![]() |
حصار نلوبُ بزعانفنا في طياتِ الماء الهواءُ يختنقُ بنا والجالسون أمامَ زجاجِ حوضِنا الأنيقِ ينظرون بلذةٍ لشهقاتِنا الملونةِ وهي تخبطُ السديمَ بحثاً عن بقايا الهواء نحن الأسماك المحاصرة في حوضِ الوطن |
بياض الرقيبُ الذي في الكتابْ ظلَّ يلتهمُ الكلماتِ السطورَ الحروفَ الفوارزَ حتى تكرّشَ من كثرة الصفحات وغابْ إلهي…… ما الذي سوف أفعلهُ ببياضٍ كهذا البياضُ حجابْ |
وجبة الجوعُ يمدُّ مخالبَهَ في بطني فألتهمُ أوراقي وأمشي.. واضعاً يدي على بطني خشيةَ أن يسمعَ أحدٌ طحينَ الكلمات |
الاسكافي جالساً على الرصيفِ أمامَ صندوقهِ يرنو لأيامِهِ التي ينتعلها الناس |
هندسة تربّعَ المربعُ متنهداً على أريكةِ الصفحةِ: كان يمكنني أن أمضي معكَ إلى الأبدِ أيها المستقيمُ لولا انهم أغلقوا عليّ أضلاعي |
دائماً كنتُ أسمعُ أصواتهم الغريبة وهي ترطنُ باسمي ثم أقدامهم الحديدية وهي تصعدُ السلالمَ ثم قبضاتهم على الباب ثم فوهاتهم في صدغي ثم جثتي وهي تتدحرجُ خلف هدير محركات سياراتهم ثم صخب المتحلقين حولي وهم يتساءلون: - من أين أتوا؟ لكنهم لم يأتوا تركوا لي المشهدَ مفتوحاً على اتساعِ الطلقةِ المؤجلة |
لافتاتٌ تتقدمُ بغابةٍ من الشعاراتِ اختلفوا مَنْ يتقدمُ الأولَ؟ ثم تشابكوا بالأيدي ثم بالهراوات ثم.. سقطتِ اللافتات ولم نرَ نحن المحتشدين على جانبي الطريق سوى غابةٍ من البنادق تتقدمُ مشتبكةً باتجاهنا... |
أراهم.. يدفعونني ويدخلون يدفعونني ويخرجون وأنا أصطفقُ بأضلاعي وراءهم لا أحد يلتفتُ ليرى كم هي مضنية وصفيقة، مهنة الباب |
على رصيفِ شارعِ الحمراء يعبرُ رجلُ الدين بمسبحتِهِ الطويلةِ يعبرُ الصعلوكُ بأحلامِهِ الحافيةِ يعبرُ السياسي مفخّخاً برأسِ المال يعبرُ المثقف ضائعاً بين ساهو وحي السلّم الكلُ يمرُّ مسرعاً ولا يلتفتُ للمتسولِ الأعمى وحدهُ المطرُ ينقّطُ على راحتِهِ الممدودةِ باتجاهِ الله |
وحيدة تجلسُ أمامَ النافذةِ تحوكُ الصوفَ رجلٌ عابرٌ وحيدٌ يسحبُ الخيطَ يسحبُ النافذةَ يسحبُ المرأةَ يدخلُ سنارتَهُ فيها ويظلُّ يحوكُ هكذا ينسجان أحلامهما كلَّ يومٍ وبينهما خيطٌ مهموسٌ... لا يصل |
نحن المنحنين إلى الأبدِ كجسورِ الأريافِ الخشبيةِ تمرُّ علينا الجواميسُ والأحزابُ والجنرالاتُ والمركباتُ السريعةُ والأحلامُ المتثائبةُ ونحن نتأملُ خريرَ مياهِ التاريخِ ونبتسمُ بعمقٍ لأمواجِهِ التي ستتكسرُ عما قليلٍ أمامَ صخورنِا |
شَعَرَ تمثالُ السيد الرئيس بالضجر فنـزل من قاعدته الذهبية تاركاً الوفودَ والزهورَ وأناشيدَ الأطفال، وراح يتمشى بين الناس الذين اندفعوا يصفقون له: "بالروح بالدم.. نفديك يا.….." انتعشَ التمثالُ. وحين علمتْ تماثيلُهُ الأخرى بالأمر نزلتْ إلى الساحاتِ وراحتْ تتقاتلُ فيما بينها. والناس يتفرجون لا يدرون أيهم السيدُ الرئيس....؟!! |
الذين صُفّوا في ساحةِ الإعدام حملقوا بعيونٍ مرتجفةٍ إلى الفوهاتِ السودِ المصوبةِ إلى رؤوسهم الحليقةِ لكنهم لمْ يروا عيونَ القتلةِ كانتْ محجوبةً خلفَ صفِ البنادقِ الطويلِ لهذا ظلّتْ نظراتهم مسمّرةً نحونا .. إلى الأبد |
يـملونني سطوراً ويبوبونني فصولاً ثم يفهرسونني ويطبعونني كاملاً ويوزعونني على المكتباتِ ويشتمونني في الجرائدِ وأنا لمْ أفتحْ فمي بعد |
أقلّ قرعة بابٍ أخفي قصائدي - مرتبكاً - في الأدراج لكن كثيراً ما يكون القرع صدىً لدورياتِ الشرطةِ التي تدورُ في شوارعِ رأسي ورغم هذا فأنا أعرفُ بالتأكيد انهم سيقرعون البابَ ذات يوم وستمتدُ أصابعهم المدربةُ كالكلابِ البوليسيةِ إلى جواريرِ قلبي لينتزعوا أوراقي و….. حياتي ثم يرحلون بهدوء |
لي بظلِّ النخيلِ بلادٌ مسوّرةٌ بالبنادق كيف الوصولُ إليها وقد بعد الدربُ ما بيننا والعتابْ وكيف أرى الصحبَ مَنْ غُيّبوا في الزنازين أو كرّشوا في الموازين أو سُلّموا للترابْ انها محنةٌ - بعد عشرين - أنْ تبصرَ الجسرَ غيرَ الذي قد عبرتَ السماواتِ غيرَ السماواتِ والناسَ مسكونةً بالغيابْ |
جالساً بظلِّ التماثيلِ أقلّمُ أظافري الوسخةَ وأفكّرُ بأمجادهم الباذخةِ هؤلاء المنتصبون في الساحات يطلقون قهقهاتهم العاليةَ على شعبٍ يطحنُ أسنانَهُ من الجوعِ ويبني لهم أنصاباً من الذهبِ والأدعية |
ارتبكَ الملكُ وهو يرى جنودَهُ محاصرين من كلِّ الجهاتِ والمدافعَ الثقيلةَ تدّكُ قلاعَ القصرِ صرخ: أين أفراسي؟ - فطستْ يا مولاي - أين وزيرُ الدولة - فرَّ مع زوجتكَ يا سيدي في أولِ المعركةِ تنحنحَ الملكُ مُعدّلاً تاجهُ الذهبي وعلى شفتيه ابتسامةٌ دبقةٌ: ولكن أين شعبي الطيب؟ لمْ أعدْ اسمعه منذ سنينٍ فأنفجرَ الواقفون على جانبي الرقعةِ بالضحكِ - لقد تأخرتَ يا سيدي في تذكّرنِا ولم يبقَ لنا سوى أن نصفّقَ للمنتصرِ الجديد |
هؤلاء الذين تساقطوا أكداساً أمامَ دباباتِ الحرسِ هؤلاء الذين حلموا كثيراً بالأرضِ قبل أن يحلّقوا بأجنحتهم البيضاء هؤلاء الذين نما على شواهدِ قبورهم صبّيرُ النسيان هؤلاء الذين تآكلتْ أخبارُهم شيئاً ، فشيئاً.. في زحمة المدينة إنّهم يتطلعون بعيونٍ مشدوهةٍ إلى قدرتنا على نسيانهم بهذهِ السرعة |
شمعةً.. شمعةً ستنطفيءُ السنواتُ ويلفّني السعالُ والخريفُ فلا أرى سوى بقعِ الشمعِ المتجمدةِ … على سريري ياه… أيها القلبُ ما أسرعَ ما تتشمعُ أصابعُ النساء |
خيبات انتظرتُ الأغصانَ الجرداءَ حتى أزهرتْ والراياتِ المنكّسةَ حتى انتصبتْ لكنْ ما أن تكوّرَ الوردُ حتى قطفَهُ غيري وما أن سارتْ الراياتُ حتى تركتني على الرصيفِ ومضتْ تشقُ طريقَها وسطَ الهدير .. إلى باحة القصر وانتظرتُ السفنَ المبحرةَ حتى عادتْ لكن ما أن نزلَ البحارةُ والمسافرون لم أجدْ من يعرفني وقرعتُ الزنازينَ حتى فُتحتْ لكن ما أن خرجَ السجناءُ فاتحين أذرعَهم ورئاتهم للحريةِ حتى جروني من ذراعي ورموني فيها |
حصار نلوبُ بزعانفنا في طياتِ الماء الهواءُ يختنقُ بنا والجالسون أمامَ زجاجِ حوضِنا الأنيقِ ينظرون بلذةٍ لشهقاتِنا الملونةِ وهي تخبطُ السديمَ بحثاً عن بقايا الهواء نحن الأسماك المحاصرة في حوضِ الوطن |
بياض الرقيبُ الذي في الكتابْ ظلَّ يلتهمُ الكلماتِ السطورَ الحروفَ الفوارزَ حتى تكرّشَ من كثرة الصفحات وغابْ إلهي…… ما الذي سوف أفعلهُ ببياضٍ كهذا البياضُ حجابْ |
الساعة الآن 02:03 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية