![]() |
http://www.7lwat.com/forum/watermark...721alsh3er.gif تفسير ايه (شهر رمضان الذي انزل فيه القران)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول الله تعالى http://www.7lwat.com/forum/watermark...722alsh3er.gif شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) سورة البقرة 185 . يمدح الله تعالى شهر رمضان من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم وكما اختصه بذلك قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله < 4/107 > حدثنا أبو سعيد ابن كثير 1\217 مولى بني هاشم حدثنا عمران أبو العوام عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة يعني ابن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان وقد روى من حديث جابر بن عبد الله وفيه أن الزبور لثنتي عشرة خلت من رمضان والإنجيل لثماني عشرة والباقي كما تقدم رواه ابن مردويه وأما الصحف والتوراة والزبور والإنجيل فنزل كل منها على النبي الذي أنزل عليه جملة واحدة وأما القرآن فإنما نزل جملة واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا وكان ذلك في شهر رمضان في ليلة القدر منه كما قال تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) وقال ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) ثم نزل بعد مفرقا بحسب الوقائع على رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا روى من غير وجه عن ابن عباس كما قال إسرائيل عن السدي عن محمد بن أبي المجالد عن مقسم عن ابن عباس أنه سأل عطية بن الأسود فقال وقع في قلبي الشك قول الله تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) وقوله ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) وقوله ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) وقد أنزل في شوال وفي ذي القعدة وفي ذي الحجة وفي المحرم وصفر وشهر ربيع فقال ابن عباس إنه أنزل في رمضان في ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة ثم أنزل على مواقع النجوم ترتيلا في الشهور والأيام رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه وهذا لفظه وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أنزل القرآن في النصف من شهر رمضان إلى سماء الدنيا فجعل في بيت العزة ثم أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة لجواب كلام الناس وفي رواية عكرمة عن ابن عباس قال نزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر إلى هذه السماء الدنيا جملة واحدة وكان الله يحدث لنبيه ما يشاء ولا يجيء المشركون بمثل يخاصمون به إلا جاءهم الله بجوابه وذلك قوله ( وقال الذين كفروا لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤداك ورتلناه ترتيلا ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ) وقوله ( هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) هذا مدح للقرآن الذي انزله الله هدى لقلوب العباد ممن آمن به وصدقه واتبعه ( وبينات ) أي ودلائل وحجج بينة واضحة جلية لمن فهمها وتدبرها دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال والرشد المخالف للغي ومفرقا بين الحق والباطل والحلال والحرام قد أورد البخاري رحمه الله في كتابه لهذا فقال < الصوم 5 > باب يقال رمضان وساق أحاديث في ذلك منها < خ 1901 > من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ونحو ذلك وقوله ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) هذا إيجاب حتم على من شهد استهلال الشهر أي كان مقيما في البلد حين دخل شهر رمضان وهو صحيح في بدنه أن يصوم لا محالة ونسخت هذه الآية الإباحة المتقدمة لمن كان صحيحا مقيما أن يفطر ويفدى بإطعام مسكين عن كل يوم كما تقدم بيانه ولما ختم الصيام أعاد ذكر الرخصة للمريض وللمسافر في الإفطار بشرط القضاء فقال ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) معناه ومن كان به مرض في بدنه يشق عليه الصيام معه أو يؤذيه أو كان على سفر أي في حالة السفر فله أن يفطر فإذا أفطر فعليه عدة ما أفطره في السفر من الأيام ولهذا قال ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) أي إنما رخص لكم في الفطر في حال المرض والسفر مع تحتمه في حق المقيم الصحيح تيسيرا عليكم ورحمة بكم . هذا وصلي اللهم وسلم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين |
تفسير آية: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} قوله تعالى: "فقلت استغفروا ربكم" أي سلوه المغفرة من ذنوبكم السالفة بإخلاص الإيمان. "إنه كان غفارا" وهذا منه ترغيب في التوبة. وقد روى حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الاستغفار ممحاة للذنوب). وقال الفضيل: يقول العبد أستغفر الله؛ وتفسيرها أقلني. "يرسل السماء عليكم مدرارا" أي يرسل ماء السماء؛ ففيه إضمار. وقيل: السماء المطر؛ أي يرسل المطر. قال الشاعر: إذا سقط السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا وقال مقاتل: لما كذبوا نوحا زمانا طويلا حبس الله عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة؛ فهلكت مواشيهم وزروعهم، فصاروا إلى نوح عليه السلام واستغاثوا به. فقال "استغفروا ربكم إنه كان غفارا" أي لم يزل كذلك لمن أناب إليه. ثم قال ترغيبا في الإيمان: "يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لهم جنات ويجعل لكم أنهارا". قال قتادة: علم نبي الله صلي الله عليه وسلم أنهم أهل حرص على الدنيا فقال: (هلموا إلى طاعة الله فإن في طاعة الله درك الدنيا والآخرة). في هذه الآية والتي في "هود" دليل على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار. قال الشعبي: خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأمطروا فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر؛ ثم قرأ: "استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا". وقال الأوزاعي: خرج الناس يستسقون، فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: اللهم إنا سمعناك تقول: "ما على المحسنين من سبيل" التوبة: 91] وقد أقررنا بالإساءة، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا؟! اللهم اغفر لنا وأرحمنا واسقنا! فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا. وقال ابن صبيح: شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له: استغفر الله. وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله. وقال له آخر. ادع الله أن يرزقني ولدا؛ فقال له: استغفر الله. وشكا إليه آخر جفاف بستانه؛ فقال له: استغفر الله. فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلت من عندي شيئا؛ إن الله تعالى يقول في سورة "نوح": "استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا". وقد مضى في سورة "آل عمران" كيفية الاستغفار، وإن ذلك يكون عن إخلاص وإقلاع من الذنوب. وهو الأصل في الإجابة |
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) سورة النور تفسير أبن كثير قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " الله نور السموات والأرض " يقول : هادي أهل السموات والأرض . قال ابن جريج قال مجاهد وابن عباس في قوله : " الله نور السموات والأرض " يدبر الأمر فيهما نجومهما وشمسهما وقمرهما وقال ابن جرير حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي حدثنا وهب بن راشد عن فرقد أن أنس بن مالك قال : إن الله يقول نوري هدى واختار هذا القول ابن جرير وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قوله تعالى : " الله نور السموات والأرض مثل نوره " قال : هو المؤمن الذي جعل الله الإيمان والقرآن في صدره فضرب الله مثله فقال " الله نور السموات والأرض " فبدأ بنور نفسه ثم ذكر نور المؤمن فقال مثل نور من آمن به قال فكان أبي بن كعب يقرؤها " مثل نور من آمن به " فهو المؤمن جعل الإيمان والقرآن في صدره وهكذا رواه سعيد بن جبير وقيس بن سعد عن ابن عباس أنه قرأها كذلك " مثل نور من آمن بالله" وقرأ بعضهم " الله منور السموات والأرض " وقال الضحاك " الله نور السموات والأرض " وقال السدي في قوله " الله نور السموات والأرض " فبنوره أضاءت السموات والأرض وفي الحديث الذي رواه محمد بن إسحاق في السيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في دعائه يوم آذاه أهل الطائف " أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل بي غضبك أو ينزل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله " وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يقول : " اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن " الحديث وعن ابن مسعود قال : إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار نور العرش من نور وجهه وقوله تعالى " مثل نوره " في هذا الضمير قولان : " أحدهما " أنه عائد إلى الله عز وجل أي مثل هداه في قلب المؤمن قاله ابن عباس " كمشكاة " " والثاني " أن الضمير عائد إلى المؤمن الذي دل عليه سياق الكلام تقديره مثل نور المؤمن الذي في قلبه كمشكاة فشبه قلب المؤمن وما هو مفطور عليه من الهدى وما يتلقاه من القرآن المطابق لما هو مفطور عليه كما قال تعالى : " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه" فشبه قلب المؤمن في صفائه في نفسه بالقنديل من الزجاج الشفاف الجوهري وما يستمد به من القرآن والشرع بالزيت الجيد الصافي المشرق المعتدل الذي لا كدر فيه ولا انحراف فقوله " كمشكاة " قال ابن عباس ومجاهد ومحمد بن كعب وغير واحد : هو موضع الفتيلة من القنديل هذا هو المشهور ولهذا قال بعده " فيها مصباح " وهو الزبالة التي تضيء . وقال العوفي عن ابن عباس قوله " الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح " وذلك أن اليهود قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم كيف يخلص نور الله من دون السماء ؟ فضرب الله مثل ذلك لنوره فقال تعالى : " الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة " والمشكاة كوة في البيت قال وهو مثل ضربه الله لطاعته فسمى الله طاعته نورا ثم سماها أنواعا شتى وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد هي الكوة بلغة الحبشة وزاد بعضهم فقال : المشكاة الكوة التي لا منفذ لها وعن مجاهد : المشكاة الحدائد التي يعلق بها القنديل والقول الأول أولى وهو : أن المشكاة هو موضع الفتيلة من القنديل ولهذا قال " فيها مصباح " وهو النور الذي في الزبالة قال أبي بن كعب : " المصباح " النور وهو القرآن والإيمان الذي في صدره وقال السدي : هو السراج " المصباح في زجاجة " أي هذا الضوء مشرق في زجاجة صافية وقال أبي بن كعب وغير واحد : وهي نظير قلب المؤمن " الزجاجة كأنها كوكب دري " قرأ بعضهم بضم الدال من غير همزة من الدر أي كأنها كوكب من در . وقرأ آخرون دريء ودريء بكسر الدال وضمها مع الهمزة من الدرء وهو الدفع وذلك أن النجم إذا رمي به يكون أشد استنارة من سائر الأحوال والعرب تسمي ما لا يعرف من الكواكب دراري وقال أبي بن كعب : كوكب مضيء وقال قتادة : مضيء مبين ضخم " يوقد من شجرة مباركة" أي يستمد من زيت زيتون شجرة مباركة " زيتونة" بدل أو عطف بيان " لا شرقية ولا غربية " أي ليست في شرقي بقعتها فلا تصل إليها الشمس من أول النهار ولا في غربها فيقلص عنها الفيء قبل الغروب بل هي في مكان وسط تعصرها الشمس من أول النهار إلى آخره فيجيء زيتها صافيا معتدلا مشرقا وروى ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد أخبرنا عمرو بن أبي قيس عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله " زيتونة لا شرقية ولا غربية " قال : هي شجرة بالصحراء لا يظلها شجر ولا جبل ولا كهف ولا يواريها شيء وهو أجود لزيتها وقال يحيى بن سعيد القطان عن عمران بن حدير عن عكرمة في قوله تعالى " لا شرقية ولا غربية " قال : هي بصحراء ذلك أصفى لزيتها وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر بن فروخ عن حبيب بن الزبير عن عكرمة وسأله رجل عن قوله تعالى" زيتونة لا شرقية ولا غربية " قال : تلك زيتونة بأرض فلاة إذا أشرقت الشمس أشرقت عليها فإذا غربت غربت عليها فذلك أصفى ما يكون من الزيت. وقال مجاهد في قوله : تعالى " لا شرقية ولا غربية" قال : ليست بشرقية لا تصيبها الشمس إذا غربت ولا غربية لا تصيبها الشمس إذا طلعت ولكنها شرقية وغربية تصيبها إذا طلعت وإذا غربت. وعن سعيد بن جبير في قوله " زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء " قال : هو أجود الزيت قال إذا طلعت الشمس أصابتها من صوب المشرق فإذا أخذت في الغروب أصابتها الشمس فالشمس تصيبها بالغداة والعشي فتلك لا تعد شرقية ولا غربية. وقال السدي قوله " زيتونة لا شرقية ولا غربية" يقول : ليست بشرقية يحوزها المشرق ولا غربية يحوزها المغرب دون المشرق ولكنها على رأس جبل أو في صحراء تصيبها الشمس النهار كله . وقيل المراد بقوله تعالى " لا شرقية ولا غربية " أنها في وسط الشجر ليست بادية للمشرق ولا للمغرب وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قول الله تعالى " زيتونة لا شرقية ولا غربية " قال : هي خضراء ناعمة لا تصيبها الشمس على أي حال كانت لا إذا طلعت ولا إذا غربت قال فكذلك هذا المؤمن قد أجير من أن يصيبه شيء من الفتن وقد يبتلى بها فيثبته الله فيها فهو بين أربع خلال إن قال صدق وإن حكم عدل وإن ابتلي صبر وإن أعطي شكر فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشي في قبور الأموات قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا مسدد قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في قوله " زيتونة لا شرقية ولا غربية " قال : هي وسط الشجر لا تصيبها الشمس شرقا ولا غربا وقال عطية العوفي " لا شرقية ولا غربية " قال : هي شجرة في موضع من الشجر يرى ظل ثمرها في ورقها وهذه من الشجر لا تطلع عليها الشمس ولا تغرب وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار حدثنا عبد الرحمن الدشتكي حدثنا عمرو بن أبي قيس عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى " لا شرقية ولا غربية " ليست شرقية ليس فيها غرب ولا غربية ليس فيها شرق ولكنها شرقية غربية وقال محمد بن كعب القرظي " لا شرقية ولا غربية " قال : هي القبلية وقال زيد بن أسلم : " لا شرقية ولا غربية " قال الشام وقال الحسن البصري لو كانت هذه الشجرة في الأرض لكانت شرقية أو غربية ولكنه مثل ضربه الله تعالى لنوره وقال الضحاك عن ابن عباس " توقد من شجرة مباركة " قال : رجل صالح " زيتونة لا شرقية ولا غربية " قال لا يهودي ولا نصراني وأولى هذه الأقوال القول الأول وهو أنها في مستوى من الأرض في مكان فسيح باد ظاهر ضاح للشمس تقرعه من أول النهار إلى آخره ليكون ذلك أصفى لزيتها وألطف كما قال غير واحد ممن تقدم ولهذا قال تعالى " يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار " قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يعني كضوء إشراق الزيت وقوله تعالى " نور على نور " قال العوفي عن ابن عباس يعني بذلك إيمان العبد وعمله وقال مجاهد والسدي يعني نور النار ونور الزيت وقال أبي بن كعب " نور على نور " فهو يتقلب في خمسة من النور فكلامه نور وعمله نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إلى نور يوم القيامة إلى الجنة وقال شمر بن عطية جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال حدثني عن قول الله تعالى " يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار " قال يكاد محمد صلى الله عليه وسلم يبين للناس ولو لم نتكلم أنه نبي كما يكاد ذلك الزيت أنه يضيء . وقال السدي في قوله " نور على نور " قال : نور النار ونور الزيت حين اجتمعا أضاءا ولا يضيء واحد بغير صاحبه كذلك نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا فلا يكون واحد منهما إلا بصاحبه. وقوله تعالى : " يهدي الله لنوره من يشاء " أي يرشد الله إلى هدايته من يختاره كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا إبراهيم بن محمد الفزاري حدثنا الأوزاعي حدثني ربيعة بن زيد عن عبد الله الديلمي عن عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره يومئذ فمن أصاب من نوره يومئذ اهتدى ومن أخطأه ضل فلذلك أقول جف القلم على علم الله عز وجل " طريق أخرى عنه" قال البزار حدثنا أيوب عن سويد عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه عن عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم نورا من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل " ورواه البزار عن عبد الله بن عمرو من طريق آخر بلفظه وحروفه . وقوله تعالى " ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم " لما ذكر تعالى هذا مثلا لنور هداه في قلب المؤمن ختم الآية بقوله " ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم " أي هو أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الإضلال . قال الإمام أحمد حدثنا أبو النضر حدثنا أبو معاوية حدثنا شيبان عن ليث عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " القلوب أربعة : قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر وقلب أغلف مربوط على غلافه وقلب منكوس وقلب مصفح فأما القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره وأما القلب الأغلف فقلب الكافر وأما القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثم أنكر وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها الدم والقيح . فأي المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه " إسناده جيد ولم يخرجوه . |
أباح الإسلام الحرب ردًا على الظلم الذي يقع عليهم
أباح الإسلام الحرب عقوبة الخيانة ونقض العهد للاتفاقيات التي تعقدها الدولة الإسلامية مع الدول الأخرى أباح الإسلام الحرب لنصرة المظلوم أمر الإسلام أتباعه بالاستعداد وليس الاعتداء ففي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لقادة الجيش في كافة الغزوات قال (انطلقوا باسم الله وعلى بركة رسوله لا تقتلوا شيخًا ولا طفلاً ولا صغيرًا ولا امرأة ولا تغلوا "أي لا تخونوا"، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)، كما نهى صلى الله عليه وسلم عن المثله أي التمثيل بالجثث فقال: (إياكم والمثله ولو بالكلب العقور)، وقال أيضًا: (لا تقتلوا ذرية ولا عسيفًا، ولا تقتلوا أصحاب الصوامع). و أبو بكر الصديق أول خليفة للمسلمين يوصي أمير أول بعثة حربية في عهده أسامة بن زيد فيقول: (لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدورا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة وسوف تمرون على قوم فرَّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرَّغوا أنفسهم له). وفي وصيته لأميره على الجيش المتوجه غلى الشام أبو بكر يزيد بن أبي سفيان زاد عما سبق (ولا تقاتل مجروحًا فإن بعضه ليس منه، أقلل من الكلام فإن لك ما وعي عنك، وأقبل من الناس علانيتهم وكلهم إلى الله في سرائرهم ولا تحبس عسكرك فتفضحه ولا تهمله فتفسده، وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه). وكان الخليفة عمر بن الخطاب يوصي قائده على الجيش فيقول: (بسم الله على عون الله أمضوا بتأييد الله ولكم النصر بلزوم الحرب والصبر، قاتلوا ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، ولا تجبنوا عند اللقاء، ولا تمثلوا عند القدرة ولا تسرفوا عند الظهور ولا تقتلوا هرمًا ولا امرأة ولا وليدًا وتوقوا قتلهم إذا التقى الفرسان وعند جمة النبضات وفي سن الغارات نزهو الجهاد عن عرض الدنيا وابشروا بالرياح في البيع الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم). http://img709.imageshack.us/img709/5718/fasel.png دعونا الآن نتمعن في قوله تعالى من سورة البقرة آية 190 (( وقاتلو في سبيل الله الذي يقاتلكم ولا تعتدوا إن الله لايحب المعتدين )) قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في فوقه تعالى (( وقاتلو في سبيل الله الذين يقاتلوكم )) قال : هذه اول اية نزلت في القتال بالمدينة فلما نزلت كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يقاتل من قاتله ويكف عن من كف عنه حتى نزلت سورة براءة وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حتى قال : هذه منسوخة بقوله (( وقاتلو المشركين حيث وجدتموهم )) وفي هذا نظر لان قوله : ( الذين يقاتلوكم ) إنما هو تهييج وإغراء بالاعداء الذين همتهم قتال الإسلام وأهله إي كما قاتلوكم فأقتلوهم أنتم كما قال : (( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة )) ولهذا قال في هذه الاية : (( واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم )) أي لتكون همتكم منبعثه على قتالهم كما همتهم منبعثة على قتالكم وعلى اخراجهم من بلادهم التي اخرجوكم منها قصاصاً .. وقوله (( ولا تعتدوا إن الله لا يحيب المعتدين )) أي قاتلو في سبيل الله ولاتعتدو في ذلك ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي كما قال الحسن البصري : من المثلة والغلول وقتل النساء والصبيان والشيوخ الذي لا رأي لهم ولا قتال فيهم والرهبان واصحاب الصوامع وتحريق الاشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة كما قال ذلك ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومقاتل بن حيان وغيرهم ولهذا جاء في صحيح مسلم عن بريدة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( اغزو في سبيل الله ، قاتلو من كفر بالله ، اغزو ولا تغلو ولاتغدروا ولا تمثلو ولا تقتلو الوليد ولا أصحاب الصوامع ) رواه الأمام أحمد . وعن ابن عباس قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا بعث جيوشه قال اخرجو باسم الله قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله لاتعتدوا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلو الولدان ولا أصحاب الصوامع ) رواه الإمام أحمد ولأبي داود عن أنس مرفوعاً نحوه . وفي الصحيحين عن ابن عمر قال : وجدت امرأة في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان |
قال الله تعالى في مطلع سورة المعارج :
( سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع ، من الله ذي المعارج ... ) إلى آخر السورة الكريمة التي هي 44 آية . أحداث كانت وراءها قريش نمهد لتفسير الآية بفهرسٍ لعدد من الأحداث الخطيرة في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وآله .. ثبت أن قريشاً كانت وراء بعضها ، وتوجد مؤشرات توجب الظن أو الاطمئنان بأنها كانت وراء الباقي !الأولى : محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وآله في حنين .. وقد تقدم في البحث الخامس اعتراف بعض زعماء قريش بها ! الثانية : محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وآله في العقبة في طريق رجوعه من تبوك ، وقد كانت محاولةً متقنةً ، نفذتها مجموعةٌ منافقة بلغت نحو عشرين شخصاً ، حيث عرفوا أن النبي صلى الله عليه وآله سيمر ليلاً من طريق الجبل بينما يمر الجيش من طريق حول الجبل ، وكانت خطتهم أن يكمنوا فوق عقبة الجبل التي سيمر فيها الرسول صلى الله عليه وآله ، حتى إذا وصل إلى المضيق ألقوا عليه ما استطاعوا من صخور لتنحدر بقوةٍ وتقتله ، ثم يفرون ويضيعون أنفسهم في جيش المسلمين ، ويبكون على الرسول ، ويأخذون خلافته ! وقد تركهم الله تعالى ينفذون خطتهم ، حتى إذا بدؤوا بدحرجة الصخور ، جاء جبرئيل وأضاء الجبل عليهم ، فرآهم النبي صلى الله عليه وآله وناداهم بأسمائهم ، وأراهم لمرافقيه المؤمنين : حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر ، وأشهدهما عليهم ، فسارعوا ونزلوا من الجهة الثانية من الجبل ، وضيعوا أنفسهم في المسلمين !! أما لماذا يعاقبهم النبي ؟ أو يعلن أسماءهم ويوبخهم على الأقل ؟! فلا جواب إلا أنهم من قريش ، ومن المعروفين فيها .. وإعلان أسمائهم يعني معاقبتهم ، ومعاقبتهم تعني خطر ارتداد قريش عن الإسلام ، ويعني إمكان أن تقنع قريش بعض قبائل العرب بالإرتداد معها ، بحجة أن محمداً أعطى كل شيء من بعده لبني هاشم ، ولم يعط لقريش والعرب شيئاً ! وهذا يعني السمعة السيئة للإسلام ، وأن نبيه صلى الله عليه وآله بعد أن آمن به أصحابه اختلف معهم على السلطة والملك ، وقاتلهم وقاتلوه ! ويعني الحاجة من جديد إلى بدرٍ ، وأحدٍ ، والخندق ، وفتح مكة ! ولن تكون نتائج هذه الدورة للإسلام أفضل من الدورة الأولى ! فالحل الإلهي هو : السكوت عنهم ما داموا يعلنون قبول الإسلام ، ونبوة الرسول صلى الله عليه وآله ، وينكرون فعلتهم !! ومن الملاحظ أن روايات مؤامرة العقبة ذكرت أسماء قرشية معروفة ، وقد ضعَّفها رواة قريش طبعاً ، لكن أكثرهم وثقوا الوليد بن جُمَيْع وغيره من الرواة الذين نقلوا أسماء هؤلاء ( الصحابة ) المشاركين فيها ! كما أنهم رووا عن حذيفة وعمار رواياتٍ فاضحةٍ لبعض الصحابة الذين كانوا يسألونهما عن أنفسهم : هل رأياهم في الجبل ليلة العقبة ؟! ويحاولون أن يأخذوا منهما براءةً من النفاق والمشاركة في المؤامرة ! ورووا أنهم كانوا يعرفون الشخص أنه من المنافقين أم لا، عندما يموت .. فإن صلى حذيفة على جنازته فهو مؤمن ، وإن لم يصل على جنازته فهو منافق . ورووا أن حذيفة لم يصل على جنازة أي زعيمٍ من قريش مات في حياته!! * * * الثالثة : قصة سورة التحريم ، التي تنص على أن النبي صلى الله عليه وآله أسرَّ بحديثٍ خطيرٍ إلى بعض أزواجه ، وأكد عليها أن لاتقوله لأحد ، ولا بد أن الله تعالى أمره بذلك لِحِكَمٍ ومصالح يعلمها سبحانه .. فخالفت ( أم المؤمنين ) حكم الله تعالى ، وخانت زوجها رسول الله صلى الله عليه وآله بإفشاء سره ، وعملت مع صاحبتها لمصلحة ( قريش ) ضد مصلحة زوجها الرسول !! وأطْلع الله تعالى نبيه على مؤامرتهما ، فأخبرهما بما فعلتا ، ونزل القرآن بكشف سرهما وسر من ورائهما ، وهددهما وضرب لهما مثلاً بامرأتي نوح ولوط ، اللتين خانتاهما ، فدخلتا النار !! أما رواة الخلافة القرشية فيقولون إن المسألة كانت عائلية محضة ! تتعلق بغيرة النساء من بعضهن ، وبعض الأخطاء الفنية الخفيفة لهن مع النبي صلى الله عليه وآله !! إنهم يريدونك أن تغمض عينيك عن آيات الله تعالى في سورة التحريم ، التي تتحدث عن خطرٍ عظيمٍ على الرسول صلى الله عليه وآله والرسالة ، وتحشد أعظم جيشٍ جرارٍ لمواجهة الموقف فتقول ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ، وإن تظاهرا عليه ، فإن الله هو مولاه ، وجبريل ، وصالح المؤمنين ، والملائكة بعد ذلك ظهير ! ) . فالى مَن صغت قلوبهما ، ولمصلحة من تعاونتا ضد الرسول صلى الله عليه وآله ؟! وما هي القضية الشخصية التي تحتاج معالجتها إلى هذا الجيش الإلهي الجرار ، الذي لايستنفره الله تعالى إلا لحالات الطوارئ القصوى ؟! ما ابن عباس الذي يصفونه بحبر الأمة ، فكان يقرأ الآية (زاغت قلوبكما). وبذلك تكون أما المؤمنين عائشة وحفصة احتاجتا إلى تجديد إسلامهما ! * * * الرابعة : حادثة هجر النبي صلى الله عليه وآله لنسائه شهراً ، وشيوع خبر طلاقه لهن.. وذهابه بعيداً عنهن وعن المسجد ، إلى بيت مارية القبطية الذي كان في طرف المدينة أو خارجها ! وعلى العادة ، صورت الروايات القرشية هذه الحادثة على أنها حادثةٌ شخصية.. شخصيةٌ بزعمهم وشغلت النبي صلى الله عليه وآله والوحي والمسلمين ! وادعوا أن سببها كثرة طلبات نسائه المعيشية منه صلى الله عليه وآله ، وأكدوا أنه لاربط للحادثة أبداً بقضايا الإسلام المالئة للساحة السياسية آنذاك ، والشاغلة لزعماء قريش خاصة !! * * * الخامسة : تصعيد عمل قريش ضد علي بن أبي طالب عليه السلام لإسقاط شخصيته ، وغضب النبي صلى الله عليه وآله وشدته عليهم في دفاعه عن علي، وتركيزه لشخصيته .. ولهذا الموضوع مفرداتٌ عديدة في حروب النبي وسلمه وسفره وحضره صلى الله عليه وآله.. لكن يلاحظ أنها كثرت في السنة الأخيرة من حياة النبي صلى الله عليه وآله وأنه غضب بسببها مراراً ، وخطب أكثر من مرة ، مبينا فضل علي عليه السلام ، وفسق من يؤذيه أو كفره !ولو لم يكن من ذلك إلا قصة بريدة الأسلمي الكاسحة ، التي روتها مصادر السنيين بطرق عديدة ، وأسانيد صحيحة عالية ، وكشفت عن وجود شبكة عملٍ منظم ترسل الرسائل وتضع الخطط ضد علي عليه السلام ، وسجلت إدانة النبي صلى الله عليه وآله الغاضبة لهم ، وتصريحه بأن علياً وليكم من بعدي، وأن كل من ينتقد علياً ولا يحبه فهو منافق ! وهي حادثةٌ تكفي دليلاً على ظلم زعماء قريش وحسدهم لعلي عليه السلام ... إلخ ! * * * السادسة : منع تدوين سنة النبي صلى الله عليه وآله في حياته .. أما القرآن فقد كان عامة الناس يكتبونه من حين نزوله ، وكان النبي صلى الله عليه وآله يأمر بوضع ما ينزل منه جديداً بين منبره والحائط ، حيث كان يوجد ورق ودواة ، لمن يريد أن يكتب ما نزل جديداً منه . وكان النبي صلى الله عليه وآله يأمرعلياً عليه السلام بكتابة القرآن وحديثه . وكان آخرون يكتبون حديث النبي صلى الله عليه وآله ، ومنهم شبانٌ قرشيون يعرفون الكتابة مثل عبد الله بن عمرو بن العاص .. وقد أحست قريش بأن ذلك يعني تدوين مقولات النبي صلى الله عليه وآله العظيمة في حق عترته وبني هاشم ، ومقولاته في ذم عددٍ كبيرٍ من فراعنة قريش وشخصياتها .. فعملت على منع كتابة سنة النبي صلى الله عليه وآله في حياته ، في حين أن بعض زعمائها كان يكتب أحاديث اليهود ، ويحضر درسهم في كل سبت ! ! وقد وثقنا ذلك في كتاب تدوين القرآن . وقد روت مصادر السنيين أن عبد الله بن عمرو شكى إلى النبي صلى الله عليه وآله أن ( قريشاً ) نهته عن كتابة حديثه ، لأن أحاديثه التي فيها غضبٌ عليها ليست حجة شرعاً ! قال أبو داود في سننه : 2/176 : ( عن عبد الله بن عمرو قال : كنت أكتب كل شيءٍ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أريد حفظه ، فنهتني قريش ( يعني عمر ) وقالوا : أتكتب كل شيء تسمعه! ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشرٌ يتكلم في الغضب والرضا ! فأمسكت عن الكتاب ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأومأ بإصبعه إلى فيه فقال: (أكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق) ! انتهى . ورواه أحمد في مسنده : 2/192 ، و215 ، والحاكم في المستدرك : 1/105 و3/528 ، وصححه . * * * السابعة : محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وآله في طريق عودته من حجة الوداع عند عقبة هرشى بعد نصبه علياً في غدير خم ، وقد كشف الوحي المؤامرة ، وكانت شبيهةً إلى حد كبيرٍ بمؤامرة اغتياله صلى الله عليه وآله في العقبة ، في طريق رجوعه من مؤتة !الثامنة : تصعيد قريش انتقادها ومقاومتها لأعمال النبي صلى الله عليه وآله لتركيز مكانة عترته عليهم السلام وأسرته بني هاشم في الأمة ، واعتراض عددٍ منهم عليه بصراحةٍ ووقاحةٍ ، ومطالبتهم بأن يجعل الخلافة لقريش تدور في قبائلها ، أو يشرك مع علي غيره من قبائل قريش !! وقد رفض النبي صلى الله عليه وآله كل مطالبهم ، لأنه لايملك شيئاً مع الله تعالى ، ولم يعط شيئاً من عنده حتى يمنعه ، وإنما هو عبدٌ ورسولٌ مبلغ صلى الله عليه وآله . وقد تقدم نص تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى / 167: ( جاءه قوم من قريش فقالوا له : يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن الناس قريبو عهد بالإسلام ، لايرضون أن تكون النبوة فيك والإمامة في ابن عمك علي بن أبي طالب . فلو عدلت به إلى غيره لكان أولى . فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله : ما فعلت ذلك برأيي فأتخير فيه ، لكن الله تعالى أمرني به وفرضه علي . فقالوا له : فإذا لم تفعل ذلك مخافة الخلاف على ربك ، فأشرك معه في الخلافة رجلاً من قريش تركن الناس إليه ، ليتم لك أمرك ، ولا يخالف الناس عليك !! ) . * * * التاسعة : أن النبي صلى الله عليه وآله عندما كان مريضاً شكل جيشاً بقيادة أسامة بن زيد ، وجعل تحت إمرته كل زعماء قريش غير بني هاشم ، وأمَّر عليهم أسامة بن زيد ، وهو شاب عمره 18 سنة ، أسمر أمه أم ايمن الإفريقية، وأمره أن يسير إلى مؤتة في الأردن لمحاربة الروم حيث استشهد أبوه في حملة جعفر بن أبي طالب .. وقد أراد النبي بذلك أن يرسخ قدرة الدولة الإسلامية ويأخذ بثأر شهداء مؤتة ، وفي نفس الوقت أراد أن يفرغ المدينة من المعارضين لعلي عليه السلام قبيل وفاته صلى الله عليه وآله .فخرج أسامة بمن معه وعسكر خارج المدينة ، ولكن زعماء قريش أحبطوا خطة النبي صلى الله عليه وآله بتثاقلهم عن الانضمام إلى جيش أسامة ، وتأخيرهم من استطاعوا عنه ، ثم طعنوا في تأمير النبي صلى الله عليه وآله لأسامة الإفريقي الشاب بحجة صغر سنه ، وواصلوا تسويفهم للوقت ، فكانوا يذهبون الى معسكر أسامة عند ضغط النبي عليهم ، ثم يرجعون إلى المدينة ! حتى صعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر وشدد على إنفاذ جيش أسامة ، وأبلغ المسلمين صدور اللعنة من ربه عز وجل ومن رسوله على كل من تخلف عن جيش أسامة !! * * * العاشرة : تصعيد قريش فعاليتها ضد النبي صلى الله عليه وآله ، وقرارها الخطير بمواجهته صلى الله عليه وآله مباشرة إذا أراد أن يستخلف علياً وأهل بيته عليهم السلام ، رسمياً ! وبالفعل قام زعيم قريش الجديد عمر بن الخطاب بمهمة أقسى مواجهة لأمة مع نبيها ! وذلك عندما جمع النبي صلى الله عليه وآله زعماء قريش والأنصار في مرض وفاته ، وأخبرهم أنه قرر أن يكتب لأمته كتاباً لن تضل بعده أبداً ، فعرفوا أنه يريد أن يثبت ولاية علي وأهل بيته عليهم السلام على الأمة بصورة رسمية مكتوبة ، فواجهه عمر بصراحة ووقاحة : لانريد كتابك وأمانك من الضلال ، ولا سنتك ولا عترتك ، وحسبناكتاب الله .. وحتى تفسيره من حقنا نحن لامن حقك ، وحق عترتك !! وأيده القرشيون الحاضرون ومن أثَّروا عليهم من الأنصار ، وصاحوا في وجه نبيهم صلى الله عليه وآله : القول ما قاله عمر .. القول ما قاله عمر !! وانقسم المحتشدون في بيت نبيهم في آخر أيامه ، وتشادوا بالكلام فوق رأسه صلى الله عليه وآله ، منهم من يقول قربوا له قلماً وقرطاساً يكتب لكم أماناً من الضلال . وأكثرهم يصيح : القول ما قاله عمر ، لاتقربوا له شيئاً ، ولا تَدَعُوهُ يكتب!! ويظهر أن جبرئيل حينذاك كان عند النبي صلى الله عليه وآله فقد كثر نزوله عليه في الأيام الأخيرة ، فأخبره أن الحجة قد تمت ، وأن الإصرار على الكتاب يعني دفع قريش نحو الردة ، والحل هو الاعراض عنهم وإكمال تبليغهم بطردهم !! فطردهم النبي صلى الله عليه وآله وقال لهم : قوموا فما ينبغي عند نبي تنازع ! قوموا ، فما أنا فيه خير مما تدعوني إليه ... !! وهذا الحديث ( إيتوني بدواةٍ وقرطاسٍ ) حديث معروفٌ ، رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه ! وروى أن ابن عباس سمى تلك الحادثة ( رزية يوم الخميس ) ! * * * الحادية عشرة : أصيب النبي صلى الله عليه وآله بحمى شديدة في مرضه ، وكان يغشى عليه لدقائق من شدة الحمى ويفيق .. فأحس بأن بعض من حوله أرادوا أن يسقوه دواء عندما أغمي عليه ، فأفاق ونهاهم ، وشدد عليهم النهي بأن لايسقوه أي دواء إذا أغمي عليه .. ولكنهم اغتنموا فرصة الأغماء عليه بعد ذلك ، وصبوا في فمه دواء فرفضه ، فسقوه إياه بالقوة !!فأفاق النبي صلى الله عليه وآله ، ووبخهم على عملهم ! وأمر كل من كان حاضراً أن يشرب من ذلك الدواء ، ما عدا بني هاشم !! ورووا أن الجميع غير بني هاشم شربوا من ( ذلك ) الدواء !! هذه الحادثة المعروفة في السيرة بحادثة ( لَدّ النبي ) صلى الله عليه وآله ينبغي أن تعطى حقها من البحث والتحقيق ، فربما كانت محاولةً لقتل النبي صلى الله عليه وآله بالسم !! إن كل واحدة من هذه الحوادث تصلح أن تكون موضوعاً لرسالة دكتوراه .. ولكنا أردنا منها التمهيد لتفسير آية (سأل سائل) في مطلع سورة المعارج.. وإذا أردت أن تعرف الأبطال الحقيقيين لهذه الحوادث ، والأدمغة المخططة لها .. فابحث عن قريش ! وإذا أردت أن تفهم أكثر وتتعمق أكثر ، فابحث .. عن علاقة قريش باليهود !! اليس من حق الباحث أن يعجب من ذلك ، ويفهم كيف عصم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله من أن ترتد قريش في حياته، وتعلن كفرها بنبوته ! ولكنه لم يعصمه من أذاها ومؤامراتها .. فذلك هو طريق الأنبياء عليهم السلام وتكاليفه .. لاتغيير فيها ! استنفار قريش بعد الغدير تحركت قافلة النبوة والإمامة من غدير خمٍ نحو المدينة .. وسكن قلب النبي صلى الله عليه وآله واطمأن .. ولكن قريشاً لم تسكن ، بل صارت في حالة غليان من الغيظ ! هكذا تقول الأحاديث ، ومنطق الأحداث .. فقريش لاتسكت حتى ترى العذاب الأليم ! وقد قال لهم الصادق الأمين الذي لاينطق إلا وحياً صلى الله عليه وآله : ( لاأراكم منتهين يا معشر قريش ) !! إن آية العصمة من الناس كما قدمنا ، لاتعني أن الله تعالى جعل الطريق أمام رسوله صلى الله عليه وآله ناعماً كالحرير ، ولا أنه جعل له قريشاً فرساً ريِّضاً طائعاً.. نعم ، إن قدرته تعالى لا يمتنع منها شيء .. ولكنه أراد للأمور أن تجري بأسبابها ، وللأمة أن تجري عليها سنن الأمم الماضية ، فتمتحن بإطاعة نبيها من بعده، أو معصيته .. وهذا يستوجب أن تبقى لها القدرة على معصيته .. أما على الردة في حياته وفي وجهه .. فلا . إن قدرتها تصل إلى حد قولها لنبيها صلى الله عليه وآله : لانريد وصيتك ولا سنتك ولا عترتك ، حسبنا كتاب الله !! لكن ما بعد ذلك خطٌّ أحمر . . هكذا أراد الله تعالى !! لقد تحققت عصمة النبي صلى الله عليه وآله من قريش في منعطفات كثيرة في حجة الوداع .. في مكة ، وعرفات ، وفي ثلاث خطب في منى ، خاصةً خطبة مسجد الخيف .. وما تنفست قريش الصعداء إلا برحيل النبي من مكة بعد حجة الوداع دون أن يطالبها بالبيعة لعلي ! ولكن الله تعالى لم يكتف بذلك ، حتى أمر نبيه صلى الله عليه وآله أن يوقف المسلمين في طريق عودتهم في حر الظهيرة ، في صحراء ليس فيها كلأ لخيولهم وجمالهم ، ولا سوق ليشتروا منه علوفة وطعاماً ، إلا دوحةٌ من بضع أشجار على قليل من ماء ، وذلك بعد مسير ثلاثة أيام .. فلم يصبر عليهم حتى يصلوا إلى مدينة الجحفة التي لم يبق عنها إلا ميلان أو أقل ، بل كان أول القافلة وصل إلى مشارفها .. فبعث إليهم النبي وأرجعهم إلى صحراء الغدير ! كل ذلك لكي يصعد الرسول صلى الله عليه وآله المنبر في غير وقت صلاة ويرفع بيد ابن عمه وصهره علي عليه السلام ويقول لهم : هذا وليكم من بعدي ، ثم من بعده ولداه الحسن والحسين ، ثم تسعة من ذرية الحسين عليهم السلام . هنا تجلت آية العصمة من الناس مجسمةً للعيان .. فقد كمَّمَ الله تعالى أفواه قريش عن المعارضة ، وفتح أفواههم للموافقة ، فقالوا جميعاً : نشهد أنك بلغت عن ربك .. وأنك نعم الرسول .. سمعنا وأطعنا .. وتهافتوا مع المهنئين إلى خيمة علي.. وكبروا مع المكبرين عندما نزلت آية ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتتمت عليكم نعمتي ) ! ثم أصغوا جميعاً إلى قصيدة حسان بن ثابت في وصف نداء النبي صلى الله عليه وآله ، وإبلاغه عن ربه ولاية علي عليه السلام من بعده . واستمرت التهنئة من بعد صلاة العصر إلى ما شاء الله .. وبعد صلاة المغرب والعشاء تتابع المهنئون لعلي على ضوء القمر ليلة التاسع عشر من ذي الحجة .. فقد بات النبي صلى الله عليه وآله في غدير الإمامة ، وتحرك إلى المدينة بعد صلاة فجره .. وقيل بقي فيه يومان ! أما كيف سلب الله تعالى قريشاً القدرة على تخريب مراسم الغدير .. وكيف كف ألسنتها .. وهي السليطةُ بالاعتراض .. الجريئةُ على الأنبياء ؟! وكيف جعلها تفكر بأن تمرر هذا اليوم لمحمد صلى الله عليه وآله كي يفعل لبني هاشم وعليٍّ ما يشاء ؟! ذلك من عمله عز وجل، وقدرته المطلقة .. المطلقة ! وما نراه من الظاهر هو الأسلوب الأول الذي عصم الله به رسوله من ارتداد قريش ، ولا بد أن ما خفي عنا من ألطافه تعالى أعظم . أما الأسلوب الثاني فكان لغة العذاب السماوي ، التي لاتفهم قريش غيرها كما لم يفهم غيرها اليهود في زمان أنبيائهم !! أحجار من السماء للناطقين باسم قريش وردت في أحاديث السنة والشيعة أسماءٌ عديدةٌ لأشخاص اعترضوا على إعلان النبي صلى الله عليه وآله ولاية علي عليه السلام في غدير خم . ويفهم منها أن عدداً منها تصحيفات لاسم شخص واحد ، ولكن عدداً آخر لايمكن أن يكون تصحيفاً ، بل يدل على تعدد الحادثة ، خاصة أن العقاب السماوي في بعضها مختلف عن الآخر .. وهم :جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري .. والحارث بن النعمان الفهري .. والحرث بن النعمان الفهري .. وعمرو بن عتبة المخزومي .. والنضر بن الحارث الفهري .. والحارث بن عمرو الفهري .. والنعمان بن الحارث اليهودي .. والنعمان بن المنذر الفهري .. وعمرو بن الحارث الفهري .. ورجل من بني تيم .. ورجل أعرابي .. ورجل أعرابي من أهل نجد من ولد جعفر بن كلاب بن ربيعة . وكل هؤلاء قرشيون إلا الربيعي واليهودي ، إذا صحت روايتهما ! وليس فيهم أنصاري واحد ، إذ لم يعهد من الأنصار اعتراضٌ على الإمتيازات التي أعطاها الله تعالى لعترة النب في حياته صلى الله عليه وآله ! وإن تخاذلوا وخذلوهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله ولم يفوا له فيهم . وخلاصة الحادثة : أن أحد هؤلاء الأشخاص - أو أكثر من واحد - اعترض على النبي صلى الله عليه وآله واتهمه بأن إعلانه علياً عليه السلام ولياً على الأمة ، كان عملاً من عنده وليس بأمر الله تعالى ! ولم يقتنع بتأكيد النبي صلى الله عليه وآله له ، بأنه ما فعل ذلك إلا بأمر ربه ! وذهب المعترض من عند النبي صلى الله عليه وآله غاضباً وهو يدعو الله تعالى أن يمطر الله عليه حجارة من السماء إن كان هذا الأمر من عنده .. فرماه الله بحجرٍ من سجيلٍ فأهلكه ! أو أنزل عليه ناراً من السماء فأحرقته ! وهذه الحادثة تعني أن الله تعالى استعمل التخويف مع قريش أيضاً ، ليعصم رسوله صلى الله عليه وآله من تكاليف حركة الردة التي قد تُقْدِم عليها .. وبذلك تعزز عند زعماء قريش الإتجاه القائل بفشل المواجهة العسكرية مع النبي صلى الله عليه وآله ، وضرورة الصبر حتى يتوفاه الله تعالى ! * * * مسائل وبحوث في الآية وفي هذا الحديث النبوي ، والحادثة الربانية ، مسائل وبحوث ، أهمها :المسألة الأولى : في أن مصادر السنيين روت هذا الحديث لم تختص بروايته مصادرنا الشيعية بل روته مصادر السنيين أيضاً ، وأقدم من رواه من أئمتهم : أبو عبيد الهروي في كتابه : غريب القرآن . قال في مناقب آل أبي طالب 2/240 : أبو عبيد ، والثعلبي ، والنقاش ، وسفيان بن عينيه ، والرازي ، والقزويني ، والنيسابوري ، والطبرسي ، والطوسي في تفاسيرهم ، أنه لما بَلَّغَ رسول صلى الله عليه وآله بغدير خم ما بَلَّغ ، وشاع ذلك في البلاد ، أتى الحارث بن النعمان الفهري ، وفي رواية أبي عبيد : جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري فقال : يا محمد ! أمرتنا عن الله بشهادة أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وبالصلاة ، والصوم ، والحج ، والزكاة ، فقبلنا منك ، ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ! فهذا شيء منك أم من الله ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : والذي لاإله إلا هو إن هذا من الله . فولى جابر يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر ، فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله ، وأنزل الله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع .. الآية . انتهى . وقد أحصى علماؤنا ، كصاحب العبقات ، وصاحب الغدير ، وصاحب إحقاق الحق ، وصاحب نفحات الأزهار ، وغيرهم .. عدداً من أئمة السنيين وعلمائهم الذين أوردوا هذا الحديث في مصنفاتهم ، فزادت على الثلاثين .. نذكر منهم اثني عشر : 1 - الحافظ أبو عبيد الهروي المتوفى 223 ، في تفسيره (غريب القرآن ) . 2 - أبو بكر النقاش الموصلي البغدادي المتوفى 351 ، في تفسيره . 3 - أبو إسحاق الثعلبي المتوفى 427 ، في تفسيره ( الكشف والبيان ). 4 - الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب ( أداء حق الموالاة ) . 5 - أبو بكر يحيى القرطبي المتوفى 567 ، في تفسيره . 6 - أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654 في تذكرته . 7 - شيخ الإسلام الحمويني المتوفى 722 ، روى في فرائد السمطين في الباب الثالث عشر قال : أخبرني الشيخ عماد الدين الحافظ بن بدران بمدينة نابلس ، فيما أجاز لي أن أرويه عنه إجازة ، عن القاضي جمال الدين عبد القاسم بن عبد الصمد الأنصاري إجازة ، عن عبد الجبار بن محمد الحواري البيهقي إجازة ، عن الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي قال : قرأت على شيخنا الأستاذ أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره : أن سفيان بن عيينه سئل عن قوله عز وجل : سأل سائل بعذاب واقع ، فيمن نزلت فقال ... 8 - أبو السعود العمادي المتوفى 982 ، قال في تفسيره 8/292 : قيل هوالحرث بن النعمان الفهري ، وذلك أنه لما بلغه قول رسول الله عليه السلام في علي رضي الله عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه ، قال ... 9 - شمس الدين الشربيني القاهري الشافعي المتوفى 977 ، قال : في تفسيره السراج المنير : 4/364 : اختلف في هذا الداعي فقال ابن عباس : هو النضر بن الحرث ، وقيل : هو الحرث بن النعمان . . . 10 - الشيخ برهان الدين علي الحلبي الشافعي المتوفى 1044 ، روى في السيرة الحلبية : 3 / 302 ، وقال : لما شاع قوله صلى الله عليه وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه في ساير الأمصار وطار في جميع الأقطار ، بلغ الحرث بن النعمان الفهري ... إلى آخر لفظ سبط ابن الجوزي . 11 - شمس الدين الحفني الشافعي المتوفى 1181 ، قال في شرح الجامع الصغير للسيوطي : 2/387 ، في شرح قوله صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه . 12 - أبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى 1122 ، في شرح المواهب اللدنية / 13 . انتهى . وسيأتي ذكر بقية مصادر الحديث في بحث أسانيده . المسألة الثانية : هل أن سورة المعارج مكية أو مدنية يلاحظ القاريء أن الجو العام للسورة الشريفة الى آية 36 ، أقرب إلى جو السور المدنية وتشريعات سورة النور والمؤمنين ، وأن جو الآيات 36 إلى آخر السورة أقرب إلى جو السور المكية ، التي تؤكد على مسائل العقيدة والآخرة . ولهذا لايمكن معرفة مكان نزول السورة من آياتها ، حسب ما ذكروه من خصائص للسور المكية والمدنية ، وضوابط للتمييز بينها .. على أن هذه الخصائص والضوابط غير دقيقة ولا علمية ! وإذا صح لنا أن نقبل بها ، فلا بد أن نقول إن القسم الأخير من السورة من قوله تعالى ( فما للذين كفروا قبلك مهطعين ) إلى آخرها ، نزلت أولاً في مكة ، ثم نزل القسم الأول منها في المدينة ، ووضع في أولها !! ولكن ذلك ليس أكثر من ظن ! والطريق الصحيح لتعيين مكيتها أو مدنيتها هو النص ، والنص هنا متعارضٌ سواءً في مصادرنا أو مصادر السنيين ، ولكن المفسرين السنيين رجحوا مكيتها وعدوها في المكي . ولا يبعد أن ذلك هو المرجح حسب نصوص مصادرنا أيضاً . فقد روى القاضي النعمان في شرح الأخبار 1/241 : عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : نزلت والله بمكة للكافرين بولاية علي عليه السلام . انتهى . والظاهر أن مقصوده عليه السلام : أنها نزلت في مكة وكان مقدراً أن يأتي تأويلها في المدينة عند اعتراضهم على إعلان النبي صلى الله عليه وآله ولاية علي عليه السلام . وقال الكليني في الكافي 5/450 : قال : سأل أبو حنيفة أبا جعفر محمد بن النعمان صاحب الطاق ، فقال له: يا أبا جعفر ما تقول في المتعة ، أتزعم أنها حلال ؟ قال : نعم . قال : فما يمنعك أن تأمر نساءك أن يستمتعن ويكتسبن عليك ؟ فقال له أبو جعفر : ليس كل الصناعات يرغب فيها ، وإن كانت حلالاً ، وللناس أقدار ومراتب يرفعون أقدارهم . ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ ، أتزعم أنه حلال ؟ فقال : نعم . قال : فما يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نباذات فيكتسبن عليك ؟ فقال أبو حنيفة : واحدةٌ بواحدة ، وسهمك أنفذ !! ثم قال له : يا أبا جعفر إن الآية التي في سأل سائل ، تنطق بتحريم المتعة والرواية عن النبي صلى الله عليه وآله قد جاءت بنسخها ؟ فقال له أبو جعفر : يا أبا حنيفة إن سورة سأل سائل مكية ، وآية المتعة مدنية ، وروايتك شاذة ردية . فقال له أبو حنيفة : وآية الميراث أيضاً تنطق بنسخ المتعة ؟ فقال أبو جعفر : قد ثبت النكاح بغير ميراث . قال أبو حنيفة : من أين قلت ذاك ؟ فقال أبو جعفر : لو أن رجلاً من المسلمين تزوج امرأة من أهل الكتاب ، ثم توفي عنها ما تقول فيها ؟ قال : لاترث منه . قال : فقد ثبت النكاح بغير ميراث . ثم افترقا . انتهى . وقول أبي حنيفة إن سورة سأل سائل تنطق بتحريم المتعة ، يقصد به قوله تعالى في السورة ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ). فأجابه مؤمن الطاق بأن السورة مكيةوآية (فما استمعتم به منهن فآتوهن أجورهن) مدنية ، فكيف ينسخ المتقدم المتأخر ؟ ولكن الجواب الأصح : أن المتمتع بها زوجةٌ شرعية ، فهي مشمولة لقوله تعالى ( إلا على أزواجهم ) وقد أفتى عدد من علماء السنيين بأنه يجوز للرجل أن يتزوج امرأة حتى لو كان ناوياً أن يطلقها غداً ، وهو نفس المتعة التي يشنعون بها علينا . بل أفتى أبو حنيفة نفسه بأن الرجل لو استأجر امرأة لخدمته وكنْس منزله وغسل ثيابه ، فقد جاز له مقاربتها بدون عقد زواج ، لادائمٍ ولا منقطع !! بحجة أن عقد الأجارة يشمل ذلك ! وهذا أوسع من المتعة التي يقول بها الفقه الشيعي ، لأن عقد الزواج شرطٌ فيها، وإلا كانت زنا . وغرضنا أن المرجح أن تكون سورة المعارج مكية ، ولكن ذلك لايؤثر على صحة الحديث القائل بأن العذاب الواقع هو العذاب النازل على المعترض على النبي صلى الله عليه وآله عندما أعلن ولاية علي عليه السلام ، لأن ذلك يكون تأويلاً لها ، وإخباراً من جبرئيل عليه السلام بأن هذه الحادثة هي من العذاب الواقع الموعود . فقد تقدمت رواية شرح الأخبار في ذلك ، وستأتي منه رواية فيها (فأصابته الصاعقة فأحرقته النار ، فهبط جبرئيل وهو يقول : إقرأ يا محمد : سأل سائلٌ بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع ) . وهي كالنص في أن جبرئيل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وآله بتطبيق الآية أو تأويلها . بل يظهر من أحاديثنا أن ما حل بالعبدري والفهري ما هو إلا جزءٌ صغيرٌ من ( العذاب الواقع ) الموعود ، وأن أكثره سينزل تمهيداً لظهور الإمام المهدي عليه السلام أو نصرةً له .. وقد أوردنا في معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام : 5/458 ، عدة أحاديث عن الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام في تفسير العذاب الواقع بأحداثٍ تكون عند ظهور الإمام المهدي عليه السلام .. منها ما رواه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره : 2/385 قال : سأل سائلٌ بعذاب واقع، قال : سئل أبو جعفر عليه السلام عن معنى هذا، فقال: نارٌ تخرج من المغرب ، وملكٌ يسوقها من خلفها حتى تأتي دار بني سعد بن همام عند مسجدهم ، فلا تدع داراً لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها ، ولا تدع داراً فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها ، وذلك المهدي عليه السلام . ومنها ما رواه النعماني في كتاب الغيبة / 272 قال : حدثنا محمد بن همام قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام في قوله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع، قال : تأويلها فيما يأتي عذابٌ يقع في الثوية يعني ناراً حتى تنتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد، حتى تمر بثقيف لاتدع وتراً لآل محمد إلا أحرقته، وذلك قبل خروج القائم عليه السلام . انتهى . والأمكنة التي ذكرتها الروايتان ، من أمكنة الكوفة التي ثبت أن الإمام المهدي عليه السلام سيتخذها عاصمةً له. وقول الإمام الصادق عليه السلام ( تأويلها فيما يأتي ) يدل على أن مذهب أهل البيت عليهم السلام أن العذاب الواقع في الآية وعيدٌ إلهيٌّ مفتوحٌ منه ما وقع فيما مضى على المشركين والمنافقين ، ومنه ما يقع فيما يأتي على بقيتهم . . وهو المناسب لإطلاق التهديد في الآية ، ولسنة الله تعالى وانتصاره لدينه وأوليائه . المسألة الثالثة : هل العذاب في سورة المعارج دنيوي أم أخروي المتأمل في السورة نفسها بقطع النظر عن الأحاديث والتفاسير .. يلاحظ في النظرة الأولى أن موضوعها ومحور كل آياتها هو العذاب الأخروي وليس الدنيوي . كما أن آياتها لاتنص على ذم السائل لأنه سأل عن ذلك العذاب ، فقد يكون مجرد مستفهمٍ لاذنب له ، وقد يكون السائل بالعذاب هنا بمعنى الداعي به ، وقد رأيت أن القرطبي ذكر قولاً بأن السائل بالعذاب نبي الله نوح عليه السلام ، وقولاً آخر بأنه نبينا صلى الله عليه وآله ! ولذلك يرد في الذهن سؤال : من أين أطبق المفسرون الشيعة والسنة على أنها تشمل العذاب الدنيوي وأن ذلك السائل بالعذاب سأل متحدياً ومكذباً؟! والجواب : أن سر ذلك يكمن في ( باء ) العذاب ، وأن ( سأل به ) تعني التساؤل عن الشيء المدعي وطلبه ، استنكاراً وتحدياً ! فكلمة ( سأل به ) تدل على أن السائل سمع بهذا العذاب ، لأن النبي صلى الله عليه وآله كان ينذرهم بالعذاب الدنيوي والأخروي معاً .. فتساءل عنه ، وأنكره ، وتحدى أن يقع ! وقد أجابه الله تعالى بالسورة ، ولم ينف سبحانه العذاب الدنيوي لأعدائه ، وإن كان ركز على العذاب الأخروي وأوصافه ، لأنه الأساس والأكثر أهميةً واستمراراً ، وصفته الجزائية أكثر وضوحاً . فكأن السورة تقول : أيها المستهزؤون بالعذاب الذي ينذركم به رسولنا .. إن كل ما أنذركم به من عذاب دنيوي أو أخروي سوف يقع ، ولا دافع له عن الكفار .. فآمنوا بالله ليدفعه عنكم بقوانينه في دفع عذابه عن المؤمنين . فقوله تعالى ( للكافرين ليس له دافع ) ينفي إمكان دفعه عن الكافرين ، فهو ثابت لمن يستحقه منهم ، وهو أيضاً ثابتٌ لمن يستحقه من الذين قالوا آمنا .. والدافع له التوبة والاستغفار مثلاً . كما أن كلمة ( الكافرين ) في الآية لايبعد أن تكون بالمعنى اللغوي ، فتشمل الكافرين ببعض آيات الله تعالى ، أو بنعمه ، ولو كانوا مسلمين . وعندما نشك في أن كلمة استعملت بمعناها اللغوي أو الإصطلاحي ، فلا بد أن نرجح المعنى اللغوي ، لأنه الأصل ، والإصطلاحي يحتاج إلى قرينة . وقد وقع المفسرون السنيون في تهافتٍ في تفسير السورة ، لأنهم جعلوا (العذاب الواقع ) عذاباً أخروياً أو لغير المسلمين ، وفي نفس الوقت فسروه بعذاب النضر بن الحارث العبدري بقتله يوم بدر ، فصار بذلك شاملاً للعذاب الدنيوي ! وما أكثر تهافتهم في التفسير ! ويلاحظ الباحث في التفاسير السنية أنه يوجد منهجٌ فيها ، يحاول أصحابه دائماً أن يفسروا آيات العذاب الواردة في القرآن الكريم - خاصة التي نزلت في قريش - بالعذاب الأخروي ، أو يرموها على أهل الكتاب ، ويبعدوها حتى عن المنافقين ! وقد أوجب عليهم حرضهم هذا على تبرئة قريش ، أن يتهموا النبي صلى الله عليه وآله بأنه دعا ربه بالعذاب على قومه ، فلم يستجب له ! بل وبخه الله تعالى بقوله : ليس لك من الأمر شيء ...!! إلخ . وهكذا ركزت الدولة القرشية على مقولة اختيار الله لقريش ، وعدم سماحه بعذابها ، وجعلتها أحاديث نبوية ، ولو كان فيها تخطئةٌ وإهانةٌ للنبي صلى الله عليه وآله .. وأدخلتها في مصادر التفسير والحديث !! أما عندما يضطرون إلى الإعتراف بوقوع العذاب الدنيوي لأحد فراعنة قريش ، فيقولون إنه خاصٌ بحالة معينة ، مثل حالة النضر بن الحارث ، وقد وقعت في بدر وانتهى الأمر ! اختار الفخر الرازي في تفسيره : 30/122 ، أن العذاب المذكور في مطلع السورة هو العذاب الأخروي ، وأن الدنيوي مخصوص بالنضر بن الحارث ، قال : ( لأن العذاب نازل للكافرين في الآخرة لايدفعه عنهم أحد، وقد وقع بالنضر لأنه قتل يوم بدر ) ، ثم وصف هذا الرأي بأنه سديد .. وهو بذلك يتابع جمهور المفسرين السنيين ، الذين قالوا بانتهاء العذاب الدنيوي الموعود ، مع أن السورة لاتشير إلى انتهاء أي نوع من العذاب الموعود !! على أن حرص المفسرين القرشيين على إبعاد العذاب عن قريش ، أقل تشدداً من حرص المحدثين الرسميين ، فهؤلاء لايقبلون ( العذاب الواقع ) لأحدٍ من قريش ، حتى للنضر بن الحارث وحتى لأبي جهل ! فهم الذين اخترعوا تهمة النبي صلى الله عليه وآله بأنه دعا على قومه، فوبخه الله تعالى ! فقد روى البخاري في صحيحه : 5/199 : ( عن أنس بن مالك قال : قال أبو جهل : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فنزلت : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) . ورواه البخاري في عدة أماكن أخرى ، ورواه مسلم في : 8/129 !! وإذا أردت أن تقرأ ما لاتكاد تصدقه عيناك ، فاقرأ ما رووه في تفسير قوله تعالى ( ليس لك من الأمر شيء ) فهي آيةٌ تنفي عن النبي صلى الله عليه وآله كل أنواع الألوهية والشراكة لله تعالى ، ولكنها في نفس الوقت لاتسلب عنه شيئاً من مقامه النبوي وخلقه العظيم وحكمته ، وحرصه على هداية قومه .. لكن أنظر ماذا عمل المحدثون القرشيون في تفسيرها ، وكيف صوروا النبي صلى الله عليه وآله بأنه ضيق الصدر ، مبغضٌ لقريش ، يريد الإعتداء عليها وظلمها .. !! فينزل الوحي مدافعاً عن هذه القبائل المقدسة الثلاث وعشرين ، ورد عدوانية نبيه عنها !! ولا يتسع المجال للإفاضة في هذا الموضوع ، ولكن القاريء السني يجد نفسه متحيراً بين ولاء المفسرين لقريش ، كالمفسر مجاهد الذي يسمح بكون قتل بعض فراعنتها كالنضر عذاباً لها ، وبين ولاء المحدثين لها كالبخاري الذي يقول إن قتل النضر وأبي جهل ليس هو العذاب الإلهي ، فهؤلاء قومٌ برزوا إلى مضاجعهم ، فقد رفع الله عذابه عن قريش ، ووبخ رسوله ، لأنه دعا عليها !! وأخيراً .. يمكن للباحث أن يستدل لنصرة رأي المفسرين القائل بأن العذاب في السورة يشمل العذاب الدنيوي ، بما رواه ابن سعد في الطبقات ، من قصة اختلاف طلحة والزبير وابنيهما على إمامة الصلاة في معسكر عائشة في حرب الجمل ، قال : ( ولما قدموا البصرة أخذوا بيت المال ، وختماه جميعاً طلحة والزبير ، وحضرت الصلاة فتدافع طلحة والزبير حتى كادت الصلاة تفوت ، ثم اصطلحا على أن يصلي عبد الله بن الزبير صلاةً ومحمد بن طلحة صلاةً ، فذهب ابن الزبير يتقدم فأخره محمد بن طلحة ، وذهب محمد بن طلحة يتقدم فأخره عبد الله بن الزبير عن أول صلاة !! فاقترعا فقرعه محمد بن طلحة ، فتقدم فقرأ : سأل سائل بعذاب واقع ) !!. انتهى . فقد فهم محمد بن طلحة القرشي التيمي من السورة أنها تهديدٌ بعذاب دنيوي ، ولذلك هدد بها ابن الزبير ! وهو دليلٌ على أن الإرتكاز الذهني عند الصحابة المعاصرين للنزول ، أن العذاب في السورة يشمل العذاب الدنيوي أيضاً . المسألة الرابعة : موقف السنيين من الحديث موقف الذين أوردوا الحديث من السنيين ليس واحداً .. فمنهم من قبله ورجحه على غيره كأبي عبيد والثعلبي والحمويني .. ومنهم من نقله بصيغة : روي أو قيل أو رجح غيره عليه . ولكن أحداً منهم لم يطعن فيه.. وأقل موقفهم منه أنه حديثٌ موجودٌ ، قد يكون سنده صحيحاً ، ولكن غيره أرجح منه ، كما سترى . إن العالم السني يرى نفسه ملزماً باحترام هذا الحديث ، بل يرى أنه بإمكانه أن يطمئن إليه ويأخذ به ، لأن الذين قبلوه من أئمة العلم والدين قد يكتفي العلماء بمجرد نقل أحدهم للحديث وقبوله له ، كأبي عبيد وسفيان بن عيينة.. وقد رأينا المحدث الألباني الذي يعتبره الكثيرون المجتهد الأول في التصحيح والتضعيف في عصرنا، ربما اكتفي في سلسلة أحاديثه الصحيحة للحكم بصحة الحديث بتصحيح عالمين أو ثلاثة من قبيل : ابن تيمية والذهبي وابن القيم . مضافاً إلى أن المحدثين السنة ذكروا له طرقاً أخرى ، عن حذيفة ، وعن أبي هريرة وغيرهما .. وتجد ترجمات أئمتهم والرواة الذين رووا الحديث مفصلةً في مصادر الجرح والتعديل السنية ، وفي عبقات الأنوار ، والغدير ، ونفحات الأزهار ، من مصادرنا . نماذج من تفسيرات السنيين لآية : سأل سائل قال الشوكاني في فتح القدير : 5/352 : ( وهذا السائل هو النضر بن الحارث حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . وهو ممن قتل يوم بدر صبراً . وقيل : هو أبو جهل . وقيل : هو الحارث بن النعمان الفهري . والأول أولى لما سيأتي ) . انتهى . وقصده بما يأتي ما ذكره في ص 356 ، من رواياتهم التي تثبت أن السورة مكية وأن صاحب العذاب الواقع هو النضر ، وليس ابنه جابراً ، ولا الحارث الفهري قال : ( وقد أخرج الفريابي وعبد بن حميد والنسائي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : سأل سائل ، قال : هو النضر بن الحارث قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ) . انتهى . ولم يذكر الشوكاني الحديث المروي في جابر والحارث ، ومن رووه ، ولماذا رجح عليه حديث النضر ؟ هل بسبب السند أو الدلالة ..؟ إلخ . ولو أنه اقتصر على ذكر ما اختاره في سبب نزولها لكان له وجهٌ ، ولكنه ذكر القولين ، وذكر رواية أحدهما دون الآخر ، وهذا تحيز بدون مبرر ! لكن شمس الدين الشربيني القاهري الشافعي المتوفى سنة 977 ، صاحب التفسير المعروف ، كان أكثر إنصافاً من الشوكاني ، فقد ذكر السببين معاً ، فقال كما نقل عنه صاحب عبقات الأنوار : 7/398 : ( سأل سائل بعذاب واقع : اختلف في هذا الداعي ، فقال ابن عباس : هو النضر بن الحارث . وقيل : هو الحارث بن النعمان ، وذلك أنه لما بلغه قول النبي صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فعلي مولاه ، ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته في الأبطح ثم قال : يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك ...) إلخ . انتهى . أما أبو عبيد المتوفى سنة 223 ، فقد جعل الحديث سبباً لنزول الآية على نحو الجزم ، لأنه ثبت عنده ، ولعله لم يثبت عنده غيره حتى يذكره . فقال كما في نفحات الأزهار : 7/291 : ( لما بَلَّغَ رسول الله صلى الله عليه وسلم غدير خم ما بلغ ، وشاع ذلك في البلاد ، أتى جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري فقال : يا محمد ! أمرتنا من الله أن نشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله ، وبالصلاة ، والصوم والحج ، والزكاة ، فقبلنا منك .. ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ! فهذا شيء منك أم من الله ؟! فقال رسول الله : والله الذي لاإله إلا هو إنَّ هذا من الله . فولى جابر يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله ، وأنزل الله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع.. الآية ) . انتهى . وقال القرطبي في تفسيره : 18/278 : ( أي سأل سائل عذاباً واقعاً . للكافرين : أي على الكافرين . وهو النضر بن الحارث حيث قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فنزل سؤاله . وقتل يوم بدر صبرا هو وعقبة بن أبي معيط ، لم يقتل صبرا غيرهما ، قاله ابن عباس ومجاهد . وقيل : إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنه لما بلغه قول النبي صلى الله عليه وسلم في علي رضي الله عنه ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح .. إلى آخره ، بنحو رواية أبي عبيد . ثم قال : وقيل : إن السائل هنا أبو جهل ، وهو القائل لذلك ، قاله الربيع. وقيل : إنه قول جماعةٍ من كفار قريش . وقيل : هو نوح عليه السلام سأل العذاب على الكافرين . وقيل : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي دعا عليه السلام بالعقاب، وطلب أن يوقعه الله بالكفار ، وهو واقع بهم لامحالة ، وامتد الكلام إلى قوله تعالى : فاصبر صبراً جميلاً أي : لاتستعجل فإنه قريب ) . انتهى . * * * وبذلك نلاحظ أن المفسرين السنيين وإن رجحوا تفسير الآية بالنضر بن الحارث العبدري ، ورجحوا أن العذاب الموعود فيها هو قتله في بدر..لكنهم في نفس الوقت ذكروا تفسيرها بوقوع العذاب على من اعترض على النبي صلى الله عليه وآله لإعلانه ولاية علي عليه السلام من بعده في غدير خم ! ومجرد ورود ذلك التفسير في مصادرهم بصفته قولاً محترماً في تفسير الآية ، وإن رجحوا عليه غيره ، يدل على وجود إعلان نبوي رسمي بحق علي ، ووجود اعتراضٍ عليه !والمسلم لايحتاج إلى أكثر من اعتراف المفسرين بذلك ، سواء ًوقعت الصاعقة على المعترض أم لم تقع ، وسواء نزلت سورة المعارج عند هذه الحادثة أم لم تنزل !! فلا بد لنا من توجيه الشكر لهم ، وإن ناقشناهم في الوجه الآخر الذي رجحوه . وأهم الإشكالات التي ترد عليهم : أن القول الذي رجحوه إنما هو قول صحابي أو تابعي ، ابن عباس ومجاهد ، وليس حديثاً عن النبي صلى الله عليه وآله ، بينما التفسير الشيعي لها حديث مرفوع . ويرد على تفسيرهم أيضاً : أن من المتفق عليه عندهم تقريباً أن السؤال في الآية حقيقي وليس مجازياً ، فالنضر بن الحارث ، حسب قولهم سأل بالعذاب الواقع ، وطلب نزوله فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . فعذبه الله في بدرٍ بالقتل . لكن آية مطر الحجارة هي من سورة الأنفال التي نزلت مع أحكام الأنفال بعد بدر ، وبعد قتل النضر .. فكيف يكون جواب قول النضر نزل في سورة مكية قبل الهجرة ، ونفس قوله نزل في سورة مدنية ، بعد هلاكه ؟! ويرد عليه أيضاً : أن قولهم ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأنزل علينا حجارة من السماء ) أكثر تناسباً وانطباقاً على تفسيرنا ، وأصعب انطباقاً على تفسيرهم .. لأن معناه على تفسيرهم : اللهم إن كان هذا الدين منزلاً من عندك فأمطر علينا حجارة ! ومعناه على تفسيرنا : اللهم إن كان الحكم لآل محمد صلى الله عليه وآله من بعده منزلاً من عندك ، فأمطر علينا حجارة ! وهذا أكثر تناسباً ، لأن الدعاء بحجارة من السماء لايقوله قائله إلا في حالة اليأس من التعايش مع وضع سياسي جديد ، يتحدى وضعه القبلي المتجذر في صميمه !! ويرد عليه أيضاً : أنه لو صح قولهم ، فهو لايمنع من تفسيرنا ، فلا وجه لافتراضهم التعارض بينهما.. فأي تعارض بين أن يكون العذاب الواقع هو العذاب الذي وقع على النضر بن الحارث في بدر ، ثم وقع على ولده جابر بن النضر ، كما في رواية أبي عبيد ، ثم وقع ويقع على الآخرين من مستحقيه ! وينبغي أن نشير هنا إلى قاعدة مهمة في تفسير القرآن والنصوص عامة ، وهي ضرورة المحافظة على إطلاقات النص ما أمكن وعدم تضييقها وتقييدها.. فالآية الكريمة تقول إن أحدهم تحدى وتساءل عن العذاب الموعود ، الذي أنذر به النبي صلى الله عليه وآله ، فأجابه الله تعالى إنه واقعٌ بالكفار لامحالة كما أنذركم به رسولنا صلى الله عليه وآله حرفياً ، في الدنيا وفي الآخرة ، وأنه جارٍ في الكفار وفي من آمن ، حسب القوانين الخاصة التي وضعها له الله تعالى . وعليه فيكون عذاب الله تعالى لقريش في بدر والخندق من ذلك العذاب الواقع الموعود ، وعذابهم بالجوع والقحط ، منه أيضاً . وعذابهم بفتح مكة واستسلامهم وخلعهم سلاحهم ، منه أيضاً . ويكون عذاب المعترضين على النبي صلى الله عليه وآله لإعلانه ولاية عترته من بعده ، منه أيضاً ! فلا موجب لحصر الآية بالنضر وحده ، ولا لتضييق العذاب المنذر به بقتل شخص ، ولو كان فرعوناً ، ولاحصره بعصر دون عصر ، بل هو مفتوح الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. وكم تجد عند المفسرين السنيين من هذه التضييقات في آيات العذاب والرحمة ، حيث يحصرون أنفسهم فيها بلا موجب ، ويحصرون فيها كلام الله المطلق ، بلا دليل ! المسألة الخامسة : موقف النواصب من حديث حجر السجيل لم نعثر على أحد من النواصب المبغضين لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله ، رد هذا الحديث وكذبه قبل .. ابن تيمية ، فقد هاجمه بعنف وتخبط في رده ! وتبعه على ذلك من المتأخرين الشيخ محمد رشيد رضا في كتابه تفسير المنار.. ومن الملاحظ أنه شخص ناصبي متأثرٌ بابن تيمية وتلميذه ابن قيم المدرسة الجوزية ، بل مقلدٌ لهما في كثير من أفكارهما ، وقد أدخلها في تفسيره وقد استفاد لنشرها من اسم أستاذه الشيخ محمد عبده رحمه الله ، حيث خلط في تفسيره بين أفكاره وأفكار أستاذه ! ويلمس القارئ الفرق بين الجزءين الأولين من تفسير المنار اللذين كتبهما في حياة الشيخ محمد عبده ، واستفاد مما سجله من دروسه ، ففيهما من عقلانيته رحمه الله واعتقاده بولاية أهل البيت عليهم السلام ، وبين الأجزاء التي أخرجها رشيد رضا بعد وفاة الشيخ محمد عبده ، أو أعاد طباعتها ، وفيها أفكاره الناصبة لأهل البيت عليهم السلام . وقد نقل صاحب تفسير المنار في : 6/464 وما بعدها عن تفسير الثعلبي أن هذا القول من النبي صلى الله عليه وآله في موالاة علي شاع وطار في البلاد ، فبلغ الحارث بن النعمان الفهري فأتى النبي صلى الله عليه وآله على ناقة وكان بالأبطح فنزل وعقل ناقته ، وقال للنبي صلى الله عليه وآله وهو في ملأ من أصحابه: يا محمد أمرتنا من الله أن نشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ... ثم ذكر سائر أركان الإسلام ... ثم لم ترضَ بهذا حتى مددت بضبعي ابن عمك وفضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ! فهذا منك أم من الله ! فقال صلى الله عليه وآله : والله الذي لاإله إلا هو ، هو أمر الله . فولى الحارث يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ! فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجرٍ فسقط على هامته وخرج من دبره وأنزل الله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع .. الحديث ... ثم قال رشيد رضا : وهذه الرواية موضوعة ، وسورة المعارج هذه مكية ، وما حكاه الله من قول بعض كفار قريش ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ..) كان تذكيراً بقول قالوه قبل الهجرة ، وهذا التذكير في سورة الأنفال ، وقد نزلت بعد غزوة بدر قبل نزول المائدة ببضع سنين ، وظاهر الرواية أن الحارث بن النعمان هذا كان مسلماً فارتد ، ولم يعرف في الصحابة ، والأبطح بمكة والنبي صلى الله عليه وآله لم يرجع من غدير خم إلى مكة ، بل نزل فيه منصرفه من حجة الوداع إلى المدينة . انتهى . وكأن رشيد رضا اغتاظ من هذا الحديث ، وحاول تكذيبه من ناحية سنده فلم يجد ما يشفي غليله ، ولما وجد تكذيب ابن تيمية له بنقد متنه فرح به وتبناه ، ولكنه لم ينسبه الى إمامه ابن تيمية ! وعمدة ما قاله ابن تيمية وصاحب المنار : أن مكان الرواية الأبطح ، وهو مكان في مكة ، والنبي صلى الله عليه وآله لم يرجع بعد الغدير إلى مكة .. وقد جهلا أو تجاهلا أبطح المدينة المشهور ! ثم قالا : إن الرواية تدعي أن الآية نزلت في المدينة ، مع أن سورة المعارج مكية..وقد تجاهلا أن جوَّ السورة إلى الآية 36 على الأقل مدني ، وأن هذا الحديث دليل على مدنيتها . ثم لو صح كونها مكية ، فقد يتكرر نزول الآية لبيان تفسيرها أو تأويلها ، فتكون الحادثة تأويلاً لها. وقد روى المفسرون نزول آية (إنا أعطيناك الكوثر) في عدة مواضع نزل بها جبرئيل ، تسليةً لقلب الرسول صلى الله عليه وآله . فما المانع أن يكون تأويل العذاب الواقع قد وقع في ( عشيرة العذاب الواقع) فتحقق في الأب النضر بن الحارث عندما قتله النبي صلى الله عليه وآله في بدر ، ثم تحقق في الابن جابر عندما قتله الله بحجرٍ من السماء في أبطح المدينة ، وأن يكون جبرئيل عليه السلام أكد الآية عندما تحقق تأويلها . ثم من حق الباحث أن يقول لهما: لو سلمنا أن ذكر نزول الآية في الحادثة خطأ ، أو زيادة ، فما ذنب بقية الحديث ؟! فلماذا تردونه كله ولا تقتصرون على رد زيادته، وهو نزول الآية بمناسبته ؟! وقد ناقش صاحب تفسير الميزان 6/54 ، تضعيف صاحب المنار للحديث فقال : وأنت ترى ما في كلامه من التحكم . أما قوله إن الرواية موضوعة وسورة المعارج هذه مكية ، فيعول في ذلك على ما في بعض الروايات عن ابن عباس وابن الزبير أن سورة المعارج نزلت بمكة ، وليت شعري ما هو المرجح لهذه الرواية على تلك الرواية، والجميع آحاد . ولو سلمنا أن سورة المعارج مكية كما ربما تؤيده مضامين معظم آياتها ، فما هو الدليل على أن جميع آياتها مكية ؟ فلتكن السورة مكية والآيتان خاصة غير مكيتين . كما أن سورتنا هذه ، أعني سورة المائدة ، مدنية نازلة في آخر عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد وضعت فيها الآية المبحوث عنها ، أعني قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ، الآية ) وهو ، كغيره من المفسرين ، مصرّ على أنها نزلت بمكة في أول البعثة ! ... وأما قوله وما حكاه الله من قول بعض كفار قريش .. إلى آخره ، فهو في التحكم كسابقه ، فهب أن سورة الأنفال نزلت قبل المائدة ببضع سنين ، فهل يمنع ذلك أن يوضع عند التأليف بعض الآيات النازلة بعدها فيها ، كما وضعت آيات الربا وآية : ( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ) البقرة – 281 وهي آخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وآله عندهم ، في سورة البقرة النازلة في أوائل الهجرة ، وقد نزلت قبلها ببضع سنين ؟ ثم قوله إن آية : ( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق ، الآية ) تذكيرٌ لما قالوه قبل الهجرة ، تحكمٌ آخر من غير حجة ، لو لم يكن سياق الآية حجة على خلافه ، فإن العارف بأساليب الكلام لايكاد يرتاب في أن هذا ، أعني قوله : ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) لاشتماله على قوله : إن كان هذا هو الحق من عندك ، بما فيه من اسم الإشارة وضمير الفصل والحق المحلى باللام ، وقوله من عندك ، ليس كلام وثني مشرك يستهزىء بالحق ويسخر منه ، إنما هو كلام من أذعن بمقام الربوبية ، ويرى أن الأمور الحقة تتعين من لدنه وأن الشرائع مثلاً تنزل من عنده ، ثم إنه يتوقف في أمر منسوب إلى الله تعالى يدعي مدعٍ أنه الحق لاغيره ، وهو لايتحمل ذلك ويتحرج منه ، فيدعو على نفسه دعاء منزجر ملول سئم الحياة . وأما قوله : وظاهر الرواية أن الحارث بن النعمان هذا كان مسلماً فارتد ، ولم يعرف في الصحابة ، تحكم آخر ! فهل يسع أحداً أن يدعي أنهم ضبطوا أسماء كل من رأى النبي صلى الله عليه وآله ، وآمن به ، أو آمن به فارتد ! وإن يكن شيء من ذلك فليكن هذا الخبر من ذلك القبيل . وأما قوله والأبطح بمكة والنبي صلى الله عليه وآله لم يرجع من غدير خم إلى مكة ، فهو يشهد على أنه أخذ لفظ الأبطح اسماً للمكان الخاص بمكة ، ولم يحمله على معناه العام وهو كل مكان ذي رمل .. ولا دليل على ما حمله عليه ، بل الدليل على خلافه وهو القصة المسرودة في الرواية وغيرها ... قال في مراصد الإطلاع : أبطح بالفتح ثم السكون وفتح الطاء والحاء المهملة : كل مسيل فيه رقاق الحصى فهو أبطح ... على أن الرواية بعينها رواها غير الثعلبي ، وليس فيه ذكر من الأبطح ، وهي ما يأتي من رواية المجمع من طريق الجمهور وغيرها . وبعد هذا كله ، فالرواية من الآحاد وليست من المتواترات ، ولا مما قامت على صحتها قرينة قطعية ، وقد عرفت من أبحاثنا المتقدمة أنا لانعول على الآحاد في غير الأحكام الفرعية ، على طبق الميزان العام العقلائي ، الذي عليه بناء الإنسان في حياته ، وإنما المراد بالبحث الآنف بيان فساد ما استظهر به من الوجوه التي استنتج منها أنها موضوعة ) . انتهى . * * * وكلام صاحب الميزان رحمه الله في رد تضعيف رشيد رضا للحديث كلامٌ قوي ، لكن ليته بدل أن يضعِّف الحديث بدعوى أنه من أخبار الآحاد ، اطلع على مصادره ورواته.. وعلى بحث الأميني حوله في المجلد الأول من الغدير ، وبحث السيد النقوي الهندي في عبقات الأنوار : مجلد 7 و8 ، وغيرهما . ونورد فيما يلي خلاصةً لما كتبه صاحب الغدير رحمه الله في : 1/239 ، قال : ومن الآيات النازلة بعد نص الغدير ، قوله تعالى من سورة المعارج : سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج . وقد أذعنت به الشيعة وجاء مثبتاً في كتب التفسير والحديث لمن لايستهان بهم من علماء أهل السنة ، ودونك نصوصها .. ثم أورد صاحب الغدير أعلى الله مقامه نصوص ثلاثين عالما سنياً رووا الحديث في مؤلفاتهم بعدة طرق ، وفيهم محدثان أقدم من الثعلبي كما تقدم .. ثم أفاض في رد الوجوه التي ذكرها ابن تيمية في كتابه منهاج السنة : 4/13 ، وأجاب عنها ، ونورد فيما يلي خلاصتها ، قال رحمه الله : الوجه الأول : إن قصة الغدير كانت في مرتجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ، وقد أجمع الناس على هذا ، وفي الحديث : أنها لما شاعت في البلاد جاءه الحارث ، وهو بالأبطح بمكة ، وطبع الحال يقتضي أن يكون ذلك بالمدينة ، فالمفتعل للرواية كان يجهل تاريخ قصة الغدير . الجواب : أولاً ، ما سلف في رواية الحلبي في السيرة ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة ، والشيخ محمد صدر العالم في معارج العلي ، من أن مجيء السائل كان في المسجد إن أريد منه مسجد المدينة ، ونص الحلبي على أنه كان بالمدينة، لكن ابن تيمية عزب عن ذلك كله ، فطفق يهملج في تفنيد الرواية بصورة جزمية .... فحسب اختصاص الأبطح بحوالي مكة ، ولو كان يراجع كتب الحديث ومعاجم اللغة والبلدان والأدب لوجد فيها نصوص أربابها بأن الأبطح كل مسيل فيه دقاق الحصى . روى البخاري في صحيحه : 1/181 ، ومسلم في صحيحه : 1/382 : ( عن عبد الله ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء بذي الحليفة فصلى بها ) . الوجه الثاني : أن سورة المعارج مكية باتفاق أهل العلم ، فيكون نزولها قبل واقعة الغدير بعشر سنين أو أكثر من ذلك . الجواب : أن المتيقن من معقد الإجماع المذكور هو نزول مجموع السورة مكياً ، لاجميع آياتها ، فيمكن أن يكون خصوص هذه الآية مدنياً ، كما في كثير من السور . ولا يرد عليه أن المتيقن من كون السورة مكية أو مدنية ، هو كون مفاتيحها كذلك أو الآية التي انتزع منها اسم السورة ، لما قدمناه من أن هذا الترتيب هو ما اقتضاه التوقيف ، لاترتيب النزول ، فمن الممكن نزول هذه الآية أخيراً ، وتقدمها على النازلات قبلها بالتوقيف ، وإن كنا جهلنا الحكمة في ذلك ، كما جهلناها في أكثر موارد الترتيب في الذكر الحكيم ، وكم لها من نظير ، ومن ذلك : 1 - سورة العنكبوت ، فإنها مكية إلا من أولها عشرة آيات ، كما رواه الطبري في تفسيره في الجزء العشرين / 86 ، والقرطبي في تفسيره 13/323 . 2 - سورة الكهف ، فإنها مكية إلا من أولها سبع آيات ، فهي مدنية ... كما في تفسير القرطبي 10/346 ، وإتقان السيوطي 1/16 ... ثم عدد الأميني سبع عشرة سورة مكية ، فيها آيات مدنية ، وسوراً مدنية فيها آيات مكية . الوجه الثالث : أن قوله تعالى : وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، نزلت عقيب بدر بالإتفاق قبل يوم الغدير بسنين . الجواب : كأن هذا الرجل يحسب أن من يروي تلك الأحاديث المتعاضدة يرى نزول ما لهج به الحارث بن النعمان الكافر من الآية الكريمة ... في اليوم المذكور . والقارئ لهاتيك الأخبار جد عليم بمينه في هذا الحسبان ، أو أنه يرى حجراً على الآيات السابق نزولها أن ينطق بها أحدٌ ، فهل في هذه الرواية غير أن الرجل المرتد الحارث أو جابر تفوه بهذه الكلمات ؟ وأين هو من وقت نزولها، فدعها يكن نزولها في بدر أو أحد ، فالرجل أبدى كفره بها كما أبدى الكفار قبله إلحادهم بها ! لكن ابن تيمية يريد تكثير الوجوه في إبطال الحق الثابت . الوجه الرابع : أنها نزلت بسبب ما قاله المشركون بمكة ، ولم ينزل عليهم العذاب هناك لوجود النبي صلى الله عليه وآله ، لقوله تعالى : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون . الجواب : لاملازمة بين عدم نزول العذاب في مكة على المشركين ، وبين عدم نزوله هاهنا على الرجل ، فإن أفعال المولى سبحانه تختلف باختلاف وجوه الحكمة . ثم أورد الأميني عدداً من الذين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وآله فعذبهم الله تعالى ، ثم قال : ( ولو كان وجود الرسول صلى الله عليه وآله مانعاً عن جميع أقسام العذاب بالجملة ، لما صح ذلك التهديد ، ولما أصيب النفر الذين ذكرناهم بدعوته ، ولما قتل أحد في مغازيه بعضبه الرهيف ، فإن كل هذه من أقسام العذاب ، أعاذنا الله منها ) . الوجه الخامس : أنه لو صح ذلك لكان آية كآيةً أصحاب الفيل ، ومثلها تتوفر الدواعي لنقله ، ولما وجدنا المصنفين في العلم من أرباب المسانيد والصحاح والفضايل والتفسير والسير ونحوها ، قد أهملوه رأساً فلا يروى إلا بهذا الإسناد المنكر ، فعلم أنه كذب باطل . الجواب : إن قياس هذه التي هي حادثة فردية ، لاتحدث في المجتمع فراغاً كبيراً يؤبه له ، وورائها أغراض مستهدفة تحاول إسدال ستور الإنساء عليها كما أسدلوها على نص الغدير نفسه ... مجازفةٌ ظاهرةٌ ، فإن من حكم الضرورة أن الدواعي في الأولى دونها في الثانية ... وأما ما ادعاه ابن تيمية من إهمال طبقات المصنفين لها ، فهو مجازفة أخرى لما أسلفناه من رواية المصنفين لها من أئمة العلم ، وحملة التفسير ، وحفاظ الحديث ، ونقلة التاريخ . . . لم نعرف المشار إليه في قوله : بهذا الإسناد المنكر ! فإنه لاينتهي إلا إلى حذيفة بن اليمان الصحابي العظيم ، وسفيان بن عيينة المعروف بإمامته في العلم والحديث والتفسير ، وثقته في الرواية . وأما الإسناد إليهما ، فقد عرفه الحفاظ والمحدثون والمفسرون المنقبون في هذا الشأن ، فوجدوه حرياًّ بالذكر والإعتماد ، وفسروا به آيات من الذكر الحكيم ، من دون أي نكير ، ولم يكونوا بالذين يفسرون الكتاب بالتافهات . نعم : هكذا سبق العلماء وفعلوا ، لكن ابن تيمية استنكر السند ، وناقش في المتن لأن شيئاً من ذلك لايلائم دعارة خطته ! الوجه السادس : أن المعلوم من هذا الحديث أن حارثاً المذكور كان مسلماًَ باعترافه بالمباديء الخمسة الإسلامية ، ومن المعلوم بالضرورة أن أحداً من المسلمين لم يصبه عذاب على العهد النبوي . الجواب : إن الحديث كما أثبت إسلام الحارث ، فكذلك أثبت ردته برده قول النبي صلى الله عليه وآله وتشكيكه فيما أخبر به عن الله تعالى ، والعذاب لم يأته حين إسلامه ، وإنما جاءه بعد الكفر والإرتداد ... على أن في المسلمين من شملته العقوبة لما تجرؤوا على قدس صاحب الرسالة ... ثم ذكر الأميني عدداً من الذين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وآله من المسلمين ، منهم من ذكره مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع : أن رجلاً أكل عند النبي صلى الله عليه وآله بشماله ، فقال : كل بيمينك . قال : لاأستطيع ، قال : لااستطعت ! قال : فما رفعها إلى فيه بعد .. إلخ . الوجه السابع : أن الحارث بن النعمان غير معروف في الصحابة ، ولم يذكره ابن عبد البر في الإستيعاب وابن مندة وأبو نعيم الأصبهاني وأبو موسى في تآليف ألفوها في أسماء الصحابة ، فلم نتحقق وجوده . الجواب : إن معاجم الصحابة غير كافلة لاستيفاء أسمائهم ، فكل مؤلف من أربابها جمع ما وسعته حيطته وأحاط به إطلاعه ، ثم جاء المتأخر عنه فاستدرك على من قبله بما أوقفه السير في غضون الكتب وتضاعيف الآثار ، وأوفى ما وجدناه من ذلك كتاب الإصابة بتمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ، ومع ذلك فهو يقول في مستهل كتابه : ( ومع ذلك فلم يحصل لنا من ذلك جميعاً الوقوف على العشر من أسامي الصحابة بالنسبة إلى ما جاء عن أبي زرعة الرازي قال : توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان ، من رجل وامرأة ، كلهم قد روى عنه سماعاً أو رؤية ... ) وبعد هذا كله فالنافي لشخص لم يجد اسمه في كتب هذا شأنها خارج عن ميزان النصفة ، ومتحايد عن نواميس البحث ، على أن من المحتمل قريباً أن مؤلفي معاجم الصحابة أهملوا ذكره لردته الأخيرة . انتهى . ونضيف إلى ما ذكره صاحب الغدير رحمه الله وما تقدم : أولاً : أن من الأدلة القوية على صحة هذا الحديث أنه لايمكن أن ينشأ من فراغ، وأن احتمال وضعه من قبل رواة الخلافة القرشية غير معقول ، لأنهم لايقدمون على وضع حديث يثبت أن ولاية علي عليه السلام نزلت من السماء قبل بيعة أبي بكر في السقيفة ، وأن الله تعالى عاقب من اعترض عليها بحجر من السماء ، كما عاقب أصحاب الفيل والكفار ! كما أن القول بتسرب الحديث من مصادر الشيعة إلى مصادر السنة باب خطير عليهم.. فلو قبلوا بفتحه لانهار بناء صحاحهم كلها ، ثم انهارت الخلافة القرشية وسقيفتها ! وذلك لأن رواة هذه الأحاديث ( الشيعية ) هم رواة أصول عقيدة الخلافة القرشية وبناة قواعدها.. فالسنين مجبورون على توثيقهم وقبول رواياتهم ، ومنها هذه الروايات التي تضر أصول مبانيهم ! ثانياً : أن المتفق عليه في مصادر الشيعة والسنة أقوى من المختلف فيه .. لأنك عندما ترى أن مذاهب المسلمين كلها تروي حديثاً ، يقوى عندك احتمال أن يكون صدر عن النبي صلى الله عليه وآله ، وعندما يرويه بعضها ويرده بعضها تنزل عندك درجة الاحتمال . ومما يزيد في درجة احتمال الصحة : أن يكون الطرف الراوي للحديث متضرراً منه ضرراً مؤكداً ، ومتحيراً في كيفية التخلص منه ! وحديثنا من هذا النوع، فهو حديثٌ يتضرر منه أتباع خلافة قريش من المسلمين، ويبغضه عَبَدَةُ قبيلة قريش من النواصب ! أما أتباع أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله فيحتجون به ، وتخبت له قلوبهم . ثالثاً : أن الإختلاف في اسم الشخص الذي نزل عليه حجر السجيل ، لايضر في صحة الحديث ، إذا تمت بقية شروطه .. خاصة أن اسمه صار سوأةً على أقاربه وعشيرته ، ولا بد أنهم عملوا على إخفائه ونسيان أمره ، حتى لايعيرهم به المسلمون ، كما قال الأميني رحمه الله . على أن للباحث أن يرجح أن اسم المعترض هو : جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري ، وليس الحارث بن النعمان الفهري .. بدليل أن الحافظ أبي عبيد الهروي المتوفى سنة 223 ، ضبطه في تفسيره بهذا الاسم ، وكل العلماء السنيين يحترمون علم أبي عبيد ، وخبرته بالأحاديث ، وقدم عصره .. وجابر بن النضر شخصيةٌ قرشية معروفة ، لأنه ابن زعيم بني عبد الدار ، حامل لواء قريش يوم بدر.. فلا يبقى لابن تيمية والنواصب حجةٌ في رد الحديث ! على أن الباقين الذين وردت أسماؤهم في روايات الحديث ، كالحارث الفهري وغيره ، ترجم لهم المترجمون للصحابة أيضاً ، أو ترجموا لمن يصلحوا أن يكونوا أقارب لهم . المسألة السادسة : طرق وأسانيد حديث حجر الغدير أولاً : طرق وأسانيد المصادر السنية الطريق الأول : حديث أبي عبيد الهروي : في كتابه : غريب القرآن ، وقد تقدم ، وهو بمقاييس أهل الجرح والتعديل السنيين مسند مقبول . الطريق الثاني : حديث الثعلبي عن سفيان بن عيينة : وله أسانيد كثيرة ، وأكثر الذين ذكرهم صاحب الغدير رحمه الله ، رووه عن الثعلبي بأسانيدهم إليه ، أو نقلوه من كتابه . وذكر السيد المرعشي رحمه الله عدداً منهم في إحقاق الحق: 6/358، قال: العلامة الثعلبي في تفسيره ( مخطوط ) : روى بسنده عن سفيان بن عيينة رحمه الله سئل عن قوله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع ، فيمن نزلت ؟ فقال للسائل : لقد سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ، حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد عن آبائه رضي الله عنهم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي رضي الله عنه وقال من كنت مولاه فعلي مولاه ، فشاع ذلك فطار في البلاد ، وبلغ ذلك الحارث ( خ . الحرث ) بن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له ، فأناخ راحلته ونزل عنها ، وقال : يا محمد أمرتنا عن الله عز وجل أن نشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ، وأمرتنا أن نصلي خمساً فقبلنا منك ، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا منك ، وأمرتنا أن نصوم رمضان وأمرتنا بالحج فقبلنا ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا فقلت من كنت مولاه فعلي مولاه ! فهذا شيء منك أم من الله عز وجل ؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي لاإله إلا هو إنَّ هذا من الله عز وجل. فولى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقاًّ فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم !! فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله عز وجل بحجر سقط على هامته فخرج من دبره فقتله ، فأنزل الله عز وجل ( سئل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع ، من الله ذي المعارج ) . ومنهم العلامة الحمويني في فرائد السمطين ( المخطوط ) قال : أخبرني الشيخ عماد الدين عبد الحافظ بن بدران بن شبل المقدسي بمدينة نابلس فيما أجازني أن أرويه عنه ، عن القاضي جمال الدين عبد القاسم بن عبد الصمد بن محمد الأنصاري إجازة ، عن عبد الجبار بن محمد الخوارزمي البيهقي إجازة ، عن الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي رحمه الله قال : قرأت على شيخنا الأستاذ أبي إسحاق الثعلبي رحمه الله في تفسيره أن سفيان بن عيينة .. فذكر الحديث بعين ما تقدم عن تفسير الثعلبي . ومنهم العلامة الزرندي في نظم درر السمطين / 93 ط . مطبعة القضاء : روى الحديث بعين ما تقدم عن تفسير الثعلبي . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة / 24 ط . الغري : روى الحديث نقلاً عن الثعلبي بعين ما تقدم عن تفسيره بلا واسطة . ومنهم العلامة عبد الرحمن الصفوري في نزهة المجالس 2/209 ط . القاهرة : روى الحديث نقلاً عن تفسير القرطبي بعين ما تقدم عن تفسير الثعلبي . ومنهم العلامة السيد جمال الدين عطاء الله الشيرازي الهروي في الأربعين حديثاً ( مخطوط ) : روى الحديث بعين ما تقدم عن تفسير الثعلبي ، لكنه زاد بعد قوله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث كان ، وفي رواية اللهم أعنه وأعن به وارحمه وارحم به ، وانصره وانصر به . ومنهم العلامة عبد الله الشافعي في المناقب / 205 مخطوط : روى الحديث بعين ما تقدم عن تفسير الثعلبي . ومنهم العلامة القندوزي في ينابيع المودة / 274 ط . اسلامبول : روى الحديث عن الثعلبي بعين ما تقدم عنه في تفسيره . ومنهم العلامة الآمرتسري في أرجح المطالب / 568 ط . لاهور : روى الحديث من طريق شهاب الدين الدولت آبادي ، والسيد السمهودي في جواهر العقدين ، وجمال الدين المحدث صاحب روضة الأحباب في أربعينه. وعبد الرؤوف المناوي في فيض القدير . ومحمد بن محمد القادري في الصراط السوي . والحلبي في إنسان العيون . وأحمد بن الفضل بن محمد باكثير في وسيلة الآمال . ومحمد بن إسماعيل الأمير في الروضة الندية . والحافظ محمد بن يوسف الكنجي في كفاية الطالب ... انتهى . سندا القاضي الحسكاني إلى ابن عيينة قال في شواهد التنزيل : 2/381 :( 1030 - أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي أخبرنا أبو بكر الجرجرائي ، حدثنا أبو أحمد البصري قال : حدثني محمد بن سهل حدثنا زيد بن إسماعيل مولى الأنصاري ، حدثنا محمد بن أيوب الواسطي ، عن سفيان بن عينية ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : عن علي قال : لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم علياًّ يوم غدير خم فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه . طار ذلك في البلاد ، فقدم على رسول الله النعمان بن الحرث الفهري فقال : أمرتنا عن الله أن نشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله ، وأمرتنا بالجهاد والحج والصلاة والزكاة والصوم فقبلناها منك ، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شيء منك أو أمر من عند الله ؟!! قال : أمرٌ من عند الله . قال : الله الذي لاإله إلا هو إن هذا من الله ؟ قال : الله الذي لاإله إلا هو إن هذا من الله . قال : فولى النعمان وهو يقول ( اللهم ) إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . فرماه الله بحجر على رأسه فقتله ، فأنزل الله تعالى ( سأل سائل ) . 1031 - حدثونا عن أبي بكر السبيعي ، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر أبو جعفر الضبعي ، قال : حدثني زيد بن إسماعيل بن سنان ، حدثنا شريح بن النعمان ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر عن أبيه ، عن علي بن الحسين قال : نصب رسول الله صلى الله عليه وآله علياً يوم غدير خم ( و ) قال : من كنت مولاه فعلي مولاه فطار ذلك في البلاد . الحديث به سواء معنى ). الطريق الثالث : للقاضي الحسكاني عن جابر الجعفي قال في شواهد التنزيل : 2/382 : ( 1032 - ورواه أيضاً في التفسير العتيق قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الكوفي قال : حدثني نصر بن مزاحم ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن محمد بن علي قال : أقبل الحارث بن عمرو الفهري إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنك أتيتنا بخبر السماء فصدقناك وقبلنا منك. فذكر مثله إلى قوله : فارتحل الحارث ، فلما صار ببطحاء ( مكة ) أتته جندلة من السماء فشدخت رأسه ، فأنزل الله ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ) بولاية علي عليه السلام . وفي الباب عن حذيفة ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبي هريرة ، وابن عباس ) . الطريق الرابع : للقاضي الحسكاني عن حذيفة بن اليمان قال في شواهد التنزيل : 2/383 : ( 1033 - حدثني أبوالحسن الفارسي، حدثنا أبو الحسن محمد بن إسماعيل الحسني ، حدثنا عبد الرحمان بن الحسن الأسدي ، حدثنا إبراهيم . وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد البغدادي ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني ، حدثنا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي ، حدثنا إبراهيم بن الحسن الكسائي ، حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا سفيان بن سعيد ، حدثنا منصور، عن ربعي ، عن حذيفة بن اليمان قال : لما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي : من كنت مولاه فهذا مولاه . قام النعمان بن المنذر الفهري ( كذا ) فقال : هذا شيء قلته من عندك أو شيء أمرك به ربك . قال : لا، بل أمرني به ربي . فقال : اللهم أنزل علينا حجارة من السماء . فما بلغ رحله حتى جاءه حجرٌ فأدماه فخر ميتاً ، فأنزل الله تعالى ( سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع ) و ( الطريقان ) لفظهما واحد ) . الطريق الخامس : للقاضي الحسكاني عن أبي هريرة قال في شواهد التنزيل : 2/385 : ( 1034 - وأخبرنا عثمان أخبرنا فرات بن إبراهيم الكوفي قال : حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب البجلي قال : حدثنا أبو عمارة محمد بن أحمد المهدي ، حدثنا محمد بن أبي معشر المدني ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضد علي بن أبي طالب يوم غدير خم ، ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه . فقام إليه أعرابي فقال : دعوتنا أن نشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله فصدقناك ، وأمرتنا بالصلاة والصيام فصلينا وصمنا ، وبالزكاة فأدينا ، فلم يقنعك إلا أن تفعل هذا ! فهذا عن الله أم عنك ؟ قال : عن الله ، لاعني . قال : الله الذي لاإله إلا هو لهذا عن الله لاعنك ؟! قال : نعم ، ثلاثاً ، فقام الأعرابي مسرعاً إلى بعيره ، وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك .. الآية ، فما استتم الكلمات حتى نزلت نار من السماء فأحرقته ، وأنزل الله في عقب ذلك : سأل سائل .. إلى قوله دافع ). انتهى . وقد ذكر الحسكاني كما رأيت طريقين آخرين إلى سعد بن أبي وقاص ، وابن عباس ، ولم يذكر سندهما .. ولعلهما الطريقان الموجودان في تفسير فرات الكوفي . ثانياً : طرق وأسانيد مصادرنا إلى سفيان بن عيينة 1. أسانيد فرات بن إبراهيم الكوفي إلى سفيان بن عيينة تفسير فرات الكوفي ص 505 : ( 3 - فرات قال : حدثني محمد بن أحمد ظبيان معنعناً : عن الحسين بن محمد الخارفي قال : سألت سفيان بن عيينة عن : سأل سائل ، فيمن نزلت : قال : يا ابن أخي سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، لقد سألت جعفر بن محمد عليهما السلام عن مثل الذي سألتني عنه ، فقال : أخبرني أبي عن جدي عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما كان يوم غدير خم ، قام رسول الله صلى الله عليه وآله خطيباً فأوجز في خطبته ، ثم دعا علي بن أبي طالب عليه السلام فأخذ بضبعه ثم رفع بيده حتى رئي بياض إبطيهما وقال: ألم أبلغكم الرسالة ؟ ألم أنصح لكم ؟ قالوا : اللهم نعم . فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله . ففشت في الناس فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فرحل راحلته ثم استوى عليها ورسول الله صلى الله عليه وآله إذ ذاك بمكة حتى انتهى إلى الأبطح ، فأناخ ناقته ثم عقلها ، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فسلم ، فرد عليه النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : يا محمد ! إنك دعوتنا أن نقول لاإله إلا الله فقلنا ! ثم دعوتنا أن نقول إنك رسول الله فقلنا ، وفي القلب ما فيه ، ثم قلت صلوا فصلينا ، ثم قلت صوموا فصمنا فأظمأنا نهارنا وأتعبنا أبداننا ، ثم قلت حجوا فحججنا ، ثم قلت إذا رزق أحدكم مأتي درهم فليتصدق بخمسة كل سنة ، ففعلنا . ثم إنك أقمت ابن عمك فجعلته علما وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، أفعنك أم عن الله؟! قال : بل عن الله . قال : فقالها ثلاثاً . قال : فنهض ، وإنه لمغضب وإنه ليقول : اللهم إن كان ما قال محمد حقاًّ فأمطر علينا حجارة من السماء ، تكون نقمة في أولنا وآية في آخرنا ، وإن كان ما قال محمد كذبا فأنزل به نقمتك . ثم أثار ناقته فحل عقالها ثم استوى عليها ، فلما خرج من الأبطح رماه الله تعالى بحجر من السماء فسقط على رأسه وخرج من دبره ، وسقط ميتاً فأنزل الله فيه : سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع ، من الله ذي المعارج ) . انتهى . 2. أسانيد محمد بن العباس إلى سفيان بن عيينة تأويل الآيات : 2/722 : ( قال محمد بن العباس رحمه الله : حدثنا علي بن محمد بن مخلد ، عن الحسن بن القاسم ، عن عمر بن الأحسن ، عن آدم بن حماد ، عن حسين بن محمد قال : سألت سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل : سأل سائل ، فيمن نزلت ؟ فقال ...) ، بنحو رواية فرات الأخيرة . 3. سند الشريف المرتضى إلى سفيان بن عيينة مدينة المعاجز : 1/407 : ( 270 - السيد المرتضى في عيون المعجزات : قال: حدث أبو عبدالله محمد بن أحمد قال : حدثنا أبي قال : حدثني علي بن فروخ السمان قال : حدثني يحيى بن زكرياء المنقري قال : حدثنا سفيان بن عيينة قال : حدثني عمر بن أبي سليم العيسى ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه عليهما السلام قال : لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله علياً يوم غدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه... قلت : قد ذكرت في معنى هذا الحديث رواية المفضل بن عمر الجعفي ، عن الصادق عليه السلام في كتاب البرهان في تفسير القرآن بالرواية عن أهل البيت في قوله تعالى : قل فلله الحجة البالغة ، من سورة الأنعام . وفي سورة المعارج في قوله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع ، رواية أخرى). 4. سند منتجب الدين الرازي إلى سفيان بن عيينة الأربعون حديثاً لمنتجب الدين الرازي ص 82 : ( الحكاية الخامسة : أنا أبو العلاء زيد بن علي بن منصور الأديب والسيد أبو تراب المرتضى بن الداعي بن القاسم الحسني قالا : نا الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد الواعظ الحافظ إملاءً : أنا محمد بن زيد بن علي الطبري أبو طالب بن أبي شجاع البريدي بآمل بقراءتي عليه ، أنا أبو الحسين زيد بن إسماعيل الحسني ، نا السيد أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني ، أنا عبد الرحمن بن الحسن الخاقاني ، نا عباس بن عيسى ، نا الحسن بن عبد الواحد الخزاز ، عن الحسن بن علي النخعي ، عن رومي بن حماد المخارقي قال : قلت لسفيان بن عيينة : أخبرني عن ( سأل سائل ) فيمن أنزلت ؟ قال : لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك ، سألت عنها جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدثني أبي عن آبائه عليهم السلام قال : لما حج النبي صلى الله عليه وآله حجة الوداع فنزل بغدير خم ، نادى في الناس فاجتمعوا . فقال : يا أيها الناس ألم أبلغكم الرسالة ؟ قالوا : اللهم بلى . قال : أفلم أنصح لكم ؟ قالوا : اللهم بلى . قال : فأخذ بضبع علي عليه السلام فرفعه حتى رؤي بياض إبطيهما ، ثم قال : أيها الناس من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . قال : فشاع ذلك ، فبلغ الحارث بن النعمان الفهري ، فأقبل يسير على ناقة له حتى نزل بالأبطح فأناخ راحلته وشد عقالها ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وآله وهو في ملأ من أصحابه ، فقال : يا رسول الله والله الذي لاإله إلا هو إنك أمرتنا أن نشهد أن لاإله إلا الله فشهدنا ، ثم أمرتنا أن نشهد أنك رسوله فشهدنا ، ثم أمرتنا أن نصلي خمساً فصلينا ، ثم أمرتنا أن نصوم شهر رمضان فصمنا ، ثم أمرتنا أن نزكي فزكينا ، ثم أمرتنا أن نحج فحججنا ، ثم لم ترض حتى نصبت ابن عمك علينا ، فقلت : من كنت مولاه فهذا علي مولاه هذا عنك أو عن الله تعالى ؟! قال النبي صلى الله عليه وآله : لا، بل عن الله . قال : فقام الحارث بن النعمان مغضباً وهو يقول : اللهم إن كان ما قال محمد حقاًّ فأنزل بي نقمة عاجلة . قال : ثم أتى الأبطح فحل عقال ناقته واستوى عليها ، فلما توسط الأبطح رماه الله بحجر فوقع وسط دماغه وخرج من دبره ، فخر ميتاً ، فأنزل الله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع . وقد أورد أبو إسحاق الثعلبي إمام أصحاب الحديث في تفسيره هذه الحكاية بغير إسناد . 5. سند الطبرسي إلى سفيان بن عيينة تفسير الميزان : 6/58 : ( وفي المجمع أخبرنا السيد أبو الحمد قال : حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال : أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي قال : أخبرنا أبو بكر الجرجاني قال : أخبرنا أبو أحمد البصري قال : حدثنا محمد بن سهل قال : حدثنا زيد بن إسماعيل مولى الأنصار قال : حدثنا محمد بن أيوب الواسطي قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن آبائه قال : لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله علياًّ يوم غدير خم قال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ...) . ثالثاً : طرق وأسانيد من مصادرنا من غير طريق سفيان بن عيينة 1. أسانيد محمد بن يعقوب الكليني الكافي : 1/422 : ( 47 - علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع للكافرين (بولاية علي) ليس له دافع ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله ). انتهى . ومعنى قوله عليه السلام ( هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله ) أن جبرئيل نزل بتأويلها ، وهو مثل قول ابن مسعود المتقدم في آية التبليغ أنهم كانوا يقرؤون على عهد النبي صلى الله عليه وآله ( بلغ ما أنزل إليك - في علي ) ، ومثله عن ابن عباس في آيات الخندق أنه كان يقرأ ( وكفى الله المؤمنين القتال - بعلي ) فهذه ليست قراءات ، لأنه لايجوز إضافة أي حرفٍ إلى نص كتاب الله تعالى ، بل كلها تفاسير من الصحابة أو تفسيرٌ نزل به جبرئيل عليه السلام فبلغهم إياه النبي صلى الله عليه وآله فكانوا يقرؤونها كالذي يشرح آيةً ، أو كتبوها في تفاسيرهم كالهامش . وفي الكافي : 8/57 : ( 18- عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالساً إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن فيك شبهاً من عيسى بن مريم ، ولولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم ، لقلت فيك قولاً لاتمر بملأٍ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يلتمسون بذلك البركة . قال : فغضب أعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلاً إلا عيسى بن مريم ، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله فقال : ( ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون ، وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون ، إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل . ولو نشاء لجعلنا منكم - يعني من بني هاشم - ملائكة في الأرض يخلفون ) . قال : فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلاً بعد هرقل ، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ... إلى آخره . ولعل في متن هذا الحديث اضطراباً ، وفيه : ( ثم قال له : يا بن عمرو إما تبت وإما رحلت . فقال : يا محمد ، بل تجعل لسائر قريش شيئاً مما في يديك، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم ! فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ليس ذلك إلي ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى . فقال : يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة ، ولكن أرحل عنك ، فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة ، أتته جندلةٌ فرضخت هامته ، ثم أتى الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : ( سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين - بولاية علي - ليس له دافع ، من الله ذي المعارج ) . 2. أسانيد فرات بن إبراهيم الكوفي تفسير فرات الكوفي ص 503 : ( 1 - قال : حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب البجلي قال : حدثنا أبو عمارة محمد بن أحمد المهتدي قال : حدثنا محمد بن معشر المدني ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : طرحت الأقتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم قال فعلا عليها فحمد الله وأثنى عليه ، ثم أخذ بعضد علي بن أبي طالب عليه السلام فاستلها فرفعها ، ثم قال : اللهم من كنت مولاه فعلي ( فهذا علي ) مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله . فقام إليه أعرابي من أوسط الناس فقال : يا رسول الله دعوتنا أن نشهد أن لاإله إلا الله فشهدنا وأنك رسول الله فصدقنا ، وأمرتنا بالصلاة فصلينا ، وبالصيام فصمنا ، وبالجهاد فجاهدنا ، وبالزكاة فأدينا ، قال : ولم يقنعك إلا أن أخذت بيد هذا الغلام على رؤوس الأشهاد ، فقلت : اللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ! فهذا عن الله أم عنك ؟! قال : هذا عن الله ، لاعني . قال : الله الذي لاإله إلا هو لهذا عن الله لاعنك ؟! قال : الله الذي لاإله إلا هو لهذا عن الله لاعني . ثم قال ثالثة : الله الذي لاإله إلا هو لهذا عن ربك لاعنك ؟ قال : الله الذي لاإله إلا هو لهذا عن ربي لاعني . قال : فقام الأعرابي مسرعاً إلى بعيره وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . قال : فما استتم الأعرابي الكلمات حتى نزلت عليه نار من السماء فأحرقته ، وأنزل الله في عقب ذلك : سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع ، من الله ذي المعارج . 2 - قال فرات : حدثني جعفر بن محمد بن بشرويه القطان معنعناً ، عن الأوزاعي ، عن صعصعة بن صوحان والأحنف بن قيس قالا جميعاً : سمعنا ابن عباس رضي الله عنه قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذ دخل علينا عمرو بن الحارث الفهري قال : يا أحمد أمرتنا بالصلاة والزكاة ، أفمنك هذا أم من ربك يا محمد ؟ قال : الفريضة من ربي وأداء الرسالة مني ، حتى أقول : ما أديت إليكم إلا ما أمرني ربي . قال : فأمرتنا بحب علي بن أبي طالب ، زعمت أنه منك كهارون من موسى ، وشيعته على نوق غر محجلةٍ يرفلون في عرصة القيامة ، حتى يأتي الكوثر فيشرب ويسقي هذه الأمة ، ويكون زمرة في عرصة القيامة ، أبهذا الحب سبق من السماء أم كان منك يا محمد ؟ قال : بل سبق من السماء ثم كان مني . لقد خلقنا الله نوراً تحت العرش ! فقال عمرو بن الحارث : الآن علمت أنك ساحر كذاب ! يا محمد ألستما من ولد آدم ؟ قال : بلى ، ولكن خلقني الله نوراً تحت العرش قبل أن يخلق الله آدم باثني عشر ألف سنة ، فلما أن خلق الله آدم ألقى النور في صلب آدم ، فأقبل ينتقل ذلك النور من صلب إلى صلب ، حتى تفرقنا في صلب عبد الله بن عبد المطلب وأبي طالب ، فخلقنا ربي من ذلك النور لكنه لكن لانبي بعدي . قال : فوثب عمرو بن الحارث الفهري مع اثني عشر رجلاً من الكفار ، وهم ينفضون أرديتهم فيقولون : اللهم إن كان محمد صادقاً في مقالته فارم عمرواً وأصحابه بشواظ من نار . قال فرمي عمرو وأصحابه بصاعقة من السماء ، فأنزل الله هذه الآية : سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج . فالسائل عمرو وأصحابه . 4 - فرات قال : حدثنا أبو أحمد يحيى بن عبيد بن القاسم القزويني معنعناً، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : صلى بنا النبي صلى الله عليه وآله صلاة الفجر يوم الجمعة ، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم الحسن وأثنى على الله تبارك وتعالى ، فقال : أخرج يوم القيمة وعلي بن أبي طالب أمامي ، وبيده لواء الحمد ، وهو يومئذ من شقتين شقة من السندس وشقة من الإستبرق ، فوثب إليه رجل أعرابي من أهل نجد من ولد جعفر بن كلاب بن ربيعة ، فقال : قد أرسلوني إليك لأسألك ، فقال : قل يا أخا البادية . قال : ما تقول في علي بن أبي طالب ، فقد كثر الإختلاف فيه ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله ضاحكاً فقال : يا أعرابي ، ولم يكثر الإختلاف فيه ؟ علي مني كرأسي من بدني ، وزري من قميصي . فوثب الأعرابي مغضباً ثم قال : يا محمد إني أشد من علي بطشاً ، فهل يستطيع علي أن يحمل لواء الحمد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : مهلاً يا أعرابي ، فقد أعطي علي يوم القيامة خصالاً شتى : حسن يوسف ، وزهد يحيى ، وصبر أيوب ، وطول آدم، وقوة جبرئيل . وبيده لواء الحمد وكل الخلائق تحت اللواء ، يحف به الأئمة والمؤذنون بتلاوة القرآن والأذان ، وهم الذين لايتبددون في قبورهم . فوثب الأعرابي مغضباً وقال: اللهم إن يكن ما قال محمد فيه حقاًّ فأنزل علي حجراً . فأنزل الله فيه : سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج ) . 3. سندا محمد بن العباس تأويل الآيات : 2/722 : ( وقال أيضاً : حدثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه تلا : ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين - بولاية علي - ليس له دافع ) ثم قال : هكذا هي في مصحف فاطمة عليها السلام . ويؤيده : ما رواه محمد البرقي ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل : سأل سائل بعذاب واقع للكافرين - بولاية علي - ليس له دافع ، ثم قال : هكذا والله نزل بها جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله .) انتهى . وقد تقدم أن عبارة ( بولاية علي عليه السلام ) تفسير للآية ، وكانوا يكتبون ذلك في هامش مصاحفهم ، كما ورد عن مصحف ابن عباس أنه كان فيه : وكفى الله المؤمنين القتال ، بعلي ، عليه السلام . 4. سند جامع الأخبار بحار الأنوار : 33/165 : ( 42 - جامع الأخبار : أخبرنا علي بن عبد الله الزيادي ، عن جعفر بن محمد لدوريستي ، عن أبيه ، عن الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن زرارة قال : سمعت الصادق عليه السلام قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مكة في حجة الوداع ، فلما انصرف منها - وفي خبر آخر : وقد شيعه من مكة اثنا عشر ألف رجل من اليمن وخمسة آلاف رجل من المدينة - جاءه جبرئيل في الطريق فقال له : يا رسول الله إن الله تعالى يقرؤك السلام ، وقرأ هذه الآية : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك .. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : يا جبرئيل إن الناس حديثو عهد بالإسلام فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا . . . فقال له : يا جبرئيل أخشى من أصحابي أن يخالفوني ، فعرج جبرئيل ونزل عليه في اليوم الثالث وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بموضع يقال له غدير خم ، وقال له :( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ، والله يعصمك من الناس) . فلما سمع رسول الله هذه المقالة قال للناس : أنيخوا ناقتي فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي ، وأمر أن ينصب له منبر من أقتاب الإبل وصعدها وأخرج معه علياً عليه السلام وقام قائماً وخطب خطبة بليغة ، وعظ فيها وزجر ، ثم قال في آخر كلامه : يا أيها الناس ألست أولى بكم منكم ؟ فقالوا : بلى يا رسول الله . . . . . فلما كان بعد ثلاثة ، وجلس النبي صلى الله عليه وآله مجلسه أتاه رجل من بني مخزوم يسمى عمر بن عتبة ، وفي خبر آخر حارث بن النعمان الفهري ، فقال : يا محمد أسألك عن ثلاث مسائل . فقال : سل عما بدا لك . فقال : أخبرني عن شهادة أن لاإلا الله وأن محمداً رسول الله ، أمنك أم من ربك ؟ قال النبي صلى الله عليه وآله : أوحي إلي من الله ، والسفير جبرئيل ، والمؤذن أنا ، وما أذنت إلا من أمر ربي . قال : فأخبرني عن الصلاة والزكاة والحج والجهاد ، أمنك أم من ربك ؟ قال النبي صلى الله عليه وآله مثل ذلك . قال : فأخبرني عن هذا الرجل - يعني علي بن أبي طالب عليه السلام - وقولك فيه: من كنت مولاه فهذا علي مولاه..... أمنك أم من ربك ؟! قال النبي صلى الله عليه وآله : أوحي إلي من الله ، والسفير جبرئيل ، والمؤذن أنا ، وما أذنت إلا ما أمرني . فرفع المخزومي رأسه إلى السماء فقال : اللهم إن كان محمد صادقاً فيما يقول فأرسل عليَّ شواظاً من نار ، وفي خبر آخر في التفسير فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، وولى ، فوالله ما سار غير بعيد حتى أظلته سحابة سوداء ، فأرعدت وأبرقت فأصعقت ، فأصابته الصاعقة فأحرقته النار ! فهبط جبرئيل وهو يقول : إقرأ يا محمد : سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع . فقال النبي صلى الله عليه وآله لأصحابه : رأيتم ؟! قالوا : نعم . قال : وسمعتم ؟ قالوا : نعم . قال : طوبى لمن والاه والويل لمن عاداه ، كأني أنظر إلى علي وشيعته يوم القيامة يزفون على نوقٍ من رياض الجنة ، شباب متوجون مكحلون لاخوفٌ عليهم ولا هم يحزنون ، قد أيدوا برضوان من الله أكبر ، ذلك هو الفوز العظيم ، حتى سكنوا حظيرة القدس من جوار رب العالمين ، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون ، ويقول لهم الملائكة : سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) . 5. سند مدينة المعاجز للبحراني مدينة المعاجز : 2/267 : (العلامة الحلي في الكشكول: عن محمد بن أحمد بن عبدالرحمان الباوردي: فقال النضر بن الحارث الفهري : إذا كان غداً اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أقبل أنا وأتقاضاه ما وعدنا به في بدء الإسلام ، وانظر ما يقول ، ثم نحتج ، فلما أصبحوا فعلوا ذلك فأقبل النضر بن الحارث فسلم على النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله إذا كنت أنت سيد ولد آدم، وأخوك سيد العرب، وابنتك فاطمة سيدة نساء العالمين وابناك الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وعمك حمزة سيد الشهداء وابن عمك ذو الجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء. وعمك جلدة بين عينيك وصنو أبيك، وشيبة له السدانة ، فما لسائر قومك من قريش وسائر العرب ؟! فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا آمنا بما تقول لنا مالك وعلينا ما عليك . فأطرق رسول الله صلى الله عليه وآله طويلاً ثم رفع رأسه فقال : أما أنا والله ما فعلت بهم هذا ، بل الله فعل بهم هذا فما ذنبي ؟! فولى النضر بن الحارث وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم . يعني الذي يقول محمد فيه وفي أهل بيته ، فأنزل الله تعالى : وإذ قالوا إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم .. إلى قوله : وهم يستغفرون . فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى النضر بن الحارث الفهري وتلا عليه الآية فقال : يا رسول الله إني قد سررت ذلك جميعه أنا ومن لم تجعل له ما جعلته لك ولأهل بيتك من الشرف والفضل في الدنيا والآخرة ، فقد أظهر الله ما أسررنا به . أما أنا فأسألك أن تأذن لي أن أخرج من المدينة ، فإني لاأطيق المقام بها ! فوعظه النبي صلى الله عليه وآله إن ربك كريم ، فإن أنت صبرت وتصابرت لم يخلك من مواهبه ، فارض وسلم ، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره ، ويخفف عمن يشاء ، وله الخلق والأمر ، مواهبه عظيمة ، وإحسانه واسع . فأبى الحارث ، وسأله الإذن فأذن له رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبل إلى بيته وشد على راحلته وركبها مغضباً ، وهو يقول : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . فلما صار بظهر المدينة وإذا بطيرٍ في مخلبه حجرٌ ، فأرسله إليه فوقع على هامته ، ثم دخلت في دماغه وخرج من جوفه ووقع على ظهر راحلته وخرج من بطنها، فاضطربت الراحلة وسقطت وسقط النضر بن الحارث من عليها ميتين ، فأنزل الله تعالى : سأل سائل بعذاب واقع للكافرين - بعلي وفاطمة والحسن والحسين وآل محمد - ليس له دافع من الله ذي المعارج . انتهى . وقال في هامشه : لم نجد كتاب الكشكول للعلامة الحلي رحمه الله بل هو للمحدث الجليل العلامة السيد حيدر بن علي الحسيني الآملي من علماء القرن الثامن الهجري ، أوله : أما البداية فليس بخفي من علمك ولا يستتر عن فهمك وآخره : والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين . انتهى . 6. رواية المناقب لابن شهرآشوب بحار الأنوار : 31/320 : ( 17 - قب : أبو بصير عن الصادق عليه السلام لما قال النبي صلى الله عليه وآله : يا علي لولا أنني أخاف أن يقول فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالة لاتمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت قدمك .. الخبر . قال الحارث بن عمرو الفهري لقوم من أصحابه : ما وجد محمد لابن عمه مثلاً إلا عيسى بن مريم يوشك أن يجعله نبياً من بعده . والله إن آلهتنا التي كنا نعبد خير منه ! فأنزل الله تعالى : ولما ضرب ابن مريم مثلاً .. إلى قوله : وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون ، هذا صراط مستقيم . وفي رواية : أنه نزل أيضاً : إن هو إلا عبد أنعمنا عليه .. الآية . فقال النبي صلى الله عليه وآله : يا حارث إتق الله وارجع عما قلت من العداوة لعلي بن أبي طالب . فقال : إذا كنت رسول الله وعلي وصيك من بعدك وفاطمة بنتك سيدة نساء العالمين والحسن والحسين ابناك سيدي شباب أهل الجنة ، وحمزة عمك سيد الشهداء ، وجعفر الطيار ابن عمك يطير مع الملائكة في الجنة ، والسقاية للعباس عمك ، فما تركت لسائر قريش وهم ولد أبيك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ويلك يا حارث ما فعلت ذلك ببني عبد المطلب ، لكن الله فعله بهم ! فقال : إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء .. الآية . فأنزل الله تعالى : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وآله الحارث فقال : إما أن تتوب أو ترحل عنا . قال : فإن قلبي لايطاوعني إلى التوبة ، لكني أرحل عنك ! فركب راحلته ، فلما أصحر أنزل الله عليه طيراً من السماء في منقاره حصاة مثل العدسة فأنزلها على هامته وخرجت من دبره إلى الأرض ، ففحص برجله ، وأنزل الله تعالى على رسوله : سأل سائل بعذاب واقع للكافرين - بولاية علي - . 7. رواية علي بن إبراهيم القمي تفسير القمي : 2/385 : ( أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الله ، عن محمد بن علي ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي الحسن عليه السلام في قوله : سأل سائل بعذاب واقع ، قال : سأل رجل عن الأوصياء وعن شأن ليلة القدر ، وما يلهمون فيها . فقال النبي صلى الله عليه وآله : سألت عن عذابٍ واقع ، ثم كفر بأن ذلك لايكون، فإذا وقع فليس له من دافع ).انتهى . وهناك أسانيد أخرى ، يصعب استقصاؤها فراجع شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي ، وكنز الحقائق للكراجكي ، والفضائل لشاذان بن جبرئيل ، وتفسير القمي ، والمناقب لابن شهرآشوب ، وغاية المرام للبحراني .. وغيرها. النتيجة : صحة أصل الحديث ، وتعدد العقاب الإلهي المتأمل في روايات العقاب الإلهي العاجل لمن اعترض على ولاية علي عليه السلام يصل إلى نتيجتين : النتيجة الأولى : أن أصل الحديث مستوفٍ لشروط الصحة .. فمهما كان الباحث بطيء التصديق ، ميالاً للتشكيك ، وأجاز لنفسه القول إن الشيعة وضعوا هذا الحديث ودونوه في مصادرهم .. فلا يمكنه أن يفسر وجوده في مصادر السنة بذلك ، لأن عدداً من أئمتهم المحدثين قد رووه وتبنوه ، كما رأيت ! نعم قد يعترض متعصبٌ بأن هؤلاء الأئمة السنيين ، قد رووا ذلك عن أئمة أهل البيت عليهم السلام . وجوابه أولاً ، أن مقام أهل البيت عليهم السلام عند السنة لايقل عن مقام كبار أئمتهم ، خاصة مثل الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام الذين يروي عنهما مباشرة أو بالواسطة عدد من كبار أئمتهم ، مثل أبي عبيد والسفيانين والزهري ومالك وأحمد .. وغيرهم . والحساسية التي قد تراها عند السنيين من أحاديث أهل البيت عليهم السلام إنما هي مما نرويه نحن الشيعة ! أما ما يرويه عنهم أئمتهم ، فقد قبلوه ودونوه في صحاحهم . وجوابه ثانياً ، أن طرق الحديث ليست محصورةً بأهل البيت عليهم السلام فقد تقدم طريق الحاكم الحسكاني عن حذيفة ، وأبي هريرة ، وغيرهما أيضاً . والنتيجة الثانية : أن الحادثة التي وردت في الأحاديث المتقدمة وغيرها لايمكن أن تكون حادثة واحدة، بل هي متعددة.. وذلك بسبب تعدد الأسماء، ونوع العقوبة والأمكنة ، والأزمنة ، والملابسات المذكورة في روايات الحديث .. فرواية أبي عبيد والثعلبي وغيرها تقول إن الحادثة كانت في المدينة أو قربها ، وأن العذاب كان بحجرٍ من سجيل .. ورواية أبي هريرة وغيرها تقول إن الإعتراض كان في نفس غدير خم بعد خطبة النبي صلى الله عليه وآله ، وأن العقوبة كانت بنارٍ نزلت من السماء .. وبعضها يقول إنها كانت بصاعقة .. والأسماء الواردة متعددة أيضاً ، والتصحيف يصح في بعضها ، لكن لايصح في جميعها . المسألة السابعة : عشيرة سأل سائل بعذاب واقع بقيت عدة مسائل وبحوث ، تتعلق بموضوعنا : منها ، عدد المعترضين على النبي صلى الله عليه وآله بعد الغدير ، وهوياتهم.. ونوع العقوبة الإلهية التي وقعت عليهم .. ومنها ، ما أحدثه الإعلان النبوي عن ولاية العترة الطاهرة من تأثير على المسلمين عامة ، وعلى قريش خاصة .. وما يتصل به من الجو العام في الشهرين الأخيرين من حياة النبي صلى الله عليه وآله ، والآيات التي نزلت ، والأحداث التي وقعت .. ومن أهمها تشاور الأنصار وعرضهم على النبي صلى الله عليه وآله أن يخصصوا له ولعترته ثلث أموالهم لمصارفهم ، ونزول آية ( قل لاأسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) وزيادة حساسية قريش بسبب ذلك. ومن أهمها أيضاً ، أن النبي صلى الله عليه وآله قرر أن يرسل كل شخصيات قريش المؤثرين في جيش إلى مؤتة ، وأمَّر عليهم شاباً أسود البشرة من أصل إفريقي عمره تسع عشرة سنة ، هو أسامة بن زيد ! وهدف النبي صلى الله عليه وآله من ذلك أن يوجه نظر الأمة إلى الجبهة الخارجية ، ويفرغ المدينة من المخالفين لعترته ، حتى إذا توفي لم يكن فيها إلا علي والأنصار .. الى آخر الأحداث في هذه الفترة الحاسمة . ومنها ، بحث محاولتي اغتيال النبي صلى الله عليه وآله بعد إعلان الغدير ، في طريق رجوعه في عقبة هرشى ، وفي قصة لده وإعطائه الدواء بالقوة عندما أغمي عليه من الحمى في مرضه رغم نهيه إياهم عن ذلك ! ومنها ، قصة الصحيفة الملعونة الثالثة ، التي ورد في مصادرنا أن المعارضين لإعلان ولاية علي عليه السلام كتبوها في المدينة ، وتعاهدوا ضد آل النبي صلى الله عليه وآله ! ومن البحوث المفيدة أيضاً ، بحث فضل يوم الغدير ، وما ورد في مصادر الفريقين من استحباب صومه ، والشكر وإظهار السرور فيه ... إلخ . ومع أنها جميعاً بحوث مفيدة ، ترتبط بموضوعنا .. لكن فضلنا عدم الإطالة والاقتصار على أولها ، وهو عشيرة بني عبد الدار القرشية ، التي ورد عند الفريقين أن آية ( سأل سائل بعذاب واقع ) نزلت في رئيسها النضر بن الحارث ، وفي ابنه جابر بن النضر .. وغرضنا منه استكمال الصورة الصحيحة عن قبائل قريش وحسدها للنبي وأهل بيته الطاهرين ، صلى الله عليه وعليهم . الحسد القديم وحلف لعقة الدم كانت الجزيرة العربية مجتمعات قبلية ، ولم تكن فيها حكومةٌ مركزية ، بل معظم مناطقها تحكمها القبائل ..وكانت الصراعات والحروب ، والتحالفات القبلية أمراً شائعاً بين قبائلها ، ومنها قبائل قريش .ومن أهم الأحلاف القرشية التي سجلتها مصادر التاريخ ، حلف الفضول الذي دعا إليه عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وآله ، وسموه حلف المطيبين ، لأنهم أكدوا تحالفهم بغمس أيديهم في جفنة طيبٍ صنعتها لهم بنت عبد المطلب . وكانت أهم مبادئ هذا الحلف : أن يحموا الكعبة الشريفة ممن يريد بها شراً ويمنعوا الظلم فيها ، وينصروا المظلوم حتى يصل إلى حقه . وهو الحلف الذي شارك فيه النبي صلى الله عليه وآله ، وكان عمره الشريف نحو عشرين سنة .. بل تدل بعض الأحاديث على أنه صلى الله عليه وآله أمضاه بعد بعثته ، كما في مسند أحمد : 1/190 ، قال : شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام ، فما أحب أن لي حمر النعم ... وصححه الحاكم : 2/220 . وكان هذا الحلف جواباً لحلف مضاد ، دعا إليه بنو عبد الدار ، فأجابتهم بعض قبائل قريش ، وعرف حلفهم باسم ( لعقة الدم ) لأنهم ذبحوا بقرة ، وأكدوا تحالفهم بأن يلعق ممثل القبيلة لعقةً من دمها ! وقد اختلفت النصوص في سبب الحلفين ووقتهما ، فذكر بعضها أنه عند بناء الكعبة بسبب اختلافهم على القبيلة التي تفوز بشرف وضع الحجر الأسود في موضعه . وذكر بعضها أنه كان بسبب شكاية بائع مظلوم ، اشترى منه قرشي بضاعة ، وأراد أن يأكل عليه ثمنها .. والأرجح ما ذكره ابن واضح اليعقوبي من أن بني عبد الدار حسدوا عبد المطلب ، فدعوا إلى حلف لعقة الدم ، فدعا عبد المطلب في مقابلهم إلى حلف المطيبين . قال اليعقوبي في تاريخه : 1/248 : ( ولما رأت قريش أن عبد المطلب قد حاز الفخر ، طلبت أن يحالف بعضها بعضاً ليعزُّوا ، وكان أول من طلب ذلك بنو عبد الدار لما رأت حال عبد المطلب ، فمشت بنو عبد الدار إلى بني سهم فقالوا : إمنعونا من بني عبد مناف ..... فتطيب بنو عبد مناف ، وأسد ، وزهرة ، وبنو تيم ، وبنو الحارث بن فهر ، فسموا حلف المطيبين . فلما سمعت بذلك بنو سهم ذبحوا بقرةً وقالوا : من أدخل يده في دمها ولعق منه ، فهو منا ! فأدخلت أيديها بنو سهم ، وبنو عبد الدار ، وبنو جمح، وبنو عدي ، وبنو مخزوم ، فسموا اللعقة . وكان تحالف المطيبين ألا يتخاذلوا ، ولا يسلم بعضهم بعضاً . وقالت اللعقة : قد أعتدنا لكل قبيلةٍ قبيلة . انتهى . وقال اليعقوبي : 2/17 : ( حضر رسول الله صلى الله عليه وآله حلف الفضول وقد جاوز العشرين ، وقال بعد ما بعثه الله : حضرت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ، ما يسرني به حمر النعم ، ولو دعيت إليه اليوم لأجبت . وكان سبب حلف الفضول أن قريشاً تحالفت أحلافاً كثيرة على الحمية والمنعة، فتحالف المطيبون وهم بنو عبد مناف ، وبنو أسد ، وبنو زهرة ، وبنو تيم ، وبنو الحارث بن فهر ، على أن لايسلموا الكعبة ما أقام حراء وثبير ، وما بلَّ بحرٌ صوفة . وصنعت عاتكة بنت عبد المطلب طيباً فغمسوا أيديهم فيه ... فتذممت قريش فقاموا فتحالفوا ألا يظلم غريب ولا غيره ، وأن يؤخذ للمظلوم من الظالم ، واجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التيمي . وكانت الأحلاف هاشم ، وأسد ، وزهرة ، وتيم ، والحارث بن فهر ، فقالت قريش : هذا فضول من الحلف ، فسمي حلف الفضول ) . انتهى . وفي سيرة ابن هشام : 1/85 : ( فكان بنو أسد بن عبد العزى بن قصي ، وبنو زهرة بن كلاب ، وبنو تيم بن مرة بن كعب ، وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر ، مع بني عبد مناف . وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة ، وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب ، وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب ، وبنو عدي بن كعب ، مع بني عبد الدار ) . انتهى . * * * ويفهم من هذه النصوص وغيرها أن حركة التحالف بدأها بنو عبد الدار حسداً لعبد المطلب ، فسعوا للتحالف ضده ، فبادر عبد المطلب ومؤيدوه الى عقد حلف المطيبين قبلهم ، ثم عقد بنو عبد الدار ومؤيدوهم حلف لعقة الدم. ويفهم منها ، أن أهداف حلف عبد المطلب حماية الكعبة ونصرة المظلوم ، بينما هدف حلف بني عبد الدار مواجهة المطيبين !بنو عبد الدار أصحاب لواء قريش وذكر المؤرخون أن بني عبد الدار ورثوا من جدهم قصي دار الندوة التي كانت مركزاً لمجلس شيوخ قريش ، يبحثون فيها الأمور المهمة ، ويتخذون فيها القرارات ، كما ورث بنو عبد الدار لواء الحرب ، فكانوا هم أصحاب لواء قريش في حروبها .. قال البلاذري في فتوح البلدان 60 : ( فلم تزل دار الندوة لبني عبد الدار بن قصي ، حتى باعها عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ، من معاوية بن أبي سفيان ، فجعلها داراً للإمارة ) . انتهى . وقد قتل علي عليه السلام من بني عبد الدار كل من رفع لواء قريش في وجه رسول صلى الله عليه وآله ، فبلغوا بضعة عشر ، وروي أن بعضهم قتله عمه حمزة بن عبد المطلب رضوان الله عليه ! قال ابن هشام في : 3/587 : واصفاً تحميس أبي سفيان وزوجته لبني عبد الدار في أحد : ( قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار يحرضهم بذلك على القتال : يا بني عبد الدار إنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر ، فأصابنا ما قد رأيتم ، وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم ، إذا زالت زالوا ، فإما أن تكفونا لواءنا ، وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه ! فهمُّوا به وتواعدوه ، وقالوا : نحن نسلم إليك لواءنا ؟!! ستعلم غداً إذا التقينا كيف نصنع ! وذلك أراد أبو سفيان . فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض ، قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها ، وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم ، فقالت هند فيما تقول : وَيْهاً بني عبد الدار ... وَيْهاً حماة الأدبار ضرباً بكل بتار وفي سيرة ابن هشام : 3/655 : ( قال ابن هشام : أنشدني أبو عبيدة للحجاج بن علاط السلمي يمدح أبا الحسن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ويذكر قتله طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار ، صاحب لواء المشركين يوم أحد : لله أيُّ مذبـبٍ عــــن حـــــــــرمةٍ أعني ابن فاطمة المعِمَّ المخْوِلا سبقت يــــداك له بعاجل طعـــنـةٍ تركت طليحــــة للجبــــين مجدلا وشددت شدةَ باســـلٍ فكشفــتهم بالجر إذ يهـــــوون أخول أخولا * * * وقد تتابع على حمل لواء المشركين يوم أحد تسعة من بني عبد الدار ، وقيل أكثر وركزوا حملاتهم على قتل النبي صلى الله عليه وآله بعد أن تركه المسلمون وهربوا صعوداً في الجبل ، وثبت النبي صلى الله عليه وآله ومعه علي عليه السلام وحدهما! في وجه حملات قريش التي تواصلت إلى ما بعد الظهر ! وكان النبي صلى الله عليه وآله يقاتل في مركزه ، وعلي عليه السلام يحمل عليهم ، يضرب مقدمتهم ، ثم يغوص فيهم يضرب يميناً وشمالاً ، حتى يصل إلى العبدري حامل لوائهم فيحصد رأسه ، فتنكفيء الحملة ..ثم يتحمس عبدريٌّ آخر فيحمل لواء الشرك ، ويهجمون باتجاه الرسول صلى الله عليه وآله فيتلقاهم علي عليه السلام وهو راجلٌ وهم فرسان !! حتى قتل من فرسان قريش عشرات ، ومن العبدريين أصحاب ألويتهم تسعة ! فيئسوا وانسحبوا ، ونادى مناديهم كذباً : قتل محمد ! وقد أصابته صلى الله عليه وآله بضع جراحات ، وأصابت علياًّ عليه السلام بضع وسبعون جراحة ! منها جراحاتٌ بليغة ، مسح عليها النبي صلى الله عليه وآله بريقه فبرأت ! بنو عبد الدار علموا قريشاً فناًّ مبتكراً في الدفاع ومن طريف ما ذكره المؤرخون عن بني عبد الدار الشجعان ، أنهم أول من علم قريشاً أسلوباً في الدفاع عن نفسها في الحرب أمام بني هاشم ، فابتكروا طريقة في الحرب تستفيد من سمو بني هاشم الأخلاقي وخساسة أقرانهم !روى ابن كثير في السيرة : 3/39 ، ناقلاً عن ابن هشام : ( لما اشتد القتال يوم أحد ، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت راية الأنصار ، وأرسل إلى علي أن قدم الراية ، فقدم علي وهو يقول : أنا أبو القصم ، فناداه أبو سعد بن أبي طلحة ، وهو صاحب لواء المشركين : هل لك يا أبا القصم في البراز من حاجة ؟ قال : نعم . فبرزا بين الصفين ، فاختلفا ضربتين ، فضربه علي فصرعه ، ثم انصرف ولم يجهز عليه ! فقال له بعض أصحابه : أفلا أجهزت عليه ؟ فقال : إنه استقبلني بعورته فعطفتني عليه الرحم ، وعرفت أن الله قد قتله . وقد فعل ذلك علي رضي الله عنه يوم صفين مع بسر بن أبي أرطاة ، لما حمل عليه ليقتله أبدى له عورته ، فرجع عنه . وكذلك فعل عمرو بن العاص حين حمل عليه علي في بعض أيام صفين ، أبدى عن عورته ، فرجع علي أيضاً . ففي ذلك يقول الحارث بن النضر : أفي كــل يوم فارسٌ غير منـــتـــــهٍ وعورته وســــــط العجاجة باديـه يكفُّ لهــــا عنه عــــليٌّ سنـانـــــه ويضحك منها في الخلاء معاويه!! النضر بن الحارث رئيس بني عبد الدار قال ابن هشام في سيرته : 1/195 :( وكان النضر بن الحارث من شياطين قريش ، وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينصب له العدواة ، وكان قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس وأحاديث رستم واسفنديار ، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً فذكر فيه بالله ، وحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله ، خلفه في مجلسه إذا قام ، ثم قال : أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثاً منه ، فهلم إلي فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسبنديار ، ثم يقول : بماذا محمد أحسن حديثاً مني ؟! قال ابن هشام : وهو الذي قال فيما بلغني : سأنزل مثل ما أنزل الله . قال ابن إسحاق : وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول فيما بلغني : نزل فيه ثمان آيات من القرآن ، قول الله عز وجل : إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين . وكل ما ذكر فيه الأساطير من القرآن ) . انتهى . وذكر ابن هشام 1/239 ، قول النضر عن النبي صلى الله عليه وآله ( وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتبتها كما اكتتبتها ! ) . وقال السيوطي في الدر المنثور : 3/181 : ( وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : نزلت في النضر : وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ، ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ، وسأل سائل بعذاب واقع ! قال عطاء رضي الله عنه : لقد نزل فيه بضع عشرة آية من كتاب الله ).انتهى . وروى نحوه في : 5 / 297عن عبد بن حميد . وقال عنه في تفسير الجلالين 540 : ( وهو النضر بن الحارث ، كان يأتي الحيرة يتجر فيشتري كتب أخبار الأعاجم ويحدث بها أهل مكة ويقول : إن محمداً يحدثكم أحاديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم أحاديث فارس والروم ، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن ! ) . انتهى . وقد عرفت أن مصادرنا وعدداً من مصادر السنيين ذكرت أن السائل بالعذاب الواقع هو جابر بن النضر بن الحارث ، أو الحارث الفهري . وأن أكثر مصادر السنيين رجحت أنه أبوه النضر بن الحارث ، اعتماداً على روايات عن ابن جبير وابن عباس غير مرفوعة . فقد روى الحاكم في المستدرك : 2/502 : ( عن سعيد بن جبير ، سأل سائل بعذاب واقع ، قال : هو النضر بن الحارث بن كلدة ، قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ) . وقال السيوطي في الدر المنثور : 6/263 : أخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ... إلخ ) . انتهى . ولم أجد في مصادر السيرة والتراجم عن الابن غير قصة هلاكه بحجر من السماء ، لكفره وبغضه لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله ، ولعله كان شاباً، أو أنهم عتَّموا على ذكره حسداً لأهل البيت عليهم السلام . ويدل الموجود في مصادر السيرة على أن الأب أسوأ من الأبن بكثير ، لأنه من كبار الفراعنة الذين واجهوا النبي صلى الله عليه وآله ، ولعل ابنه لو عاش لفاق أباه كفراً وعتواً !! وكان النضر عضو مجلس الفراعنة المتآمرين على النبي صلى الله عليه وآله قال ابن هشام : 1/191 : ( ثم إن الإسلام جعل يفشو بمكة في قبائل قريش في الرجال والنساء ، وقريش تحبس من قدرت على حبسه ، وتفتن من استطاعت فتنته من المسلمين . ثم إن أشراف قريش من كل قبيلة ... اجتمع عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، والنضر بن الحارث أخو بني عبد الدار ، وأبو البختري بن هشام ، والأسود بن المطلب بن أسد ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبو جهل بن هشام ، وعبد الله بن أبي أمية ، والعاص بن وائل ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميان ، وأمية بن خلف ، أو من اجتمع منهم ... قال : اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ، قال بعضهم لبعض : إبعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه . فبعثوا إليه : إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فأتهم ، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فقالوا له : يا محمد ، إنا قد بعثنا إليك لنكلمك ، وإنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك ، لقد شتمت الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة، وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة، فما بقي أمرٌ قبيحٌ إلا قد جئته فيما بيننا وبينك - أو كما قالوا - : فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً . وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا فنحن نسودك علينا . وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا . وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن رئياً - فربما كان ذلك بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه ، أو نعذر فيك ! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بي ما تقولون ، ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ، ولا الشرف فيكم ، ولا الملك عليكم ، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً ، وأنزل علي كتاباً ، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً ، فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله ، حتى يحكم الله بيني وبينكم .... الى آخر مناظرتهم . وقال ابن هشام : 2/331 : ( عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : لما أجمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غدوا في اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة ... وقد اجتمع فيها أشراف قريش من بني عبد شمس : عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب . ومن بني نوفل بن عبد مناف : طعيمة بن عدي ، وجبير بن مطعم ، والحارث بن عامر بن نوفل . ومن بني عبد الدار بن قصي : النضر بن الحارث بن كلدة . . . إلخ . فقال أبو جهل بن هشام : والله إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد . قالوا : وما هو يا أبا الحكم ؟ قال : أرى أن نأخذ من كان قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا ، ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً ، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه ، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعها، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً ، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم . انتهى . ورواه الطبري في تاريخه : 2/98 وكان النضر رسول قريش إلى اليهود جاء في سيرة ابن هشام : 1/195 ( قام النضر بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ... قال : يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمرٌ ما أتيتم له بحيلة بعد ، قد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً ، أرضاكم فيكم ، وأصدقكم حديثاً ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب ، وجاءكم بما جاءكم به ، قلتم ساحر ، لاوالله ما هو بساحر ، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم . وقلتم كاهن ، لاوالله ما هو بكاهن ، قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم . وقلتم شاعر ، لاوالله ما هو بشاعر ، قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها : هزجه ورجزه . وقلتم مجنون ، لاوالله ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون فما هو بخنقة ، ولا وسوسته ، ولا تخليطه . يا معشر قريش فانظروا في شأنكم ، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم ... فلما قال لهم ذلك النضر بن الحارث بعثوه ، وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة ، وقالوا لهما : سلاهم عن محمد وصفاً لهم صفته ، وأخبراهم بقوله ، فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء . فخرجا حتى قدما المدينة ، فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفا لهم أمره ، وأخبراهم ببعض قوله وقالا لهم : إنكم أهل التوراة ، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا ؟ فقالت لهما أحبار يهود : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن ، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقول فَرَوْا فيه رأيكم . سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول : ما كان أمرهم ، فإنه قد كان لهم حديث عجيب ؟ وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبأه ؟ وسلوه عن الروح ما هي ؟ فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي ، وإن لم يفعل فهو رجلٌ متقول ، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم ... إلى آخر القصة . ورواها في عيون الأثر : 1/142 . كاتب الصحيفة الملعونة الأولى ضد بني هاشم قال ابن هشام : 1/234 : ( اجتمعوا بينهم أن يكتبوا كتاباً يتعاقدون فيه على بني هاشم ، وبني المطلب ، على أن لاينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ، ولا يبيعوهم شيئاً ولا يبتاعوا منهم ، فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة ، تعاهدوا وتواثقوا على ذلك ، ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم ، وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي . قال ابن هشام : ويقال النضر بن الحارث ، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشل بعض أصابعه ) . وقال ابن واضح اليعقوبي في تاريخه : 2/31 : ( وهمت قريش بقتل رسول الله ، وأجمع ملأها على ذلك ، وبلغ أبا طالب فقال: والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أغيَّـبَ في التراب دفيـنا فلما علمت قريش أنهم لايقدرون على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وأن أبا طالب لايسلمه ، وسمعت بهذا من قول أبي طالب ، كتبت الصحيفة القاطعة الظالمة ألا يبايعوا أحداً من بني هاشم، ولا يناكحوهم ، ولا يعاملوهم، حتى يدفعوا إليهم محمدا فيقتلوه .ودعوتني وزعمت أنك ناصح ولقـــد صدقت وكنت ثَمَّ أمينا وعرضت ديناً قد علمت بأنــه من خـــير أديـان البرية دينا وتعاقدوا على ذلك وتعاهدوا ، وختموا على الصحيفة بثمانين خاتماً ، وكان الذي كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ، فشلت يده . ثم حصرت قريش رسول الله وأهل بيته من بني هاشم وبني المطلب بن عبد مناف في الشعب الذي يقال له شعب أبي طالب ست سنين من مبعثه . فأقام ومعه جميع بني هاشم وبني المطلب في الشعب ثلاث سنين ، حتى أنفق رسول الله ماله ، وأنفق أبو طالب ماله ، وأنفقت خديجة بنت خويلد مالها ، وصاروا إلى حد الضر والفاقة . ثم نزل جبريل على رسول الله فقال : إن الله بعث الأرضة على صحيفة قريش فأكلت كل ما فيها من قطيعة وظلم ، إلا المواضع التي فيها ذكر الله ! فخبر رسول الله أبا طالب بذلك ، ثم خرج أبو طالب ومعه رسول الله وأهل بيته حتى صار إلى الكعبة فجلس بفنائها ، وأقبلت قريش من كل أوب فقالوا: قد آن لك يا أبا طالب أن تذكر العهد وأن تشتاق إلى قومك ، وتدع اللجاج في ابن أخيك ! فقال لهم : يا قوم أحضروا صحيفتكم فلعلنا أن نجد فرجاً وسبباً لصلة الأرحام وترك القطيعة ، وأحضروها وهي بخواتيمهم . فقال : هذه صحيفتكم على العهد لم تنكروها ؟ قالوا: نعم . قال : فهل أحدثتم فيها حدثاً ؟ قالوا : اللهم لا . قال : فإن محمداً أعلمني عن ربه أنه بعث الأرضة فأكلت كل ما فيها إلا ذكر الله ، أفرأيتم إن كان صادقاً ماذا تصنعون ؟ قالوا : نكف ونمسك . قال : فإن كان كاذباً دفعته إليكم تقتلونه . قالوا : قد أنصفت وأجملت . وفضت الصحيفة فإذا الأرضة قد أكلت كل ما فيها إلا مواضع بسم الله عز وجل !! فقالوا : ما هذا إلا سحر ، وما كنا قط أجد في تكذيبه منا ساعتنا هذه !! وأسلم يومئذ خلق من الناس عظيم ، وخرج بنو هاشم من الشعب وبنو المطلب فلم يرجعوا إليه ) . انتهى . - قال ابن كثير في تاريخه :3 / 121 ، وسيرته : 2 /69 : قال ابن إسحاق : فلما مزقت وبطل ما فيها ، قال أبو طالب ، فيما كان من أمر أولئك القوم الذين قاموا في نقض الصحيفة يمدحهم : ألا هل أتى بحرينـــــا صنع ربـنا على نأيهم والله بالنــــــاس أرود وبعده في السيرة : فيخبرهم أن الصحيفة مزقـــــت وأن كل ما لم يـــرضه الله مفسد تراوحهـا إفك وسحــــر مجـــمع ولم يلف سحرا آخر الدهر يصعد تداعى لها من ليس فيها بقرقـر فطائرهـــــا في رأسهــــــا يتـردد وكانت كفاء وقعــــة بأثـــيمــــة ليقطـع منهـــا ســـــــاعـد ومقلـد ويظعن أهــــل المكتـين فيهربوا فرائصهم من خشية الشر ترعد ويترك حــــراث يقـــــلـب أمـــره أيتهم فيها عـــــند ذاك وينجـــــد فمن ينش من حضـــار مكة عزة فعزتنـا في بطن مكـــــة أتـــــلـد نشأنا بها والناس فيهــــا قـــلائل فلم ننفك نزداد خــيرا ونحــــمـد وتصعد بين الاخشبــــين كتـــــيبـــة لها حـــــدج سهم وقــــوس ومرهد والخبر في سيرة ابن هشام : 1 /254 )ونطعم حتى يـــــترك الناس فضلهم إذا جعــــلت أيدي المفيضين ترعــد جزى الله رهطا بالحجون تبايعـــوا على مـلا يهدي لحـــــزم ويــــــرشد قعودا لذي خطم الحجـــــون كـأنهم مقاولـة بل هـم أعــــــــز وأمجــــــد أعان عليها كــــل صقـــــر كـــــأنه إذا مامشى في رفرف الدرع أحــرد جرئ على جلى الخطـــــوب كـــأنه شهـاب بكفـــــي قـــــــابـس يتوقــــد ( ألا إن خير النـــــاس نفسا ووالداً إذا عـد ســــــــادات البريــــة أحمـد نبي الإلـه والكـــــريــم بأصلـــــــــه وأخلاقـه وهو الــــرشيـد المؤيـــــد جرئ على جلى الخطــــوب كأنـــــه شهـاب بكـــفي قـــــابس يتوقــــــد) من الاكرمين من لؤي بــــن غـالب إذا سيم خـــــسفا وجهـــــه يتــــربد طويل النجادخارج نصــف ساقــــــه على وجهـــــه يسقي الغمام ويسعد عــظــــــيم الرمــــاد سيـد وابن سيد يحض على مقرى الضيوف ويحشد وفي هامشه : ( بحرينا : قال السهيلي : يعني الذين بأرض الحبشة ، والذين هاجروا إليها من المسلمين في البحر . قال السهيلي : وللنساب من قريش في كاتب الصحيفة قولان ، أحدهما : إن كاتب الصحيفة هو بغيض بن عامر بن هاشم بن عبد الدار . والقول الثاني : أنه منصور بن عبد شرحبيل بن هاشم من بني عبد الدار أيضا! ! وهو خلاف قول ابن إسحاق ، ولم يذكر الزبير في كاتب الصحيفة غير هذين القولين ، والزبيريون أعلم بأنساب قومهم ) . انتهى . والأبيات الثلاثة التي وضعناها بين قوسين لاتوجد في نسخة ابن هشام ولا ابن كثير المتداولة ، وقد ذكرها الأميني رحمه الله (7/366) في روايته عن ابن كثير .. ومن عادة قدماء الرواة والمؤلفين السنيين أن يحذفوا أمثالها ، لأنها تضر بزعمهم أن أبا طالب رضوان الله عليه مات مشركاً ولم يسلم !! وقال الأميني رحمه الله : ( توجد في ديوان أبي طالب أبيات من هده القصيدة غير ما ذكر لم نجدها في غيره . وقد كان في أمر الصحيفة عبرة متى ما يخبر غائب القوم يعجب انتهى . وهي أبيات من قصيدة طويلة لأبي طالب رضوان الله عليه ، يبدو أنه قالها قبل القصيدة المتقدمة. وقد روى منها الشيخ المفيد رحمه في ( إيمان أبي طالب) ص33 ، وكذا ابن شهرا شوب في مناقب آل ابي طالب:1/ 60: محى الله منها كفرهم وعقوقهم وما نقموا من ناطق الحق معرب فأصبح ما قالوا من الأمر باطلا ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب - كما رواها البحراني رحمه الله في حلية الأبرار :1/ 79 (و86)، عن تفسير علي بن ابراهيم بن هاشم قال : حدثنا علي بن جعفر ، قال : حدثني محمد بن عبد الله الطائي ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمير ، قال : حدثنا حفص الكناسي ، قال : سمعت عبد الله بن بكر الأرجاني ... : ( فقال أبو طالب : يا قوم اتقوا الله وكفوا عما أنتم عليه ، فتفرق القوم ولم يتكلم أحد ، ورجع أبو طالب إلى الشعب ، وقال في ذلك قصيدته البائية ، التي أولها : ألا من لهم آخــــر الليل منصب وشعب العصا من قومك المتشعب انتهىوقد كان في أمر الصحيفة عبرة متى ما يخبر غائب القوم يعجــــب محا الله منها كفرهــم وعقوقهم وما نقموا من ناطق الحق معـرب وأصبح ما قالوا من الأمر باطلاً ومن يختلق ما ليس بالحق يكـذب وأمسى ابن عبد الله فينا مصدقاً على سخط من قومنا غير معــتب فلا تحسبونــا مسلمين محمــــداً لذي عـزة منـــــــا ولا متعـــــــرب ستمنعه منــــا يـــــدٌ هـاشميـــــةٌ مركبها في النـــــاس خــير مركب وقد بحثنا في المجلد الثالث من العقائد الاسلامية ، افتراء قريش على بني هاشم وزعمها أن أبا طالب مات مشركاً !! وكان النضر من المطعمين جيش قريش في بدر تقدم في البحث الخامس أن النضر أحد الرهط الذين كانوا يطعمون جيش قريش في حرب بدر ، وقد عده النبي صلى الله عليه وآله من أفلاذ أكباد مكة عاصمة قريش ! ( ابن هشام :2/ 488 ، وتاريخ الطبري : 2 / 142 ) . نهاية الأول من فراعنة ( سأل سائل ) قال ابن هشام في سيرته : 2/206 - 207 : ( ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلاً إلى المدينة ، ومعه الأسارى من المشركين ، وفيهم عقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث ... قال ابن إسحاق : حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء ، قتل النضر بن الحارث ، قتله علي بن أبي طالب ، كما خبرني بعض أهل العلم من أهل مكة . قال ابن إسحاق : ثم خرج حتى إذا كان بعرق الظبية ، قتل عقبة ابن أبي معيط . ( راجع أيضاً سيرة ابن هشام : 2/286 و527 ، وتاريخ الطبري : 2/157 و286 ) . وفي معجم البلدان : 1/94 : الأثيل : تصغير الأثل موضعٌ قرب المدينة ، وهناك عين ماء لآل جعفر بن أبي طالب ، بين بدر ووادي الصفراء ، ويقال له ذو أثيل .... وكان النبي صلى الله عليه وسلم ، قتل عنده النضر بن الحارث بن كلدة ، عند منصرفه من بدر ، فقالت قتيلة بنت النضر ترثي أباها ، وتمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا راكباً إن الأثـــــيل مظـــــنـــــةٌ من صبحِ خامسةٍ ، وأنت موفقُ فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم شعرها رق لها ، وقال : لو سمعت شعرها قبل قتله لوهبته لها . انتهى .بلغ به ميتاً ، فـــــــإن تحــــيـــــةً ما إن تـــزال بها الركائب تخفق مني إليه ، وعـــــــبرةً مسفـوحةً جادت لمائحهـــــا وأخرى تخنق فليسمعن النضــــــر ، إن ناديـته إن ان يسمــــع ميــــت أو ينطق ظلت سيوف بـنـــــي أبيه تـنوشه لله أرحـام هنــــاك تشــــقــــق ! أمحمد ! ولأنت ضــــنء نجــــيبة في قومها ، والفحل فحل معرق لو كنت قــــابل فدية ، فلنأتــيـــن بأعـــزماً يغـــــلـو لـــديـك وينفق ما كان ضرك لو مننت وربمـــــا مَنَّ الفتى ، وهو المغيظ المحنق والنضر أقرب من أصبت وسيلة وأحقــــهم ، إن كان عــتق يعتق ومن الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان أكره الناس للقتل ، وأنه لم يقتل أحداً إلا عند اللزوم والضرورة .. وحسبك أن جميع القتلى في جميع حروبه صلى الله عليه وآله من الطرفين ومن أقام عليهم الحد الشرعي لايبلغون ست مئة شخص ، وبذلك كانت حركته العظيمة صلى الله عليه وآله أعظم حركة في نتائجها ، وأقل حركة في كلفتها ! وأما قتله للنضر فلأنه كان جرثومة شر وفساد ! وومثله صديق النضر وشريكه في الشر ، عقبة بن معيط الأموي ، وكان صاحب خمارة ومبغى في مكة ، وكان معروفاً بإلحاده . وإذا صح ما قاله صلى الله عليه وآله لبنت النضر الشاعرة ، فمعناه أن الله تعالى أجاز له أن يعفو عنه لابنته ، لما في شعرها من قيم واستعطاف ! النضير بن الحارث .. أخ النضر ووارثه ذكرت مصادر السيرة والتاريخ أن لواء قريش بعد النضر كان بيد آخرين من بني عبد الدار ، ولم تذكر أن أخاه النضير كان فارساً مثله ، ويظهر أنه صار بعد أخيه النضر رئيس بني عبد الدار ، وإن لم يكن شجاعاً صاحب اللواء ، فقد وصفه رواة قريش وأصحاب السير بالحلم ، إشارة إلى أنه كان سياسياً محباً للدعة .. وعدوه من رؤساء قريش والمؤلفة قلوبهم ، الذين أعطى النبي لكل واحد منهم مئة بعير من غنائم حنين .قال الطبري في تاريخه : 2/358 عن عطاءات النبي في حنين : ( فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة بعير ، وأعطى ابنه معاوية مائة بعير ، وأعطى حكيم بن حزام مائة بعير ، وأعطى النضير بن الحارث بن كلدة بن علقمة أخا بني عبد الدار مائة بعير ، وأعطى العلاء بن حارثة الثقفي حليف بني زهرة مائة بعير ، وأعطى الحارث بن هشام مائة بعير ، وأعطى صفوان بن أمية مائة بعير ، وأعطى سهيل بن عمرو مائة بعير ، وأعطى حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس مائة بعير ... ونحوه في سيرة ابن هشام : 4/929 ، وابن كثير : 3/682 وتاريخ اليعقوبي . وقد تقدم ذكره في البحث الخامس ، واعترافه بأنه خطط مع زعماء قريش لقتل النبي صلى الله عليه وآله في حنين ، ولم يتمكنوا من ذلك ! وقد اختلط اسم النضير عند بعضهم باسم أخيه النضر ، قال الرازي في الجرح والتعديل : 8 / 473 : ( النضر بن الحارث بن كلدة العبدري من مسلمة الفتح ، ويقال نضير وليست له رواية ، سمعت أبي يقول ذلك . وقال في هامشه : وهذا هو الصواب إن شاء الله ، لأن النضر بن الحارث قتل كافراً إجماعاً ، وإنما هذا أخوه ، واحتمال أن يكون مسمى باسمه أيضاً بعيد ، وأثبت ما جاء في الروايات أن هذا هو ( النضير ) .. راجع الإصابة الترجمتين ) . انتهى . رواة قريش يجعلون النضير مسلماً مهاجراً شهيداً ! وعلى عادة رواة قريش ، فقد جعلوا من الحارث أو النضير شخصيةً إسلامية ، وعدوه في المهاجرين وشهداء اليرموك .. ويظهر أنهم جعلوا كل الذين كانوا في الشام من القرشيين وماتوا في طاعون عمواس ، مثل سهيل بن عمرو والعبدريين ، جعلوهم شهداء ، وعدوهم في شهداء اليرموك !قال السمعاني المحب لقريش وبني أمية ، في أنسابه : 3/110 : ( الرهيني : بفتح الراء وكسر الهاء بعدهما الياء الساكنة آخر الحروف وفي آخرها النون ، هذه النسبة إلى رهين ، وهو لقب الحارث بن علقمة ويلقب بالرهين ، ومن ولده محمد بن المرتفع بن النضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي الرهيني ، يروي عن عبد الله بن الزبير ، روى عنه سفيان بن عيينة . فأما جده النضير بن الحارث فكان من المهاجرين ، وكان يعد من حلماء قريش ، قتل يوم اليرموك شهيداً ، وهو أخو النضر بن الحارث الذي قتله علي بن أبي طالب بالصفراء صبرا يوم بدر ، وكان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه نزلت سورة ( سأل سائل بعذاب واقع ) وقالت بنته أبياتاً من الشعر ... وتبعه في إكمال الكمال : 1/327 ، وغيره . هل اعترض النضير على النبي صلى الله عليه وآله مثل أخيه وابن أخيه ؟روت مصادرنا مناقشة غريبة لأحدهم مع النبي صلى الله عليه وآله في المدينة ، وسمته النضر بن الحارث الفهري ، ويحتمل أن تكون كلمة الفهري تصحيف العبدري ، نسبةً إلى بني عبد الدار ، والنضر تصحيف النضير .. وإذا صحت نسبتها إليه ، فتكون صدرت منه في المدينة بعد حجة الوداع . وقد تقدمت من كتاب مدينة المعاجز للبحراني : 2/267 ، وفيها : ( أقبل النضر بن الحارث فسلم على النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله إذا كنت أنت سيد ولد آدم ، وأخوك سيد العرب ، وابنتك فاطمة سيدة نساء العالمين ، وابناك الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، وعمك حمزة سيد الشهداء ، وابن عمك ذا الجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء ، وعمك جلدة بين عينيك وصنو أبيك ، وشيبة له السدانة .. فما لسائر قومك من قريش وسائر العرب ؟! فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا آمنا بما تقول لنا ما لك وعلينا ما عليك . فأطرق رسول الله صلى الله عليه وآله طويلاً ، ثم رفع رأسه فقال : أما أنا والله ما فعلت بهم هذا ، بل الله فعل بهم هذا ، فما ذنبي ؟! ... فوعظه النبي صلى الله عليه وآله وقال له : إن ربك كريم ، فإن أنت صبرت وتصابرت ، لم يخلك من مواهبه ، فارض وسلم ، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره ، ويخفف عمن يشاء ، وله الخلق والأمر ، مواهبه عظيمة، وإحسانه واسع . فأبى الحارث ) . انتهى . وقد نص ابن هشام : 2 / 488 ، على أن النضير هذا يسمى الحارث أيضاً باسم أبيه ، وسماه اليعقوبي في تاريخه : 2 / 63 ( الحارث بن الحارث بن كلدة ) ، وهو أمر يوجب الشك ، لأنه يستغرب أن يكون لشخص اسمان معاً ، خاصةً إذا كان أحدهما باسم أبيه ، لأن العوائل المالكة في القبائل تحترم اسم الأب ولا تغيره إلى اسمٍ آخر ، ولا تضيف معه اسماً آخر ، لأنه يضعف مكانته ! وهذا يفتح باب الاحتمال أن يكون الحارث أخاهم الثالث ، وأن يكون هو الذي ورد اسمه في بعض الروايات أنه اعترض على النبي صلى الله عليه وآله لإعلانه ولاية علي والحسنين من بعده عليهم السلام، فرماه الله بصاعقة أو حجر من سجيل ! وبذلك يكون العذاب الواقع نزل بثلاثة أشخاص من هذه الأسرة : الأب في بدر ، وولده جابر الذي نص عليه أبو عبيد ، والحارث هذا .. ويكون اسم عشيرة العذاب الواقع ، مثلث الانطباق على هذه القبيلة !! كما يحتمل أن يكون صاحبنا النضير بن الحارث ، أو الحارث بن الحارث العبدري ، هو الحارث المعترض ، لكن لم تنزل عليه العقوبة ، لأنهم ذكروا وفاته في الشام ، وليس بالعذاب الواقع . ومهما يكن ، فإن من المؤكد أنه يوجد حارثٌ غيره اعترض على النبي صلى الله عليه وآله حيث ورد ذكره في تفسير الثعلبي ، وعدد من مصادرنا باسم الحارث بن النعمان الفهري ، وأنه هو صاحب حجر السجيل ، كما تقدم . وكذلك تقدم اسم الحارث بن عمرو الفهري، في رواية الحاكم الحسكاني، ورواية الكافي والمناقب . ومما يؤيد أنه حارثٌ آخر ، أنهم ترجموا لشخص وأولاده ، ولم يذكروا عنه شرحاً ، ولا ذكروا سبب موته .. فقد ينطبق عليه ! قال ابن كثير في سيرته : 2/499 : ( عامر بن الحارث الفهري ، كذا ذكره سلمة عن ابن إسحاق وابن عائذ . وقال موسى بن عقبة وزياد عن ابن إسحاق : عمرو بن الحارث ) . وقال في ص 502 : ( عمرو بن عامر بن الحارث الفهري ، ذكره موسى بن عقبة). انتهى . وذكر نحوه في عيون الأثر : 1/358 . وعليه ، يكون الحارث صاحب حجر السجيل فهرياً ، وليس عبدرياً . ويكون جابر بن النضر العبدري الذي ورد في رواية أبي عبيد ، صاحب حجر سجيل آخر .. والله العالم . الأفجران من قريش أم ... الأفجرون ؟ ورد في مصادر الحديث أن أسوأ قبائل قريش ، وأشدها على النبي صلى الله عليه وآله هم بنو أمية ، وبنو المغيرة ، وهم فرع أبي جهل من مخزوم ، وورد وصفهم بالأفجرين .. ولا بد أن نضيف إليهم بني عبد الدار فيكون الأفجرون بالجمع .. وإن كان الإنسان بعد أن يستثني بني هاشم والقلة الذين معهم من قريش ، يشك في من هو الأحسن والأفجر من الباقين !! قال السيوطي في الدر المنثور : 4/84 : ( وأخرج البخاري في تاريخه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن عمربن الخطاب رضي الله عنه في قوله : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا، قال : هما الأفجران من قريش : بنو المغيرة وبنو أمية ، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر ، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين ! ) . انتهى . ويشبه أن يكون ذلك كلاماً نبوياً ردده عمر ، وإذا صح ذلك عنه ، يتوجه إليه السؤال : لماذا ولى معاوية الأموي على حكم الشام ، وأطلق يده ولم يحاسبه أبداً ، ثم رتب الخلافة من بعده في شورى جعل فيها حق النقض لصهر عثمان الأموي ، فأكمل بذلك تسليم الدولة الإسلامية لأحد الأفجرين من قريش ؟ ولكنها.. السياسة!! * * * |
وبعد : يقول الله تبارك وتعالى: (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)(وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ)(وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ)(هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)(اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ)(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس :59 – 60 – 61-62-63-64-65].
[59 – 60] في هذه الآيات يذكر الله جل وعلا مشهدًا آخر من مشاهد الآخرة , حيث يقال للكفار في ذلك اليوم : تميزوا عن المؤمنين بعيدا فلستم أهلا لمرافقتهم , وفي هذا تبكيت لهم مقابل تميزهم في الدنيا بالضلال والانحراف , ويقول الله تعالى لهم توبيخا وتحسيرا : ألم آخذ عليكم العهد يابني آدم الذي عاداه الشيطان وأخرجه من الجنة أن لاتطيعوا الشيطان في معصيتي فإنه لكم عدو ظاهر العداوة , وأن أخلصوا لي العبادة فإن هذا هو الطريق المستقيم الموصل إلى رضواني وجنتي؟! [62] ولقد أضل منكم ذلكم الشيطان أجيالا كثيرة , أغَفلتم فلم تكونوا تعقلون ؟ فلِمَ لم تتذكروا ماحصل لأولئك الضالين من نهايات مؤلمة فتعتبروا بذلك وتحذروا من الشيطان الرجيم؟! [63 – 64] ثم يقال لهم في تأنيب وتحسير : هذه جهنم التي كان الرسل عليهم السلام أوعدوكم بها, ادخلوها اليوم وقاسوا حرها بسبب كفركم بالله تعالى ورسله عليهم السلام . [65] وفي ذلكم اليوم الرهيب يختم الله عز وجل على أفواههم فلا يستطيعون الكلام , ويخلق في جوارحهم المقدرة على الكلام , فتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يعملونه من المعاصي في الحياة الدنيا , وهذا زيادة في التحسير والتبكيت حيث كان الإنسان يعتقد بأن جميع أعضائه ملك له يدبرها بعقله, فإذا كل عضو منه مستقل بنفسه يواجه ربه بالاستسلام والبراءة من الأعمال السيئة التي استُخدم بها في الدنيا . ويقول الله تبارك وتعالى: (لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ)(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ)(وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ)(وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ)(وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ)(لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ)(فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)[يس:71 – 72 – 73 – 74 – 75 – 76] . [71 – 73] يذكِّر الله سبحانه عباده بما أنعم عليهم مما خلق لهم من الأنعام : الإبل والبقر والغنم, ولم تكن من صنعهم بل هي مما هيأه الله جل وعلا لهم وملكهم إياها , وجعلها مذللة لهم يقودونها حيث شاؤوا بسهولة ولم يجعلها وحشية تنفر منهم , فمنها مايركبونه في تنقلاتهم, ومنها مايأكلونه , ولهم فيها منافع عديدة من شعرها ووبرها وجلودها مما يصنعون منه بيوتهم وملابسهم, مع مايستفيدونه منها من شرب ألبانها , هذه النعم وغيرها توجب عليهم شكر الباري جل وعلا, فهلا شكروه فأخلصوا له العبادة !! [74 – 75] لكن واقعهم السيء أنهم اتخذوا من دون الله أوثانا يعبدونها طمعا في نصرها إياهم في حياتهم والشفاعة لهم عند الله تعالى . غير أن هذه الأوثان لاتستطيع نصر عابديها , وهي لاحول لها ولاقوة , بل هي بحاجة إلى حماية عابديها من الاعتداء عليها , فهم لها جند مُعدُّون لنصرها وحمايتها , وسواء كانت الآلهة من الأصنام التي يسجد لها عابدوها أو كانت من الطغاة الذين يأمرون الناس بمعصية الله تعالى فيطيعونهم في ذلك فإن كل هذه الآلهة لهم جند مهيؤون لخدمتهم وحمايتهم . [76] ثم يُطَمئن الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم نحو أولئك المشركين ومايدبرونه من عداء ومكائد , حيث إنه تعالى مطلع على كل مايصدر منهم حتى مايضمرونه في أنفسهم , فهم في قبضته وتحت مقدرته , وكذلك كل الظالمين فإنهم لن يستطيعوا القضاء على المؤمنين ولا على دعوتهم مادام هؤلاء المؤمنون معتصمين بالله تعالى معتمدين عليه وحده . |
يقول الله تبارك (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ)(وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ)(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)(لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)[يس : 36 : 37 – 38 – 39 – 40 begin_of_the_skype_highlighting 37 – 38 – 39 – 40 end_of_the_skype_highlighting] .
[36] ينـزه الله عز وجل نفسه عن أن يكون له شركاء يُعبدون معه وهو الذي خلق الأحياء كلها أزواجا ذكورًا وإناثا , حتى النبات الذي قد يظن ظان أنه ليس فيه ذكورة وأنوثه , فهو كالإنسان والحيوان في ذلك , وخلق الأزواج مما لانعلمه كالجمادات , فسبحانه جل وعلا الذي وحد هؤلاء الخلق على نظام واحد . [37 – 38] وآيات أخرى باهرة تدل على إنفراد الله جل وعلا بالألوهية والربوبية, فالنهار يكون متلبسا بالليل , ثم ينـزع الله النهار من الليل فإذا الناس في ظلام , والشمس تدور حول نفسها إلى أن تبلغ مستقرها الذي يعلمه الله , وحينما نتصور – كما يقول الفلكيون – أن حجم الشمس يبلغ نحو مليون ضعف لحجم أرضنا هذه , وأن هذه الكتلة الهائلة تتحرك وتجري ندرك شيئًا من قدرة الله تعالى العظيمة , فإن ذلك تقدير العزيز القوي العليم بجميع أمور خلقه . [39] والقمر قدره الله جل وعلا منازل , يولد هلالا دقيقا ضعيفا ثم يكبر حتى يصير بدرا مستديرًا , ثم يدق ويضعف حتى يعود هلالا كعذق النخل القديم المتقوس , إن العقل البشري المستنير حينما يتأمل ذلك يدرك أن وراء هذه التحولات يَدٌ قادرة حكيمة .[40] ثم إن هذا النظام الكوني في سير الليل والنهار والشمس والقمر يتم بدقة متناهية فلا يطغى شيء على شيء , وكل جرم من الأجرام السماوية يسير في فلكه المخصص له , وإن هذه الدقة المتناهية والإحكام البديع في الصنع ليدل دلالة ظاهرة على تفرد خالق هذا الكون عز وجل بالربوبية والألوهية . ويقول الله تبارك وتعالى: (وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ)(وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ)(إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ)(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) [يس :41 – 42-43-44-45-46]. [41-44] يذكر الله جل وعلا للمشركين علامة ظاهرة على قدرته البالغة وهي أنه علَّم أبا البشر الثاني نوحا عليه الصلاة والسلام صناعة السفينة وحمل أبناءه الذين هم أصل من بقي من البشر فيها , ولولا ذلك لهلك البشر , وأنه تعالى أوجد للمشركين وغيرهم مثل سفينة نوح وغيرها من المراكب التي تحملهم في أسفارهم , وهيأ لهم العوامل التي تكفل وصولهم ونجاتهم كالرياح وغيرها من الآلات التي ألهمهم صنعها , ولو شاء الله تعالى هلاكهم لأغرقهم في البحار مهما كانت جودة صناعتهم , ولو فعل ذلك فلن يجدوا من ينجدهم ولا من ينقذهم من الغرق, إلا إذا أدركتهم رحمة الله عز وجل فينجيهم ويبقيهم إلى أجل لعلهم يهتدون إلى الصراط المستقيم. [45 – 46] ومع هذه الآيات البينة التي توقظ المشاعر فإن الله تعالى لم يقتصر عليها في التذكير, بل أرسل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليذكرهم بما ينتظرهم في مستقبل أمرهم في آخرتهم من العذاب الأليم والحرمان من النعيم المقيم إن استمروا على كفرهم , وليذكِّرهم بما خلفهم من أخبار الأمم الماضية وماجرى لهم من الهلاك لما كذبوا رسلهم عليهم الصلاة والسلام لعلهم يؤمنون فيفوزون برحمة الله تعالى بهم , ولكنهم مع تلك الآيات الواضحات والتذكير المتواصل بما فيه نجاتهم وفلاحهم مايزالون معرضين عن الهداية والاستقامة , وهذا يعني أنهم قد ضلوا عن علم واتبعوا أهواءهم . |
يقول الله تبارك وتعالى :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ)(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ)(إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً) [فاطر:36-37-38-39 begin_of_the_skype_highlighting 36-37-38-39 end_of_the_skype_highlighting] . [36]بعد أن ذكر الله سبحانه في آيات سابقة ما أعده للمؤمنين في الجنة من النعيم المقيم ذكر ماأعده للكافرين من العذاب الأليم الدائم في نار جهنم , فلاهُمْ بالذين يُقضَى عليهم بالموت فيستريحون من عذابها بالكلية ولاهم الذين يخفف عنهم من عذابها فيستريحون بعض الشيء, وبمثل هذا العقاب الشديد يجزي الله كل إنسان جحود لحقِّه في الألوهية والربوبية . [37] ثم ذكر الله تعالى أن أولئك الكفار يصرخون بأعلى صوتهم من شدة العذاب في نار جهنم قائلين : ربنا أخرجنا من نار جهنم وأعدنا إلى الحياة الدنيا من أجل أن نعمل عملا صالحا مخالفا للعمل السيء الذي كنا نعمله في حياتنا الأولى , فيقول الله عز وجل لهم : أوَلم نمهلكم في حياتكم الأولى بالقدر الكافي من العمر للتذكر والاتعاظ , وجاءكم النبي صلى الله عليه وسلم نذيرًا لكم فلم تتذكروا ولم تتعظوا ؟ فذوقوا عذاب جهنم , فما للظالمين الذين ظلموا أنفسهم بالكفر من ناصر ينصرهم من عذاب الله تعالى . [38] إن الله جل وعلا مطلع على كل ماغاب في السموات والأرض وهو العليم بما تُخفي الصدور , فراقبوه مراقبة دقيقة واحذروا من أن يطلع عليكم وأنتم تضمرون معصيته أو ترك طاعته في أي أمر من أمور الدين . [39] ثم ذكر تعالى أنه هو الذي جعل الناس خلائف في الأرض يَخلف بعضهم بعضا ليعمروا الأرض بطاعته , فمن جحد حق الله تعالى في العبادة وعصاه فإنه يكون قد جنى على نفسه, ولن يحظى برحمة الله جل وعلا بل ببغضه وغضبه , ولن يكسب الكافرون من كفرهم إلا النقص والهلاك . ويقول الله تبارك وتعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً)(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً)[فاطر : 40 – 41] . [40] يأمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بان يحاور المشركين حول شرعية أوثانهم التي يشركونها مع الله تعالى في العبادة , وذلك بأن يقول لهم : أخبروني عن أولئك الشركاء هل خلقوا شيئا مما في الأرض ؟ فسيقولون : لا , لأن كل مافي الأرض يشهد بأنه من خلق الله تعالى وحده , ولا يمكن لمدَّعٍ أن يدعي بأن أحدا خلق شيئا مع الله تعالى لأن آثار الخلق تشهد بتفرد الله سبحانه بذلك, وإذا كانوا لم يخلقوا شيئا مما في الأرض فهل شاركوا في خلق السموات ؟ إنهم – وهم عاجزون عن أن يوجدوا شيئا في الأرض من العدم – أعجز من أن يخلقوا شيئًا في السموات , بل هل أنزلنا على المشركين كتابا من السماء يسوغ لهم إشراك أوثانهم مع الله في الخلق حتى يكون لهم حجة في إشراكهم مع الله في العبادة ؟ إنه لم يكن شيء من ذلك فلا حجة لهم في عبادة أوثانهم من دون الله تعالى , أما مايَعِدُ به سادة المشركين أتباعهم من أن أوثانهم تقربهم من الله وتشفع لهم عنده فهو خداع لهم وباطل من القول . [41] وإذا كان المشركون يتوهمون بأن لأوثانهم شيئا من القدرة والتدبير فليتذكروا بأن الله تعالى وحده هو الذي يمسك السموات والأرض ويدبر سيْر جميع الأفلاك في مساراتها بانتظام دقيق من غير أن يحصل فيها شيء من الخلل , ولئن قدَّر الله تعالى زوال السماء والأرض ومافيهما عن مواضعها فما من أحد يستطيع أن يمسكها بعد ذلك أبدا , إنه – جل وعلا – كان حليما في إمهال الكافرين والعصاة وعدم معاجلتهم بالعقوبة لعلهم يرجعون , غفورا لمن تاب منهم واستقام. |
قول الله تبارك وتعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ)(وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ)
(وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ)(وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ)(إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ) [فاطر : 19 – 20 – 21-22-23] . في هذه الآيات يضرب الله جل وعلا أمثلة لبيان الفرق الشاسع بين الضلالة والهداية, وهذه الأمثلة يدركها الناس بحسهم وخبرتهم , فالأعمى لايستوي مع البصير, والظلمات لاتستوي مع النور, ولايستوي الظل البارد المنعش مع المكان الشديد الحرارة المزعج , ولايستوي الأحياء الذين يتحركون بالحياة مع الأموات الذين هم جثث هامدة , فكذلك المهتدون فإنهم يبصرون الحقائق ويدركون سبيل النجاة والفلاح , وهم يتحركون في نور يغمرهم ويضيء لهم الطريق, ويعيشون في ظل وارف من الطمأنينة واليقين , كما أنهم يإيمانهم يكتسبون حياة القلوب التي تصحح المشاعر وتُقوِّم السلوك . أما الضالون فإنهم لايبصرون الأمور على حقيقتها ولايرون سبيل النجاة والفلاح وهو أقرب شيء إليهم , وهم يعيشون في ظلمات مطبقة وشك وقلق وحيرة وموت قلبي يحول بينهم وبين النظر السليم والسلوك القويم . والله وحده هو الذي يهدي من يشاء من هؤلاء الضالين , فيسخِّر قلوبهم ويهيئ أفكارهم لفهم مايسمعون من الهدى والتأثر به , والإيمان بدلائله وبيناته والعمل بتكاليفه وتوجيهاته , أما أنت أيها الرسول فإنك لاتوفِّق من أضل الله , فكما أنك لاتُسمع الأموات في قبورهم فإنك لاتسمع من أمات الكفر قلوبهم , فمهمتك في هذه الحياة ورسالتك التي تحملها هي دلالة الناس على طريق الهلاك وتحذيرهم منه , وعلى طريق النجاة وحثهم على سلوكه , ولاتحزن من كثرة الضالين فإنك إذا قمت بمهمتك في التبشير والإنذار فإنك قد أديت رسالتك على الوجه الأكمل . ويقول الله تبارك وتعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ)(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)[ فاطر : 27 – 28] . في هاتين الآيتين يأمرنا الله عز وجل بالتأمل والتدبر في مخلوقاته من النبات والجماد والحيوان من ناحية اختلاف الألوان بين الأجناس وفي الجنس الواحد , فالثمرات في النباتات تُسقى بماء واحد هو ماينزله الله تعالى من السحاب فينبت به النبات , ومع كون الماء واحدًا والأرض واحدة فإن الثمرات تأتي مختلفة الألوان , وجعل سبحانه من الجبال طرائق متعددة الألوان, فمنها البيض ومنها الحمر ومنها السود الشديدات السواد , وهي في هذه الألوان مختلفات فمنها الغامق ومنها الفاتح , وجعل من الصخور طبقات مختلفة ألوانها مع كونها جسما واحدًا , وكذلك جعل ألوان الناس وجميع الدواب التي تدب على الأرض مختلفات , وخص بالذكر من الدواب الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم لأهميتها . هذا التوجيه من الله تعالى لنا لنعلم بذلك بليغ قدرته وعجيب صنعه. ثم يبين جل وعلا أن تذكُّر آياته في خلقه وتدبيره يبعث على خشيته والإنابة إليه , حيث يبين أن الذين يخشونه من عباده هم العلماء به وبعظمته وقدرته , وعلى قدر علمهم بعظمة الله جل وعلا وإبداعه في هذا الكون يكون خشوعهم له وخشيتهم إياه , فكلما دقق العلماء في تحليل هذه المخلوقات واكتشاف حقائقها وبديع صنعها زاد تعظيمهم لخالقها جل وعلا , ودفعهم ذلك إلى الخضوع له وعبادته وحده . إن الله جل جلاله عزيز قادر على ثواب من أطاعه وعقاب من عصاه , غفور ساتر لذنوب عباده إذا أنابوا إليه . |
يقول الله تبارك وتعالى : (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ)(مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ) [ فاطر : 9 – 10] .
يخبرنا الله جل وعلا عن بالغ نعمته وعظيم قدرته فهو الذي أرسل الرياح لتهب على الأرض فترفع بخار الماء إلى طبقات الجو العالية ليتكوَّن منه السحاب , ثم يسوق السحاب بالرياح إلى بلد قد مات نباته وظمئ أحياؤه فَيُنزل منه المطر ويحيي به الأرض بالنبات بعد موتها بالجدب, فإذا كان سبحانه قادرًا على هذا الأمر المشاهد للناس فكذلك هو قادر على إحياء الناس بعد موتهم وهو الذي لايعجزه شيء . والله سبحانه مولى المؤمنين وناصرهم , فمن كان يريد العزة في الدنيا والآخرة فليطلبها من الله جل وعلا وحده فإن العزة لله جميعا , فإذا كان المشركون يريدون الشرف والرفعة في الدنيا عند كبرائهم وزعمائهم فإنهم قد وهموا في ذلك لأن الله تعالى هو الذي خلقهم وخلق زعماءهم وسيذلهم وينصر أولياءه عليهم , فليحرص المؤمنون على الظفر بأسباب العزة وهي طاعة الله تعالى, فإنه هو الذي يرتفع إليه القول الطيب والعمل الصالح , أما الكفار الذين يدبرون الأعمال السيئة ويطلبون بها العزة الوهمية فإنهم وإن حصلوا على غلبة وهيمنة مؤقتة فإنهم لن يحصلوا على سعادة في الآخرة بل مصيرهم العذاب الشديد في جهنم لأن تدبيرهم السيء إلى هلاك وفساد , ولن يفيدهم شيئا في الآخرة , ولئن أفادهم بعض الشيء في الدنيا فإن الدنيا لاتُعدُّ شيئا لأنها فانية والآخرة هي الباقية . ويقول الله تبارك وتعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)(وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[فاطر : 11 – 12] . يبين الله تعالى في الآية الأولى مثلا من قدرته العظيمة , وذلك في نشأة الإنسان الأولى , حيث خلق الله تعالى آدم عليه الصلاة والسلام من تراب , وفي ذلك مافيه من عظمة القدرة الإلهية لبعد مابين التراب الجامد والإنسان الحي , ثم يذكر تعالى قدرته العالية في خلق بني آدم من نطفة ضئيلة لاحياة فيها إلى إنسان كامل سوي ينبض بالحياة , ثم يذكر تعالى حكمته في خلق هذا الإنسان أن جعل منه أزواجا رجالاً ونساء ليستمر الوجود الإنساني , وإلى جانب هذه الإشارة إلى مثل من حكمته في خلقه يذكر سبحانه مثلا من سعة علمه الذي شمل كل ماتحمله أنثى وماتضعه في هذا الوجود , كما أن علمه الواسع شمل أعمار كل حي في هذه الحياة من إنسان وحيوان ونبات وأحصى ذلك عنده في كتاب , فما تنمو من ورقة في شجر ولا يولد حي من إنسان أو حيوان إلا والله جل وعلا يعلم متى سيتطرق إليه الفناء , وإن ذلك وغيره ليسيرٌ على الله سبحانه . ثم يذكر الله جل وعلا في الآية الثانية جانبا من عظيم قدرته وبليغ حكمته وذلك في خلق البحار والأنهار , فقد خلق الله تعالى لنا المياه العذبة لاستعمالها المباشر في الشرب والري , وخلق المياه المالحة لِحكَم عظيمة منها تصاعد الأبخرة التي يتكون منها السحاب , ومن عجيب قدرته تعالى أن سخّر البحرين لنمو الأسماك ونحوها مما يأكله الإنسان , والجواهر الثمينة مما يلبسه الإنسان في الزينة وغير ذلك مع أن البحرين يختلفان تماما . فهذا عذب يستسيغه كل حي وهذا ملح شديد الملوحة , ثم ذكر سبحانه حكمة من خلق هذه المياه العظيمة وهي تهيئتها لسير السفن فوقها مما لايمكن أن يتهيأ في البر لضخامة حجم السفن , سخر ذلك جل وعلا لنستفيد منه في سفرنا وتجارتنا , ومن أجل أن نشكره عز وجل على هذه النعم. |
بسم الله المطلوب ملاحظاتكم وإلا سيبقى العمل في الظل لابتعادي الوشيك عن الشبكة تفسير آية :( ءأمنتم من في السماء ) وإثبات أن الله في السماء ( فوق العرش في العلو المطلق) بسم الله الرحمن الرحيم بحث مبدئي وتحليلي صغير في تفسير ( القرآن بالقرآن ) مع حديث الجارية لقوله تعالى: ءأمنتم من في السماء الهدف هو جمع الايات التي تحتوي على الخسف والارسال والحاصب بسياقها للتأكيد على أن (مَنْ في السماء) في آيتي سورة الملك هو الله سبحانه وتعالى يلاحظ أن كل فعل "يرسل* " يكون قد اسند الى الله تعالى وكل فعل "يخسف* " أو اسم حاصب يكون مسندا لله تعالى * من المبني للمعلوم تاريخ نشر النسخة الاولى 1-8-2010 , الثانية 3-8-2010 فعل الله اثباتا أو استنكارا = أزرق اسم الله = احمر اشارة للناس اسم او فعل= اخضر مشتركات و مفردات مهمة = بنفسجي * * * سورة الملك * * * سياق الايات التي قبل (من في السماء وبعدها تتكلم عن الله تعالى فيما يفعل) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ (رَبَّهُم) بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) ... (الخوف من الله بالغيب يتقدم آيتي الخسف والارسال! ) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ (إِنَّهُ) عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ (وَهُوَ اللَّطِيفُ) الْخَبِيرُ (14) (هُوَ) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن ((يَخْسِفَ)) بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن ((يُرْسِلَ)) عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ ((كَذَّبَ)) الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا ((يُمْسِكُهُنَّ)) إِلَّا (الرَّحْمَنُ) إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ ((يَنصُرُكُم)) مِّن دُونِ (الرَّحْمَنِ) إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي ((يَرْزُقُكُمْ)) إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) * * * سورة الاسراء * * * سياق الايات تتكلم عن الله تعالى فيما يفعل إِنَّ (عِبَادِي) لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (65) (رَّبُّكُمُ) الَّذِي ((يُزْجِي)) لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً (66) وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ (إِيَّاهُ) فَلَمَّا ((نَجَّاكُمْ)) إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً (67) أَفَأَمِنتُمْ أَن ((يَخْسِفَ)) بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ ((يُرْسِلَ)) عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً (68) أَمْ أَمِنتُمْ أَن ((يُعِيدَكُمْ)) فِيهِ تَارَةً أُخْرَى ((فَيُرْسِلَ)) عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ ((فَيُغْرِقَكُم)) بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً (69) ... (فيغرقكم محتملة) وَلَقَدْ (كَرَّمْنَا) بَنِي آدَمَ وَ((حَمَلْنَاهُمْ)) فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَ((رَزَقْنَاهُم)) مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَ((فَضَّلْنَاهُمْ)) عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) يَوْمَ (نَدْعُو) كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) فَكُلّاً ((أَخَذْنَا)) بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ ((أَرْسَلْنَا)) عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ ((خَسَفْنَا)) بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ ((أَغْرَقْنَا)) وَمَا كَانَ اللَّهُ ((لِيَظْلِمَهُمْ)) وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت : 40] إِنَّا ((أَرْسَلْنَا)) عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ ((نَّجَّيْنَاهُم)) بِسَحَرٍ [القمر : 34] يرسِل عليكم (مبني للمعلوم): وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَ((يُرْسِلُ)) عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا) وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ [الأنعام : 61] أَمْ أَمِنتُمْ أَن ((يُعِيدَكُمْ)) فِيهِ تَارَةً أُخْرَى ((فَيُرْسِلَ)) عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً [الإسراء : 69] يُرسَل عليكم (مبني للمجهول): * * * سورة الرحمن * * * يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) ((يُرْسَلُ)) عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ (35) * * * آيات الخسف مسندة لله تعالى مع التكرار * * * أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ [النحل : 45] أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً [الإسراء : 68] فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ [القصص : 81] وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [القصص : 82] فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت : 40] أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ [سبأ : 9] أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ [الملك : 16] آيات الارسال (لفظ يرسل مع تكرار الايات السابقة) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ [الأنعام : 61] وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الأعراف : 57] وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ [هود : 52] وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ [الرعد : 13] أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً [الإسراء : 68] أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً [الإسراء : 69] فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً [الكهف : 40] أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل : 63] وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الروم : 46] اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الروم : 48] اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الزمر : 42] وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى : 51] يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ [الرحمن : 35] أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ [الملك : 17] يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً [نوح : 11] معنى قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء وقول النبي للجارية: «أين الله؟» قالت: في السماء الآية: قال الله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء...} الآية [الملك: 16-17] حديث الجارية: عن معاوية بن الحكم قال: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟» قَالَ: ”ائْتِنِي بِهَا“ فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: ”أَيْنَ اللَّهُ“، قَالَتْ: «فِي السَّمَاءِ.» قَالَ: ”مَنْ أَنَا“ قَالَتْ: «أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ.» قَالَ: ”أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ“ [صحيح مسلم] اتفق أئمة المسلمين على أن كلمة «في السماء» في الآية وحديث الجارية ليست بمعنى داخل السماء، فتعالى سبحانه أن يكون حالَ في شيءٍ من المخلوقات أو أنها تحَويِه، فهذا معنى باطل قد أجمع أئمة السلف على خِلافِه، وفسروها بما يوافق اللغة، والنصوص الشرعية الكثيرة، والعقل، والفطرة. ففسر أهل العلم "السماء" بالعرش، لأن معنى السماء في اللغة هو سقف الشيء، والعرش سقف المخلوقات، فهو فوق المخلوقات كلها، وكل المخلوقات تحته. قال الزجاج (311 هـ) : (السماء في اللغة: يقال لكل ما ارتفع وعلا قد سَمَا يَسمُو، وكل سقف فهو سماء، ومن هذا قيل للسحاب: السَّماءُ، لأنها عالية.) [1] وقال ابن فارس (395 هـ) : (والسماء: سقف البيت. وكلُّ عالٍ مطلٍّ سماء، حتَّى يقال لظهر الفرس سَماء) [2] وفُسِّرت «في» بـ«على»: قال أبو بكر أحمد الصبغي (342 هـ) : (قد تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز وجل: {فسيحوا في الأرض}، وقال {لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه: على الأرض وعلى النخل ، فكذلك قوله: {في السماء} أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم) [3] قال الحارث المحاسبي (ت 243 هـ) في معناها: (يعني فوق العرش، والعرش على السماء لأن من كان فوق شيء على السماء فهو في السماء) [4] قال أبو بكر البيهقي (458هـ) : (وقال {أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وأراد من فوق السماء ، كما قال {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه : 71] يعني على جذوع النخل ، وقال {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة : 2] يعني على الأرض ، وكل ما علا فهو سماء ، والعرش أعلى السماوات ، فمعنى الآية والله أعلم: أأمنتم من على العرش ، كما صرح به في سائر الآيات) [5] فمعنى «في السماء» في الآية وحديث الجارية: فوق السماء على العرش. المقصود بـ"مَن" في الآية هو الله عز وجل: - جواب الجارية على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم (أين الله؟) بـ: (في السماء)، فشهد لها بالإيمان. - قال محمد بن يزيد المبرد (286 هـ) : (والسؤال عن كل ما يعقل بـ"مَن" كما قال عز وجل: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}. فـ"مَن" لله عز وجل) [6] - قال الطبري (310 هـ) : {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وهو الله. [7] - قال ابن أبي زَمَنِين (399هـ) : {من في السماء} يعني نفسه. [8] - قال أبو مظفر السمعاني (489 هـ) في تفسير الآية: أأمنتم ربكم. (9) للسـؤال أو التعليـق على المقـال (1) تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري (ج13 ص117) (2) معجم مقاييس اللغة (ج3 ص98) (3) الأسماء والصفات للبيهقي (ص324)، قال: (قال أبو عبد الله الحافظ: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه: ...) وذكره. والسند صحيح، فأبو عبد الله الحافظ هو الحاكم وكان من تلاميذ الصبغي، وكان الحاكم من شيوخ البيهقي رحمهم الله جميعا. (4) فهم القرآن ومعانيه للمحاسبي، القسم الرابع/ باب ما لا يجوز فيه النسخ وما يجوز ذلك فيه. (5) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث- تأليف البيهقي (ص116) (6) المقتضب لمحمد بن يزيد المبرد (ج2 ص51) (7) جامع البيان في تأويل القرآن – ابن جرير الطبري (ج23 / ص 513) (8) تفسير القرآن العزيز ابن أبي زمنين (ج5 ص14) (9) تفسير القرآن للسمعاني (ج6 ص12) والله اعلم </B></I> |
قال الله عز وجل في سورة الدخان:{وماخلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين (38) ماخلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لايعلمون (39)إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين (40) يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون (41) إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم (42)}ا
يخبر تعالى عن عدله وتنزييهه نفسه عن اللعب والعبث والباطل كقوله جل وعلا (وماخلقنا السماء والأرض ومابينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ) ثم قال تعالى (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ) وهو يوم القيامة وقوله عز وجل (ميقاتهم أجمعين ) أي أولهم وآخرهم (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ) أي لا ينفع قريب قريبا . كقولة تعالى (ولايسأل حميما حميما ) أي لا يسأل أخا له عن حاله وهو يراه عيانا وقوله جل وعلا (ولا هم ينصرون ) لا يتناصرون ولا يأتيهم النصر من خارج . ثم قال جل جلاله ( إلا من رحم الله ) أي لا ينفع يومئذ إلا رحمة الله عز و جل بخلقه ( إنه العزيز الرحيم ) أي هو عزيز وذو رحمة واسعة ×××××××× |
يقول الله عز وجل في سورة محمد : (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم -36- إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم-37- هأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني و أنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم-38-)ا
يقول الله تعالى تحقيرا لأمر الدنيا : ( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) إلا ما كان منها لله عز وجل ولهذا قال تعالى ( وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم و لا يسألكم أموالكم ) بل هو في غنى عنكم إنما فرض الله عليكم الصدقات من الأموال مواساة لإخوانكم الفقراء ويعود ثوابه إليكم . ثم يقول عز وجل : ( إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ) أي يحرجكم تبخلوا ويخرج أضغانكم ) صدق الله تعالى فإن إخراج المال إخراج الأضغان لأن المال محبوب لا يصرف إلا فيما هو أحب إلى الشخص منه وقوله تعالى :( ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ) أي يجيب إلى ذلك ا(ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ) أي أضاع على نفسه الأجر وعود الوبال عليه ( والله الغني ) عما سواه وفقير إلى ما عداه ولهذا قال تعالى :( وأنتم الفقراء ) أي بالذات إليه فوصفه بالغنى ووصف الخلق بالفقر وصف لازم لهم لا ينفكون عنه . وقوله تعالى :( وإن تتولوا ) أي عن طاعته و إتباع شرعه ( يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ولكن يكونون سامعين مطيعين له ولأوامره |
سَبّحَ لِلّه مَافي السّماوَاتِ وَمَا في اْلأَرْضِ وَهُوَ اْلعَزِيزُ اْلحَكِيم *(1)* يَاأَيُهَا اْلّذِينَ امنُوا لِمَ تَقُولُونَ مالا تَفْعَلُونَ *(2)* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَالا تَفْعَلُونَ *(3)* إِنّ اللهَ يُحِبُ الذِينَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفّاً كَأنّهُمْ بُنيانٌ مَرْصُوصٌ *(4)*}
قد تقدم الكلام على قوله تعالى : { سَبّحَ لِلّه مَافي السّماوَاتِ وَمَا في اْلأَرْضِ وَهُوَ اْلعَزِيزُ اْلحَكِيم} غير مرة بما أغنى عن إعادته . وقوله تعالى { يَاأَيُهَا اْلّذِينَ امنُوا لِمَ تَقُولُونَ مالا تَفْعَلُونَ} إنكار على من يعد وعداً أو يقول قولا لا يفي به . وثبت في الصحيحين أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ( آية المنافق ثلاث : إذا وعد أخلف ، وإذا حدث كذب ، وإذا أتمن خان) ولهذا أكد الله تعالى بقوله جل وعز: { كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَالا تَفْعَلُونَ} قال ابن العباس : كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولن : لوددنا ان الله عز وجل دلنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به فأخبر نبيه – صلى الله عليه وسلم – أن أحب الأعمال إيمان به لا شك فيه ، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به فلما نزل الجهاد كره ذلك ناس من المؤمنين وشقّ عليهم أمره فقال سبحانه :{ يَاأَيُهَا اْلّذِينَ امنُوا لِمَ تَقُولُونَ مالا تَفْعَلُونَ}. وقوله تعالى : { إِنّ اللهَ يُحِبُ الذِينَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفّاً كَأنّهُمْ بُنيانٌ مَرْصُوصٌ} هذا إخبار منه تعالى بمحبة عباده المؤمنين الذين صفوا مواجهين لأعداء الله تعالى في حومة الوغى يقاتلون في سبيل الله من كفر بالله لتكون كلمة الله هي العليا ودينه هو الظاهر العالي على سائر الأديان . يحب أن يكونوا كالبنيان ملتصق بعضه ببعض . روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( ثلاثة يضحك الله إليهم : الرجل يقوم من الليل ، والقوم إذا صفوا للصلاة والقوم إذا صفوا للقتال ) وقال قتادة : { كَأنّهُمْ بُنيانٌ مَرْصُوصٌ} ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحب أن يختلف بيانه ، فكذلك الله عز وجل لا يحب أن يختلف أمره وأن الله صف المؤمنين في قتالهم ، وصفهم في صلاتهم ، فعليكم بأمر الله فإنه عصمة لمن أخذ به . |
يقول الله تبارك وتعالى :
(ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الروم : 28 ) (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) (الروم : 29 ) يضرب الله تعالى مثلا للمشركين مأخوذًا من أنفسهم على بطلان الشرك فيقول : هل ترضون لأنفسكم أن يشارككم عبيدكم في أموالكم التي رزقكم الله إياها إلى حدِّ أنكم تهتمون بهم وتخافون من مخالفتهم كما تخافون من شركائكم من الأحرار ؟ فسيقولون : لا لن يكون ذلك, فإذا كنتم لاترضون مشاركتهم إياكم – والحال أنكم وإياهم بَشر – فكيف تعتقدون بأن أحدًا من خلق الله جل وعلا يشاركه في الألوهية والربوبية تعالى عن ذلك علوا كبيرا , وبمثل هذا البيان الواضح يبين الله تعالى البراهين والحجج لأصحاب العقول السليمة كي يجتنبوا الشرك ويستقيموا على عبادة الله جل وعلا . وهكذا فإنه لايمكن التسوية بين الخالق جل وعلا والمخلوق , لكن هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم بالشرك اتبعوا في ذلك أهواءهم المنحرفة عن جهل بما يجب لله تعالى من الإفراد بالعبادة , فمن الذي يستطيع هداية من أضله الله بسبب تماديه في الكفر والعناد ؟ لا أحد يستطيع ذلك , وسيبوء هؤلاء المشركون في الآخرة بعذاب جهنم , ولن يجدوا لهم من ينصرهم ويخلصهم من عذاب الله تعالى . ويقول الله تبارك وتعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم : 30 ) (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الروم : 31 ) (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (الروم : 32 ) في هذه الآيات الكريمة يأمر الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقيم وجهه لدين الإسلام مائلا إليه غير ملتفت إلى غيره , فإنه الدين الذي خلق الله الناس عليه , كما جاء في الحديث الصحيح "ما من مولود إلا يولد على الفطرة" فلا يصح ولايستقيم أن يبدِّل بعض الناس الدين الذي خلق الله البشر عليه , فإن الإسلام هو الدين القويم الموافق للفطرة , ولكن أكثر الناس يجهلون هذه الحقيقة, فلذلك ضلوا عن الطريق المستقيم . فأقيموا وجوهكم أيها المسلمون راجعين إلى الله تعالى مخلصين له , واتقوا سخطه , وذلك بفعل أوامره , واجتناب نواهيه , وأدوا الصلاة تامة بشروطها وأركانها وواجباتها , واجتنبوا جميع أنواع الشرك مع الله تعالى حتى لاتكونوا من المشركين , من الذين فرقوا الدين فلم يأخذوا به كله, بل أخذوا ببعضه وتركوا بعضه تبعا لأهوائهم , فصاروا بذلك فرقًا وأحزابًا يتعصبون لأحزابهم ورؤسائهم , كل حزب بما عندهم من الآراء والأهواء مسرورون من غير نظر على كون ماهم عليه من الحق أو من الباطل . |
يقول الله تبارك وتعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت : 46 ) يعني : إذا اختلفتم أيها المسلمون مع اليهود والنصاري فلا تجادلوهم إلا بالخصلة التي هي أحسن , لأنهم أهل علم سماوي , فيرجى منهم أن يتعرفوا على الحق وأن يؤمنوا بالإسلام إذا كانوا من المعتدلين الذين يريدون معرفة الحق , أما إذا كانوا من الجامحين المتعصبين لأهوائهم المنحرفة وموروثاتهم الباطلة فهؤلاء الذين ظلموا أنفسهم بتعصبهم للباطل وعدم النظر لمستقبلهم الأخروي, وظلموكم أيها المسلمون بجحد الحق الذي تدعونهم إليه , فأغلظوا عليهم في المجادلة حتى تذهب منهم نخوة الشيطان وتتهيأ نفوسهم لقبول الحق , وقولوا لهم آمنا بالقرآن الذي أُنزل إلينا وبالتوارة والإنجيل الذين أُنزلا إليكم قبل أن يدخل إليهما التحريف , آمنا بهما على أنهما من وحي الله تعالى وأنهما مصدران لشريعة إلهية إلى زمن البعثة المحمدية , وإلهنا وإلهكم واحد هو الله جل وعلا , فأنبياؤكم ومن سبقوهم عليهم الصلاة والسلام دعوا إلى توحيد الله عز وجل, ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم دعا إلى التوحيد كذلك , فإذا تركتم الشرك الذي أحدثتموه وطبقتم ما أمركم به أنبياؤكم عليهم الصلاة والسلام من الإيمان بمحمد محمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث فإن ذلك سيهديكم إلى الإيمان بالإسلام , ونحن المسلمين خاضعون لله تعالى وحده مطيعون له فأسلموا لله وحده يا أهل الكتاب تفلحوا .
ويقول الله تبارك وتعالى : (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) (العنكبوت : 61 ) أي: ولئن سألت أيها الرسول كفار مكة عن الإله الذي خلق السموات والأرض التي هي أعظم ما يشاهده الإنسان وسخر الشمس والقمر لنفع الكائنات ليقولُنَّ : الله , فهم يؤمنون بأن الله هو الرب الخالق وحده , فكيف يُصرفون عن إفراده بالعبادة ؟ وكيف يعبدون معه أوثانًا ليس لها أي شيء من الربوبية ؟! (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (العنكبوت : 62 ) فهو جل وعلا الرازق وحده فيوسع الرزق على من يشاء ويضيِّق على من يشاء حسب ما تقتضيه حكمته , وليس للأوثان ولا لجميع الخلق مشاركة معه تعالى فهو سبحانه بكل شيء عليم , ومن ذلك مافيه صلاح العباد وفسادهم . (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) (العنكبوت : 63 ) أي: أنهم يعترفون بأن الله وحده هو الذي نزل المطر وأحيا به الأرض , وماداموا يعترفون بذلك فلماذا يشركون معه غيره في العبادة ؟ : فقل يامحمد لهؤلاء المشركين : الحمد لله الذي أظهر الحق وهدى إليه خلقه , فليس الذي منع هؤلاء المشركين من إفراد الله تعالى بالعبادة هو عدم ظهور الحق بل أكثرهم لايستعملون عقولهم فيما خلقها الله جل وعلا من أجله , حيث اعترفوا بتوحيد الله تعالى في ربوبيته وجحدوا توحيده في ألوهيته , وهذا تناقض مع العقل السليم . |
تفسير الطبرى رحمه الله:
قوله تعالى: { فَتَبـارَكَ اللّهُ أحْسَنُ الـخالِقِـينَ } اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: معناه فتبـارك الله أحسن الصانعين. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن لـيث، عن مـجاهد: { فَتَبـارَكَ اللّهُ أحْسَنُ الـخالِقِـينَ } قال: يصنعون ويصنع الله، والله خير الصانعين. وقال آخرون: إنـما قـيـل: { فَتَبارَكَ اللّهُ أحْسَنُ الـخالِقِـينَ } لأن عيسى ابن مريـم كان يخـلق، فأخبر جلّ ثناؤه عن نفسه أنه يخـلق أحسن مـما كان يخـلق. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، قال: قال ابن جُرَيج، فـي قوله: { فَتَبـارَكَ اللّهُ أحْسَنُ الـخالِقِـينَ } قال: عيسى |
قوله تعالى : "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون" .
قوله سبحانه وتعالى :"يا أيها الناس اعبدوا ربكم" قال علقمة و مجاهد : كل آية أولها : يا أيها الناس فإنما نزلت بمكة ، وكل آية أولها "يا أيها الذين آمنوا" فإنما نزلت بالمدينة . قلت : وهذا يرده ان هذه السورة والنساء مدنيتان وفيهما يأيها الناس . وأما قولهما في "يا أيها الذين آمنوا" فصحيح . وقال عروة بن الزبير : ما كان من حد أو فريضة فإنه نزل بالمدينة ، وما كان من ذكر الأمم والعذاب فإنه نزل بمكة . وهذا واضح . و يا في قوله "يا أيها" حرف نداء . أي منادى مفرد مبني على الضم ، لأنه منادى في اللفظ ، و ها للتنبيه . الناس مرفوع صفة لأي عند جماعة النحويين ، ما عدا المازني فإنه أجاز النصب قياساً على جوازه في : يا هذا الرجل . وقيل : ضمت أي كما ضم المقصود المفرد ، وجاءوا بـ ها عوضا عن ياء أخرى ، وإنما لم يأتوا بياء لئلا ينقطع الكلام فجاءوا بـ ها حتى يبقى الكلام متصلا . قال سيبويه : كأنك كررت يا مرتين وصار الإسم بينهما ، كما قالوا : ها هو ذا . وقيل : لما تعذر عليهم الجمع بين حرفي تعريف أتوا في الصورة بمنادى مجرد عن حرف تعريف ، وأجروا عليه المعرف باللام المقصود بالنداء ، والتزموا رفعه ، لأنه المقصود بالنداء ، فجعلوا إعرابه بالحركة التي كان يستحقها لو باشرها النداء تنبيهاً على أنه المنادى ، فأعلمه . واختلف من المراد بالناس هنا على قولين : أحدهما : الكفار الذين لم يعبدوه ، يدل عليه قوله : "وإن كنتم في ريب" . الثاني : أنه عام في جميع الناس ، فيكون خطابه للمؤمنين باستدامة العبادة ، وللكافرين بابتدائها . وهذا حسن . قوله تعالى : "اعبدوا" أمر بالعبادة له . والعبادة هنا عبارة عن توحيده والتزام شرائع دينه . وأصل العبادة الخضوع والتذلل ، ويقال : طريق معبدة إذا كانت موطوءة بالأقدام . قال طرفة : وظيفا وظيفا فوق مور معبد والعبادة : الطاعة . والتعبد : التنسك . وعبدت فلاناً : اتخذته عبداً . قوله تعالى : "الذي خلقكم" خص تعالى خلقه لهم من بين سائر صفاته إذ كانت العرب مقرة بأن الله خلقها ، فذكر ذلك حجة عليهم وتقريعاً لهم . وقيل : ليذكرهم بذلك نعمته عليهم . وفي أصل الخلق وجهان : أحدهما : التقدير ، يقال خلقت الأديم للسقاء إذا قدرته قبل القطع ، قال الشاعر : ولأنت تفري ما خلقت وبعـ ض القوم يخلق ثم لا يفري وقال الحجاج : ما خلقت إلا فريت ، ولا وعدت إلا وفيت . الثاني : الإنشاء والاختراع والإبداع ، قال الله تعالى : "وتخلقون إفكا" . قوله تعالى : "والذين من قبلكم" فيقال إذا ثبت عندهم خلقهم ثبت عندهم خلق غيرهم ، فالجواب : أنه إنما يجري الكلام على التنبيه والتذكير ليكون أبلغ في العظة ، فذكرهم من قبلهم ليلعموا أن الذي أمات من قبلهم وهو خلقهم يميتهم ، وليفكروا فيمن مضى قبلهم كيف كانوا ، وعلى أي الأمور مضوا من إهلاك من أهلك ، وليعلموا أنهم يبتلون كما ابتلوا . والله أعلم . قوله تعالى : "لعلكم تتقون" لعل متصلة باعبدوا لا بخلقكم ، لأن من ذرأه الله لجهنم لم يخلقه ليتقي . وهذا وما كان مثله فيما ورد في كلام الله تعالى من قوله : "لعلكم تعقلون" ، و "لعلكم تشكرون" ، و "لعلكم تذكرون" ، "لعلكم تهتدون" فيه ثلاثة تأويلات . الأول : أن لعل على بابها من الترجي والتوقع ، والترجي والتوقع إنما هو في حيز البشر، فكأنه قيل لهم : افعلوا ذلك على الرجاء منكم والطمع أن تعقلوا وأن تذكروا وأن تتقوا . هذا قول سيبويه ورؤساء اللسان . قال سيبويه في قوله عز وجل : "اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى" قال معناه : اذهبا على طمعكما ورجائكما أن يتذكر أو يخشى . واختار هذا القول أبو المعالى . الثاني : أن العرب استعملت لعل مجردة من الشك بمعنى لام كي . فالمعنى لتعقلوا ولتذكروا ولتتقوا ، وعلى ذلك يدل قول الشاعر : وقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا نكف ووثقثتم لنا كل موثق فلما كففنا الحرب كانت عهودكم كلمع سراب في الملأ متألق المعنى : كفوا الحروب لنكف ، ولو كانت لعل هنا شكا لم يوثقوا لهم كل موثق ، وهذا القول عن قطرب و الطبري . الثالث : أن تكون لعل بمعنى التعرض للشيء ، كأنه قيل : افعلوا ذلك متعرضين لأن تعقلوا ، أو لأن تذكروا أو لأن تتقوا . والمعنى في قوله "لعلكم تتقون" : أي لعلكم أن تجعلوا بقبول ما أمركم الله به وقاية بينكم وبين النار . وهذا من قول العرب : اتقاه بحقه إذا استقبله به ، فكأنه جعل دفعه حقه اليه وقاية له من المطالبة ، ومنه قول علي رضي الله عنه : كنا إذا احمر ابأس اتقينا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، أي جعلناه وقاية لنا من العدو . وقال عنترة : ولقد كررت المهر يدمى نحره حتى اتقتني الخيل بابني حذيم |
http://img403.imageshack.us/img403/6782/cbism31hb8.gif http://img413.imageshack.us/img413/3728/hob0002rj6.jpg http://img413.imageshack.us/img413/8742/b397ld2.gif بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت مما شئت من شيء بعد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد أنت أهل الثناء وأهل المجد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير شهادة مبرأة من الشك والتهم وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله سيد العرب والعجم صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وأزواجه وذريته أفضل الأمم الحمد لله الذي أنار الوجود بسيد الوجود . http://img413.imageshack.us/img413/8742/b397ld2.gif يقول الحق سبحانه وتعالى {وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني} أحبة النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم إن الناظر بهذه الآية العظيمة ليجد فيها من المعاني التي يعيش بها الإنسان السائر إلى الله سبحانه وتعالى من اللذة والمعارف عن الله الشيء العظيم ليجد فيها من محبة الله عز وجل لرسله وأنبيائه وأوليائه وما لهم من كرامة عند الله عز وجل ,أريد منك أن تتفكر معي بهذه الآية العظيمة التي لو أجتمعت الخليقة في صعيد واحد لكي تدرك معاني هذه الآية ما أدركتها إلا ما قسمها الله لها من معرفة في هذه الآية لما فيها من أنوار وأسرار وبديع صنع الله سبحانه وتعالى بمن يحب وبمن يريدهم إليهم فصناعة كل شيء تتم على عين الله سبحانه وتعالى, ولكن هناك صناعة مخصوصة لأهل الخصوص التي سبقت لهم العناية الربانية إنهم أهل الله وخاصته, فرسل الله وأنبياءه وأولياءه هم أهل وُدِّه وحضرته فإذا أرادك هيئك لما يريدك له وفرش لك بساط محبته كيف لا وهم علية صفوة الخلق ,وهذه الآية تتكلم عن سيدنا موسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام كليم الله سبحانه وتعالى ويكفيك هذه الصفة فقد تميز على الرسل والأنبياء بهذه الصفة طبعا وكلهم دون سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم فهو الكمال بذاته لأن هذه إرادة الله عز وجل, فلو نظرت إلى قصة سيدنا موسى على ما ورد في القرآن الكريم تجد العجب العجاب وتعرف ظاهرية كيف تمت صناعة سيدنا موسى, فالله سبحانه وتعالى يجعل من الظلام نور ومن الخوف أمناً ومن الذل عزأَ ومن الفقر غنى ,إعلم علم اليقين أن الله سبحانه وتعالى إذا ألقى عليك محبته سيجعل محبتك في قلوب عباده وأحبابه وهذا يجعلك تفكر أنه لا تتم صناعتك إلا إذا اكتملت محبتك واعلم علم اليقين أن المحبة هنا مخصوصة لأنه قال محبة مني أي محبة مخصوصة وكل هذا اكتمل لسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم اكتمال الكما ل, وليس هذا فقط للرسل والأنبياء وإنما كذلك الباب مفتوح لمن يسير إلى الله عز وجل بقلب صادق وهمُّه أن يكون من الذين رضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه أن لا يكون في قلبه إلا الله سبحانه وتعالى ورسوله الأكرم ,وعندما تجد كلمة ألقى في القرآن تجد بعدها من ثقل المعاني التي تحملها الآية لقوله تعالى {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً }المزمل5,وقوله تعالى { فإن خفت عليه فألقيه في اليم } وقوله تعالى { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ }الأنفال12} وقوله تعالى {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا}طه69وقوله تعالى { قال فألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى } وقوله تعالى { إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى . قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى } إذا فالإلقاء حتى لو كان من البشر فإنك تجد فيه من الهمة في الإلقاء لإحداث أمر ما فكيف برب العزة سبحانه وتعالى ولله المثل الأعلى كيف يكون الإلقاء عنده وما ماهيته؟, ونرجع إلى الآية التي نحن بصددها فهذا سيدنا موسى كليم الله عز وجل ومن أولي العزم وكما قال الشاعر{ إذا العناية لاحظتك عيونها ـــ نم فالمخاوف كلهن أمان} . نعم فإن العناية سبقت لسيدنا موسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام فقد جعل الله له الأمان في بيت عدوه ومن كان يريد هلاكه هو الذي سيربيه ولكن تحت عين الله سبحانه وتعالى فإن الله هو الذي ساقه إليه ليكون من يُهلكُه يعرفه حق المعرفة ويعرف أنه على حق لأنه هو الذي رباه تربية الملوك وليس تربية مملوك ولهذا كان ينظر إليه كملك في بني إسرائيل ,وهذا من محبة الله له ومن العناية الإلهية الربانية المقسومة له فكان فرعون يعرف سيدنا موسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام حق المعرفة, ولذلك كان يعرف أن دعوته على حق وأنه هو من سيزيل ملكه ويهدم عرشه ويعلم علم اليقين أنه الإنسان والطفل الذي قالوا له الكهنة والسحرة الذي ستكون نهايته على يديه على يدي سيدنا موسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام ,وإننا نجد في هذه الآية أمران مهمان عظيمان جليلان وهما إلقاء محبة الله سبحانه وتعالى على من يحبه وأن يُصنع على عين الله سبحانه وتعالى وهذه لا تكون إلا للرسل والانبياء وأعظم الأولياء رتبة ومقام عند الله عز وجل وعامة لمن دونهم من الأولياء . وهذا من كرم الله على عباده سبحانه وتعالى والناظر إلى قصة سيدنا موسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام يجد فيها أن كليم الله عاش بين فكي الموت سواء كان بتهديده بالقتل قبل ولادته وعند ولادته وعندما ألقي به في اليم وعند عاش عند فرعون عدوه وعندما قتل رجلا وعندما هرب وعندما جاء إلى فرعون ليدعوه وعندما دخل البحر هربا من فرعون كل حياة سيدنا موسى تجدها هكذا ولكن ما ضَرَّه وهو المُلقى عليه محبة الله والمصنوع على عين الله سبحانه وتعالى http://img413.imageshack.us/img413/8742/b397ld2.gif والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو الحال الذي يكون عندما يُلقى على الإنسان محبة الله عز وجل وماذا تعني محبة الله للإنسان؟, المحبة إن كانت من أهل الدنيا فهي جميلة والنبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم دعا للمحبة التي تقود لمحبة الله سبحانه وتعالى يقول النبي ( ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) وأي علاقة في هذا الكون يجب ان تكون مبنية على المحبة وكل هذه المحبة من الله عز وجل محبة عامة, والمحبة الخاصة تلك التي يختص الله بها بعض عباده منه إليه ومن ذلك تلك المحبة المُلقاة على سيدنا موسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام وهناك الحديث القدسي{إذا أحب الله عبدا نادى جبريل يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه فيحبه وينادي بأهل السماء إن الله يحب فلا نا فأحبوه فيحبه أهل السماء وينادي أهل السماء بأهل الأرض إن الله يحب فلانا فأحبوه فيوضع له القبول في الأرض} والعكس يكون هكذا . اعلم ان الله لا يُحِبُ عبدا محبة خاصة إلا ويريد أن يقتنيه ويجتبيه ويصطفيه ويجعله من أنبيائه وأولياءه, فتبدأ صناعته على عين الله سبحانه وتعالى فإذا تمت صناعته فيكون من أعظم من يَدُل على الله سبحانه وتعالى لأنه هكذا أراده الله سبحانه وتعالى فما صنعه إلا ليدل عليه لتكون الصنعة هي التي تدل على الصانع, فعلى سبيل المثال أي صانع إذا أحب ما يصنع يتقن صنعته لأنه يصنعها بالمحبة واعلم علم اليقين أنه إذا ألقى عليك محبته ألقى عليك هيبته حتى يقلبك بين الجمال والجلال, وكلمة عليك مخصوصة المحبة له من الله سبحانه وتعالى له والله عز وجل قال في كتابه العزيز { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ }فإذا أحبك أحببته وإذا رأى منك محبة له ألقى عليك محبة مخصوصة منه والأدعية كثيرة في المحبة مقولة النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم ( اللهم اقذف في قلبي حبك وحب من يحبك واجعل حبك في قلبي أحب إلي من الماء البارد ) وحديث النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم ( إن لله عبادا إذا أرادوا أراد ) وهذا الأمر ما تم لهم إلا من إلقاء المحبة, وصناعتك على عين الله سبحانه وتعالى وعندما يقول الحق في كتابه العزيز { والذين أمنوا أشد حبا لله } إذاً علامة محبتك إيمانك وعلامة إيمانك محبتك وكلما أرتقيت في المحبة ارتقيت في الإيمان وكلما ارتقيت في الإيمان ارتقيت في المحبة إذاً فالمحبة هي الوسيلة التي ترتقي بها إلى مقامات الترقي كلها, تذوَّق معنى أمن يحبك الله سبحانه وتعالى ويلقي عليك محبته ينادى عليك هذا من الذين يحبهم الله وألقى عليهم محبته أما سمعت قول النبي في الحديث القدسي عن الله سبحانه وتعالى ( أين المتحابون بجلالي اليوم إذا أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) انظر قال بعض أهل الله سبحانه وتعالى ان سيدنا موسى ما كان يراجع النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم في المعراج لكي يرجع إلى الله سبحانه وتعالى إلا رحمة بهذه الأمة وليخفف عنها وانظر أيضا لكي يقع ويشاهد من أنوار الله سبحانه وتعالى التي تقع على سيدنا محمد كلما دخل في حضرة الله ليسأل الله التخفيف فكلما كان النبي يدخل حضرة الله العلية كان الله يلقي عليه من خلع الجمال والجلال والأنوار والأسرار ما جعل سيدنا موسى يرجع النبي عدة مرات لكي يكتسب من هذه الأنوار وهو الملقى عليه محبة الله سبحانه وتعالى وهو الذي تمت صناعته ولكن حتى يرى الكمال في سيد الكمال رآها على النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم في المعراج من القرب الذي ناله من الله سبحانه وتعالى ومن الأنوار التي اكتسى بها, فأراد سيدنا موسى أن يناله شيء من هذه الأنوار أنوار حضرة الحق سبحانه وتعالى لأنه حمل همَّ أمة الحبيب وأراد التخفيف لهذه الأمة أخذ من الأنوار التي اكتسى بها سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم . http://img413.imageshack.us/img413/8742/b397ld2.gif لأن النبي هو الذي ألقى الله سبحانه وتعالى عليه المحبة الكاملة والصناعة الكاملة على عين الله سبحانه وتعالى, فهذه الآية التي لسيدنا موسى رأى كم النبي متحقق بها وكم كمَّله الله عز وجل بها ليشهد الكل كمال النبي من الله سبحانه وتعالى . فأي صنعة على قدر صانعها لأنها ستظهر صانعها فالله سبحانه وتعالى صنع الرسل والأنبياء والأولياء لكي تظهر بهم صنعة الله سبحانه وتعالى ولكي يكونوا مرآة للخلق ينظرون من خلال هذه المرآة إلى الحق إلى الله عز وجل . وهذه دعوة إلى الخلق أنها إذا أرادت أن تصنع شيء ويكون فيه الكمال والإبداع يجب أن تحب ما تصنع قبل صناعته وتبدأ بصناعته بالحب فتكون صناعة ممزوجة بالحب وهكذا الرسل والأنبياء والأولياء تحب وتصنع وعلى هكذا يجب أن تعمر هذه الأرض التي جعل الله سبحانه وتعالى لنا الخلافة عليها واعلم انه إذا ما ألقى عليك محبته سيدخلك في بحار المعرفة لأنك ستكون مصنوع على عينه فإذا اكتملت محبتك وتم صناعتك ستأتيك النتيجة العظيمة الكريمة التي لا يمكن للبشر أن تنالها إلا بوهب الله سبحانه وتعالى وهي قوله تعالى { وأصطنعتك لنفسي } الله أكبر ما أعظم هذه الكلمة التي ليس هناك شيء يوازيها بأن يجعلك مخصوص له عز وجل تكون عبدا ذاتيا ليس في قلبك إلا هو فلولا ان سيدنا موسى عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام أرتقى بإرادة الله سبحانه وتعالى أن يكون عبدا ذاتيا لما تم إختياره وتم له التمييز بأن يكون كليم الله عز وجل بأن يكلم الله سبحانه وتعالى ويتلقى عن الله عز وجل دون أي طريقة من طرق الوحي فهذا الذي منذ الأزل لم يزل على بساط القرب ساجد ولأنوار الحق مشاهد فيسعد من ألقى عليه الحق محبته وصنعه على عينه وأصطنعه لنفسه فمثل هذا هو الذي تفرد بالكمال وهو الذي كساه الله سبحانه وتعالى بأنوار الجلال والجمال . أسأل الله العظيم أن يلقي عينا محبته وأن يجعل صناعتنا على عينه وأن يصنعنا لنفسه وأن يجعلنا بالمصطفى كالمصطفى وصلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين http://img413.imageshack.us/img413/8742/b397ld2.gif . سبحان ربك رب العزة عما يصفون... وسلام على المرسلين... والحمد لله رب العالمين... وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ﴿ الطريقة النورانية المحمدية الربانية الإلهية ﴾ http://img413.imageshack.us/img413/8742/b397ld2.gif |
( هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم )التفسير : 6
- وهو الذى يصوركم وأنتم أجنة فى الأرحام بصور مختلفة حسبما يريد، لا إله إلا هو العزيز فى ملكه، الحكيم فى صنعه (1). -----(1) تشير الآية الكريمة إلى وجه من الوجوه المعجزة لقدرة البارئ المصوِّر وهو تحول البويضة المخصبة وهى خلية واحدة ضئيلة الحجم إلى إنسان سوى بكل ما يحويه جسمه من أجهزة وأعضاء وأنسجة بملايين الخلايا وآيات فى البنيان والوظيفة. وسوف تتوالى فى القرآن الكريم آيات تفصل بعض أطوار النمو الجنينى. ولكن الذى تنوه به هذه الآية الكريمة على وجه الخصوص هو المشيئة الإلهية المطلقةفى تصوير الجنين، إذ إن الله يودع فى البويضة الدقيقة الحجم جميع المورثات الجينات التى تحدد جنس المولود ونصيبه من الخصائص الجسمانية بل ومواهبه العقلية والنفسية والسمات الرئيسية فى تكوين الشخصية الوارثة وإن كانت تسير على قوانين ثابتة إلا أن هذا التحديد لكل فرد بذاته من التقاء بويضة بعينها وحيوان منوى بعينه من بين الملايين من أقرانه هو من دلائل المشيئة المطلقة حتى إنه لا يتماثل فردان فى العالم تماثلا كاملا، اللهم إلا فى توائم البويضة الواحدة فتكاد تتطابق. |
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بـسم الله الرحمن الرحيم قُل أعوذُ بِرَبِّ الفَلَق * من شَرِّ ما خَلَق * ومن شَر ِّغاسِقٍ إذا وَقَب * ومِن شَرِّ النَـفَّاثات ِفي العُـقَد * ومِن شَر ِّحاسِدٍ إذا حَسَد. قُل أعوذُ بربِّ الفَلَق I seek refuge to the Lord of the Split. أعوذ : تعني ألجأ إلى أو أعتصم وأستجير. Aoodho: means I seek refuge with ربّ: تعني مالك الشئ ومُربيه Rabb: means the owner or Lord of a thing الفَلَق: تعني الصبح وتعني الخلق. AlFalaq: means the Split (the split of thing) ولكن هل يكفي هذا المعنى؟ But is this meaning sufficient? هل قدّرنا الله سبحانه وتعالى حق قدره مع أول آية؟ Have we praised the All-Mighty properly? نعم هو فالق الإصباح وهو فالق الحب والنوى Yes, He is the Lord of day brake, and the Lord of seeds that split in order to grow. ولكن هناك معانٍ أكثر غفلنا عنها؟ But there are meanings that we have overlooked. فهو الذي يفلق خلايا الحب والنوى لتصبح نباتات تنمو. He is also splitting the cells of the plants to grow to trees. وهو الذي يفلق الأرض عن النبات عند نموه من البذر. He also splits the soil for the plant to grow from seed. وهو الذي يفلق الأرض عند الزلازل. And He Splits the earth during a earth quake. وهو الذي يفلق نواة الذرة لتنبعث منها طاقة فوق تصور البشر. And He Splits the Atom to produce energy beyond any imagination. وهو الذي يفلق خلايا الكائنات إلى نصفها عند تكَوُن خلايا اللقاح والبويضة والحيوانات المنوية (كلها تحتوي على نصف عدد الكروموزومات) لتعود وتتحد مرة أخرى. And He Splits the Cells of all living matter to half the Chromosome count during production of pollen, Ovum and Sperms (to recombine into the original number) وهو الذي يفلق الخلايا عند تَكَوُّن الجنين لتتضاعف أعداد الخلايا وتصبح أعضاءً نامية. And He Splits the Cells of the Embryo to multiply and grow to complete organs. وهو الذي يفلق الخلايا ليكبر الصغير منها نباتاً كان أو حيوانا. And He Splits the cells during growth to create an adult animal or plant. وهو الذي يفلق خلايا جسم الكائنات يومياً عند نموها لتتساقط أوراق الشجر وبصيلات الشعر والخلايا الميتة من سطح الجسم . And He Splits the cells during growth for a leaf to fall of a tree or a hair follicle or dead cells to exfoliate. وهو الذي يفلق الخلايا لتكون خلايا سرطانية سريعة الإنفلاق (تُكَوُّن الورم) وسط خلايا أخرى طبيعية بطيئة الإنفلاق . And He Splits Cells to become a Cancer cell (uncontrolled growth) in the middle of (well controlled) normal cells. وهو الذي يبطئ أو يوقف الانفلاق في خلايا أخرى لتتوقف عن النمو وتضمر بعض الأعضاء. And He stops the Split of some cells or reduce the rate of their Split to produce under grown organs. فمن يعرف عن إنقسام الخلايا ونموها منذ أكثر من 1400 سنة غير خالقها؟ ومن الذي يتحكم في نوعية وسرعة إنفلاقها؟ So who knows about Mitosis and cell division since more than 1400 years ago other than The Creator Himself? And who controls this act of division? مِن شَرِّ ما خَلَق من شر كل ما يسئ مِن ما خَلَقه الله سبحانه وتعالى. From the harm of any evil of His creation. وهنا أيضا نقص في التفسير، حيث يفهم الكثير أننا نستعيذ بالله (نلجأ ونعتصم به عز وجل) من شر كل مخلوقٍ كالشياطين أو دواب الأرض كالثعابين والعقارب أو نباتٍ سامّ . أو من عمل شرٍ كالسحر والكيد والكذب والسرقة وجور العِباد وهتك الأمن والأعراض وغيرها من أعمال الاجرام فقط. Here is also a limited understanding as we are seeking refuge with Allah from evil of such as Shaitaan, or snakes, scorpions, or poisonous plants, Magicians, lies, theft, tyrrany, and crimes. ولكن نسينا أن هناك من الخير الذي حبانا به الله الكثير مما يمكن أن ينقلب شراً إن لم نعرف حق الله فيه. فماذا عن شر مال الإنسان ( وهو خير ٌوحلال) إذا ما استُخدم في غير ما فيه رضاء الله كالميسر والمسكرات والمخدرات والربا والأسهم المحرمة؟ But we have forgotten that any good that Allah has given us could easily turn to evil if we do not deal with it as Allah has ordered like our Halaal wealth if we spent it in gambling or taking drugs or alcohol or Haraam shares. وماذا عن شر هذا المال إن لم ُيخرج الإنسان زكاته فينقلب نقمة عليهِ ُيحرَق به جنبه وجبهته. What of our wealth if we did not give the Zakaat so it turns to source of burning in Hellfire. وماذا عن شر سيارة اشتراها الفرد بحلال ماله ومشى بها في أرض الله بالكبر والبطر فكانت سبباً في هلاك نفسه وهلاك الناس. What of a car that one byes with Halaal money but causes harm to oneself and others or killing them by speeding or showing off. وماذا عن الولد إن لم يحسن الإنسان تربيته فينقلب إلى مصدر شرٍ لنفسه ووالديه ومجتمعه برفقة السوء أو انحرافٍ أخلاقي أوارتكاب جريمة فيتحول فرح العائلة الى هَمٍّ وغمّ يومي في مراكز الشرطة والمحاكم؟ And what of ones offspring if they are not brought up properly so they become criminals or drug addicts dragging their parents to police departments or courts? وماذا عن الزوجة أو الزوج إن لم يستقم أحدهما ويخاف الله فيؤذي باقي العائلة بما يعمل وقد ينشئ جيلا لا خير فيه من المتشبهين بغير المسلمين ليكون هلاكاً وضياعاً للمجتمع. And what of a wife or husband if they go astray thus causing harm to the society by bring up a generation of unfit people that cause harm to their society. وماذا عن علمٍ تعلمَّه أحدنا بحلال ماله فسخَّر هذا العلم في ما لا يرضي الله بالتجارة في المحرمات أو بالنصب على عباد الله بطُرُقٍ لا يعلم حدودها إلا الله. And what of a knowledge that is utilized in causing harm to the society by using it to steel people's wealth or utilizing it in what Allaah has forbidden? وماذا عن شر سُلطة أو مسؤولية أوكلت للفرد لم يراعِ الله فيها فيسئ في استغلالها كننفوذٍ أو وسيلةٍ للثراء أو عدم الإنصاف بين من هُم تحت إمرته.فيمكن أن ينقلب كل خير أنعم به الله علينا الى شرٍ إن لم نراع فيه الله ونخاف غضبه. And what of a responsibility or post that is abused so it used as way of increasing ones wealth and authority unlawfully, so the good here has turned to evil. ومِن شَرِّ غاسِقٍ إذا وَقَب And from the evil of darkness when it sets in. شرّ: عكس الخير غاسق: ما يخر ج ليلاً من هوام، كشياطين الإنس والجن والحيات والعقارب (شر الليل) ، أو من القمر حين يختفي . وَقَب: دخل ظلامه في كل شئ. Sharr: Evil. Ghaasiq: What comes out at night like Snakes, scorpions, the bad of Gin and Mankind. Waqab: When darkness infiltrates all. ومِن شَرِّ النفاثاتِ في العُقَد And from the evil of the witches blowing in knots. وشر النفاثات هو السِّحر الذي تقوم به الساحرة حين تـنـفث (تنفخ) في كل عقدة تعقدها في خيط أو ما شابه عندما تقرأ عليها الطلاسم. كما يمكن أن يكون ممن تذهب الى الساحر فيُطلَب منـها أن تنفث في كل عقدة تعقدها الساحرة . وقد يكون السحر للتفريق بين الزوجين، أو تسخير فرد لخدمة شخص ما أو القيام بعملٍ مّا لا يقوم به عادة برضاه كالهيام بفرد معين أو كراهيته. أو منع زواج فرد معين من آخر. أو عمل تعويذة تعلق في المنزل أو في عنق طفل بحجة حمايته من الناس (والله هو الحافظ). أو القيام بما لا يُرضي الله من الأعمال المَنـهي عنها. The evil of magicians is ****d on their making knots and blowing into them while reading their verses and knotting the knots. It can also be from the person going to the magician blowing into the knots of the magician. The Magic could be to cause a problem between a couple so that they part company, or causing a person to serve someone or hate him against his or her will, or to block a marriage of a particular person to another. It can also be to write what is wrongly thought of to be a protection of a person or a property from evil or to carry an act that displeases Allaah. ومِن شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَد And from the evil of an envying person وشر الحاسد لا يمكن انكاره فشرّه إمّا بالمكيدة أو قد يتسبب الحاسد بإصابة المحسود أو ما يملك بالعين . والعين (بقصد أو بغير قصد) هو تنبيه الشيطان الى النعمة ليتلفها، وذلك بعدم ذكر اسم الله سبحانه وتعالى عند الإعجاب بالشئ. وقد تكون هذه النعمة صحة أو حُسن شكلٍ أو ولد أو طبعٍ حسَن أو مالٍ وافرٍ أو منصبٍ أو سكَنٍ أو زرع . وقد يحيك الحاسد من المكائد عند ذوي السلطان والمسؤلين بالنميمة والكذب ما يكون سبباً في زوال نعمة المحسود والغضب عليه وظلمه وإهدار ما قدمه أو قام به من جهد بدون وجه حق. وكمْ مِن نعمٍ زالت بسبب الحسد. The evil of a person envying another cannot be ignored. It can take the form of envy, so the person causes harm or can be as a bad eye. The bad eye is by looking at someone or something and admiring it without mentioning the name of Allaah while admiring This makes the Shaitaan aware of the admired item to spoil it. This can be a property or good health or children or wealth or a plant or garden or a position held by someone. The envier could also tell lies to the a person in a high position to cause harm to the person they are envying by causing that person to loose their job or not appreciating someone's hard work. |
الجزء الأول بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)سورة الفاتحة سميت هذه السورة بالفاتحة; لأنه يفتتح بها القرآن العظيم, وتسمى المثاني; لأنها تقرأ في كل ركعة, ولها أسماء أخر. أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينا به, (اللهِ) علم على الرب -تبارك وتعالى- المعبود بحق دون سواه, وهو أخص أسماء الله تعالى, ولا يسمى به غيره سبحانه. (الرَّحْمَنِ) ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته جميع الخلق, (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين, وهما اسمان من أسمائه تعالى، يتضمنان إثبات صفة الرحمة لله تعالى كما يليق بجلاله. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) (الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال, وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده أن يحمدوه, فهو المستحق له وحده, وهو سبحانه المنشئ للخلق, القائم بأمورهم, المربي لجميع خلقه بنعمه, ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) (الرَّحْمَنِ) الذي وسعت رحمته جميع الخلق, (الرَّحِيمِ), بالمؤمنين, وهما اسمان من أسماء الله تعالى. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة, وهو يوم الجزاء على الأعمال. وفي قراءة المسلم لهذه الآية في كل ركعة من صلواته تذكير له باليوم الآخر, وحثٌّ له على الاستعداد بالعمل الصالح, والكف عن المعاصي والسيئات. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) إنا نخصك وحدك بالعبادة, ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا, فالأمر كله بيدك, لا يملك منه أحد مثقال ذرة. وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والطواف إلا لله وحده, وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير اله, ومن أمراض الرياء والعجب, والكبرياء. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) دُلَّنا, وأرشدنا, ووفقنا إلى الطريق المستقيم, وثبتنا عليه حتى نلقاك, وهو الإسلام، الذي هو الطريق الواضح الموصل إلى رضوان الله وإلى جنته, الذي دلّ عليه خاتم رسله وأنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم, فلا سبيل إلى سعادة العبد إلا بالاستقامة عليه. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7) طريق الذين أنعمت عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين, فهم أهل الهداية والاستقامة, ولا تجعلنا ممن سلك طريق المغضوب عليهم, الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به, وهم اليهود, ومن كان على شاكلتهم, والضالين, وهم الذين لم يهتدوا, فضلوا الطريق, وهم النصارى, ومن اتبع سنتهم. وفي هذا الدعاء شفاء لقلب المسلم من مرض الجحود والجهل والضلال, ودلالة على أن أعظم نعمة على الإطلاق هي نعمة الإسلام, فمن كان أعرف للحق وأتبع له, كان أولى بالصراط المستقيم, ولا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أولى الناس بذلك بعد الأنبياء عليهم السلام, فدلت الآية على فضلهم, وعظيم منزلتهم, رضي الله عنهم. ويستحب للقارئ أن يقول في الصلاة بعد قراءة الفاتحة: (آمين), ومعناها: اللهم استجب, وليست آية من سورة الفاتحة باتفاق العلماء; ولهذا أجمعوا على عدم كتابتها في المصاحف. |
﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر: 99]
في هذه الآيةِ الكريمةِ دعوةٌ صريحةٌ منَ الله - تعالى - إلى عبده المؤمن، بضرورة المداوَمة على العبادة، حتى يلقى ربه، فاليقينُ في الآية هو الموت، وقد ضَلَّتْ شِرْذمة منحرِفة عنِ الشرع، حين فسرتِ اليقين بمعرفة الله - تعالى - فأسقطتِ التكاليف عنها، وعن أتْباعها، إذا وصل أحدهم إلى درجة المعرفة الحقة بالله؛ لأنَّ العباداتِ عندهم وسائلُ تتحقق من خلالها معرفة الله، ولا شك أنه لا حَظَّ لهذه الفئة منَ الإسلام، وما هي عليه هو الكفر بعينه. إن المؤمن اليَقِظ يحرص على العبادة حتى تؤتي ثمارها، وتظهر عليه آثارها، فليس منَ الفطنة في شيء أن يعمدَ المسلم إلى القرآن، فيداوم على قراءته طوال شهر رمضان المبارك، فتراه يقرأ في اليوم عدة أجزاء، فإذا خرج رمضان لم تبقَ له بالقرآن الكريم صلة تُذْكَر، ولا موعد منتَظم. هذا المسلك غير محمودٍ بحالٍ، ولو كان في شهر رمضان شهر القرآن، فهذا لا يسوغ لصاحبه أن ينتهجَ هذا المنهج. إنَّ المداوَمة على العمل الصالح تمدُّ المؤمن بالهمة على مجاهدة نفسه، وتبعد عنه الغفلة؛ ولهذا حَثَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - على المداوَمة على الأعمال، وإن كانت يسيرة قليلة؛ ففي الحديث الذي يرويه مسلم، عن عائشة - رضي الله عنها - يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((أحب الأعمال إلى الله - تعالى - أدومها، وإن قلَّ)). يقول الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: إنَّ القليل الدائم خيرٌ منَ الكثير المنقطع، وإنما كان القليل الدائمُ خيرًا منَ الكثير المنقطع؛ لأنه بدوام القليل تدوم الطاعة، والذكر، والمراقبة، والنية، والإخلاص، والإقبال على الله - سبحانه - ويستمر القليل الدائم؛ بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة. ولهذا قال بعض الحكماء: إذا غفلت النفس بترْك العبادة، فلا تأمن أن تعودَ إلى عاداتها السيئة، وصدق ابن حزم حين قال: إهمال ساعة، يفسد رياضة سنة. نخلص من هذا إلى أن المسلم الحريص لا ينبغي له أن يغفلَ عن هذا المعنى الجليل، وهو ضرورة المداوَمة على العبادة، فمنَ الخُسران المبين أن يقطعَ عبادة داوَمَ عليها فترةً منَ الزَّمَن. إنَّ رمضان مناسبةٌ للانطلاق إلى الأمام، والاستمرار في السير حتى يلقى المسلم ربَّه، وليس رمضان ظرفًا زمانيًّا نؤدِّي فيه العبادات، فإذا ذهب الشهر ذهبتْ هذه العبادات معه على أمل اللقاء بها في رمضان آخر. |
بسم الله الرحمن الرحيم
|
http://www.lakii.com/images/sections/alah.gif ( الحَجُ أشهرٌ مّعلوماتُ فَمَن فَرَضَ فِيهِنّ الحَجّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوق ولا جِدَالَ فِي اْلحَجِ وَمَا تَفعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اْللهُ وَ تَزَوَّدُ فَإِنَّ خَيْرَ اْلزَّاد اْلتَّقْوَى وَاْتَّقُونِ يأُوْلِى أْلأَلباَب ) سورة البقرة آية 197 عن ابن عباس وجابروبهعن ابن عباس وجابروبه يقول عطاء وطاوس ومجاهد رحمهم الله في قوله الحَجُ أشهرٌ مّعلومتُ ) وظاهرهوظاهره التقدير الآخر الذي ذهب إليه النحاة وهو أن وقت الحج أشهر معلومات فخصصه بها من بين سائر شهور السنة فدل على أنه لا يصح قبلها كميقات الصلاة. وقال الشافعي رحمه الله:عن ابن عباس أنه قال: لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في شهور الحج من أجل قول الله تعالى (الحَجُ أشهرٌ مّعلومتُ ) . قال البخاري قال ابن عمر هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وهذا الذي علقه البخاري بصيغة الجزم. وقوله ( فَمَن فَرَضَ فِيهِنّ الحَجّ )أي أوجب بإحرامه حجا - فيه دلالة على لزوم الإحرام بالحج والمضي فيه. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول من أحرم بحج أو عمرة. وقوله ( فَلاَ رَفَثَ )أي من أحرم بالحج أو العمرة فليجتنب الرفث وهو الجماع كما قال تعالى "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم" وكذلك يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك وكذلك التكلم به بحضرة النساء. وقوله (وَلاَ فُسُوق )قال مقسم وغير واحد عن ابن عباس هي المعاصي. في قوله ( ولا جِدَالَ فِي اْلحَجِ ) قال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه في وقت الحج في مناسكه . وقوله( وَمَا تَفعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اْللهُ ) لما نهاهم عن إتيان القبيح قولا وفعلا حثهم على فعل الجميل وأخبرهم أنه عالم به وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة. وقوله( فَإِنَّ خَيْرَ اْلزَّاد اْلتَّقْوَى ) لما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة وهو استصحاب التقوى إليها تفسير ابن كثير |
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى:( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فئاتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير)0
هذا مثل المؤمن المنفق ابتغاء مرضات الله وهو متحقق ومتثبت أن الله سيجزيه أوفر الجزاء 0ويوافق ذلك(من صام رمضان إيمانا واحتسابا)0 الحديث أي يؤمن أن الله شرعه ويحتسب عند الله ثوابه0أي تصديقا ويقينا0(كمثل جنة بربوة)أي بستان مرتفع عن الارض وتجري فيه الانهار(أصابها وابل)المطر الشديد فآتت أكلها أي ثمرتها(ضعفين)أي بالنسبة إلىغيرها من الجنان (فإن لم يصبها وابل فطل)وهو الرزاز اللين من المطر أي هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل لأنهاإن لم يصبها وابل فطل وأياما كان فهو كفايتها وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبدا بل يتقبله الله ويكثره وينميه كل عامل بحسبه فهو تعالى لا يخفى عليه من أعمال عباده شىء0 |
قال تعالى : (إنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ويُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) [ سورةالإسراء : 9]
.. ومن هدي القرآن الذي هو أقوم ؛ هديه إلى أن التقدم لا ينافي التمسك بالدين ، فما خيله أعداء الدين لضعاف العقول ممن ينتمي إلى الإسلام من أن التقدم لا يمكن إلا بالانسلاخ من دين الإسلام باطلٌ لا أساس له ، والقرآن الكريم يدعو إلى التقدم في جميع الميادين التي لها أهـمية في دنيا أو دين ، ولكن ذلك التقدم في حدود الدين ، والتحلي بآدابه الكريمة ، وتعاليمه السماوية ، قال تعالى : ( وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ) ، وقال : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ) يدل على الاستعداد لمكافحة العدو في حدود الدين الحنيف ، وداود من أنبياء ( سورة الأنعام) المذكورين فيها في قوله تعالى ( ومِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ ) ، وقد قال تعالى مخاطباً لنبينا -صلى الله عليه وسلم- وعليهم بعد أن ذكرهم : ( أُوْلَئِكَ الَذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) . وقد ثبت في " صحيح البخاري " عن مجاهد أنه سأل ابن عباس- رضي الله عنهما- : من أين أخذت السجدة في " ص " ؟ ، فقال : أو ما تقرأ : ( ومِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ ... أُوْلَئِكَ الَذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) ، فسجدها داود ، فسجدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . فدل ذلك على أنا مخاطبون بما تضمنته الآية مما أمر به داود . فعلينا أن نستعد لكفاح العدو مع التمسك بديننا ، وانظر قوله تعالى : ( وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ) ، فهو أمر جازم بإعداد كل ما في الاستطاعة من قوة ولو بلغت القوة من التطور ما بلغت . فهو أمر جازم بمسايرة التطور في الأمور الدنيوية ، وعدم الجمود على الحالات الأُول إذا طرأ تطور جديد ، ولكن كل ذلك مع التمسك بالدين . " أضواء البيان " - للشيخ الشنقيطي (3 / 396 - 397) . |
من نعم الله جل و علا على الأمة المحمدية أن منّ عليها بالقرآن الكريم ، و ما أنزله الله ليُقرأ بدون فهم بل أمرنا بتدبر آياته الجليلة لنعمل بها ، و من العجيب أن تمر علينا آيات كثيرة في قصار السور تحمل معان عظيمة، نرددها مرارا و تكرارا دون أن نفقه معناها رغم أن التفاسير الميسرة متعددة و متوفرة في أيامنا، فعلى المسلم أن يعتني بهذا الجانب من فهم كتاب الله سبحانه، و تكون البداية بفهم قصار السور فهي غالب ما يٌحفظ حفظا متقنا.
و الآيات في قصار السور عديدة اقتطفت منها واحدة من سورة الماعون و هي آخر آية في هذه السورة التي يذكر فيها عز و جل صفات المكذبين بالدين أي بالبعث و الجزاء، صفات ذميمة يجب على المسلم أن يبتعد عنها كل البعد فلا يتصف بأي منها ، و من هذه الصفات منع الماعون و به سميت "سورة الماعون" ، فما هو الماعون يا تُرى ؟! (( و يمنعون الماعون )) قال الطاهر بن عاشور في التحرير و التنوير : و { الماعون }: يطلق على الإِعانة بالمال، فالمعنى: يمنعون فضلهم أو يمنعون الصدقة على الفقراء. فقد كانت الصدقة واجبة في صدر الإِسلام بغير تعيين قبل مشروعية الزكاة. وقال سعيد بن المسيب وابن شهاب: الماعون: المال بلسان قريش. وروى أشهب عن مالك: الماعون: الزكاة، ويشهد له قول الراعي: قوم على الإِسلام لمّا يمنعوا ماعونهم ويضيِّعوا التهليلا لأنه أراد بالتهليل الصلاة فجمع بينها وبين الزكاة. ويطلق على ما يستعان به على عمل البيت من آنية وآلات طبخ وشدّ وحفر ونحو ذلك مما لا خسارة على صاحبه في إعارته وإعطائه. وعن عائشة: الماعون الماء والنار والملح. و جاء في صحيح أبي داود(و غيره) عن عبد الله بن مسعود أنه قال : كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية الدلو ، والقدر ففي هذه الآية حث على بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء والدلو والكتاب و نحوهم أو على سبيل الهبة، لأن الله ذم من لم يفعل ذلك، وهذا ذم له بمنتهى البخل. فنعوذ بالله أن نكون ممن يمنعون الماعون ! المصدر : ملخص من بعض من التفاسير. |
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ)
سورة النساء (135) - يَأْمُر تَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ أَيْ بِالْعَدْلِ فَلا يَعْدِلُوا عَنْهُ يَمِينًا وَلا شِمَالا وَلا تَأْخُذهُمْ فِي اللَّه لَوْمَة لائِم وَلا يَصْرِفهُمْ عَنْهُ صَارِف وَأَنْ يَكُونُوا مُتَعَاوِنِينَ مُتَسَاعِدِينَ مُتَعَاضِدِينَ مُتَنَاصِرِينَ فِيهِ - وَقَوْله " شُهَدَاء لِلَّهِ " أَيْ أَدُّوهَا اِبْتِغَاء وَجْه اللَّه فَحِينَئِذٍ تَكُون صَحِيحَة عَادِلَة حَقًّا خَالِيَة مِنْ التَّحْرِيف وَالتَّبْدِيل وَالْكِتْمَان . - وَلِهَذَا قَالَ " وَلَوْ عَلَى أَنْفُسكُمْ " أَيْ اِشْهَدْ الْحَقّ وَلَوْ عَادَ ضَرَرهَا عَلَيْك وَإِذَا سُئِلْت عَنْ الْأَمْر فَقُلْ الْحَقّ فِيهِ وَلَوْ عَادَتْ مَضَرَّته عَلَيْك فَإِنَّ اللَّه سَيَجْعَلُ لِمَنْ أَطَاعَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِنْ كُلّ أَمْر يَضِيق عَلَيْهِ. - وَقَوْله " أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ " أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَة عَلَى وَالِدَيْك وَقَرَابَتك فَلَا تُرَاعِهِمْ فِيهَا بَلْ اِشْهَدْ بِالْحَقِّ وَإِنْ عَادَ ضَرَرهَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الْحَقّ حَاكِم عَلَى كُلّ أَحَد. - وَقَوْله " إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا " أَيْ لَا تَرْعَاهُ لِغِنَاهُ وَلَا تُشْفِق عَلَيْهِ لِفَقْرِهِ وَاَللَّه يَتَوَلَّاهُمَا بَلْ هُوَ أَوْلَى بِهِمَا مِنْك وَأَعْلَم بِمَا فِيهِ صَلَاحهمَا. - وَقَوْله " فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا أَيْ فَلَا يَحْمِلَنكُمْ الْهَوَى وَالْعَصَبِيَّة " وَبُغْض النَّاس إِلَيْكُمْ عَلَى تَرْك الْعَدْل فِي أُمُوركُمْ وَشُؤُونكُمْ بَلْ اِلْزَمُوا الْعَدْل عَلَى أَيّ حَال . - وَمِنْ هَذَا قَوْل عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُص عَلَى أَهْل خَيْبَر ثِمَارهمْ وَزَرْعهمْ فَأَرَادُوا أَنْ يُرْشُوهُ لِيَرْفُق بِهِمْ فَقَالَ : وَاَللَّه لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْد أَحَبّ الْخَلْق إِلَيَّ وَلَأَنْتُمْ أَبْغَض إِلَيَّ مِنْ أَعْدَادكُمْ مِنْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير وَمَا يَحْمِلنِي حُبِّي إِيَّاهُ وَبُغْضِي لَكُمْ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِل فِيكُمْ . فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض . . - وَقَوْله " وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا " قَالَ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف تَلْوُوا أَيْ تُحَرِّفُوا الشَّهَادَة وَتُغَيِّرُوهَا وَاللَّيّ هُوَ التَّحْرِيف وَتَعَمُّد الْكَذِب . وَالْإِعْرَاض هُوَ كِتْمَان الشَّهَادَة وَتَرْكهَا . . -وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خَيْر الشُّهَدَاء الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْل أَنْ يُسْأَلهَا " وَلِهَذَا تَوَعَّدَهُمْ اللَّه بِقَوْلِهِ " فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا " أَيْ وَسَيُجَازِيكُمْ بِذَلِكَ .. المصدر تفسير ابن كثير . |
تفسير آية (ربي لا تذرني فردا وانت خير الوارثين)
-------------------------------------------------------------------------------- السلام عليكم حبايبي انا حبيت افسر هذه الايه للي ما يعرفو معناها لانا دايما نقراها في تاخر الانجاب علي امل ربنا يرزقنا الذريه الصالحه وهذه الايه دعا بها النبي زكريا عليه السلام ليرزقه الله الذريه تفسيرها {وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين } { رب لا تذرني فرداً } أي بلا ولد يرثني { وأنت خير الوارثين } الباقي بعد فناء خلقك . وهي الايه رقم 89 من سوره الانبياء والله يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال ويرزقنا ويرزقكم الخلف الصالح امين ربي لا تذرني فردا وانت خير الوارثين اسغفر الله وأتوب إليه منقوووووووووووووووووول |
ان الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا كما امر والصلاة والسلام على خير البشر محمد بن عبدالله وعلى اله واصحابه الاجمعين وعلى من اتبع الهدى.
اما بعد يقول عز في هذه السورة الكريمة(خلق السموات بغير عمد ترونها والقى في الارض رواسى ان تميد بكم وبث فيها من كل دابة وانزلنا من السماء ماء فانبتنا فيها من كل زوج كريم هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين)الايتين 10\11 صدق الله العظيم. يبين سبحانه بهذا قدرته العظيمة على خلق السموات والارض وما فيها ومابينهما فقال تعالى(خلق السموات بغير عمد)قال الحسن وقتادة ليس لها عمد مرئية ولاغير مرئية وقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد لها عمد لاترونها وقد تقدم تقرير هذه المسالة في اول سورة الرعد بما اغنى عن اعادته (والقى في الارض رواسى) يعني الجبال ارست الارض وثقلتها لئلا تضطرب باهلها على وجه الماء.ولهذا قال( ان تميد بكم) اي لئلا تميد بكم. وقوله تعالى(وبث فيها من كل دابة)اي وذرا فيها من اصناف الحيوانات مما لا يعلم عدداشكالها والوانها الا الذي خلقها.ولما قرر سبحانه انه الخالق نبه على انه الرازق بقوله(وانزلنا من السماء ماء فانبتنا فيها من كل زوج كريم) اي حسن المنظر وقال الشعبي والناس ايضا من نبات الارض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم وقوله تعالى (هذا خلق الله) اي هذا الذي ذكره الله تعالى من خلق السموات والارض ومابينهما صادر عن فعل الله تعالى وخلقه وتقديره وحده لاشريك له في ذلكولهذا قال تعالى(فاروني ماذا خلق الذين من دونه)اي مما تعبدون وتدعون من الاصنام والانداد(بل الظالمون) يعني المشركين بالله العابدين معه غيره(في ضلال)اي جهل وعمى(مبين)اي واضح ظاهر لاخفاء به. |
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد و آل محمد تفسير آية ((كهيعص))تدل على مصيبه الامام الحسين (عليه السلام) قال الله تعالى فى الحسين عليه السلام: [بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص، ذكر رحمت ربك عبده زكريا، اذ نادى ربه نداء خفيا..........يا زكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا]. صدق الله العلى العظيم. من الحروف القرآنية المقطّعة في أول سورة مريم، جاء في بعض التفاسير أنّ هذه الحروف من أنباء الغيب أطْلع عليها عبده زكريا ثم قصّها على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم. وذلك أن زكريا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة فاهبط عليه جبرائيل فعلّمه إيّاها، فكان زكريا إذا ذكر محمداً وعلياً وفاطمة والحسن عليهم السلام سري عنه همه وانجلى كربه، وإذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة، فسأل الله عن سبب ذلك فأخبره القصّة فقال: كهيعص؛ فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة الطاهرة، الياء يزيد وهو ظالم الحسين، والعين عطشه والصاد صبره فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام وأقبل على البكاء والنحيب.وكان يدعو ربّه أن يرزقه ولد تقر به عينه على الكبر، وأن يفتنه بحبّه، ثم يفجعه به كما فجع محمداً بولده. فرزقه الله يحيى وفجعه به. وكان حمله مثل الحسين ستة أشهر. ثمة أوجه شبه أخرى أيضاً بين يحيى بن زكريا والحسين، إذ ذبح كلاهما ظلماً ووضع رأس كلّ منهما على طشت أمام طاغوت زمانه. قصيدة من عندي روحي وجسمي وكل ما أملك باسمك صاحن يا حسين كل ذرات العالم مثلي لجلك ناحن يا حسين و أسألك الدعاء |
لا تناقض بين هذه الآيات الكريمات
قال تعالى : (رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فأتخذه وكيلاً) ( مفرد ) قوله تعالى رب المشرق والمغرب فالمراد بها الناحية أي أنه مالك كل شيء ورب كل شيء سواء أكان ذلك الشيء في المشرق أو في المغرب قال الله تعالى " رب المشرقين ورب المغربين " ( مثنى ) فالمراد بالمشرقين والمغربين مشرقا الشمس في الصيف والشتاء ومغرباها في الصيف والشتاء وقد قال الله تعالى في آية أخرى (فلا أقسم برب المشارق والمغارب) ( جمع ) فجمع المشرق والمغرب والمراد بآية الجمع أن مشارق الشمس ومغاربها باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم لأن كل يوم لها مشرق ومغرب غير مشرقها ومغربها بالأمس أو أن المراد بالمشارق والمغارب مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر |
رب المشرقين ورب المغربين
بقلم: هاني محمد ضليع في معرض تفسيره لمفهوم المشرقين الوارد في آيتين مختلفتين من القرآن هما: (رَبُّ المَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ المَغْرِبَيْنِ) (الرحمن: 17) و (يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المَشْرِقَيْنِ) (الزخرف: 38)، قدم الأستاذ خالد مدني محاولة موفقة لتفسير القرآن بالقرآن إذ اعتبر أن هذين المشرقين هما مشرق الشمس كما نراها الآن ومشرقها مرة أخرى حين تطلع من مغربها قبيل يوم القيامة، واعتبر أن أبعد مسافة بين هذين المشرقين هي نصف محيط الكرة الأرضية حوالي 20 ألف كيلومتراً، وحيث إن الأمر قابل للنقاش من وجهة نظر تبادل وتضافر الأفكار، فإنني ارتأيت كفلكي مهتم بأمور الإعجاز الفلكي الكوني في القرآن بأن أضيف بعض الملاحظات والتساؤلات التي ربما تثري الموضوع فيستفيد منها القارئ المهتم وربما الكاتب ـ جزاه الله خيراً ـ كذلك، ولا أقصد أن التفسير المقدم هو تفسير خاطئ بل إنه موفق تماماً في الطرح. 1 ـ يمكن من خلال الآيات الثلاث التي تحدثت عن المشرق والمغرب والمشرقين والمغربين والمشارق والمغارب أن نستدل ببساطة على أن المشرق والمغرب هما موقعا شروق الشمس وغروبها يومي الاعتدالين، وأن المشارق والمغارب هي مشارق الشمس ومغاربها المختلفة كل يوم عن اليوم الذي يليه، وأن المشرقين والمغربين هما مشرقا الشمس ومغرباها يومي الانقلابين الصيفي والشتوي إذ المسافة بين كل منهما أبعد ما تكون. 2 ـ يمكن أن نذهب في تفسير هذه الآية إلى أبعد مما نتصور، فالأخ باسل الرياحي من فلسطين قد وضع كتاباً أسماه (نجم الشعرى) يثبت فيه بالأدلة المختلفة بأن المقصود بآية (رب المشرقين ورب المغربين) هو ما يراه الراصد من على سطح الكوكب الذي يدور حول نجم الشعرى اليمانية ومرافقه النجم القزم وأنه يرى شروقين مختلفين كل يوم وغروبين، وقد أورد الكثير من الأدلة لإثبات صحة استنتاجه هذا. وهناك من رأي بأن هذين المشرقين والمغربين هما مشرقا ومغربا كوكب بروكسيما قنطورس الذي يدور حول أقرب نجوم المجرة إلينا وهو نجم ألفا قنطورس أو رجل قنطورس وهو نجم ثنائي يرى واضحاً من وراء عدسة التلسكوب ويبعد عنا 4.3 سنة ضوئية، فالكوكب إذاً يدور حول نجمين في آن واحد وبذلك تطلع عليه شمسان وتغربان. لكن ذلك لا يعني أنني أوافق الذهاب في تفسير الآية إلى كل ذلك البعد، إذ إننا لسنا مضطرين له، وعلى الأقل في وقتنا الحاضر، فنحن نعيش على الأرض ولن يموت أحد من الناس مهما تقدم العلم وسافرنا في الفضاء إلا ويعود ليدفن فيها كما قرر ذلك ربنا في كتابه العزيز (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) (طه: 55)، فافتراض وجود كوكب يدور حول نجمين يجبرنا على افتراض أننا سنعيش يوماً ما على سطح هذا الكوكب حتى تشرق علينا شمسان وتغربان، وليتحقق بذلك تفسير واضح ومباشر للآية. لكننا إذا أردنا الذهاب إلى ذلك الاحتمال فإننا سنتحدث عن وصول الإنسان إلى ذلك المكان غير أكيد الطبيعة المناسبة لاستكشافه من قبل العلماء، ولماذا نستكشفه أصلاً ونحن لم نكمل حتى استكشاف باقي كواكب المجموعة الشمسية، خصوصاً وأن قدراتنا العلمية لم تصل برواد الفضاء إلى الآن لأبعد من القمر، فكيف ستعمل مع كوكب يبعد عنا 40 ألف مليار كيلومتراً ككوكب ألفا قنطورس أو مع كوكب سيبعد عنا أكثر من ضعف هذا البعد ككوكب الشعرى اليمانية، إلا إذا تطورت قدراتنا التكنولوجية الصاروخية تطوراً هائلاً أو أن تكون النظريات الكونية اكتشفت لنا طرقاً جديدة عبر المجرات والنجوم؟ فلماذا لا ندع الآية تتحدث عن نفسها في ذلك الزمان نحملها ما لا تطيق (الآن على الأقل). 3 ـ ليس من الممكن أن تكون المسافة بين المشرقين نصف محيط الكرة الأرضية في أية لحظة على الكرة الأرضية إلا إذا كان الراصد يعيش في مركز وباطن الكرة الأرضية، ومع ذلك ستكون المسافة هي قطر الكرة وليس نصف محيطها، فالوضع الطبيعي لأي إنسان أن يعيش على السطح وليس في الداخل، والشمس ترى طالعة أو غاربة عن ما يعرف بالأفق الظاهري للأرض وليس أفقها الحقيقي من باطنها، فالأفق الظاهري هو مماس الكرة الأرضية من نقطة الراصد والمسافة بين مشرق الراصد ومغربه هي في أية أرض مستوية هي 26 كيلومتراً، وتزيد بالارتفاع، فإذا وقفت على تلة علوها 100 متر فقط فإن بعد الأفق يزداد حتى يصبح 40 كيلومتراً يمنة و 40 كيلومتراً يسرة. أما إذا اعتبرنا بعد المشرقين الظاهرين يومي الانقلابين الصيفي والشتوي فإن المسافة بينهما تختلف باختلاف خط عرض الراصد على الكرة الأرضية وأقلها 47 درجة عند خط الاستواء وتزداد شمالاً أو جنوباً إلى أن تصبح 360 درجة عند خطي عرض 66.5 شمالاً وجنوباً وهما المكانان اللذان تغيب الشمس بعدهما طوال اليوم أو تشرق طوال اليوم. 4 ـ لماذا ربط الكاتب بين انكماش الكون كما تطرح إحدى النظريات الكونية وبين تغير اتجاه دوران الأرض فهل يغير انكماش اتجاه الدوران؟ فالانكماش سيكون على مستوى المجرات وليس على مستوى النجوم ولا الكواكب فلا داعي إذا أن تغير الأرض من طريقة دورانها حول نفسها. 5 ـ وهل يفهم من ذلك أن الجنس البشري العاقل سيبقى حياً إلى عدة مليارات من السنين القادمة حتى ينكمش الكون، بالرغم من علمنا بالحديث الصحيح الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (بعثت والساعة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى) وأن حياة الإنسان كما يقدرها العلم لا تتجاوز (إن تجاوزنا نحن عن الرقم) المليون سنة؟ 6 ـ جميل أن الكاتب لم يتعرض إلى الكيفية التي ستغير فيها الأرض طريقة دورانها، أو بتغبير آخر طلوع الشمس من المغرب، فلسنا نعلم إطلاقاً حتى هذا العصر تلك الكيفية ما لم يرتطم نيزك أو مذنب بالأرض فيبطئها ثم يغير من اتجاه دورانها، لكن مثل هذا الارتطام يجب أن يكون مماسياً وأن يكون اتجاه الاصطدام بعكس اتجاه دوران الكرة الأرضية. لكن هل ستسلم الكرة الأرضية من هذا الاصطدام بأن لا يباد نصف سكانها أو حتى كلهم جراءه؟ وإن حدث ولم يتضرر الناس فإنهم سيبدأون بعيش أيام وليال تطول شيئاً فشيئاً حتى تتوقف الأرض ثم تأخذ بالدوران بالاتجاه المعاكس، ومع ذلك فإن ذلك ينفيه الحديث مرة أخرى لأن طلوع الشمس لن يستمر لأكثر من يوم واحد ثم تعود فتطلع من مشرقها كما كانت. إذاً فالأمر ليس بالسهل أبداً. المصدر http://www.nooran.org/O/23/23-14.htm |
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى : (( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هوالفضل الكبير)) سورة فاطر آيه 32 روي أنه صلى لله علي وسلم بعدما قرأ هذة الأيه قـــــــــال: * أما السابق بالخيرات : فيدخل الجنه بغير حساب * وأما المقتصد : فيحاسب حساباً يسيرا * وأما الظا لم لنفسه : فيُحبس في المقام . حتى يدخله الهم ، ثم يدخل الجنه ، ثم قرأ هذه الآيه : [ وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنّا الحَزَنَ إنّ ربنا لغفور شكور] وروي في الحديث : "" سابقنا سابق . ومقتصدنا نـــــاج ، وظالمنا مغفور له ! "" ********************* وقال عقبه ..... سألت عائشه رضي الله عنها عن هذه الأيه ؟ فقالت : يابني ! كلهم في الجنه .! # اما السابق : فما مضى على عهد رسول الله وشهد له بالجنه .! # وأما المقتصد : فمن تبع أثره من أصحابه , حتى لحق به .! # وأما الظالم لنفسه : فمثلي ومثلك ، فجعلت نفسها رضي الله عنها معنا .! ********************** وقيـــــل : "" السابق : من رجحت حسناته على سيئاته.! "" والمقتصد : من استوت حسناته وسيئاته .! ""والظالم : من رجحت سيئاته على حسناته.! ************************** وقيــــــــــل : * السابق : الذي باطنه خير ظاهره .! * المقتصد : الذي استوى ظاهره وباطنه.! * الظالم : من كان ظاهره خيراً من باطنه.! ************************ وقـــــيل : # السابق : هو الذي لم يرتكب صغيره ولا كبيره .! # المقتصد : أهل الصغائر .! #الظالم : أهل الكبائر .! ************************* اللهم اجعلنا من السابقين بالخيرات ووالدينا والمسلمين ..آآآآآمين |
قال تعالى [ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ] [إبراهيم:24-25] ، الكلمة الطيبة المقصود بها هنا\" كلمة التوحيد \"، فتعالوا بنا نصغي و نعير القلوب و الأفئدة لهذا الشرح الرائع الماتع القيم لابن القيم رحمه الله عن فضل كلمة التوحيد وأثرها في نفس المؤمن ..
شبه -سبحانه وتعالى- الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة فكل عمل صالح مرضي لله ثمرة هذه الكلمة وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال كلمة طيبة شهادة أن لا إله إلا الله كشجرة طيبة وهو المؤمن أصلها ثابت قول لا إله إلا الله في قلب المؤمن وفرعها في السماء يقول يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء . وقال -الربيع بن أنس- كلمة طيبة هذا مثل الإيمان فالإيمان الشجرة الطيبة وأصلها الثابت الذي لا يزول الإخلاص فيه وفرعه في السماء خشية الله والتشبيه على هذا القول أصح وأظهر وأحسن فإنه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل الباسقة الفرع في السماء علوا التي لا تزال تؤتي ثمرتها كل حين وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة الصاعدة إلى السماء ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخلاصه فيها ومعرفته بحقيقتها وقيامه بحقوقها ومراعاتها حق رعايتها فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها التي هي حقيقتها واتصف قلبه بها وانصبغ بها بصبغة الله التي لا أحسن صبغة منها فعرف حقيقة الإلهية التي يثبتها قلبه لله ويشهد بها لسانه وتصدقها جوارحه ونفى تلك الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى الله وواطأ قلبه لسانه في هذا النفي والإثبات وانقادت جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه ذللا غير ناكبة عنها ولا باغية سواها بدلا كما لا يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدلا فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الله كل وقت فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل الصالح إلى الرب -تعالى- وهذه الكلمة الطيبة تثمر كلاما كثيرا طيبا يقارنه عمل صالح فيرفع العمل الصالح إلى الكلم الطيب كما قال -تعالى- "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه" فأخبر- سبحانه- أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها عملا صالحا كل وقت والمقصود أن كلمة التوحيد إذا شهد بها المؤمن عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا وإثباتا متصفا بموجبها قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل من هذا الشاهد أصلها ثابت راسخ في قلبه وفروعها متصلة بالسماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت ومن السلف من قال إن الشجرة الطيبة هي النخلة ويدل عليه حديث ابن عمر الصحيح ومنهم من قال هي المؤمن نفسه كما قال محمد بن سعد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله[ ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة] يعني بالشجرة الطيبة المؤمن ويعني بالأصل الثابت في الأرض والفرع في السماء يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض وقال عطية العوفي في قوله ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة قال ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إلى الله وقال الربيع بن أنس :أصلها ثابت وفرعها في السماء قال ذلك المؤمن ضرب مثله في الإخلاص لله وحده وعبادته وحده لا شريك له أصلها ثابت قال أصل عمله ثابت في الأرض وفرعها في السماء قال ذكره في السماء ولا اختلاف بين القولين والمقصود بالمثل المؤمن والنخلة مشبهة به وهو مشبه بها وإذا كانت النخلة شجرة طيبة فالمؤمن المشبه بها أولى أن يكون كذلك ومن قال من السلف إنها شجرة في الجنة فالنخلة من أشرف أشجار الجنة حكمة تشبيه المؤمن بالشجرة : وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف ما يليق به ويقتضيه علم الذي تكلم به وحكمته فمن ذلك أن الشجرة لا بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر فكذلك شجرة الإيمان والإسلام ليطابق المشبه المشبه به فعروقها العلم والمعرفة واليقين وساقها الإخلاص وفروعها الأعمال وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدى والدل المرضي فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور فإذا كان العلم صحيحا مطابقا لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به والاعتقاد مطابقا لما أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله والإخلاص قائم في القلب والأعمال موافقة للأمر والهدي والدل والسمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها علم أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء وإذا كان الأمر بالعكس علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار . ومنها أن الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها فإذا قطع عنها السقي أوشك أن تيبس فهكذا شجرة الإسلام في القلب إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر والتفكر على التذكر وإلا أوشك أن تيبس وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه [إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم] وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك ومن هنا تعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات وعظيم رحمته وتمام نعمته وإحسانه إلى عباده بأن وظفها عليها وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم . ومنها أن الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه العادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب ليس من جنسه فإن تعاهده ربه ونقاه وقلعه كمل الغرس والزرع واستوى وتم نباته وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكى وإن تركه أوشك أن يغلب على الغرس والزرع ويكون الحكم له أو يضعف الأصل ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة بحسب كثرته وقلته ومن لم يكن له فقه نفس في هذا ومعرفة به فإنه يفوته ربح كثير وهو لا يشعر فالمؤمن دائما سعيه في شيئين سقي هذه الشجرة وتنقية ما حولها فبسقيها تبقى وتدوم وبتنقية ما حولها تكمل وتتم والله المستعان وعليه التكلان فهذا بعض ما تضمنه هذا المثل العظيم الجليل من الأسرار والحكم ولعلها قطرة من بحر بحسب أذهاننا الوقفة وقلوبنا المخطئة وعلومنا القاصرة وأعمالنا التي توجب التوبة والاستغفار وإلا فلو طهرت منا القلوب وصفت الأذهان وزكت النفوس وخلصت الأعمال وتجرت الهمم للتلقي عن الله ورسوله لشاهدنا من معاني كلام الله وأسراره وحكمه ما تضمحل عنده العلوم وتتلاشى عنده معارف الخلق وبهذا تعرف قدر علوم الصحابة ومعارفهم وأن التفاوت الذي بين علومهم وعلوم من بعدهم كالتفاوت الذي بينهم في الفضل والله أعلم حيث يجعل مواقع فضله ومن يختص برحمته *من كتاب إعلام الموقعين لابن القيم* |
يقول تعالى في كتابه الكريم :
( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) " سورة النــور نبحر في هذه الآية الكريمة .. التي تبث الأمل في النفوس .. بسم الله الرحمن الرحيم ( وعَد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصّالحات ) وعد الله المؤمنين المخلصين الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح .. إن وعده لحقّ .. يقول عز وجل في سورة فاطر : ( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرّنّكم بالله الغرور ) وفي سورة النساء : ( ومن أصدق من الله قيلاً ) وفي سورة الرعد : ( إن الله لا يخلف الميعاد ) وكثير من الآيات .. فبمَ وعد الله عز وجل ووعده الحقّ ؟ ( ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ) وعدهم بميراث الأرض وأن يجعلهم فيها خلفاء متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم كما استخلف المؤمنين قبلهم .. وفي هذه البشارة يحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : " إن الله زوى لي الأرض فرأيتُ مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها " / رواه مسلم ويقول صلى الله عليه وسلم : " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة. ثم سكت ) / صحيح مسلم ( وليمكننّ لهم دينهمُ الذي ارتضى لهم ) وليجعلنّ دينهم – الإسلام – الذي ارتضاه لهم عزيزاً مكيناً عالياً على كل الأديان ( وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً ) وليغيّرنّ حالهم التي كانوا عليها من الخوف والفزع إلى الأمن والاستقرار ( يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ) - وكأن في هذا تعليل للاستخلاف – يوحدون الله جلّ وعلا ويخلصون له العبادة ، لا يعبدون إلهاً غيره ( ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) أي فمن جحد شكر هذه النعم .. فأولئك هم الخارجون عن طاعة الله العاصون أمر الله .. :: لآلـــــــئ الإبـــحـــار :: * النصر آتٍ .. وسيأتي يوم تُرفع فيه رايات المسلمين فوق كل راية .. سيأتي عن قريب بإذن الله .. فقد بلغ من المسلمين كل مبلغ .. وعلَت أصوات القائلين : متى نصر الله ؟!! يجيبهم الله تعالى في سورة البقرة : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمّا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) * الأفعال التي وعدنا الله عز وجل بها وردت في الآية الكريمة مؤكّدة بالقسم وبنون التوكيد ( ليستخلفنّهم ) ، ( ليمكننّ لهم ) ، ( وليبدلنّهم ).. وفي هذا تثبيت وتأكيد لغوي لحدوث هذه الأمور .. * ولا ننسى أنّ هذا الوعد من الله عز وجل هو للمؤمنين بحقّ .. ذوي الأعمال الصالحة .. الذين يعملون لأجل دينهم ولأجل إعلاء كلمة الحق في الأرض .. نحن في آخر الزمان .. وهذه الآية تعد المؤمنين بالنصر والخلافة .. إذاً فمن هم هؤلاء المؤمنون المقصودون في قوله عز وجل ؟ نحن .. نعم نحن .. بإذن الله إن علَت أصواتنا بالخير فسيزهق الباطل ولن يعود له حسّ ولا خبر .. وهناك مبشرات تظهر في شباب الأمة .. رغم كل الضياع الذي ساد عقول الشباب إلا أن هناك بصيص أملٍ جديد قد ظهر والحمد لله .. يبشّر بإشراقة الفجر .. فلنضع أيدينا بأيدي أولئك الذين يسعون في طريق النصر .. النصر آتٍ آتٍ .. في جميع الحالات .. بنا أو بسوانا .. فلمَ نضيع على أنفسنا شرف المساهمة في هذا النصر ؟؟ اللهم اجعلنا ممّن يُنصَر الإسلام على أيديهم ..ربّنا وآتنا ما وعدتَنا إنكَ لا تخلف الميعاد .. |
وهذه الحكمة أنواع، فقد تكون ظاهرة لعموم الناس، وقد تكون خفية لا يعلمها إلا العلماء: "وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ" (العنكبوت: من الآية43)، "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً" (البقرة: من الآية269)، ومن جملة هذه الحكمة العامة المعطاة الحكمة الخاصة بالتشريع أو القدر التي نتحدث عنها. فما نتحدث عنه جزء من الحكمة، والحكمة في آية البقرة أعم ومن الحكمةِ معرفة الحكمة. ومن أنواع الحكمة ما لا يعلمها إلا الخاصة، من أهل العلم المتبحرين في الشريعة. ونوع ثالث من الحكمة: ما لا يعلم إلا بوحي، فهذا لا يعلمه إلا النبي بوحي من الله جل وعلا. أما النوع الرابع من الحكمة: فما استأثر الله - جل وعلا – بعلمه. وقد يسأل سائل مثل أي شيء الذي استأثر الله - جل وعلا – بعلمه؟ وجوابه: مثل كثير من الأمور التعبدية، لماذا الصلاة في المغرب ثلاث، وصلاة الفجر ركعتان، وصلاة الظهر أربع؟ هل هذا عبث، أو جاء صدفة؟ اللهم لا بل لحكمة لكنها في حقنا أمور تعبدية لا يعلمها إلا الله - جل وعلا-، ولا نعلم لها حكمة غير طاعة الأمر وتحقيق العبودية التامة بالانقياد. إذا أنواع الحكمة أربعة، ونتيجتها أنه ما من شيء إلا وله حكمة، لكن قد يعلمها الناس، وبعض الحكم ظاهرة جدا، لا تخفى على العقلاء كحكمة الزواج مثلاً، لو تسأل عاميا لماذا يتزوج الناس؟ لأجابك، لتحصيل النسل وتحصين الفرج. وبعض الحكم لا يعلمها إلا العلماء، وهذه يسأل أهل الذكر عنها؟ وبعض الحكم لا نعلمها إلا بوحي يكون منصوصا عليها من قبل الرسول _صلى الله عليه وسلم_، فلا يجوز أن نغفلها. وبعض الأحكام الكونية والشرعية نوقن بأن فيها حكماً بالغة، لكن ما ندري ما هي. وإذا علم ذلك يظهر بجلاء أن وجه السلامة، وطريق الخير، وما فيه اليسر، وما يعود بالخير على الناس في العاجل والآجل هو ما دل عليه الشرع لا ما رأته الأهواء. وأن ما يقع من أحداث فلحكم بالغة علمها الله وقدرها، قد نعلمها وقد نجهلها والمطلوب أن لا نتسخط القدر، وأن نعمل وفقاً لمراد الله وأمره فيه. فضيلة الشيخ /أ.د. ناصر العمر 19/12/1427 المصدر موقع المسلم |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد: ما زلنا في رحاب سورة يوسف _عليه السلام_ والتي تعالج جملة من القضايا التربوية التي تحفظ الفرد والمجتمع،
ومن تلك القضايا أن إفشاء المنكرات وتدوالها بين الناس يسهل على ضعاف النفوس ارتكابها كذلك من القضايا المهمة، أن الشماتة مرتدة على صاحبها لا محالة، فمن لم يستطع أن يأخذ بيد المبتلى فليكف عنه شره، وليتق الخوض في أعراض الناس؛ لأنها سبيل البلاء في الدنيا والهلاك يوم الحساب، فالنسوة لما عمدن إلى التفكه بامرأة العزيز والشماتة بها بعد أن شاع خبرها وقعن في ذات البلاء. يقول _تعالى_: "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ"(يوسف:30).. فأولاً: في قوله: "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِدليل على أن الخبر قد انتشر مع أن الأمر كان سراً، وحاول العزيز ولكن كانت محاولة ضعيفة عندما قال ليوسف ولامرأته – أي امرأة العزيز –"يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ" (يوسف:29) فانتشر الخبر، وكل سر جاوز الاثنين شاع ، وهذا جانب مهم جداً في التعامل مع الأخبار الخاصة. ومن أخطر القضايا الاجتماعية إفشاء الأسرار الخاصة ,فكيف إذا كان مثل هذا الخبر الذي يلحق العار والشنار بصاحبه "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ"، ثم لا يصح إلا الصحيح. كيف؟ هؤلاء النسوة لم يقلن: إنه حدثت المراودة من يوسف، ولا مراودة بين يوسف وامرأة العزيز "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ"يعني هي التي تراود، وهذه شهادة ليوسف أن المراودة كانت من امرأة العزيز وليست من يوسف، وهذا يؤكد القاعدة المعروفة لا يصح إلا الصحيح ، والمرأة بهتت يوسف _عليه السلام_ ومع ذلك لا يصح إلا الثابت،ولذلك أقول لأصحاب المواقف، إذا كان موقفك سليماً وصحيحاً فاطمئن حتى لو بهتّ أو كذب عليك، سرعان ما يزول الكذب ويزول البهتان وتزول الإشاعة ولا يصح إلا الصحيح "امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ". وهنا وقفة عجيبة:الذي يسمع هذه الآية يتصور أن هؤلاء النسوة صالحات أو طيبات؛ لأنهن حكمن على امرأة العزيز أنها في ضلال مبين، لماذا تراود فتاها؟ ولماذا تراود يوسف؟ والواقع ليس كذلك. فهذا أولاً مكر، وكما بينالله _جل وعلا_ "فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ"ثم أيضاً بقية القصة تؤكد على أنهن واصلن المراودة مع امرأة العزيز، وطلبن من يوسف _عليه السلام_ أن يستجيب لامرأة العزيز، ألم يقلن قبل ذلك إنها في ضلال مبين؟ والعبرة هنا أن البعض يريد أن يفشي سراً لبعض إخوانه أو أن ينقل خبراً فيظهر في موقف المنكر، فيقول: أرأيت كيف فعل فلان _هداه الله_ وهو غير صادق في هذا الأمر، وإنما أراد أن يفشي السر، وأن ينقل الخبر لمن لم يسمعه، وإلا فلم يكن صادقاً ولا ناصحاً. وهكذا فعلت النسوة عندما قلن:"إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" (يوسف: من الآية30) وهذا نوع من المكر الذي يقع فيه بعض الناس، فإذا بلغه خبر خاص عن بعض إخوانه، قال: أرأيت فلاناً وقع في هذا الأمر، الله المستعان، يا إخوتي فلان صاحبنا وصديقنا وقع في أمر عظيم يجب أن نقف معه، وهو يكذب لا يريد أن يقف معه ولا أن يساعده، ولكن أراد أن يفشي سره وأن ينقل خبره للآخرين بهذه الطريقة التي هي نوع من المكر. "فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ" (يوسف: من الآية31)، وهنا جاء مرة أخرى كيد النساء، وهنا جاء "إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" (يوسف: من الآية28)، فلما سمعت بمكرهن , جعلت هذه الخطة العجيبة الغريبةمن أجل أن توقع هؤلاء النسوة وتبرئ نفسها لتعذر فيما فعلت، ففعلت ما فعلت، أي دعتهن وأعدت لهن هذا الإعداد للطعام ومتكأ، آتت كل واحدة منهن سكيناً، ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن، فلما خرج عليهن، لما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم. هذا نوع أيضاً نوع من مكر النساء ومكر امرأة العزيز، وهي امرأة قادرة تملك السلطة والقوة، ففعلت هذا الفعل. ثم تأملوا شماتة هؤلاء النسوة من امرأة العزيز "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" (يوسف:30)، هذه شماتة وليست نصيحة، وهذا مزيد إفشاء للخبر فارتدت الشماتة عليهن، ولذلك حدث منهن ما حدث، فلما وضعت لهن ما وضعت وحدث ما حدث، قلن: حاش لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم. قالت: فذلكن الذي لمتنني فيه. يعني بينت أن هذا هو الذي أنتن أنكرتنه ولمتنني فيه، فإذن هن شريكات ويطلبن من يوسف _عليه السلام_ أن يستجيب للمرأة، فهذا دليل أن الشماتة ترتد على صاحبها، ولذلك يا أخي الكريم، إذا علمت أن أخاك قد ابتلي فلا تشمت به، وقلّ أن يشمت إنسان بإنسان إلا وقع في مثل ما وقع فيه، وقد ورد أثر قيل إنه حديث وهو ليس بحديث "لا تشمت بأخيك فيعافيه الله ويبتليك" هذه حكمة وهي صحيحة، كم من الناس شمت بأحد إخوانه فابتلاه الله _جل وعلا_، وعاقبه الله _جل وعلا_. فإذا رأيت المبتلى فاحمد الله _جل وعلا_، واسأله السلامة والعافية حتى لا تقع في مثل ما وقع فيه. وفي موضوع الابتلاء، نجد هناك من يشمت فيمن ابتلي بدينه ويتعاطفون مع من ابتلي بدنياه، ومن ابتلي في دينه أعظم ممن ابتلي في دنياه؛ لأن الدنيا أمرها سهل، تذهب وتأتي، ولكن الدين أمره عظيم، فلنقف مع إخواننا ولا نشمت بأحد سواء كان في أمر دين أو أمر دنيا. وقفة أخرى المكر لا يأتي إلا بالمكر، فلما مكرن بها مكرت بهن "وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ"(فاطر: من الآية43). وهنا مسألة مهمة جداً. إذا فشت المعصية سهل ارتكابها، وهذا باب يغفل عنه الكثير، إذا فشت المعصية في بلد أو مجتمع أو أسرة سهل ارتكابها. إذا استطعنا أن نفهم هذه الحقيقة استطعنا أن نتعامل مع كثير من القضايا، كيف؟ الأصل هو الستر على المسلم إلا من أفشى المعصية بشكل لا يصلح الستر عليه فيعاقب، ولذلك ذكر الله _تعالى_ في سورة النور "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" (النور:19) إذا تساهل الناس فأفشوا المعصية ,ارتكبها كثير من الآخرين الذين لم يكونوا ليرتكبونها لو لم تفش، كانوا يتهيبون من الوقوع فيها. فإدراك هذه القاعدة وهذا المفهوم يحصر المعصية، بينما إفشاؤها يسهل ارتكابها على كثير من الناس، مثلاً إذا علمت أن أحد أبنائك وقع في معصية، الأصل أن تستر عليه وتعالج الموضوع بحكمة؛ لأنه إذا أفشي بين أفراد الأسرة أنه يرتكب هذه المعصية كشرب الدخان مثلاً، يسهل ارتكاب المعصية منه ومن غيره ويزداد، ولذلك نلحظ أنه لو حكم وشهد رجلان بأن رجلاً قد قتل رجلاً فإنه تقبل شهادتهما ويقتص منه، بينما في موضوع الزنا، الفاحشة لابد من أربعة شهود، لماذا؟ لأن موضوع الزنا من ناحية الفاحشة أعظم وأخطر على المجتمع، ومن ارتكب الزنا وشهد أربعة فهذا قد أفشى وفضح نفسه، أما لو شهد ثلاثة بأنهم رأوه يفعل الفاحشة، لا تقبل شهادتهم بل يقام عليهم حد القذف. كل هذا من أجل ألا تفشو الفاحشة في الذين آمنوا، فمحاصرة الفحشاء والمنكر من عوامل استقرار المجتمع، هذا جانب يغفل عنه البعض ويتساهلون فيه ويخطئون في التعامل مع أبنائهم ومع من حولهم. نسأل الله أن يحفظ مجتمعاتنا من الفساد، وأن يرد كيد الذين يسعون لإشاعة الفاحشة بين المسلمين عبر القنوات وغيرها من سائل الإعلام، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فضيلة العلامة الشيخ / أ.د. ناصر بن سليمان العمر http://www.almoslim.net |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ)
سورة النساء (135) - يَأْمُر تَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ أَيْ بِالْعَدْلِ فَلا يَعْدِلُوا عَنْهُ يَمِينًا وَلا شِمَالا وَلا تَأْخُذهُمْ فِي اللَّه لَوْمَة لائِم وَلا يَصْرِفهُمْ عَنْهُ صَارِف وَأَنْ يَكُونُوا مُتَعَاوِنِينَ مُتَسَاعِدِينَ مُتَعَاضِدِينَ مُتَنَاصِرِينَ فِيهِ - وَقَوْله " شُهَدَاء لِلَّهِ " أَيْ أَدُّوهَا اِبْتِغَاء وَجْه اللَّه فَحِينَئِذٍ تَكُون صَحِيحَة عَادِلَة حَقًّا خَالِيَة مِنْ التَّحْرِيف وَالتَّبْدِيل وَالْكِتْمَان . - وَلِهَذَا قَالَ " وَلَوْ عَلَى أَنْفُسكُمْ " أَيْ اِشْهَدْ الْحَقّ وَلَوْ عَادَ ضَرَرهَا عَلَيْك وَإِذَا سُئِلْت عَنْ الْأَمْر فَقُلْ الْحَقّ فِيهِ وَلَوْ عَادَتْ مَضَرَّته عَلَيْك فَإِنَّ اللَّه سَيَجْعَلُ لِمَنْ أَطَاعَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِنْ كُلّ أَمْر يَضِيق عَلَيْهِ. - وَقَوْله " أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ " أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَة عَلَى وَالِدَيْك وَقَرَابَتك فَلَا تُرَاعِهِمْ فِيهَا بَلْ اِشْهَدْ بِالْحَقِّ وَإِنْ عَادَ ضَرَرهَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الْحَقّ حَاكِم عَلَى كُلّ أَحَد. - وَقَوْله " إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا " أَيْ لَا تَرْعَاهُ لِغِنَاهُ وَلَا تُشْفِق عَلَيْهِ لِفَقْرِهِ وَاَللَّه يَتَوَلَّاهُمَا بَلْ هُوَ أَوْلَى بِهِمَا مِنْك وَأَعْلَم بِمَا فِيهِ صَلَاحهمَا. - وَقَوْله " فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا أَيْ فَلَا يَحْمِلَنكُمْ الْهَوَى وَالْعَصَبِيَّة " وَبُغْض النَّاس إِلَيْكُمْ عَلَى تَرْك الْعَدْل فِي أُمُوركُمْ وَشُؤُونكُمْ بَلْ اِلْزَمُوا الْعَدْل عَلَى أَيّ حَال . - وَمِنْ هَذَا قَوْل عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُص عَلَى أَهْل خَيْبَر ثِمَارهمْ وَزَرْعهمْ فَأَرَادُوا أَنْ يُرْشُوهُ لِيَرْفُق بِهِمْ فَقَالَ : وَاَللَّه لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْد أَحَبّ الْخَلْق إِلَيَّ وَلَأَنْتُمْ أَبْغَض إِلَيَّ مِنْ أَعْدَادكُمْ مِنْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير وَمَا يَحْمِلنِي حُبِّي إِيَّاهُ وَبُغْضِي لَكُمْ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِل فِيكُمْ . فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض . . - وَقَوْله " وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا " قَالَ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف تَلْوُوا أَيْ تُحَرِّفُوا الشَّهَادَة وَتُغَيِّرُوهَا وَاللَّيّ هُوَ التَّحْرِيف وَتَعَمُّد الْكَذِب . وَالْإِعْرَاض هُوَ كِتْمَان الشَّهَادَة وَتَرْكهَا . . -وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خَيْر الشُّهَدَاء الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْل أَنْ يُسْأَلهَا " وَلِهَذَا تَوَعَّدَهُمْ اللَّه بِقَوْلِهِ " فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا " أَيْ وَسَيُجَازِيكُمْ بِذَلِكَ .. المصدر تفسير ابن كثير . |
الساعة الآن 05:29 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية