الايام نادى الجد أحفاده ،وأخذهم الى غرفة والدتهم، وهناك القى لهم الخبرالذي علم
به قبل قليل ،
وقال : أسمعوا ،بكره أبوكم ومرته الجديده وأبنه الصغير جايين، ما بديش تشكوا لابوكم أشي،
خاصة أنتوا ،ما تحكوا لابوكم عن حاجه ،وهو بيعرف بحبسة أمكم بهاي الاوضه .
وهنا، كأن صاعقة مست صبح لمرتين، الاولى حين أخبرهم أن رزق تزوج مرة أخرى ،
والثانية عندما سمعت عمها يخبرهم أن والد الصغار
يعلم بسجن أمهم، فصرخت صرخة مؤلمة وكتمت أنفاسها فما عادت تريد الحياة بعد
هذين الخبرين .
ولكن ،سندس أسرعت ناحية والدتها وحاولت إزاحة يدها عن أنف وفم والدتها ،
وصرخ الصغيرين :سندس مالها ماما ليش بتعمل هيك ؟؟!
يتبع
|